|
حصاد أداء الاقتصاديات العربية في 2015؟
احمد عبدالكريم القحطاني
الحوار المتمدن-العدد: 5031 - 2016 / 1 / 1 - 00:32
المحور:
الادارة و الاقتصاد
حصاد أداء الاقتصاديات العربية في 2015؟
جرت العادة في نهاية كل عام ميلادي ان تهتم وسائل الاعلام والميديا، باستعراض اهم الاحداث السياسية والاقتصادية والفنية والرياضية وغيرها، وتزدحم المواقع الالكترونية الرسمية والخاصة والفردية، بإحصائيات ومواضيع وصور واستفتاءات تتعلق بأحداث سنة كاملة، وبطبيعة الحال فأن المتابع لهذه الاخبار يحاول التعرف بإيجاز لاهم الاحداث ذات الاهتمام الشخصي والثقافي والعملي. فعلي الصعيد الاقتصادي سنجد ان عام 2015 للدول العربية، كان استمرار للخسائر الاقتصادية والتراجع في معدلات النمو وتدهور الوضع الاقتصادي للأفراد ولأغلبية الدول العربية، ولو استعرضنا اهم المؤشرات الاقتصادية للدول العربية خلال عام 2015، سنجد انها تعكس نتائج سلبية لأسباب عديدة، منها الحالة السياسية والعسكرية، والحالة الأمنية بالمنطقة، بجانب ازياد منظومة الفساد وفشل الادارة الاقتصادية، وسوف نرصد تلك السلبيات التي انعكست على الحالة الاقتصادية للأفراد. - النمو الاقتصادي وأسعار الصرف فالوقت الذي تراجعت فيها نسبة النمو الاقتصادي العربي بكل الدول العربية بلا استثناء حتي الربع الثالث من 2015 ، دون ال 3% وهي النسبة التي كان يتوقعها صندوق النقد الدولي ، نجد ان المواطن بالدول العربية غير النفطية هو الخاسر الأكبر علي مستوي الوضع المعيشي ،بسبب تراجع أسعار الصرف وبالتالي انخفاض القوة الشرائية وارتفاع الأسعار، حيث ان اكثر من نصف الدول العربية انخفضت عملاتها الوطنية بنسب كبيرة مع ظهور السوق الموازية لتغير العملات (السوق السوداء)، لكثير من الدول العربية النامية غير النفطية ، حيث انعكس هذا التراجع بالعملات المحلية لكثير من الدول العربية على الحياة المعيشية للمواطنين ،خاصتا للأسر والافراد ذات الدخول المتوسطة ومحدودي الدخل، فقد تراجعت القوة الشرائية لما يملكونه من دخول نقدية، بسبب تزايد الضغوط التضخمية التي أدت الي ارتفاع أسعار المواد المعيشية ، وانخفاض أسعار الصرف للعملة المحلية ،حيث ان اغلب الدول العربية تستورد الجزء الأكبر من استهلاكها الغذائي والصناعي من الخارج ،وبالتالي انخفاض أسعار الصرف يؤدي الي ارتفاع كلفة الاستيراد ،وبالتالي ارتفاع أسعار السلع بالسوق المحلي. وقد كان من مسببات هذا الانخفاض عوامل داخلية مرتبطة بالسياسة النقدية للبنوك المركزية، وضعف الوضع المالي للحكومات، والمتمثل أساسا في ارتفاع النفقات وتراجع الإيرادات، كما تأثرت العملات بالعوامل الجيوسياسية في المنطقة العربية من حروب واضطرابات داخلية.
ونستعرض بشكل عام بعض اهم الدول العربية التي ودعت عام 2015 بوضع اقتصادي بائس، محققة أكبر تراجع بالنمو الاقتصادي وبأسعار صرف عملاتها المحلية.
• اليمن أدت الحرب الدائرة والتوقف شبه الكلي لعجلة الاقتصاد إلى تهاوي سعر صرف العملة المحلية الريال، إذ انخفض إلى 260 ريالا للدولار الواحد حاليا مقابل 212 ريالا في وقت سابق، وهو ما يعني نسبة التراجع بـ 22%. الا ان هذا الانخفاض انعكس بارتفاع حاد بالأسعار للمواد المعيشية وصل الي 50%، ع عدم توفر المواد الغذائية والدواء لأكثر من 4 مليون مواطن، وصعوبة الحصول على ما يكفي من الغذاء لنصف الشعب اليمني مما ادي الي تحميل المواطن اليمني أعباء إضافية في حياته المعيشية، وزيادة نسبة الفقر وانخفاض كبير في توفير الغذاء والدواء لأكثر من 8 مليون مواطن يمني، وفقا لما أعلنته الأمم المتحدة في وقت سابق، في وقت تزيد فيه الحرب الاهلية مأساة اخري على المستوي الاقتصادي والاجتماعي.
• مصر • خسر الجنية المصري خلال عام 2015 ما يعادل 25 بالمائة من قيمته، مواصل رحلة الانهيار التي بداءها منذ 2011 حيث تحرك الجنية المصري من مستوي 5 جنيهات مقابل الدولار في عام 2011 الي 8.5 جنية مقابل الدولار خلال عام 2015، وكان أكبر انخفاض له حدث خلال عام 2015 حيث تحرك الجنية المصري من 6.70 لكل دولار الي 8.6 جنية امام الدولار، وادي هذا التراجع الي ارتفاع حاد بالأسعار للسلع المعيشية، مما سبب ضغوطات كبير على المواطن المصري المثقل أساسا بالمشاكل الاقتصادية ،وفي ظل حالات الاستقطاب السياسي الحاد بمصر ، والاضطرابات الحادة امنيا وسياسية ، يظل الاقتصاد المصري طارد للاستثمارات الأجنبية والإقليمية التي تمثل احد اهم عوامل الاستقرار بمصر اقتصاديا ، ويتحمل المواطن المصري المزيد من الأعباء المعيشية سنويا.
• سوريا استمرت الليرة السورية في انخفاضها للعام الخامس على التوالي، منذ اندلاع الحرب الاهلية في البلاد، وفقدت الليرة السورية في العام الجاري بين 80 الي 90 بالمائة من قيمتها بالسوق السوداء، وبين 5 الي 10 % من قيمتها وفق سعر الصرف الرسمي، وكان الدولار الواحد يعادل خمسين ليرة قبل بداية الثورة السورية. الا ان الليرة السورية حاليا بين 250 الي 390 ليرة مقابل الدولار، وفقا للمناطق السورية المقسمة بين الأطراف المتنازعة. وتعتبر اهم الأسباب لهذا التدني، تبدد الاحتياطي النقدي، وعدم قدرة البنك المركزي على تزويد السوق بالسيولة من الدولار، وتراجع الصادرات والتحويلات النقدية الخارجية بشكل كبير، وتعطل عجلة الإنتاج الصناعي والزراعي، وضخ المتوفر من العملات والاحتياطية النقدية لتمويل الجهد العسكري والأمني، وتوفير الخدمات اللوجستية العسكرية، مما ادي الي ازدياد المأساة المعيشية للمواطن السوري الذي يتحمل تابعات الحرب الاهلية، وانهيار المنظومة الاقتصادية للدولة بشكل شبة تام .
• العراق تراجع الدينار العراقي 5% من قيمته منذ بداية العام في ظل الأزمة الاقتصادية والأمنية التي تعيشها البلاد، حيث انخفضت إيرادات العراق التي تعتمد على الإيرادات النفطية بشكل كامل، وبنسبة 60%، وبسبب انخفاض أسعار النفط ووقف تصدير وإنتاج النفط العراقي في بعض مناطق النزاع العسكري بداخل العراق، هو ما فاقم عجز الموازنة وأدى إلى اختفاء في السيولة، بل ولجا العراق الي الاقتراض من صندوق النقد الدولي. كما يعزو اقتصاديون ذلك إلى عدم تلبية البنك المركزي لحاجة السوق من العملة الأجنبية، إذ أوقف البنك في مايو/أيار الماضي مزاده لبيع الدولار، وهو ما أدى إلى ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار، إلا أن البنك المركزي يرجع تراجع العملة إلى المضاربات، وانحسار نشاط المصارف العاملة في العراق.
• ليبيا تراجع الدينار بنسبة وصلت 20% بالسوق السوداء وبنسبة 4% رسميا خلال العام الجاري، لأسباب تتعلق بالحالة الأمنية والسياسية في البلاد والاشتباكات المسلحة، التي أدت إلى تناقص كبير في الإنتاج النفطي، وفي حجم إيرادات الخزينة المعتمدة بشدة على البترول، واندفاع المودعين على سحب ودائعهم من البنوك، حيث ان عمليات السحب كانت أكثر بكثير من الإيداع. وشهدت السوق السوداء في ليبيا مؤخرا ارتفاعا وتذبذبا حادا في سعر صرف الدولار مقابل الدينار الليبي، إذ بلغ سعر بيع الدولار في ديسمبر/كانون الأول الجاري ٣-;-.٧-;-٠-;- دنانير.
• السودان وبرغم الاستقرار النسبي للسودان بمركز حكمة الخرطوم، الا ان الجنيه السوداني انهار بنسبة 9.7% نتيجة استمرار معاناة الاقتصاد المحلي من نقص الإيرادات من النقد الأجنبي، إذ يفوق الطلب على الدولار المعروض منه، فضلا عن استمرار تأثير العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان واستمرار المشاكل السياسية الحادة بالسودان، وتداعيات انفصال الجنوب السوداني النفطي بدوله مستقلة.
• المغرب وموريتانيا برغم بعدهم عن النزعات بمنطقة الرق الأوسط جغرافيا الا ان عملة الدولتين حققت قدر من الهبوط، إذ انخفضت الأوقية الموريتانية بنسبة 12% والدرهم المغربي بنسبة 9.2%. • تونس والجزائر تراجع الدينار التونسي بنسبة 8.3% نتيجة الصعوبات الكبيرة التي يعاني منها الاقتصاد المحلي جراء الاضطرابات الأمنية التي تعيشها البلاد، وهو ما أدى إلى انخفاض إيرادات الخزينة بنسبة كبيرة أضر بوضع العملة المحلية، والجزائر حصلت علي حالة من الاستقرار النسبي علي مستوي قيمة العملة، برغم انخفاض قيمة العملة بشكل طفيف وتذبذبهم في مستويات مقبولة، الا ان ضعف النمو الاقتصادي ادي الي ان تشهد تونس والجزائر موجة من ارتفاع الأسعار بسبب ارتباطها بالعملة الاوربية اليورو الذي فقد اكثر من 18 % من قيمته امام الدولار الأمريكي خلال عام 2015 ، مما ادي الي ان تتحمل اقتصاديات تونس والجزائر والمغرب أيضا كلفة جانبية لتدهور قيمة العملة الاوربية اليورو ، برغم ان هذا الانخفاض بقيمة اليورو كان له أيضا اثار إيجابية علي اقتصاديات دول المغرب العربي ذات الشراكة اقتصاديا مع الاتحاد الأوربي ومجموعة اليورو .
• دول الخليج العربي
حققت دول الخليج استقرار بسعر صرف العملات الخليجية في العموم مقابل الدولار ما عدا الكويت التي هوت عملتها منذ بداية 2015 بنسبة 3.8%، ويعزى استقرار العملات الخليجية إلى استمرار ربط السلطات النقدية لكل من السعودية وقطر والإمارات والبحرين وسلطنة عمان عملاتها بالدولار، في حين تربط الكويت عملتها الدينار بالدولار واليورو، ويعزى فقدان العملة الكويتية لنحو 3.8% من قيمتها إلى أسباب على رأسها تعرض العملة لضغوط مقابل الدولار نتيجة هبوط أسعار النفط، وهو ما أفقد البلاد 60% من إيراداتها، بجانب قوة وحجم الاحتياطيات النقدية الكبير من العملة الصعبة ،التي تراكمت خلال الأعوام السابقة نتيجة الارتفاعات الكبيرة لاسعار الصرف خلال السنوات السابقة ، جعلت لدول الخليج العربي القدرة علي المناورة وامتصاص الصدمات الاقتصادية علي المستوي النحلي والإقليمي والعالمي ، وعدم انعكاس الأعباء الاقتصادية بشكل مباشر علي المواطن بدول الخليج ،الا ان بعض الدول الخليجية بدأت في رفع الدعم تدريجيا علي الطاقة والمشتقات النفطية، مثل السعودية مما سيؤدي الي شعور المواطن ببعض الأعباء الاقتصادية المعيشية مع الوقت .
• لبنان والأردن
الليرة اللبنانية والدينار الأردني حقق استقرار نسبي خلال عام 2015، الا ان الأردن حقق الاستقرار على حساب الوضع المعيشي للمواطن الأردني، فقد لجئت الإدارة الاقتصادية بالأردن الي الاستمرار بسياسة فرض الضرائب على الطاقة وضريبة المبيعات وانتهاج سياسة تقشف محدودة، كانت لها الأثر الكبير على انخفاض القوة الشرائية للمواطن الأردني وتحميله أعباء إضافية. في الوقت الذي استفادت لبنان من استقرار الوضع المالي للبلاد بسبب سياسة تحديد الانفاق والحصول على مساعدات ومنح مالية خارجية، وزيادة تحويل العاملين بالخارج للحوالات المالية بالعملة الأجنبية داخل الاقتصاد اللبناني مما كان لها الأثر الفعال في استقرار العملة المحلية.
بشكل عام بعد هذا الاستعراض السريع، نجد ان عام 2015 لم يكن الا تكرار للأعوام السابقة مع ما يميزه من زيادة الأعباء على المواطن العربي اقتصاديا، ويظل انتهاء عام وبداية عام يحمل في طياته فرحة رمزية باحتفالات وامنيات بعام جديد بمستقبل أفضل ووضع معيشي أفضل.
ونتمني لكل الشعوب العربية والإنسانية ،عام جديد مشرق 2016
#احمد_عبدالكريم_القحطاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منطق اقتصادي يحدث حاليًا في أوروبا الفائدة السالبة !
المزيد.....
-
الإعلان عن إجراءات جديدة في المصارف والجمارك السورية
-
موردو قطاع السيارات في أوروبا يعانون.. مأساة تاريخية لصانعي
...
-
ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما
-
استقرار كميات الغاز المتدفق من أوكرانيا إلى سلوفاكيا
-
الكويت.. التضخم السنوي يرتفع خلال نوفمبر الماضي
-
حظر تطبيق -تيك توك- لمدة عام.. في هذه الدولة الأوروبية
-
كيف تمكن السيطرة على التضخم في سوريا الفترة المقبلة؟
-
الإنتخابات الألمانية - الاقتصاد ثم الاقتصاد وقليل من الهجرة
...
-
قطر: سنوقف إمدادات الغاز المسال إلى الاتحاد الأوروبي إن فرضت
...
-
“الحلقة الأولى” مواعيد عرض برنامج توب شيف الموسم الثامن Top
...
المزيد.....
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|