|
موسى وعيسى ومحمد في ديزنكوف
سيد ماجد مجدلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 5029 - 2015 / 12 / 30 - 07:02
المحور:
كتابات ساخرة
موسى وعيسى ومحمد في ديزنكوف سيد ماجد مجدلاوي أضحى تقليدا يوميا ان يلتقي كل صباح ابرز شخصيات الجنة وأقربهم لقلب الخالق، ليحتسوا قهوة الصباح سوية ويتبادلوا انطباعاتهم عن واقع البشر في هذه الأيام. في ذلك الصباح جلس موسى في شرفة منزله ينتظر زميليه عيسى ومحمد، وقد اعد القهوة ، وإبريق مليء بالماء المثلج مع قطع من الليمون. بعد لحظات وصل عيسى ثم تبعه محمد. مزج موسى ثلاثة فناجين من القهوة، وعرض عليهما الماء المثلج مع قطع الليمون، شارحا لهما انه استمع من إحدى الإذاعات التي تبث لأهل الأرض ان الليمون له خواص صحية هامة إذا شرب مع الماء المثلج. رد عيسى انه ليس قلقا على صحته لأن أباه لا يمكن ان يفرط بصحة ابنه الوحيد. علق محمد ان عيسى ما زال يعيش في وهم قديم، لم يتخلص منه رغم ان المساواة بينهم في الجنة كاملة تماما. وان حب الله له لا يختلف عن حبه لعيسى ولا عن حبه لموسى، رغم تثاقل همة الأخير بسبب الجيل واضطراره لحمل ألواح العهد معه حتى يواصل تذكير شعبه بوصايا الله، لأنهم سريعو النسيان..وكثيرو التملص من وصايا الله. قال عيسى لمحمد : اتفقنا ان لا نناقش هذا الموضوع مرة أخرى؟ لا أريد ان تعرض نفسك لحساب صعب عند أبي!! سارع موسى واضعا حدا للنقاش بينهما الذي مضى عليه مئات السنين. قال موسى: لا استطع ان أكون حكما بينكما ليبقى كل منكما على عقيدته، المهم يا أحبائي ان الله يشملنا بمحبته وثقته. ثم أضاف مغيرا الحديث: انه راقب أمس ما يجري في ارض الميعاد وقد هاله ان يكتشف أن الحياة التي كان يعرفها قبل اختيار الله له ليرشد شعبه، ويهبهم لوحات العهد، حيرته، فلا الملابس هي التي كانت أيامه، ولا عربات خيل او حمير للركوب، بل عربات لامعة بألوان مختلفة ومتنوعة لا تجرها الخيول، وأبنية مرتفعة لا يعرف كيف يصل سكانها للطبقات العليا. قال عيسى: ألا تعرف يا ختيارنا ان هناك مصاعد تشتغل بقوة الجن التي يسمونها في الأرض بالكهرباء، قادرة على فعل عجائب تتفوق على عجائبي؟ ألا تعرف ان هذه الكهرباء قادرة على رفع من يشاء من الطبقات الأرضية السفلى إلى أعلى الطبقات في الأبنية، حتى تلك التي تسمى ناطحات سحاب بلغة أهل الأرض؟ قال محمد: لو كانت هذه الطبقات في وقتي مع تلك التي تسمى كهرباء لوضعت كل نسائي في عمارة واحدة لتسهيل انتقالي من سرير إلى سرير. قال موسى: هذا ما يشغل بالك؟ الكهرباء غيرت حياة البشر، حولت الليل الى نهار وأنت تفكر في أسرة نساءك؟ الم تكتف بما وفره لك الرحمن من نساء في خيامك هنا في ملكوته؟ ضحك عيسى وقال: أبي أخبرني ان صديقنا محمد قدم طلبا بمضاعفة عدد حور العين في خيامه. رد محمد بعصبية: أنا لست عيسى لأعيش حتى بدون امرأة واحدة. قال عيسى: كسبت آلاف النساء إلى ديني وهذا أهم لي من التفكير كل يومي بالمضاجعة.. وقد أمرني أبي بأن أُلزم شعبي بامرأة واحدة... قاطعه موسى: كفى .. لا تنسوا أننا مسئولون عن أتباعنا حتى اليوم. تعالوا ننظر في أمورهم لنرى ما نستطيع ان نمدهم به من أسباب القوة. قال عيسى: رسائلهم تصلني ، لقد التزمت ان استجيب لهم إذا قرعوا بابي. إني أمد يد الرحمة للمعذبين والفقراء والمظلومين. قال محمد: ماذا تنفع الرحمة مع سكاكين داعش التي تعاقب المغضوب عليهم والضالين من الذين لم يقروا بأني خاتم الأنبياء ؟ قال موسى، مقاطعا عيسى الذي كان يتحضر للرد: سنعود مرة أخرى إلى نقاش عقيم. هل تعلمون انه لو بعثنا اليوم لطردنا أهل الأرض او ربما نصلب مثل صديقنا عيسى؟ .. او يحجزوا علينا بمستشفيات الأمراض العقلية؟ قال المسيح: الحياة اختلفت، وبات من الصعب ان يقبل الكثيرين من أتباعنا أفكارنا، لأنها حسب مفاهيمهم قديمة وأسطورية؟ قال محمد: لذلك الخناجر تخدم الإيمان ... من يخرج عن ديني يجب سحله. قال موسى: بئس تفكيرك يا صديقي، الله طالبنا ان نبشر برحمته. قال محمد : لكن الرحمة تحتاج إلى إيمان، من يترك الإيمان يجب فصله عن أمتي حتى لا يفسد الآخرين. قال عيسى: هذا ليس إيمانا بل ضحك على اللحى.. من لا يقبل رسالتي بقناعته لا أريده من أمتي. قال محمد: لا يمكن نشر الدين الا بحد السيف. البشر يهابون القوة والويل لنا إذا تراخينا. قال موسى: يا إخوتي في الجنة، نحن نتحاور عن زمن مضى، ليتنا نبعث اليوم في رسالة لهذا الزمن الجديد، ترى هل سنستقبل بحب ونكسب أتباعا أم نرجم بالحجارة ونفر عائدين إلى السماء؟ قال عيسى: زمن الإرسال قد ولى، بشر اليوم يريدون حقائق ملموسة، إذا أُرسلنا اليوم سنخرب ما أنجزنا.. صار صعبا ان نقنع حملة الشهادات العليا بكلام منمق ، وحديث الوعود التي لا نملك أي طريقة لجعلها مؤكدة وليس مجرد وعود تنثر مثلما ينثر السياسيون الوعود الانتخابية اليوم. قال محمد: يمكن جعلها مؤكدة حين يعرف الضالين والمغضوب عليهم والمرتدين ما ينتظرهم من قطع الأعناق .. طرقكم يا أصحابي متخلفة. قال موسى: لدي فكرة ان نتنكر وننزل للأرض نفحص عن كثب ما يجري هناك، ما رأيكم؟ قال عيسى: يمكن ان أقنع أبي بمنحنا إذنا للننزل إلى الأرض ونرى ما يجري عن كثب؟ قال محمد بعصبية: تصر انه والدك..؟ قاطعه موسى: اتركونا من هذا النقاش.. لن يبدل من واقعنا شيئا، أنت قادر يا عيسى ان تأخذ قرارا لأنك كما تدعي أنت احد الثلاثة أقانيم الأب والابن والروح القدس ؟ قال عيسى: هذا صحيح لكن احترام الوالد واجب.. انتظروني. بعد لحظات قليلة عاد وقد غير ملابسه إلى ملابس حديثة، واضعا نظارات شمسية، ويحمل كيسين.وقال :غيرا ملابسكما ، تلقيت إذنا من أبي. فتح محمد فمه ليقول شيئا لكن موسى سارع إلى جره من يده: تعال تغير ملابسنا.. كفانا خلافا اليوم. بعد ان التقى الثلاثة بملابسهم الجديدة تساءل موسى عن الوسيلة التي سينزلون بها الى الأرض؟ ضحك المسيح وقال : هذه مهمتي، ثوان وتلامس أقدامنا الأرض، لكننا لم نختار بعد الموقع المحدد؟ سارع موسى يقول: لنبدأ أولا في دولة شعبي..هو شعب المسيح أيضا الذي ترك دينه وأقام دينا جديدا. قال محمد: يعني مرتد ... هل تعرف عقاب المرتد في ديني؟ قاطع موسى: هل سنبدأ خلافا جديدا؟ سننزلنا إلى الأرض لنرى أحوال.. قبل ان ينهي جملته، وجد الثلاثة أنفسهم وسط شارع عريض مليء بالبشر. سال موسى: أين أنزلتنا؟ قال المسيح: هذه هي ارض الميعاد، وهذا أهم شارع في دولة شعبك، يسمونه شارع ديزنكوف، ويقع في أهم مدن شعبك واسمها تل أبيب. قال محمد لافتا أنظارهما: لم أشاهد مثل هذا الجمال النسائي، انظرا للفتيات شبه العاريات، بلا غطاء للرأس .. بلا غطاء يخفي عوراتهن.. قال المسيح بعد ان تأمل نساء شارع ديزنكوف: لو أرسلني أبي في هذا العصر لسمحت لأتباعي بالزواج من عشرة نساء.. وليس من أربعة فقط!! ضحك محمد: صرت تنافسني الآن.. انا حللت أربعة وما ملكت الأيمان.. لكني في مثل هذا الوضع وهذا الإغراء لسمحت ب ..عدد بلا نهاية!! قاطعه موسى: لم ننزل لنتحدث عن شهواتنا!! مرت بمحاذاتهم شقراء، تتوهج مثل الماس، لا يغطي فخذاها الرائعتان إلا قطعة قماش تظهر أكثر مما تخفي.. مما يجعل المخفي مثيرا أكثر في إغرائه. غمزتهم بعينيها وضحكتها التي تبرز أسنانا كاللؤلؤ. أصيب محمد بالصمت ولم يجد كلمات ليعبر عما أصابه من سحر لم يتعود عليه في صحراء العرب. أوقف المسيح الشقراء وفتح معها حديثا شيقا كما يبدو من حركاته وضحكاتها، تابعا موسى ومحمد الشقراء وعيسى دون أن ينبسا ببنت شفة. الجمال النسائي الذي يغص به شارع ديزنكوف أخرسهما. بعد لحظات تحرر لسان محمد وقال: لماذا أرسلني الله لشعب في الصحراء، الم يكن أفضل لديني لو بعثني في هذا الزمن ولمثل أولئك البشر؟ نظر عيسى لزميليه وطلب إذنا من الشقراء. اقترب منهما وقال إنها تشتغل بالمهنة القديمة، هل تريدان ان نشتري خدماتها ؟ قال محمد متحمسا: وهل يحتاج هذا الشيء إلى سؤال؟.. هيا لم اعد أطيق الصبر. قال موسى: على شرط ان أكون الأول، فأنا أول المرسلين وأولويتي يجب ان يحافظ عليها!! قال عيسى: أنا أحق بالأولوية، فانا الذي أقنعتها ان تقبل بكما.. أصر محمد: بل أنا لأني أكثركم خبرة مع النساء. اقترح عيسى: لنوقف الخلاف.. ما رأيكم ان نضرب حجري زهر ومن يحصل على أعلى رقمين يكون هو الأول ويتبعه الثاني حسب نتائجه ؟ قالا موسى ومحمد بصوت واحد: يبدو انه الحل الأفضل.. لكن من أين لنا حجري زهر؟ رفع عيسى يده ، ثم انزلها وفتح كفة يده وإذا بها حجري زهر. علق محمد: أنت أبو العجائب.. قال عيسى : تفضل يا موسى وجرب حظك أولا.. فأنت كبيرنا. قذف موسى حجري الزهر فإذا به يحصل على خمسة وأربعة. اخذ محمد الحجرين، وغرق في توسلات لله ان لا يجعله من الخاسرين، وقذف حجري الزهر، فإذا به يحصل على ستة وستة، فضحك جزلا.. قال عيسى: دوري الآن.. قال محمد: المنافسة الآن بينك وبين موسى.. أنا سأبدأ معها. قال عيسى تمهل، لم ننهي المنافسة بعد... وسنذهب إلى مكان معزول وليس أمام الناس في الشارع!! أطبق عيسى على حجري الزهر بكفة يده، نظر إلى السماء وقال : ساعدني يا أبي. قذف حجري الزهر فإذا به يحصل على رقمي سبعة وسبعة. نظر موسى ومحمد غير مصدقان انه يمكن ان يكون في حجري الزهر أرقام تزيد عن الستة. وقالا بصوت واحد وباحتجاج: ما هذا ؟ الآن وقت نكاح وليس وقت عجائب!!
[email protected]
#سيد_ماجد_مجدلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولة العجائب تحكم على شاعر فلسطيني بالقتل!!
-
منح درجة ماجستير لبحث قدمته طالبة عن شاعر فلسطيني
-
قمقمة في العراق ...
-
قنبلة تاريخية يلقي بها المؤرخ اليهودي بيني موريس في كتابه ال
...
-
الْدُّيُوُك ، دَائِمَا دُّيُوُك ..!!
-
قمقمة ..
-
حماس تعيش حلما رطبا ...
-
هل تريد حماس تقرير غولدستون ؟
-
هل من شخص أخر ...!
-
رسالة من لكع العربي الى لكع الاسرائيلي
-
حكايات عن الحمير ...!!
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|