أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هوشنك أوسي - الأيل الناري الشهيد ومدن الثلج الشاهدة - الى الشاعر عبد الستار نورعلي














المزيد.....

الأيل الناري الشهيد ومدن الثلج الشاهدة - الى الشاعر عبد الستار نورعلي


هوشنك أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 1370 - 2005 / 11 / 6 - 10:25
المحور: الادب والفن
    


السديمُ نيرانٌ مقعَّرة، والليلُ يلتهم خطاهُ الباكيةَ، وظلالَ المطرِ الطفل، في اعوجاجه الدامي صوبَ قرنيك.
السديمُ الحلمُ فخٌّ متأهِّبٌ لقنصكَ بشَعرِ الكرمانجيات اللائي يغسلنَ نهودهن بطلع التين الأسود والرمَّان.
السديمُ الكليمُ الحليمُ العليم، بسطَ أكفَّهُ لصوتكَ المتهدِّجِ الضالعِ في إذكاءِ شبق الجِّن والأنس، منتظراً أن تدُسَّ قرنيكَ في جمهرةِ السحبِ التي تكلِّلُ عناتِ الكرمانجيات اللائي يغسلن نهودهن بطلع التين الأسودِ والرمَّان.
السديمُ اللازوردُ يجتاحُ دمكَ وطناً.. وطناً مُتيقظاً مارداً للصمت وآخرَ للكلام البرتقالي. فينيقاً للكرد، وآخرَ لغرقِ الصليبِ في دم الحسين. شتاءاً للبكاء، وآخرَ لهولير. درباً للسنونو نحو محراب علي، وآخر للكراكي المنتحبِ صوبَ مقبرةٍ أخرى في السديمِ الناري المقعَّر الوعر.

* * *

غابةٌ تستدعي النارَ للغناءِ فيها.
نارٌ تستدعي الريحَ للرقص معها.
ريحٌ تستدعي الوحلَ للعويلِ معها.
وحلٌ يستدعي الدمَ ليعبرهُ دونَ مثاقيله البكماء.
دمٌ ألقى مثاقيله في آبارٍ حمئةٍ، ناكصاً مواثيقهُ المبرمةَ والزمن.
زمنٌ مغاليقٌ أودى بإرثِ أقرانكَ من الأيائلِ الشعراء، التي اعتركت على من يودعُ ترياقه في رحمِ الغابةِ التي استدعت النارَ للغناءِ فيها.
فلا تبعدْ أكثر من اقترابي منك، ولا تقتربْ أكثر من ابتعادي عنك. خشية أن يشي بكَ المطرُ الذي خاصمني، مذ خاصمتني الجهة الزرقاء.
لا تبتعد أكثر من اقتراب الموت منِّي، ولا تقترب أكثر من ابتعاد الحلم عنَّي، فأنا مستدعيكَ لتذيبَ الجليدَ المعشِّشَ في رئتي.

* * *

الفجرُ، مِشجَبُ تعاويذِ الزنجبيل المنقوعِ في الشاي، ومرآته.
الفجر، لفافةُ تبغكَ المُمسَّدِ بالوحشة التي تلفُّك بتلابيبِ الغربة.
أ تفيك قطعةٌ من بغداد، أمرِّرها لكَ الآن في هذا النص، لتسوحَ بين أخاديدِ المساءِ المتلألئة، وشعابِ مهرجاناتِ الكرومِ الشَّاعرة، ومآبن الوجدِ القتالِ القتيل..؟.
كم زقاقاً من "الكاظمية" تكفيكَ_ واحد، اثنان، ثلاثة..._ لتشيّدَ من عويلِ "العامرية" خميرةً للوجع في خاصرة استوكهولم..؟.
كم عرجوناً عتيقاً من العراجين الحانيةِ على دجلةَ في بغدادَ، كم نخلةً، كم من السعفِ المضمَّخِ بعبقِ القهوةِ البغداديةِ تكفيك لبناءِ كوخٍ هناك، في عواصم الضبابِ والجليد..؟.
كم كربلاءاً وحلبجةً تفي لاحتضان أنينك..؟.
الفؤوسُ التي أودت برأسي هناك، هي ذاتها التي أودت برأس الحسين. فمتى ستنهي الفؤوس حصدَ الرؤوس في جنوب الله وشماله..؟!!.

* * *

بودِّي الارتماءَ في غبارِك الصائلَ مقتفياً أثر ركبتيَّ الضائعتين في لُجَّة الليل هناك.
بودِّي سؤالك عن "كِفري" و"كلار" و"بامرنيه" و"آمدية" عندما صادفنكَ معصوباتِ الأعين، وأنت جائلٌ في أدغال "الألب" و"البيرينيه" باحثاً عن عيني كركوك. ماذا همست في رُكَبِكَ حتى تكتب لي..؟!.
بودِّي نثرَ ضغثٍ من كلام الدرباسية في مهبِّك، لكن، أخشى أبراجَ كنائسها ومآذنَ جوامعها، وشاهداتِ قبورها، رميكَ في حزني..؟.
بودِّي إهداءكَ البعض من بيضِ الحجل الكليم، الذي كنتُ قد واريته عن أنظار وعولِ "بوطان" المائيَّة، لكن، أخشى أن ترفضها..؟.
كم بودِّي إزاحةَ الطعنات من دربك، لكن، دروبُكَ المنهوبةُ، لا تسعفني..؟!.

* * *

أرح ظلَّك هنا...
هنا، متاعٌ للظلال المنكوبة.
أرِّخ حزنكَ هنا...
هنا، مصلى للأحزانِ الآبيةِ التأريخَ سِفراً.
أودعك ظنونكَ هنا...
هنا، خزائنُ الظنونِ الضَّالة، والمرشِدة، والتقيَّة، المُنهى عنها.
اغرس أسئلتكَ هنا...
هنا، مشتلُ الأسئلةِ الضروس، المفترسةِ لموجبيها.
داري نيرانكَ عن هنا...
هنا، مأوى وخفايا وأسرار النارِ القدِّيسةِ وذاكرتها الفاسقة.
أخرج قرنيك من هنا...
كي لا تسقط السماء على مكاشفاتِ النرجس والزنبق والنحل.
صوِّب ضرباتِ حافرك الخامس إلى هنا...
كي يرتدي مسائي مساءكَ قصيدةً.. قصيدة.
مرِّر غناءك الكهرمانيَّ من فوقِ هنا...
فمازالَ السنونو منظراً إياب غنائك.
استعذ بهنا من شرِّ هنا...
إن كنتَ تودُّ أن لا يبتعني الليلُ مرةً أخرى.
استغفر لهنا من إثم هنا...
هذهِ وصيَّةُ دميَّ المراقَ على عتبات الكوجر، لأي أيلٍ من أيائل المجنَّحة، قبل أن تأخذني معكَ إلى حيثُ تحتارُ الأنهارُ النارية، أين تتجه، ما أن تلمح قرنيك ملوِّحاً بعشقي لقتلى العشق، مؤذناً بالقيامة المائية الثانية الكبرى.

* * *

احترابُ الترابِ للتراب على إرث النار الممسكةِ بمصائرِ الطير، المدوِّنةِ لبلاغةِ الماءِ وشعائرها على أسفار من خميرِ صلصالٍ آثمٍ مُسجَّى بألغاز الورد وخرافاته، هو ما ألقاني في مهبِّكَ، سائلاً لهيبكَ الطهور.
لهيبك الطهور، إمامُ الأساطير الهوجاءِ الماكثةِ حنايا الأبد.
حنايا الأبد، أقفاصٌ مرصوصةٌ بكلامِ الملائكة، وقواريرٌ مترعةٌ بمغازلاتِ إناثِ الجنِّ الشَّبقِ لذكوره، وجُعَبٌ مرصودةٌ برؤى الجبالِ المخاتلةِ، المختلية بالثلجِ خلفَ بدعهِ، للتداول حول جُعَبٍ أخرى ملأ بقطوف المطر من طيش الشعراء الكرد، قد اختفت من خزائن الآلهة.
خزائن الآلهة، مآقي الفجر وصلواته عليَّ.
خزائن الآلهة، معقلي الذي هيَّأتهُ لي كشوفكَ عن تعاليم الصخرِ للكرد.
تعاليمُ الصخر، مِعراجُ الغيمِ صوبَ كلامِ الشهداء وحشرجاته. فاسحل بِدَعَ الثلجِ المغناجِ عندك خلفي، وشُدَّ رحال كروبك الآبدة نحوي. فلثلجنا بدعٌ تعلمُها، وتجهلُها الآلهة.
مازلتُ بانتظاركَ هناك...
لا تتأخَّر أكثر...



#هوشنك_أوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هوشنك أوسي - الأيل الناري الشهيد ومدن الثلج الشاهدة - الى الشاعر عبد الستار نورعلي