أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعر حبيب النايف/بين الرؤية المتحركة والموقف الثابت















المزيد.....

الشاعر حبيب النايف/بين الرؤية المتحركة والموقف الثابت


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5019 - 2015 / 12 / 20 - 19:52
المحور: الادب والفن
    


الغربة واليأس والاحباط غيمة غطت المساحة الاكبر من ديوان (رائحة الذبول) للشاعر حبيب النايف، وخيمت عليها بهالة من الحزن الشفيف الا ما ندر من استدراكات محتمية بروحية الشاعر الباحثة عن جماليات فن الشعر، والتي تأسست على واقعية الحياة المتمثلة بالاهداء الى الاب والام والزوجة والاولاد ركائز مهمة للتمسك بمغزى، تلك الحياة من خلال تراتبية التناسل والبقاء الذي يظهر صورة اخرى، تقابل صور الغربة واليأس والاحباط .. اذن الاهداء مثل إضاءة للتمهيد والدخول الى متون القصائد ذات الايقاع الحزين، لولا تلك اللازمة الماسكة بتلابيب الامل الجميل، فاحلام الشاعر عارية تماما، رغم صراخه المذبوح بسكين الصمت هو الاخر، فصورة الالم والوجع التي خيمت على سفوح مروج القصائد، ظلت سارية المفعول كرؤية متحركة وكموقف ثابت .. هذه المسلمة الاولى .. لكن تقابلها مسلمة اخرى، تكمن في روح الشاعر الرافضة، ليبقى التوتر والقلق يثري صور الشعر بالتحرك نحو تعميق حالة الغربة واليأس، تقابلها كما قلنا حالة الرفض الكامنة، وبهذا يكون الادب دوما، حاملا جدية البحث عن سمو الانسان من خلال المزج بين ما هو واقعي وما هو خيالي، كي يقديم صورة، ترقى الى الاخذ بيد الاماني، نحو التقرب من الحقيقة، فالاديب، هو انسان يعيش في مجتمع حي متحرك، يسعى الى التطور والرقي والاقتراب من الافضل .. ثم انه يتأثر بكل الوان الطيف الحياتي سلبا او ايجابا.
من هذه المنطلقات : قد يحق لنا القول بتعدد الرؤى الجمالية للنقد الحديث، استنادا الى تعدد الاتجاهات او المناهج او المدارس، حتى قيل عن موجهات القراءة بجمالية التلقي، واعتمدت في تحليل العمل الادبي على قطبين هما : القطب الفني "النص" والقطب الجمالي "النقد" ومنهم من سماها الاقطاب الثابتة "النصوص" والاقطاب المتحركة "النقدة" .. وبرؤيتنا الخاصة ان النص معلق حتى تقوم القراءة بانزاله والتعلق في ثنايا معانيه والدلالة عليها .. ( اذ لايوجد شيء نهائي او حاسم في الشعر، مادام عمل الشاعر خاضعا دائما لتجربته الداخلية المكتظة بالاحاسيس والافكار والقيم والصور والتأملات، فمن المستحيل الاعتقاد بان اية شروط وقوانين، او حتى اية اسس شكلية يمكن ان تكون شروطا وقوانين واسسا ابدية تعبر فوق العصور والازمان والامكنة، مهما انطوت عليه من جمالية وتحرر وانطلاق من القيود، فالشاعر له موقف متطور بازاء العالم)ص49 الفضاء التشكيلي، يقول الشاعر النايف :

(الذكرى تعانق
زهو الشجر
لتقطف مواسما بائسة
وتقيم وليمة للفراغ
الاكف تمتد بعيدا
لتصحو على بوح يرفع سارية الغربة
ويمر على خرير اخرس
وصدى مكتوم
لايسمع منه
سوى حفيف الاوراق)

وهذه المقطوعة رسمت باتقان وكرست حالة اللافرح .. وحتى البوح فيها يرفع سارية الغربة، ويضع الشاعر لازمة تقول : (اذا غادرك العمر/ فاجمع احلامك،وسر محسور الرأس/مهزوما بآهات الأمس) ويقول : (عسى) وما بعده يؤكد حالة الشاعر الباحثة عن حقيقة الوجود أي وجود الحياة المفعمة بالحزن من حوله .. فـ(ان الغياب موازنة نفسية تعمق اداء فعل الذات ، فحين تصبح قوانين الخارج الضاغطة إشكالية كبرى تتهجم على خاصيات الفرد البحتة ، فان هذا يترتب عليه استبدال موقفي مواجهة لخطورة الهيمنة المتزايدة للمد الخارجي.)، أي مد الحزن والشعور بالغياب، فـ(الوقت المتبقي/لاخضرار الورد/ضاعت ملامحه/على جدار الضوء الخافت/كأنثى أفرغها الزمن من نضارتها/وارتمت بين احضان اليأس)، هكذا عبر الشاعر بصور متحركة عن الوان الغياب ، كتوصيفات متحركة باتجاه كشف الحقيقة او ازاحة الاقنعة التي اصبحت عصية على النايف ، وباتت تؤرقه وتقلق حاله ... بيد انه قد يخرج من عرين يأسه ويحاول بقوله :

(والأيادي التي كبلها الظلم
فكت وثاقها
انطلقت
تنشد أغاني الحب
ترسم على الافق
لوحة ملأتها العصافير
وترفرف في زواياه
حماما بيضاء
طوقها الحنين
ورسم الشوق
على اجنحتها
صور العاشقين
الليل ينجلي ....)

وهكذا يبقى الشاعر حبيب النايف برؤيته تجاه حالات الاحباط واليأس له موقف متطور بثبوت حقائقه ازاء العالم، أي انه بامكانه وضع (تنويعات للفرح القادم)، فـ(ليس الاديب مجرد انسان يملك مشاعر واحاسيس ويعاني من نفس المشكلات والمصاعب والالام المنتشرة في المجتمع الانساني، انما هو ايضا وقبل كل شيء اخر يبحث عن تجاوز لهذه المعاناة وعن حلول للمشكلات حتى وهو في اكثر لحظاته انفعالا وتصويرا وابداعا..)ص9 الادب والفن، وبالتالي هو انسان يعيش ضمن مكان وزمان في مجتمع حي متحرك يسعى الى التطور والرقي.. ولهذا يكون المبدع مؤثر ومتأثر بالذبذبات الانسانية .. فالادب عند الشاعر النايف يقابل الحياة ويتجسد في صناعة الموقف والرؤية الوجودية للكون والانسان .. (فاذا كان الادب قد تطور عبر التاريخ في وسائل تعبيره الاكثر بدائية "كالرقص والغناء والكتابة والمرح" واذا كانت وظيفته قد تفرعت وتعددت وتضمنت مشروحات اللغة والشعر وسير الرجال والاحداث ونوادر الاحكام والحكايات، فان وظيفته الاساسية التي ظلت ملازمة له في مساره التاريخي تكمن في علاقته الحميمة بالانسان . ومهما اختلفت وتعددت وسائله ومذاهبه ، فان الاديب يبحث عن الانسان في علاقته بالوجود والحياة وفي تفاعله مع ذاته ومع الاخرين وفي ذوبانه الكلي بالواقع، في تذوقه اللغة والفن وانفعاله بهما، في الولوج الى اعماق شخصيته واحاسيسه)ص8 الادب والفن، وبهذا يبقى الشاعر النايف في مشاريع الحلم قائلا :

(الحلم القادم على اشرعة الريح
مرايا الرؤيا
نبوءة العراف
واجهة الايام تتمايل على زورق
تدفهه الريح المسكونة بالعذاب
يخترق الغيمة المتدثرة بالغياب
ليصحو نجما
اوقدته الايام المبتهجة بفرحها القادم)

وهنا راهن على عجلة الزمن، يسوقه الحلم بان تكون الغيمة حبلى بمطر يبدد جفاف الروح، وتأتي الايام بفرحها القادم الذي طال غيابه، (وانحنت تحتها عجلات الزمن المتباطئة)، ويكون (العبور الى ضفة المرافيء)، وهي رؤية تنبوئية، تدل ان الانسان المبدع لايكون في برج عاجي عن الواقع .. فالادب رسالة توجه من الانسان الى الانسان، لاثارة حالات التأمل والبحث عن الحقيقة الجمالية للوجود .. ولهذا فـ(ان القصيدة الجديدة تحررت على صعيد تشكيل خطابها المستقبلي من احتلال وسطوة اللاوعي المجرد القائم على الانفعال البدائي، واصبحت خاضعة في مرحلة مهمة من مراحل انجازها الى الوعي بشكله المعتمد على الحرية والمتفاعل جدليا مع اللاوعي، تلك الحرية القصوى التي تخضع للجهد والتنظيم الخفي، الذي لايحصل بمنأى عن رؤيا الذات الشاعرة وحداثة مختبر المخيلة فيها)ص10 تمظهرات، ويبقى ديوان (رائحة الذبول) للشاعر حبيب النايف، قابلا للقراءات وتعددها ..

مصادر البحث :

1 ـ كتاب (الفضاء التشكيلي لقصيدة النثر) أ.د.محمد صابر عبيد /نقد5 دار الشؤون الثقافية العامة بغداد العراق ط1 2010م ص49

2 ـ كتاب (الادب والفن) حسين علاوي/دار الشؤون الثقافية العامة/الطبعة الاولى ـ بغداد ـ 2009 ص9 والمصدر نفسه ص8

3 ـ كتاب (تمظهرات القصيدة الجديدة) أ.د.محمد صابر عبيد عالم الكتب الحديث ـ اربد ـ الاردن الطبعة الاولى 2013 م ص10

4 ـ ديوان (رائحة الذبول) للشاعر حبيب النايف/تموز للطباعة والنشر والتوزيع ـ دمشق ـ الطبعة الاولى 2013



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر احمد محمد رمضان / ين التغريب والترميز مضمونا والومضة ...
- اضواء الروح / في ديوان (موسيقى الصباح) أنموذجا
- الشاعرة خلود البدري في لوحات شعرية تثير الدهشة
- الكاتبة كاميﻻ-;- زيتون/وبناء الشخصية من خلال جغرافية ...
- الكاتبة لونا قصير عالمها عراقي عربي مفتوح النوافذ على العالم ...
- الشاعرة سيدة بن علي / ترفض القبح والعداوة وتقبل الجمال والحب
- الحضور لا الغياب/ قصيدة(الشاعر يتقدم) لصادق الطريحي أنموذجا
- الحوار وحسن الظن بالله وبياض النية/وقصيدة (حكيمة الغيم) للشا ...
- الشاعر علي الامارة/يرثي الناقد محمد الجزائري بالتذكير
- الشاعرة مها الصافي /تحرك الذائقة بحضور نثري شعري متميز/ديوان ...
- رباعيات القاسمي / مواقف باتجاه القبول والرفض
- (إلى عدنان طعمة ، المفجوع بابنه سجاد) ، قراءة في قصيدة الشاع ...
- الثلاثية الشعرية الحوارية/والعبور بالحلم من اسيا الى افريقيا
- خزعل الماجدي/كينونة شعرية مشرعة النوافذ !!
- الشاعرة اسماء القاسمي/وميلاد يقظة اليقين
- الشاعر صابر العبسي : يفترض ويرفض الافتراض
- جرأة الطروحات في كتاب ( اجندة نسوية) للناقدة عالية خليل
- معاني متخفية في صور متحركة /ديوان (ناي الغريبة) أنموذجا
- الشاعرة سيدة بن علي تحاول احتواء غربة المكان بتأمل اصيل
- مخاض الحيرة ورسالة الحب في ديوان (كوميديا الذهول)


المزيد.....




- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعر حبيب النايف/بين الرؤية المتحركة والموقف الثابت