رستم أوسي
الحوار المتمدن-العدد: 5027 - 2015 / 12 / 28 - 21:33
المحور:
الادب والفن
بخطوات بطيئة ، يستحوذ الشرود على إيقاعها ، خرج عصفور من المطبخ ، يحمل صينية الطعام ، إلى غرفة المعيشة. جلس على الطراحة بحانب السرير ، و راح يصب الشاي بخمول. تناول السكرية ثم خمدت الحركة في المكان ، إلى أن انتبه إلى الآنية تستقر في حضنه. رفع رأسه بينما يتناول عشاءه في فتور ؛ لن أردّ هذه المرة. يكفي!. حتى و لو اضطررت إلى التخلي عن أجرة العشرة أيام. ارتدت حدقتاه نحو الأسفل إذ غطّى العُبوس كل ما فوقهما. هذا ابتزاز ؛ على عكس كل البشر لا تصلني أجرتي أول الشهر ، بل بعد العاشر من كل شهر.
علامَ قد أتمسّك بهذا الشغل أصلاً!. غالباً ما تتصل بي في وقت متأخر من أجل التنظيف. ترسل الطبّاخ إلى المنزل ، فيما أبقى وحدي لتنظيف قذارته. غير أنني أعمل بأقلّ من الحد الأدنى للأجر ، الذي وضعته الدولة. لن ألين مجدداً أمام لطفها المصطنع ؛ تتبسّم وقت الحاجة ثم تلبس وجهها العَبوس بمجرد ارتدائي صدرية العمل المتسخة!.
التفتَ إلى القمر المؤطّّر بخشب النافذة فوجده مكتملاً ، نقياً و قريباً كما لم يكن من قبل. يعود لمواجهة الجدار أمامه ؛ لا لن آتي ، ليس هنالك سبب ، سأترك العمل و حسب.
أعتذر منكِ ، لن أقدر ، حوّلي لي أجرة الشهر الماضي لأنه آخر شهر عمل لي.
((آسف ، آسف لن أستطيع المجيء. سأكون ممتناً لاستلام نقود الشهر الفائت.)) شعر بالغرابة حين فطن لنفسه يجهر بصوته جاداً ، كشيخٍ اعتاد أن يكلّم نفسه بعد أن خسر من كانوا يسمعونه منذ زمن. استأنف طعامه من جديد ، لكن الصوت لم يكن ليدعه يهنأ بالأكل. هفا قلبه حين سمع رنّة الجوال. كان الجزع يستولي عليه و هو يردّ ؛ ماذا تريد يا ترى!. ((عصفور ، المطبخ متسخ جداً. كان يوماً شاقاً في العمل و أحد العمال انزلق و أصيب في كتفه! هل ستأتي؟))
((تقصدين الآن؟))
((نعم عصفور ، أرجوك. لا يوجد أحد في المطعم الآن. كيف سيبدؤون بالطبخ غداً إن لم يكن المطبخ نظيفاً.))
((اممم ، لا يوجد أي شخص هناك؟ ولا حتى النادلة؟))
((ولا حتى النادلة!))
((حسناً ، سأبدّل ثيابي إذاً و آتي. ماذا؟ 20 دقيقة. لا لن أتأخر أكثر. تمام حالاً. مع السلامة.)).
وضع عصفور الهاتف جانباً ثم هرع إلى الحمام ، و كان القمر حينئذٍ يختبئ خلف سحاب داكن ثقيل.
.. ألمانيا - 2015.
#رستم_أوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟