|
رعب - المشهد الثاني
أفنان القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 5028 - 2015 / 12 / 29 - 11:58
المحور:
الادب والفن
يسرع إيفانوف ألكسندروفيتش الخطى في الحي اللاتيني، والحي اللاتيني شبه فارغ من العابرين، السيارات قليلة، ومعظم الدكاكين ستائرها مسدلة هل لديك حمى؟ يسأل الطبيب إيفانوف ألكسندروفيتش لا، يجيب الكاتب برعب هل لديك ألم في بطنك؟ لا عندما تشعر بالألم في بطنك وعندما ترتفع حرارتك يكون لرعبك ما يبرره، الدم الذي جاءك... كم مرة؟ ثلاث مرات حسنًا ثلاث مرات في ثلاثة أيام متعاقبة حسنًا جرت العادة بمجيئه مرة أو مرتين حسنًا كل شهرين أو ثلاثة ثلاث مرات في ثلاثة أيام متعاقبة هذا لا شيء، سأعطيك مضادًا حيويًا، وينتهي كل شيء بسلام بسلام؟ أعني الردوب التي في أمعائك ستتوقف عن إفراز الدم يتجه إيفانوف ألكسندروفيتش إلى مقهى في ساحة السوربون لم يضع القدم فيه منذ سنوات طويلة وباقي الأدوية، يسأل الكاتب الطبيب، هل أداوم على أخذها؟ فقط الأيام العشرة الأولى من كل شهر، يؤكد الطبيب، وهو يقدم وصفته الجديدة لإيفان ألكسندروفيتش نحن نغلق، يا سادة، يا سيدات، قال معلم المقهى بصوت خفيض، والأصوات الغاضبة تدوي من داخل جامعة السوربون يريد إيفان ألكسندروفيتش الذهاب إلى المراحيض، فيصطدم كتفه بأكتاف الرواد المغادرين نحن نغلق، يا سيد، يخاطب المعلم الكاتب، فلن يلبثوا أن يجيئوا يدفع الرواد إيفان ألكسندروفيتش ليجد نفسه وحيدًا على الرصيف بعد أن اختفى الكل في الأزقة المجاورة بعد ستة أشهر عد إليّ، قال الطبيب وهو يشد على يد إيفان ألكسندروفيتش، وإيفان ألكسندروفيتش في ساحة السوربون ينظر من حوله، والمقهى يسدل ستائره، فيرى أن لا أحد هناك غيره، بينما عادت الأصوات الغاضبة من داخل جامعة السوربون تدوي لا داعي للخوف، طمأن الطبيب الكاتب يضع إيفان ألكسندروفيتش يده على جبينه، وجبينه يحترق من شدة الحرارة فقط عندما ترتفع حرارتك يكون لرعبك ما يبرره، يعيد الطبيب، وعندما تشعر بالألم في بطنك يضغط إيفان ألكسندروفيتش بطنه بيديه، ويطلق أنينًا، ويجري باتجاه الجامعة كفى عهرًا، صاح الخطيب بالطلبة المتجمعين في ساحة الجامعة، يحاولون أن يبلعونا قذاراتهم باسم الجمهورية، الجمهورية الجمهورية الجمهورية! قيم الخراء التي لهم لم نعد نريدها، نريد نهجًا جديدًا في الحكم وحكامًا جددًا تدوي صيحات التأييد والتصميم، وإيفان ألكسندروفيتش يشق طريقًا صعبًا بين الطلاب الغاضبين إلى أن يتمكن من الدخول في المبنى "الكولوسكوبي" تقول، يتابع الطبيب، لا سرطان لديك، التهاب أمعاء لديك، هذا كل ما هنالك، أما عندما تشعر بالألم في بطنك، وترتفع درجة حرارتك... إلى أين، يا سيد؟ يسأل الحارس الذي يمنع بعض الطلاب من أخذ الدرج الحجري العريض، والصعود إلى قاعات المحاضرات أريد فقط... تلعثم إيفان ألكسندروفيتش انصرفوا! يصيح الحارس بالطلبة، ولا يتردد عن دفعهم، فيتسلل الكاتب بقدم خفيفة إلى الطابق الأول، ليجد كل الأبواب مغلقة، وإلى الطابق الثاني، ليجد كل الأبواب مغلقة، وإلى الطابق الثالث ليجد كل الأبواب مغلقة ما عدا باب، يدفعه، ويجد نفسه أمام الطبيب الذي يتهيأ للذهاب أشعر بألم شديد في بطني، يلهث إيفان ألكسندروفيتش، وحرارتي أشد ما هي عليه أنت تتخيل ذلك، يرمي الطبيب هات يدك، يرتعد الكاتب، وهو يضع يد الطبيب على جبينه هذا لا شيء، يطمئنه الطبيب، هذا بسبب الجو العام هذا بسبب... الجو العام تقول... طلاب الخراء تحت والطلاب: يسقط... يسقط... يسقط... يفبركون دراجات نارية صدئة على صورهم لأنهم سئموا كل ما هو جديد كل ما هو قديم، ولا تقل صدئة أقول صدئة، صدئة لم أنتظر أن تكون لطيفًا معهم إلى هذه الدرجة! لا تعتمد عليّ كي أضيع وقتي لفعل ما يفعلون أنا... أنت لا وقت لك لتضيعه أنا مريض لهذا لا، ليس لهذا لماذا؟ لأنني لست كاتبًا ملتزمًا صباح الخير، أيها الحزن! صباح الخير، أيها العهر! كل هذا لا يجدي نفعًا أنا في حاجة ماسة إلى الذهاب إلى التواليت هناك، يشير الطبيب إلى باب داخلي يفتح إيفان ألكسندروفيتش الباب الداخلي بعجلة، ويدخل ليجد نفسه في مختبر، يكون الطبيب قد ذهب، والكاتب على وشك التفجر. ينزل الدرج الحجري العريض فاقدًا اتزانه، ولا أحد هناك، حتى الحارس اختفى. تتلقفه جموع الطلبة، وتدفعه معها إلى التظاهر، والأفواه الغاضبة تصرخ ضد السلطة، وهو يصرخ من آلام بطنه. يوقفهم رجال الدرك في قلب شارع سان-ميشيل، وتكون المواجهة. يلقي رجال الدرك القنابل المسيلة للدموع، ويطلقون رصاصهم المطاطي، فيصيبون العديدين. لا يقدر إيفان ألكسندروفيتش على الصمود أمام آلام بطنه، فيتفجر دمه هناك جريح، يصيح أحد المتظاهرين إيفان ألكسندروفيتش! يهتف آخر من؟ الكاتب المعروف في قلب المظاهرة! الكاتب الملتزم هو هذا، في قلب كل تمرد، القلب النابض لكل المطالب إصابته خطيرة وكل هذا الدم عصابة مجرمين! أمس سرقوا لوحات أحد الرسامين واليوم يريدون قتل أحد الكتاب لأنهم لا يريدون أن يصبح كل شيء في أعين الناس أخلاقيًا، كل شيء غير عادي، غير عادي جدًا لنحمله إلى عربة الإسعاف لنحمله
يتبع المشهد الثالث
#أفنان_القاسم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رعب - المشهد الأول
-
إرهابيون السيناريوهات الكاملة
-
إرهابيون - بكين - سيناريو10
-
إرهابيون - واشنطن - سيناريو9
-
إرهابيون - ستوكهولم - سيناريو8
-
إرهابيون - موسكو - سيناريو7
-
إرهابيون - غزة - سيناريو6
-
إرهابيون - معان - سيناريو5
-
إرهابيون - نيويورك - سيناريو4
-
إرهابيون - الرياض - سيناريو3
-
إرهابيون - باريس - سيناريو2
-
إرهابيون- تل أبيب - سيناريو1
-
وماذا لو كانت داعش؟
-
المشروعان مشروع التنوير ومشروع الدولة
-
عساكر النص الكامل
-
فندق شارون النص الكامل
-
هذه هي حقائق أحداث باريس
-
الاستفتاء على الدستور
-
مدام ميرابيل النص الكامل
-
قائمة السفراء الثانية + تعليمات إلى كافة السفراء
المزيد.....
-
كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو
...
-
ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
-
الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا
...
-
بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب
...
-
مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب
...
-
فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
-
من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة
...
-
إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار
...
-
الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
-
رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
المزيد.....
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
المزيد.....
|