محمد التهامي بنيس
الحوار المتمدن-العدد: 5025 - 2015 / 12 / 26 - 22:48
المحور:
الادب والفن
قصة . لن تكون أو الواثق من غبائه
ما رأيكم في قصة شاردة .لا غامضة ولا واضحة . قد تكون مشفرة . ولكنها لن تكون من كتاب مجهول يحاول البعض تفسيره انطلاقا من حواشيه . ولن تكون عن بلاد تحول سكانها إلى فقاقيع من غير أساس ولا أصول , كلما دنوا منها أصبحت نائية وبعيدة عنهم كبعدها عن حضارة المدن والتمدن . والبادية والبداوة . والصحراء والتصحر . وهي ليست قصة المدرسة التي يتحرك تلامذتها ولا يتقدمون , يلعبون ولا يكبرون , يدرسون ولا ينجحون , يحاولون ولا يقدرون . يقرؤون ولا يفهمون . يتكونون ولا يعملون . وأن عملوا فلا ينتجون . وإن أنتجوا فلا يكسبون لن تكون قصة ذاك الشاب الذي خرج من قمقم الفقاقيع وأفنى عمره بمعاناة في التحصيل الدراسي . متحديا من يقول عنه إنه تعلم تعلما غير منتج . فحصل على دكتوراه في تخصص جامعي . ودكتوراه في فن الضياع والتشرد . محتجا مرابطا معتصما , صائحا أو صامتا . فقط ليثبت أنه ليس فقاعة . ولكنه بقي في نظر حاكم الفقاقيع . مجرد مراهق , مشكلته خطيرة تنتقل من شخص إلى آخر كالطاعون , فيصبح هذا العالم مضطربا بسبب مراهقته . ولم يهتم نظر ذالك - المسؤول بدون مسؤولية - إلى أهمية المرحلة التي تظهر فيها القدرات الخارقة للشباب . والتي يهدرها حذر التيس بزيادة النفاق والبعد عن الحقيقة متدثرا بالمبررات الوهمية , حتى تبقى دار لقمان على حالها . والبلاد بلاد الفقاقيع فقط لا غير ولن تكون قصة ارتقاء شعب أو ثورة شعب , فالثورة تأكل أبناءها , والفقاقيع لا تصلح للأكل . والارتقاء محكوم بإرادة صانعي الخرائط ووضع الجغرافية البشرية والجغرافية الانتخابية . ومن دخل في لعبتهم نجا إلى حين , ومن تنطع عاد وانبطح ورجا موقعا له ومكانة . في خارطة الفقاقيع ولن تكون القصة من وحي الأرقام , فالأرقام كانت عاجزة قبل ظهور الصفر , وقد قيل إن الصفر البابلي هو أقدم صفر ولكنه لم يكن يمثل أية قيمة عددية في القرن 3 قبل م . وقيل إن الصينيين بعدهم بثلاث قرون أعطوه قيمته العددية ولكنها ظلت مجهولة وغير موثوق بها , إلى أن أطلق الهنود في القرن 5 قبل م اسم الفراغ على الصفر , وكلما تركوا فراغا بين الأرقام اعتبر صفرا . ومع عالم الرياضيات العربي . محمد بن موسى الخوارزمي . ملئ هذا الفراغ ما بين 813- 833 ميلادية . فقدس العرب ما ابتكره الخوارزمي واختاروا التقوقع في دائرته فجعلوه فوق هاماتهم لأنه لا يحتوي على أية زاوية, وانتهى مدلوله عندهم في خاصية أنه عنصر محايد أو عنصر ماص . ككل العناصر المتألمة التي تقف محايدة ممتصة لأوجاعها . لولا أن رقم 2 ظهر من بين بقية الأرقام . ذا قيمة متميزة عند وزيرتين , حيث 2 فرنك = 8000 درهم . و 2 ساعتي نوم يوميا كافية لمن تسهر 22 ساعة يوميا . ولكن لا ننسى أن قبلهما ظهرت قيمة العدد في البرلمان المغربي بغرفتين 2 مخصصتين لنوم من تعب من أجل الشعب الذي ينعم بصحة جيدة , وعيشة رغد , ونمو زائد , ومناصب عمل تبحث عن عاطل فلا تجده . وهذه القيمة لم تخطر ببال الخوارزمي ولا من سبقه . ولم تخطر ببال الاقتصاديين وواضعي الميزانيات وأصحاب نسب النمو والعجز . ولم تخطر ببال الأطباء الذين ينصحون بضرورة النوم الكافي لمن تدعي إتقان العمل . ولم تخطر ببال الشعب لكي يجازي الوزيرتين على شقائهما من أجله . وهما على كرسي الاستوزار. في ظل ذلك لا أعتقد إذن أن تكون كتابة قصة من وحي الأرقام مفيدة ؟ وقد تجمدت دلالات ومفاهيم الأرقام والمنطق العددي في مفهوم وأوضاع كتابة رقم 2 . ولن تكون من وحي الخيال أو الخيال العلمي . حتى لا يغضب الخرافي الغبي . الذي كلف عالما من علمائه , أن يصنع له آلة إنذار ترصد مبكرا ما تحيكه العفاريت والتماسيح والشياطين من مؤامرات ضده . ولما توصل العالم لصناعة الجهاز . شرع الخرافي في تجريبه . فوجد نفسه قد تحول إلى مخلوق شكله شكل ثعلب , وعقله عقل إنسان . يعلمه كيف يفكر وكيف يناقش . ولكن عيبه أنه أخرس أصم وأعمى . لا يخاطب تماسيح ولا يسمع عفاريت ولا يرى شياطين ولن تكون قصة عاشق للجنس , لأن هناك عاشقا للنساء , وعاشقا للنهود وعاشقا للأرداف وعاشقا للمؤخرة وعاشقا للمسنات وعاشقة للمسنين . بل هناك عاشق للذكور كما الأنثى عاشقة للأنثى كما عشق المثليين والمثليات والسحاقيات , وعشق الغلمان بعضهم لبعض وعشق الكبار للغلمان . مما يجعل العشق الإنساني غير مقتصر على جنس بنوعه ولا على فئة معينة وذلك عبر كل العصور والأزمان . وكل أرذالها ملخصة في الكثيرين من فقاقيع بلاد يسود فيها رقم 2 وهي ليست قصة التيس الحاكم الذي اعتقد أنه في غابته , رجل مهاب لأن منظره مهيب . وهو الأبله في كل اختياراته لدرجة أنه كلما تصنع الحذر , زاد نفاقا وبعدا عن الحقيقة . وأتباعه من فقاقيع البلاد تصفق وتطبل وتزمر له , لأنها اكتسبت في حضرته السيطرة على أي دائرة عمل ترأسها فقاعة ولا تطور فيها شيئا . إلا ما كان تحايلا لجني أرباح غير قانونية . وهم هذه الفقاعات الوحيد . كيف تأخذ فرص غيرها من المستحقين ولن تكون قصة حياتي أو سيرتي الذاتية ولا حتى مذكراتي الشخصية لأنها تشكل حياتي بأثر رجعي . ومهما بلغت من الإبداع في نقل أحاسيسي أو استكشاف المشاكل بشكل معمق , فهو ليس إلا طريقة للتخلص من التوتر , زيادة على أنه لن يسعفني التدوين إلى آخر يوم من عمري . بل كلما طرقت بابا في بلاد الفقاقيع لتفتحه مذكراتي لا أبصر إلا نفسي . أو يؤدي بي الباب المفتوح إلى باب آخر, كل من بداخله فقاقيع . ولا أدري كم بابا يفصلني عن نفسي
قصة اليوم أتحدث فيها عن كائن لا يفكر رغم أنه موجود , يدحض مقولة الفيلسوف الفرنسي ( رونيي ديكارت ) أنا أفكر إذن أنا موجود . كائن يشك في كل شيء , وليس له منهج للشك . ولا يصدق أحدا ولا يبحث عن مبررات للثقة في أحد . كائن غبي واثق من نفسه , ويتصرف بغباء ممل ويجد من يقبل منه إصراره على الغباء . يقول شيئا وهو لا يدري ما هو . يتمنى أن يحقق للناس شيئا ولكنه لا يدري ما هو . إذا بكى أو ضحك اعتباطا ,تدمع عيناه وهو يفكر في شيء ما . لا يعلم ما هو . إنه سحابة دكناء , ولكنها عابرة فقط ولا تمطر . وهو لا يعلم لماذا هجرت البركة حلمه . له رأس كبيرة ولكن رأسه ضيق على أن تعتمل فيه أفكار . وهو ليس حساسا و لا يحس بآلام الآخرين بل ولا يتعاطف مع المحرومين والمرضى والمعطلين . لكنه يكتفي بأحلامه مع الأرامل فيحتاج شهورا زائدة عن شهور السنة , كي يقرر . ولربما وصل لقرار بعد أن ماتت أرامل بفعل المرض أو الشيخوخة وسبب ذلك أيضا لا يعرفه ولكنه يخرج من مخزون عقله الباطن كحلم من أحلام اليقظة وأحلام البركة الضائعة قصة اليوم عن كائن ليس خرافيا وليس شبحا ناريا . لأنه خرفاني , خروف يقطن بشارع يدعي أنه لا يخاف منه ولا تهدده فيه ذئاب مغامرة , لأنه امتلك كلبا لا يقبل أن يغيظه أحد وهو طليق غير معتقل كغيره من المعتقلين سرا وعلانية . رومانسي غارق في الرومانسية والرعب – وقد اقتنع الجميع أن رومانسيته ورعبه وجهان لعملته . ولا غرابة في أنه يعترف بذلك ويعتنق مذهبه ( ألم يكن أعظم كاتب رعب – إدجار آلا ن بو- شاعرا بالغ الرقة ) فمصباح هذا الرومانسي يبعث في ردهة مظلمة بقعة نور تتراقص مع مشيته , فتظهر له عملاقا على الجدران . ولو غيض المستنقع وخرجت كل التماسيح , أو انشقت الأرض من فرط الجفاف ولفظت كل الشياطين لتوقظه . فهو لا يصحو من سباته ونومه الثقيل وشخيره العميق . وهذا شيء طبيعي من واقع عالمه المهووس بنار المصباح المقدسة لديه ولدى الفقاقيع , وهي التي تجعل الانعكاس على وجهه , يتأثر فيبدو مخيفا أو على الأقل ليس جميلا . وهذا أيضا لا يعرفه ولا يدري أن نار ونور المصباح زيف ألوانه . ولكن أثر الخوف ظهرت عليه وهو يعد الناس قبل أن يقنع نفسه . أنه إذا سطع ضوء النهار وغسل ما ارتكبه من قاذورات , لن يجرب ذلك مرة أخرى ألم أقل لكم سابقا أنه خرافي خرفاني غبي واثق من غبائه . إنه بغباء يقتل من أوكلوه أمرهم , ويفضل أن يجعل ميتتهم تختلف كثيرا عن الانتحار . لا يشعلون النار في أجسادهم , ولا يقطعون شرايين أيديهم , ولا يتجرعون دواء محاربة الفئران , ولكنهم يموتون بالغيبوبة تلو الغيبوبة , ما أن ينتهوا من معاناة الدوار والوجع والعرق والتشنج جراء الغيبوبة الأولى , حتى يدخلهم في غيبوبة أخرى . وفي كل حالات الغيبوبة لا يجدون إسعافا – لا أرضيا ور محلقا - ولو أن كثيرا من حالات الغيبوبة تحصل لهم جراء ما يتعرضون له من ضرب مبرح . لا لشيء إلا لأنهم في نظر الكائن الخرفاني مجرد فقاقيع . مع العلم أن الفقاقيع ليست دائما ناتجة عن الماء والصابون , فقد تكون ناتجة عن مواد منصهرة مضغوط عليها – كما في براكين الشقوق – فيحولها الضغط إلى غازات وأبخرة , لا نعلم كما لا يعلم الكائن المذكور مدى خطورتها , فهي وإن كانت غير منفجرة فإن لها أصواتا مدوية
بدأت القصة ولم أضع لها نهاية . ربما لا أفهم في علم المستقبليات . أو ربما لأن هذا الكائن شبح , لا يستحق أن تكون له نهاية . أو ربما أن طاقة الفقاقيع ستنتهي تلقائيا وبدون ضجيج في بلاد قاسية تلطخها الأصباغ . أو ربما لأن عقلي لا يقبل أن أنشغل بهذا الهراء . أو ربما لأني لا أتصور أبعاد عوالم بلاد يسيطر فيها كائن خرافي خرفاني . وهي أبعاد مليئة بالأسئلة
محمد التهامي بنيس
#محمد_التهامي_بنيس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟