أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أبو الفضل علي - إدراك العلاقة




إدراك العلاقة


أبو الفضل علي

الحوار المتمدن-العدد: 1370 - 2005 / 11 / 6 - 10:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من خلال معرفة الإنسان لطبيعة الأشياء ونشأتها وعلاقاتها بالوجود وقوانينها والأطر التي تعمل فيها فقد توصل الإنسان إلى معرفة الأيمان بالله منذ ابعد الأزمان وعبده واخلص له و أحس بارتباط عميق به قبل أن يصل إلى أي مرحلة من التجريد الفكري الفلسفي أو الفهم المكتمل لأساليب الاستدلال فالظواهر هي دلائل قدرة تشير إلى قدرة ووحدانية الصانع وعظمته التي تتجسد في كنه هذه الدلائل والظواهر ومنها الكثير الذي اعتبر من سنن التاريخ التي تتجاوز الحدود الضيقة من الادراكات العقلية بل حتى في طبيعتها أحيانا تتجاوز مسالة الحسية لضعف الإدراك الحسي البشري عن فهم الظواهر المشار أليها فهذه الظواهر وضعت في أطر قانونية وتتمتع بروابط وعلاقات ليست اختيارية طبقا لماهية خلقها تصل في ذلك إلى علتها الغائية خدمة للإنسان ونسله وتذكرة بان ثمة قوة عظيمة مسيطرة ترجع أليها الأمور رهبة ورغبة فهنا لابد من الإشارة إلى خطبة أمير المؤمنين عليه السلام التي أوجز فيها عجيب صنعه الكون لما فيها من إشارة للشرح الذي تقدم ( وكان من اقتدار جبروته وبديع لطائف صنعته أن جعل من ماء البحر الزاخر المتراكم المتقاصف يبسا جامدا ثم فطر منه أطباقا ففتقها سبع سماوات بعد ارتتاقها فاستمسكت بآمره وقامت على حده ) وفي مكان آخر من الخطبة ( فسبحان من امسكها بعد موجان مياهها واجمدها بعد رطوبة أكنافها فجعلها لخلقه مهادا وبسطها لهم فراشا فوق بحر لجي راكد لا يجري وقائم لا يسري تكركره الرياح العواصف وتمخضه الغمام الذوارف أن في ذلك لعبرة لمن يخشى).
أن دقة وعظمة تفاصيل ماهية الأشياء والكيفية التي تعمل بها هي دليل واضح لمن أراد أن يتناول الدليل العقلي في تحليله للأشياء إذ أن الكيفية والماهية تسيران على وفق الأطر القانونية والعلاقة بينها هي علاقة مرتبطة ببعضها بما يضمن حصول موازنة تحت امرة القيومية وهذه القيومية لا تقبل الوصاية التعددية بما فيها من تأثير على كيفيتها وهذا يعتبر أحد استدلالات التوحيد فالقيومية والخلقية التي أشرنا أليها لا يمكن أن تتصف بغير الوحدانية ولولا ذلك لتباين الخلق واختلفت الأطر القانونية والطبيعية لها مما جعل عللها الغائية مستقلة عن العلل الأخرى لعدم وجود روابط وعلاقات بينها.
كما نريد أن نبين بان العلاقة بين هذه الأطر القانونية أو السنن (ان لكل مادة مخلوقة سنة تدل على كيفيتها والماهية المتكونة منها) هي علاقة مؤثرة بعضها على بعض ولكل منها درجة معينة، فالماء مثلاً قادر على فناء النار، وهنالك أيضاً بعض المركبات الكيمياوية أيضاً قادرة على اخماد النار، والنار بدورها قادرة على فناء الخشب أو الورق أو غير ذلك. اذن لكل سنة ولكل مادة يوجد ما فوقها سنة لمادة أخرى مسيطرة على الأولى. اذن هنالك بعدان بعد يعمل ولكنه يعمل تحت تأثير سنة معينة وبعد يعمل لا تؤثر عليه سنة بل تؤثر عليه القوة الخارقة التي نستقرءها من خلال الوجودية.
فالأمور العظيمة لا يمكن الإحاطة بكيفياتها من خلال المدارك العقلية البشرية التي تضعف كل ما كانت الأمور ذات جلاء عظيم حيث يكون حجم الإنسان بالنسبة لها شيئا لا يذكر كالسموات و المجرات الكونية وحركتها وطبيعة ماهيتها أما بالنسبة لدقائق الأمور كالمجهريات التي لا يراها الإنسان بمداركه الحسية آلا بالاستعانة بالآلة فانه يراها ولكن لا يحيط بكل تفاصيلها حيث تكون الحسية البصرية هي الوحيدة العاملة التي من خلالها يمكننا التعرف إلى بعضها أما ما كان اصغر من ذلك فحتى الآلة تفشل بالحصول على صورة حسية لها وان استطعنا مستقبلا من الحصول على الصورة الحسية فلا يمكن معرفتها ألا من خلال مدى تأثيرها على الحيوان والنبات آما ما كان منها غير مؤثر في علاتها الفعلية والغائية .. فهي بعيدة عن مداركنا العقلية وان توسعنا فيها بالوسائل المساعدة فسبحان الذي استولى بقدرته على دقائق الأمور وجليـّـها.
لم يطلع العقول على تحديد صفته ولم يحجبها عند واجب معرفته فهو الذي تشهد له أعلام الوجود على إقرار قلب ذي الجحود تعالى الله عما يقوله المشبهون به والجاحدون له علوا كبيرا.
فوجود الله تعالى يمكن التعرف اليه بالحس والتجربة وغيرها من الفرضيات التي تشير إلى حكمة الصانع ، أما أعلام وجوده فقائمة شامخة واضحة لا يمكن دحضها حتى من قبل اجحد الخلائق..
فالشمس ترسل أشعتها محملة بالحزم الضوئية والحرارة تشارك في تنمية وإنشاء الحياة على الأرض فهي تقوم بإرسال نسبة معينة من الحرارة المخزونة في أشعتها تتناسب مع ديمومة الحياة والاستفادة منها وفقا للبعد المكاني. فالمسافة بينها وبين الأرض هي التي حددت هذه العلاقة الطبيعية والقانونية فأي قصر أو بعد في هذه المسافة يضر بالعلاقة وقانونيتها وبالتالي تتعرض الحياة إلى الشلل التام أو التلف أن جاز التعبير يرتبط البعد المكاني مع البعد الزماني الذي لا يجعل من الأشعة الثابتة مقتصرة على الثبوت بل ومتغيرة أيضا يكون هنا الأثر واضحاً في الأرض على المستويين المكاني والزماني، أما من ناحية الغازات وتأثير أشعة الشمس عليها ونسبها في الأرض ومحيطها فهي أيضا مرتبطة بالطريقة ذاتها موقع الشمس هو لم يأتي صدفة سواء أكانت هذه الصدفة هي نسبية أو صدفة مطلقة بيد أن الصدفة المطلقة مستحيلة من وجهة نظر الفلسفة الارسطية أما الصدفة النسبية ليست مستحيلة عند الارسطين وان سلمنا بان موقعها هو صدفة نسبية فعلينا أن نسلم بان مواقع الكواكب السيارة وتوابعها ووضع المجاميع الشمسية والأبراج هو أيضا صدفة نسبية وهذا الطرح يضعف احتمالية التصديق وبالتالي قد ننتقل من الصدفة النسبية الى الرابطة السببية، فالعلاقة بين المواقع الخاصة بالنجوم والكواكب وغيرها من التوابع ومسيرها وفق أطر قانونية و سرع منتظمة لا يوجد فيها السبق والاصطدام العشوائي يدل على وجود رابطة سببية منقادة الى قوة اكبر منها مسيطرة تآمر الشمس أن لا تدرك القمر وتأمر الليل أن لا يسبق النهار وتآمرهم أن يسيروا جميعا في أفلاكهم الخاصة ، فهذه القوة تجعل من الرابطة السببية دليل على العلاقة بين الأجرام السماوية والرابطة السببية هي استقراء للمبدأ القبلي ، فالرابطة السببية لا خلاف عليها من قبل الفلاسفة بل أنها لا تعترض على وجودية الصانع الحكيم الذي أوجد لكل شيء سبباً. ناهيك بالشمس في ذاتها وماهيتها والكيفية التي تعمل وفقها..
ونقصد بذلك القيومية المستديمة أو العلة الفاعلة فهي بالرغم من تقدير العلماء واقصد بذلك علماء الحس والتجربة بأنها خلقت قبل ملايين السنين فان وهجها لا يكل ولا يفتر ولا يضعف فأي خلل يمكن أن يحدث فيها هو نهاية لوجود الحياة على الأرض فمن أين تستمد طاقتها التي ما فترت ساعة في تلك الملايين من السنيين .. فالإشارة أن علـّـة العلل يمتاز بالوحدانية لا بالتعددية .. ولو كانت التعددية موجودة لاختلفت العللات القائمة في نوع غايتها ولاضطربت السماوات والأرض واستحالت العلاقة الطبيعية بين الأشياء ولاختلفت الروابط بينها بما يخلق عدم التوازن وخروج عند القاعدة القانونية للعلاقة.
ان الاستقراء المنطقي لهذه الظواهر ومدى تأثيرها وعلاقتها مع الأرض والحيوان والنبات بما تتمتع من أمور تساعدها في الحياة إلى زمن معين وفق تركيبتها الفسيولوجية والسيكولوجية والبايلوجية وغيرها من علوم الحياة الموجودة على الأرض تدل على حكمة الصانع ووحدانيته وان التسليم بغير ذلك غير منطقي وغير حكيم فالحروف المبعثرة لا يمكن أن تتجمع لتكون اجمل جملة عرفتها اللغة حتى لو سخرت لها آلاف الصدف.
أن فرضية الضرورة العمياء للمادة والتي يعتمد عليها المفكرون الأوربيون هي فرضية ليست صحيحة فأشعة الشمس البيضاء بالنسبة للحاسية البصرية لم تتطور إلى أن تصبح شيئا آخر أو تتخذ ألوانا أخرى في زمانيتها ومكانتها طوال الملايين من السنين بل أن كثيرا من الظواهر هي في حد لا تستطيع التقدم عليه وبذلك ترى أن الفكر الذي تمتع به علي بن أبي طالب عليه السلام وهو إمام الزمان وخليفة سيد الأنام في رؤيته الدقيقة للاستقراء انه ما من شيء الا والله معه وقبله وبعده وتتجلى فيه حكمة الصانع دليل على وجود الاستقرار الذي يعتمد المبدأ القبلي.أما الاستقراء وفق المذهب التجريبي فلا يغني من الحق في نهاية الآمر شيئا بل أن بعض المفكرين يؤكدون الاستقرار وفق المبدأ القبلي وهنا لابد من الإشارة إلى فقرات من كلام الدكتور زكي نجيب محمود والذي وضح فيه موقفه من مشكلة الاستقرار وهو موقف نراه صحيحا وقريب من الحقيقة.أن معظم من تناول الاستقراء بالبحث ومن هؤلاء ( رسل نفسه لا يجدون مناصا ن الاعتراف بوجود مبدأ عقلي لم نستمده من الخبرة الحسية ما هو الذي يكون سندنا في تعميم الأحكام العلمية فمهما بلغت من إخلاصك للمذهب التجريبي في نظر هؤلاء- فلا مندوحة لك في النهاية عن أن تعترف بشيء لم يأتك من طريق التجربة وهو المبدأ القائل ما يصدق على بعض أفراد النوع الواحد، يصدق كذلك على بقية أفراده وبذلك يمكن التعميم .. من اجل ذلك يرى (رسل) أننا في النهاية مضطرون في الاستقراء إلى الرجوع إلى أساس غير تجريبي وهو ما يسميه بالمبدأ القبلي، (أن أولئك الذين يتمسكون بالاستقراء ويلتزمون حدوده ،يريدون أن يؤكدوا بان المنطق كله تجريبي) ولذا فلا ينتظر منهم أن يتبنوا بان الاستقرار التجريبي نفسه حبيبهم العزيز- يستلزم مبدأ منطقيا لا يمكن البرهنة عليه هو نفسه على أساس استقرائي ، أذن لابد أن يكون مبدأ قبليا).
وقد أشار الفيلسوف محمد باقر الصدر إلى آمرين بصدد التعليق على كلام الدكتور زكي نجيب وما يمثله من اتجاه في المنطق التجريبي على ضوء تلك النتائج (1)
الأول : أننا نؤمن بان الدليل الاستقرائي يؤدي إلى العلم بالتعميم ولا نعني بذلك تحويل الاستقراء إلى استنباط وسير من العام إلى الخاص بل هو نمط أخر من الاستدلال لا يدخل في نطاق الاستنباط وهذا الاستدلال يسير من الخاص إلى العام ودون الاستعانة بأي مبادئ عقلية وقبلية.
الثاني: قلنا أنا لا نستطيع أن نبرهن للمنطق التجريبي والتجريبيين على وجود العلم الاستقرائي ولكن من الممكن أن نبرهن على أنا إذا انطلقنا في دراسة الدليل الاستقرائي من مفاهيم المنطق التجريبي فسوف يؤدي بنا ذلك إلى إنكار العلم بالقضية الاستقرائية فحسب بل إلى إنكار أي درجة من درجات الترجيح للقضية الاستقرائية على أساس الاستقراء . أي أن قيمة احتمال القضية الاستقرائية تزداد لكل ما شمل الاستقراء شواهد أو أمثله اكثر وقد فسر الدكتور زكي في الفصل الأخير من كتابه (المنطق الوضعي) هذا الازدياد على أساس حساب الاحتمال لا يمكن أن يؤدي إلى ازدياد قيمة احتمال القضية الاستقرائية واقترابه من اليقين ألا إذا أدى في نفس الوقت وبنفس الدرجة إلى ترجيح فرضية السببية بمفهومها العقلي ، أي أن المفهوم التجريبي العقلي للنسبية الذي يستبطن الضرورة شرط أساسي لنمو الاحتمال بالقضية الاستقرائية والمنطق التجريبي.فالمنطق التجريبي بين آمرين ، أما أن يتنازل عن مفهومه التجريبي للسببية ويعترف بمفهومها العقلي المستبطن للضرورة بدرجة لا تقل عن درجة اعترافه بأي قضية استقرائية مدعمة بأقوى البينات الاستقرائية و أما أن يصر على استبعاد المفهوم العقلي، وعلى التعامل مع ظواهر الطبيعة على أساس المفهوم التجريبي للسببية فيعجز حتى عن تفسير الترجيح الاستقرائي.



#أبو_الفضل_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزوجة السلوك البعثي والتطرف الفلسطيني
- الدين والأخلاق والدولة


المزيد.....






- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أبو الفضل علي - إدراك العلاقة