|
أديب في الجنة (13) حين يرتعب الجنرالات !
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5021 - 2015 / 12 / 22 - 08:28
المحور:
الادب والفن
(13) حين يرتعب الجنرالات ! حين سمع الطاغية أن قوى خارقة ربما تكون مدعومة من الله نفسه أنقذت كل سكان الكوكب من التطهير العرقي والديني والطائفي والسياسي وقامت بإنقاذ الغرقى وإحياء الموتى منهم ، أدرك أن نهايته أزفت ، ما لا يصدقه عقله هو مشاهدته لهذه الطيور العملاقة التي حلقت في فضاء الكوكب بمئات الآلاف حاملة بمخالبها أتباعه من الجنود والضباط والشرطة والجلادين . أدرك أن نهايته قد تكون كذلك وقد يلقي به الطائر من أعالي السماء , تخيل المشهد فتبول على نفسه . كان حريصا في الأوقات كلها على أن يضع على كتفيه ثمانية سيوف متقاطعة في أربعة أشكال وأربعة تيجان وستة نجوم في مثلثين وأربعة مجسمات صغيرة لبنادق متقاطعة شاقوليا في تشكيلين ، ليبدو حاملا لأعلى رتبة عسكرية لم تعرفها البشرية بعد ، فقد كان يطلق على نفسه ملك ملوك الملوك وجنرال جنرال الجنرالات ، مع أنه لم يدخل دورة عسكرية فيه حياته إلا دجلا وتلفيقا . أما عن النياشين والأوسمة فكان صدره يغص بها على الجانبين بحيث بدا وأن كتفيه وصدره ينوءان تحت ثقلها . حاول الهرب إلى أي مكان فوجد أن الطائرات لا تطير والسيارات لا تسير ، وحين حاول الهرب على دراجة هوائية وجد أنها لا تسير أيضا . لم تعد دنيا الكوكب كلها تتسع له ، ولم يجد هو وبعض أتباعه إلا الهرب من القصور والبحث عن كهوف يختبئون فيها لعل وعسى أن تطول أعمارهم لبضع دقائق وربما ساعات ، فهم موقنون أن القوى الخارقة هذه تستطيع أن تجدهم أينما اختبأوا. تخلى جنرال الجنرالات عن زوجته ومحظياته وكل شيء وكذلك فعل أتباعه . كما طرد جميع مرافقيه حتى لا يتيح لهم معرفة المكان الذي سيختبئ فيه ، ولم يبق إلا على جنرال صغير كان يعتقد أنه أكثر الجنرالات الصغار إخلاصا له . لم يجد كهفا آمنا فكل الكهوف التي وجدها في سفح الهضبة التي تعلوها القصور بدت له غير آمنة وسيتم كشفه بسهولة ، إلى أن عثرله الجنرال الصغير على جحر ضبع ، فوجد أنه الأكثر مناسبة . وحين أبدى الجنرال الصغيرمخاوفه قائلا " وإذا كان الضبع في الجحر يامولاي " رد جنرال الجنرالات " الضبع أرحم من هؤلاء الأوباش ، هيا انبطح وازحف أمامي في الجحر ! " وحاول الجنرال الصغير التخلص من الأمر : - لكن يا مولاي قد لا يتسع عمق الجحر لنا ! - هيا أدخل واستطلع الأمر! انبطح الجنرال الصغير أمام الجحر . مد يديه أمامه . نظر في عمق الجحرالمظلم بدا له أنه طويل ،مد يديه أمامه زحف ، أدخل رأسه ثم كتفيه بصعوبة . جاءته زمجرة مرعبة من أعماق الكهف . هتف بأعلى صوته: - مولاي الضبع في الداخل وقد يفترسني وأنا لا أستطيع أن أتحرك لو أننا أحضرنا معنا بندقية ! - إزحف يا كلب إ ألا تعرف أن الضبع في الداخل ؟ أين سيذهب في النهار ؟ تابع الجنرال الصغير الزحف بصعوبة والزمجرة تزداد حدة وشراسة . وصراخ جنرال الجنرالات يتلاحق : أسرع أسرع ! ورائحة نتنة تزكم أنف الجنرال الصغير . اختفى الجنرال الصغير في أعماق الجحر . تبعه الجنرال الكبير ، ليمسك بقدميه ويزحف خلفه . بدت له الرائحة غير محتملة غير أنها تظل أقل وطأة من القتل أو الإفتراس . إذا ما هاجم الضبع فقد يكفيه نصف أو ثلث جسد الجنرال الصغير ليشبع ، وبالتالي سيسلم هو،وتكون هذه القوى الغاشمة قد غادرت الكوكب !( هكذا فكر جنرال الجنرالات ) توقف الجنرال الصغير تخوفا من هجوم الضبع المزمجر في الداخل . صرخ به الجنرال الكبير : - هيا ازحف يا كلب لماذا توقفت ؟ - قد يهاجمني الضبع يا مولاي . - تقاومه بيديك ! - وكيف سأقاوم وأنا محشور في الجحر ؟! - يا خسارة الرتب التي منحتها لك ، ألا تقاوم ضبعا دفاعا عن سيدك ؟ هيا ازحف ! كان الجحر عميقا ويتصل بوكرمتسع بعض الشيء في آخره ،حيث تلتجئ أنثى الضبع مع ثلاثة ضباع صغيرة وضعتها من أسابيع ،وكانت زمجرتها تزداد حدة تخوفا على أبنائها ، وبدا أنها على استعداد لأن تقاوم حتى الموت دفاعا عنهم . كان الجنرال الصغير يتابع زحفه ويداه تتلمسان أعماق الجحر ،وقد اعتادت عيناه الرؤية قليلا كما ألف أنفه الرائحة المقززة ، غير أنه تبول على نفسه أكثر من مرة كسيده تماما ، فكلما حاولا حصر مثانتيهما انفلتتا أكثر وكأن فيهما نبعا من البول . اقترب الجنرال الصغير من وكر الضبعة . كان خيط من شعاع الشمس يتسلل عبر ثقب في سقف الوكر مما أتاح للجنرال رؤية الضبعة وأبنائها بحدود . أدرك أنه سينتهي فريسة لهذا الحشد فتبرز في بدلة الجنرالية وحين حاول أن يتقدم قليلا تحت إلحاح سيده لوت الضبعة عنقها وفتحت فمها على وسعه كاشفة عن أنياب مرعبة . - ثمة ضبعة وأولادها يا مولاي في الوكر وأي شبر آخر من الزحف يعني الموت ، فلن تكتفي الضبعة بالزمجرة ! - هيا هاجم الضبعة ولا تخف من أبنائها ما يزالون صغارا ! - هل جننت يا مولاي ؟ - هيا هذا أمرعسكري أيها الوغد ! وكان الجنرال الكبير يتمنى في سريرته أن يستطيع جنراله قتل الضبعة وأبنائها ، لينال شيئا من الجلوس في الوكر بدلا من البقاء ممدا على بطنه! ما أن حاول الجنرال الصغير التقدم قرابة اصبع حتى انقضت الضبعة على يده اليمنى والتهمتها! صرخ بأعلى صوته ! أطلقتها الضبعة بعد ثلاث عضات متتالية لتنقض على اليد اليسرى وتلتهم جميع أصابعها. أغمي على الجنرال الصغير وفقد الوعي والدماء تنزف من يديه ، فيما اكتفت الضبعة بإدماء اليدين وتعطيل حركة اليدين ، وبدا أن أبناءها يتحفزون للإنقضاض على جسد الجنرال حين تتيح لهم الأم ذلك . جنرال الجنرالات فقد السيطرة على مثانته ودبره أيضا . فبدا في حال لم يبلغها جنرال قط ! ******
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تأملات وخواطر ومقولات ومقالات في الخالق . الخلق . المعرفة .
...
-
أديب في الجنة . (12)
-
أديب في الجنة . (11)
-
أديب في الجنة (10)
-
أديب في الجنة (9)
-
أديب في الجنة.(8)
-
أديب في الجنة ! (7)
-
أديب في الجنة ! (6)
-
أديب في الجنة ! (5)
-
أديب في الجنة (4)
-
أديب في الجنة (3)
-
أديب في الجنة ! (2)
-
أديب في الجنة ! (1)
-
أديب في الجنة !!
-
رحيل إلى المطلق الأزلي على طيف ابتسامة !
-
نظرية الأوتار وتفسير الكون (3)
-
نظرية الأوتار وتفسير الكون (2)
-
نظرية الأوتار وتفسير الكون ! (1)
-
هل تدرك الطاقة وجودها وهل تعرف أنها خالقة ؟ (2)
-
هل الطاقة السارية في الكون تعرف أنها خالقة وأنها الله ،وهل ت
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في
...
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|