دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 5025 - 2015 / 12 / 26 - 14:08
المحور:
الادب والفن
كتابُ الكنز، كان ممزقاً حينما عثر عليه الشابّ فوق أحد مقاعد الحديقة.
قبل وهلة من الحَدَث، كما تذكّرَ بطلُ حكايتنا لاحقاً، كان ثمة رجلٌ عجوز يلملمُ قامته الضئيلة على نفس المقعد. إلا أنّ الشاب لم ينتبه لوجودَ كتابٍ بين يديّ العجوز، أو إلى جانبه: " وإذاً، فما الذي جعلني أنجذبُ إلى ذلك المكان وفي ذات اللحظة، الشاهدة على مغادرة الرجل للحديقة؟ "، فكّر الشاب وقد تناهبته الحيرة. وما فاقمَ من هواجسه، أنه أنهى قراءة المخطوط المُجْتَزأ عند الفقرة نفسها، المُفترض أنها ستحدد مكان الكنز.
في الأيام التالية، حضرَ الشابّ إلى الحديقة لا للتنزّه بل لرؤية العجوز ومحاولة استنطاقه بخصوص ما يشغله من أمر الكتاب. ولكن، لم يَبُن أيّ أثر للرجل. ما كان الأمرُ مدعاةً للعجب، لولا أنه سبَقَ والتقاه مراراً في الحديقة. لقد أضحى معتقداً بقوّة، أنه هوَ بالفعل صاحبُ الكتاب. وإلا، فكيفَ يُمكن تفسير اختفائه على غرّة. فيما كان الشاب يفكّر يوماً بهكذا أشياء، إذا بفتاةٍ تتهادى رويداً بالقرب منه حتى كاد ظلّاهما أن يتعانقا. لم تجلس هيَ على مقعد العجوز، أجل هناك، إلا بعدما خلّفت عبقَ عطرها عند من يقتفي أثرَ صاحب المقعد. كانت فتاة فاتنة، ذاتَ قامةٍ رهيفة وملامح مرسومة بعناية. في حضرة الحسناء، حقّ للشاب الملول أن يسلو قليلاً همَّ الكتاب والكنز. على الأثر، وحينما نهضت الفتاة فجأة لتغادر مكانها، فإنّ بطل حكايتنا صممَ أن يكلمها: " أعرفُ أنها لن تعود ثانيةً. فمن يجلس على هذا المقعد، لا يمكن أن يعود "، خاطبَ نفسه فيما كان يهمّ بتأثر خطاها.
ذات يوم، قالت له حبيبته: " جئتُ الحديقة ذلك اليوم بحثاً عن رجل عجوزٍ وبقيّة كتاب ".
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟