|
الدكتوقراطية الامريكية وفلسفة القوة
سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 1371 - 2005 / 11 / 7 - 04:24
المحور:
القضية الفلسطينية
ليس غريبا أن ترفع الولايات المتحدة الأمريكية شعار الديمقراطية بكل مايحمله هذا المصطلح من قيم سامية بدءا بحرية التعبير ومرورا بحق المشاركة السياسية وصولا إلى حرية المعتقد. فتلك شعارات كانت الأسس التي تبنتها الولايات المتحدة وفي مقدمتها قيم الحريات المدنية فهذه هي الديمقراطية الأمريكية التي تغنى بها الكثيرون والحالمون بهذه القيم المثالية حسب القاموس الأفلاطوني علما إن هذه الدولة الديمقراطية العظمى والحديثة بالمفهوم الحضاري منارة الحرية كانت قد أقيمت على أنقاض شعب ضارب بجذوره في أعماق التاريخ البشري. وكم هو جميلا أن تطالب الولايات المتحدة باقي دول العالم لتتبنى ثقافتها الديمقراطية وصولا إلى عالم حر!!يسوده السلام والحرية ولكن شتان مابين النظرية والممارسة حين نصبت الولايات المتحدة نفسها كسلطة عليا فوق السلطات العالمية وسنت بنفسها قوانين فوق القوانين الدولية وذلك باسم حامي الحمى الدولي وباسم الديمقراطية العليا المطلقة فمن لايرتضي بهذه السلطة أو لايدور في فلكها فقد حلت علية اللعنة ودارت عليه الدوائر ويمكن تصنيفه وفق معايير ذاتية أمريكية بمسميات تندى لها جبين البشرية وبالتالي يعرض نفسه للعقوبات بشتى أنواعها الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية كذلك ولافرق بين دولة صغيرة أو كبيرة ضعيفة أو قوية فالعدالة الأمريكية القائمة على سياسة(الدكتوقراطية)تجيز لنفسها المحرمات حتى لو أبيدت أنظمة أو دول بشعوبها عن الخارطة من اجل تحقي الديمقراطية.إنها العدالة بعينها وتلك القيمة اللالهيه السامية تستوجب أن يكون الجميع سواسية تحت مظلة القانون الأمريكي الجديد وهذا ما أطلق علية سياسة(الدكتوقراطية)فقد سنت الولايات المتحدة قوانين خاصة ذات أبعاد دولية بدءا بقانون(مونرو) ومرورا بقائمة الإرهاب السنوية حتى قوانين تجيز لها التدخل في شؤون الدول الأخرى باسم العالم الحر الآمن ومن اجل مصير العالم وشعوبه الذي هو مسؤوليتها!! اقتطعت لنفسها حصريا فصلا كاملا من ميثاق الأمم المتحدة(الفصل السابع) هي تقيم الحالة إذا كانت تهدد الأمن والسلم الدوليين وهي ذاتها التي تحذر ومن ثم تقيم نتيجة التحذير وتفرض العقوبات الاقتصادية وتحدد الحريات البرية والجوية للعصاه ألآثمين وتضطر في نهاية المطاف استخدام القوة العسكرية لضرب الخارج على العرف الديمقراطي الأمريكي(طبعا باستثناء(إسرائيل) فلها حصانة نابعة من التوراة!!!. فالديمقراطية في القاموس السياسي والثقافي الأمريكي تنطلق في ظاهرها من أسمى آيات القيم الإنسانية:احترام حقوق الإنسان,عدم اضطهاد الأقليات الدينية,ومحاربة الإرهاب ولكن كل هذه القيم لاتعدو أن تكون داخل الحدود الجغرافية الأمريكية وحتى داخل الدولة الحاضنة لتلك القيم التي تعتبرها قيما عالمية ثبت عدم جديتها وزيفها وفقدت مصداقيتها وهشاشتها فبعد أحداث 11/سبتمبر وضعت تلك القيم على المحك العملي ولم تتورع العصابات الحكومية الأمريكية من قمع واضطهاد الأقليات الدينية الإسلامية ليس لتورطهم في الاعتداء على مجتمعهم الأمريكي وإنما لمجرد الجانب العقائدي الذي ينتمون له وقد تعرضوا في شتى بقاع العالم إلى الاعتقال التعسفي المنافي للقانون والأخلاق لا بل ذهبت الولايات المتحدة إلى ابعد من ذلك في خطوة تتنافى مع كل المواثيق والأعراف الدولية حين قامت بنقل السجناء من أفغانستان وأقطار أخرى إلى معتقل(غوانتنامو)وعلى ارض غير أمريكية هذه هي حقيقة الدولة الحاملة للواء الحريات والتي تتبنى الشعار بشكله الديمقراطي وجوهرة(الدكتوقراطي) وحتى على المستوى القومي الداخلي فذلك السلوك الفاضح ليس وليد الهجوم على مركز التجارة العالمي وإنما هو سلوك عنصري متجذر في الثقافة الأمريكية فحتى وقتنا هذا يلقى المواطنون السود معاملة قاسية ومغايرة لمن سواهم ولا يفوتنا تاريخيا أن نستذكر السلوك الأمريكي تجاه الموطنين الأمريكان من أصل ياباني واعتقالهم إبان الحرب العالمية الثانية أليس ذلك اضطهاد قائم على عنصرية اللون والعرق؟!! فانتهاك حقوق الإنسان في السلوك الأمريكي لايعد ولا يحصى ويكفي أن أشير إن الولايات المتحدة الأمريكية((طردت)) من لجنة حقوق الإنسان مؤخرا!!! وإذا ماسحبنا تلك السياسة (الدكتوقراطية) الأمريكية على محيطنا العربي فحدث لاحرج... فان الولايات المتحدة لن ترضى أن تسود الديمقراطية بمفاهيمها المجردة داخل الدول العربية ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تجربة حقيقية لممارسة الديمقراطية بعيدا عن المنهج السياسي الأمريكي لما لذلك من تداعيات خطيرة خاصة فيما يسمى(بتداول السلطات)وحرية الشعوب في اختيار حكامها وتحديد شكل الحكم فيها وذلك خشية بل شبة مؤكد وصول التيارات الإسلامية(الراديكالية) إلى سدة الحكم فهو الخطر المدمر بالنسبة للمصالح الإستراتيجية الأمريكية خاصة بعد زوال الخطر الشيوعي بانهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة القائمة على أيدلوجيات الرأسمالية والاشتراكية المتناقضة. إذا جميع تلك الشعارات باتت زائفة ولا يخفى على احد خبث مقاصدها وماهي سوى مسوغات للتدخل الأمريكي في شؤون بلادنا العربية والإسلامية لمنع أي سياسات وترويض من لايقبل بالسيد الأمريكي أو الإطاحة به أو هي ذريعة فاعلة للتدخل إذا ماتعرضت المصالح القومية الأمريكية للتهديد وفي مقدمتها النفط العربي والأمن الإسرائيلي الحليف الاستراتيجي والذراع الشرق أوسطي الساهر على حماية مصالحها وصولا إلى شرق أوسط جديد ليتحقق حلم جورج واشنطون وشمعون بيريس !!! وإنني على قناعة بان الولايات المتحدة لن تقبل بغير أنظمة دكتاتورية ذات شعار ديمقراطي نظري زائف(أنظمة دكتوقراطية)عربية تعتمد على نهج القمع السياسي وتكميم الأفواه ومحاربة التيارات الراديكالية وإبعادها عن ممارسة أي نشاط سياسي أو ديني سياسي وللأسف هذا مايطبق بضمير وإخلاص للسيد الأمريكي على الساحة العربية فدواعي الخطر على المصالح الأمريكية في محيطنا العربي هي نفسها دواعي الخطر على الأنظمة التي لا اسميها استبدادية بسبب رفع شعار الديمقراطية نظريا وإنما هي أنظمة (دكتوقراطية)تتبع نفس الفلسفة الأمريكية. وللأسف قد ساد منطق الغاب (الدكتوقراطي) والذي ليس له سوى لغة اللاشرعية ويعتمد ضمن أهم ادواتة قانون الغاب القمعي وبالتالي لاداعي للاستغراب طالما إن القاسم المشترك بين أنظمتنا اللاديموقراطية ونظام المارد الأمريكي(الدكتوقراطي) هو العالم الحر ولكن بتجريد الشعوب من إرادتها وحريتها
**الدكتوقراطية/ تعريف ومصطلح إجرائي خاص بالكاتب ويعني الوسائل والأدوات الدكتاتورية لتحقيق الديمقراطية المزعومة أو رفع شعار الديمقراطية لتقنين الأسلحة الدكتاتورية من اجل مصلحة السيد الأمريكي
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف
...
-
مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي
...
-
الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز
...
-
استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
-
كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به
...
-
الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي
...
-
-التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
-
أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
-
سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ
...
-
منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|