طلال الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 5023 - 2015 / 12 / 24 - 21:13
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
كل الدول العشرة المستفيدة من برامج المساعدات الخارجية الأميركية في عام 2014 تمارس التعذيب, في حين على الأقل نصفها يفعل ذلك على نطاق واسع، كما تؤكد ذلك منظمات حقوق الإنسان (1).
على سبيل المثال، وفقا للأمم المتحدة، التعذيب في سجون أفغانستان لا يزال واسع الانتشار (2). بينما وفقا لهيومن رايتس ووتش تمارس الشرطة الكينية "التعذيب والاغتصاب، وتعرض لسوء المعاملة والاحتجاز التعسفي 1000 لاجئ على الأقل بين منتصف نوفمبر عام 2012 وأواخر يناير 2013 " (3).
اكثز الاحتجازات حدثت في نيجيريا (4), ومع ذلك تلقت حكومتها 693،000،000 --$-- من أموال دافعي الضرائب في الولايات المتحدة. هناك، وفقا لمنظمة العفو الدولية، قُتل نحو 1000 شخص في الحجز العسكري (5) في الأشهر الستة الأولى من عام 2013. وهذا يعني أن "الجيش النيجيري قتل أكثر مما فعل المدنيون (بوكو حرام) المتشددين" في نفس الإطار الزمني. في الآونة الأخيرة، الجيش النيجيري، وبدلا من محاربة بوكو حرام, قام بذبح ما يزيد عن 1000 من المسلمين المنتمين إلى حركة سلمية تعارض التطرف.
اتهمت اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل, التي هي حتى الآن المتلقي الرئيسي للمساعدات الخارجية الأميركية البالغة 3100000000 --$--، بتعذيب والاعتداء جنسيا على أطفال فلسطينيين يشتبه في ارتكابهم جرائم طفيفة، مع وضع المعتقلين أيضا في أقفاص في الخارج خلال فصل الشتاء (6). "ويُتهم غالبية المعتقلين من الاطفال الفلسطينيين بالقاء الحجارة، و 74 في المائة منهم عانى من العنف الجسدي أثناء اعتقاله، نقله, أو استجوابه".
ناهيك عن برنامج التعذيب على نطاق واسع في الولايات النتحدة نفسها.
وفقا للرواية الرسمية، اعتبرت برامج تسليم المشتبه بهم برامجا استثنائية لوكالة الاستخبارات المركزية في عهد بوش بعد 11/9. واعتبرت انها ارتكبت من قبل "عناصر مارقة" وان هذه الممارسات ىشكلت انخرافات استثنائية لوكالة المخابرات المركزية (7). ولكن اجراءات هذه المنظمة تم الموافقة عليها من قبل أعلى مستويات الحكومة قبل انتهاء البرنامج في نهاية المطاف في عهد أوباما في عام 2009.
ولكن عنصرا قياديا في مجال الأمن الدولي, الدكتور أحمد نزيف, اكد ان "أوباما لم يحظر التعذيب في عام 2009، ولم يلغيه حتى الآن (8). كل ما فعله اوباما هو تسمية برنامج التعذيب كبرنامج "تأهيل!" مع الابقاء على نفس الممارسات السابقة, وقد تم ذلك بموجب أمر تنفيذي مُصاغ بعناية الذي لم يحظي بغير القليل من التدقيق " (9).
طالب الامر التنفيذي أن تكون تقنيات الاستجواب مماثلة للدليل الميداني للجيش الأمريكي، والذي هو منسجم مع اتفاقية جنيف. ومع ذلك، تم تنقيح الدليل في عام 2006 ليضم 19 شكلا من اشكال الاستجواب واجراءات تسليم المشتبه بهم الاستثنائية.
اكدت "لجنة جديدة للامم المتحدة لمناهضة التعذيب (اتفاقية مناهضة التعذيب), عند فحصها للدليل, ان مجموعة واسعة من أساليب التعذيب لا تزال تُمارس من قبل حكومة الولايات المتحدة", "بما في ذلك العزل والحرمان الحسي، أوضاع مٌجهدة، والذهان الناجم عن استخدام مواد كيميائية، واساليبا غيرها. "
في كتابه Torture and Impunity: The U.S. Doctrine of Coercive Interrogation, يقول أستاذ التاريخ الذائع الصيت Alfred McCoy , في جامعة Wisconsin-Madison , انه من 1950s فصاعدا انفقت وكالة الاستخبارات المركزية المليارات ل"تحسين" تقنيات الاستجواب (10).
في البداية، كان التركيز على الصدمات الكهربائية، التنويم المغناطيسي، الجراحة النفسية، والأدوية، بما في ذلك الاستخدام الشائن لل LSD على الجنود، ولكن ثبت أن هذه الاجراءات غير فعالة وتم ابدالها في وقت لاحق باجراءات الارتباك الحسي و"الألم الذاتي"، مثل إجبار الشخص على الوقوف لساعات طويلة مع مد ذراعيه، والتي هي وسائل أكثر فعالية بكثير في كسر ارادة الأفراد. وهي نفس تقنيات التعذيب التي لا تزال الولايات تستخدمها حتى يومنا هذا.
اكتشفت وكالة المخابرات المركزية انها فقط باستخدام الحرمان من استخدام الحواس, التي تتضمن الحبس المنفرد في زنزانة مظلمة ومنع الاختلاط مع اي شخص آخر, يمكنها ان تسبب للشخص حالة أقرب إلى الذهان في 48 ساعة فقط.
ووجد الباحثون أن أسلوب التعذيب الأكثر تدميرا لم يتضمن الضرب, وانما تضمن ببساطة إجبار الضحايا على الوقوف لعدة أيام, مما يؤدي الى تورم الساقين, تشقق الجلد, فشل الكلية, واحداث هلوسة. وكلها تكون مصحوبة بالم لا يطاق.
خلال عقود من اليحث والتجربة, صقلت وكالة الاستخبارات المركزية اساليب الحرمان الحسي بالاعتماد على الإجراءات التي تبدو عادية: "باستخدام الحرارة والبرودة والضوء والظلام والضوضاء والصمت، التخمة والمجاعة" باشكال مدروسة منهجيا ل"هجوم مُنظم على المسارات الحسية في العقل البشري وتحقيق التأثير المدمر."
ان هذه الاجراءات ليست "انحرافات استثنائية او فردية"، بل انها ثمرة لأكثر من نصف القرن في البحث التجريبي لعلم تحطيم العقل البشري باستخدام التعذيب النفسي في أشكاله الأكثر تطورا.
"ومع انتخاب وإعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما، لم تنتهي مشكلة التعذيب ، أوضح مكوي "، وبدلا من ذلك دخل التعذيب مرحلة دنيئة بالافلات من العقاب impunity, التي تعني اضفاء القانونية على ما هو مخالف للقانون.
ببساطة، الإفلات من العقاب هو عملية سياسية من إضفاء الشرعية على أعمال غير مشروعة. "في هذه الحالة، التعذيب".
بدلا من انهاء التعذيب الولايات المتحدة "تواصل حكومة الولايات المتحدة التعذيب" في أشكاله الأكثر تدميرا.
لقد تم إعادة تعبئة التعذيب وتأهيله وجعله قانونيا، واختفى بذلك من الوعي العام عموما.
وعلاوة على ذلك، لا يقتصر دور الولايات المتحدة على الانخراط في التعذيب على نطاق شامل في داخله البلاد, ، بل انها وحليفاتها تقوم ب"الاستعانة بمصادر خارجية" للتعذيب من قبل مختلف الأنظمة، وذلك باستخدام أجهزة المخابرات والأمن في تلك الدول من اجل القيام بالعمل القذر نيابة عنها.
فقد تم الكشف من قبل العديد من المعارضين الليبيين أن حكومة المملكة المتحدة نفسها دخلت في شرك علاقة عميقة ودنيئة مع معمر القذافي, "مؤامرة إجرامية"، كما سُمع من قبل المحكمة العليا في المملكة المتحدة - مؤامرة أن المملكة المتحدة أصبحت "شريكا في عمليات ترحيل المعارضين الليبيين من بريطانيا الى بلادهم, او في احتجازهم غير القانوني وتعذيبهم " (11).
الضحايا الليبيون زعموا ان المخابرات البريطانية فامت بابتزازهم بشكل روتيني، وتهديدهم وأسرهم بالسجن غير القانوني وسوء المعاملة إذا لم يتعاونوا. تم استنزاع المعلومات من خلال التعذيب في السجون في طرابلس وتم إدخالها في نظام المحاكم البريطانية كأدلة سرية لا يمكن الطعن بها.
ان هذا يمثل توجها واسع النطاق, حيث تقوم الحكومات الغربية بالتواطؤ مع الدول الأجنبية في جرائم التعذيب ، ومن ثم استخدام تلك الأفعال نفسها لتبرير الاعتداء على هذه الدول.
الولايات المتحدة في محاولة لتبرير غزو العراق, بالرغم من عدم وجود أسلحة الدمار الشامل, زعمت أنها نفسها زودت العراق سابقا بهذه الاسلحة اثناء حربه مع إيران.
كذلك، كان استخدام القذافي للتعذيب والوحشية التي تم التذرع بها لتبرير الهجوم المدمر على ليبيا, التي تركت البلاد في حالة من الفوضى والمعاناة والإرهاب, في حين ان هذا التعذيب كان مدعوما من قبل الحكومة البريطانية, كما ورد اعلاه.
الامر نفسه مع سوريا.
تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية الاكبر في جرائم التعذيب في سوريا بسبب تصديرها للمشتبه بهم الى السجون السورية.
كانت سوريا أحد المشاركين الرئيسيين في برنامج الترحيل السري القسري لوكالة المخابرات المركزية. و التعذيب في سوريا جرى بدعم الولايات المتحدة (12).
الولايات المتحدة تستخدم وتستغل وتنشر أعمال التعذيب الوحشية، وتحاول التكفير عن الجرائم التي ساعدت في ارتكابها لتبرير ارتكابها الفظائع والاعتداءات على الدول الاخرى واتباع اهداف جيوسياسية قصيرة النظر.
إذا كانت محاسبة المسؤولين عن جرائم التعذيب والاعتداء وسيلة لاغنى عنها لحقيق االسلام. فالكل يعلم اين يمكن العثور علي هؤلاء المسؤولين في واشنطن ولندن.
------------
المصادر
1. Top 10 Recipients of U.S. Aid Practice Torture
http://mediaroots.org/the-top-10-recipients-of-u-s-aid-practice-torture/
2. UN report: Torture in Afghan prisons is widespread
http://www.bbc.com/news/world-asia-21110432
3. - Kenya: Police Abuse Nairobi’s Refugees
https://www.hrw.org/news/2013/05/29/kenya-police-abuse-nairobis-refugees
4-Nigeria
https://www.amnesty.org/en/countries/africa/nigeria/
5- Nigeria: Deaths of hundreds of Boko Haram suspects in custody requires investigation
https://www.amnesty.org/en/latest/news/2013/10/nigeria-deaths-hundreds-boko-haram-suspects-custody-requires-investigation/
6- Israel government tortures children by keeping them in cages, human rights group says
http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/israel-government-tortures-children-by-keeping-them-in-cages-human-rights-group-says-9032826.html
7- CIA torture: Report shows CIA tortured suspects at secret overseas sites for years, achieved nothing from it, and lied about it
http://www.independent.co.uk/news/world/americas/cia-torture-report-shows-the-cia-tortured-suspects-at-secret-overseas-sites-for-years-achieved-9913901.html
8. Senate report being used to whitewash Obama’s rehabilitation of torture
http://www.nafeezahmed.com/2014/12/cia-torture-addiction-is-about.html
9. Obama: Regime Rotation
http://www.nafeezahmed.com/2009/01/obama-regime-rotation.html
10. Alfred McCoy, Torture and Impunity: The U.S. Doctrine of Coercive Interrogation
https://www.youtube.com/watch?v=xgazW9sRrW4
11. UK ties with Gaddafi were like a criminal conspiracy , high court hears
http://www.theguardian.com/uk-news/2015/dec/16/uk-ties-with-libyas-gaddafi-were-like-criminal-conspiracy-high-court-hears
12. America s gulag: Syrian regime was a common destination for CIA rendition
http://www.albawaba.com/news/rendition-syria-torture-468616
#طلال_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
