شعيب العرجوني
الحوار المتمدن-العدد: 5019 - 2015 / 12 / 20 - 16:25
المحور:
الادب والفن
في البدء أحب أن أسأل كيف السبيل إلى التفريق بين القصيدة النثرية و النثر الشعري ؟ أظن أن المعيار الوحيد للتفريق بينهما هو اعتبار أن ما كُتِب مجزءا إلى أسطر كلمة و كلمتين و ثلاث قصيدة نثرية، و ما كتب بشكل مسترسل نثرا شعريا، قد يبدو كلامي هذا تافها لكنه غير بعيد عن الواقع، و إلا فما المعيار؟.
لنعتبر أن بين يدينا رواية ما، اقتطعنا منها فقرة معينة تزخر بالوصف و الصور الشعرية و جزءناها إلى أسطر لصارت قصيدة، و العكس صحيح.
في الواقع أنا ضد هذه التسمية : قصيدة نثرية، إذ أنها تسمية لا معنى لها في نظري، كيف تكون قصيدة و نثرا في ذات الوقت؟، إما قصيدة أو نثر لَا تُوجد منطقة وسطى بينهما، أو نعتبر أن الحاجز بين الشعر و النثر سقط و نسمي كل شيء : نصا، هذا حل وسط في اِعتقادي.
و هنا يحضرني سؤال آخر كيف جاز للنقاد أن يسموا ما كتب الشنفرى و امرؤ القيس (مع اختلافي على صحة ما نسب لهم من شعر)، و جرير و أبو تمام و الحيص بيص : قصيدة شعرية؟، و سموا ما كتب نزار و درويش و فاروق جويدة و غادة السمان : قصيدة نثرية؟، هذه نظرة بؤبؤية و ضيقة في رأيي، أليس من الصائب أن نقول أن امرؤ القيس و اخوانه اختاروا لهم شكلا معينا للقصيدة و أن شعراء العصر الحديث اصطفوا لهم شكلا آخرا، مناسبا لعصرهم و نظرتهم للوجود ؟.
و العجيب أن البعض يقول أن نظام الشطرين صعب و عصي على الشعراء المعاصرين لذلك يلوذون بالقصيدة النثرية (حسب تسميتهم طبعا)، و هذا حكم من غير مجرب أو بالأحرى حكم من جاهل، إذ في استطاعة كل شاعر أن يكتب لك قصيدة من البحر الوافر أو البحر الجارف أو البحر الناشف و يعتمد نفس القافية و الروي و وزن معين عبر اللجوء إلى الكتابة العروضية طبعا عند الانتهاء من كل بيت، و لكن لا يستطيع كل من يزعم أنه يكتب شعرا أن يأتيك بقصيدة مسترسلة و متسارعة كقذيفة تنطلق نحو اللامحدود كالشهاب و تسحر بصورها و اِيقاعها كأنها مقطوعة موسيقية.
#شعيب_العرجوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟