دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 5017 - 2015 / 12 / 18 - 11:53
المحور:
الادب والفن
أقرب طبيب إلى هذه القرية الجبلية، يمكن الوصول إليه خلال يومين على الأقل.
حينما أردَفَ " لْحَسَن " المرأة المريضة خلفه على البغل، عليه كان أن يفكّر بأمه الراحلة. ماتت أثناء الولادة، فاعتبروا نحساً مجيئ هذا الوليد إلى الدنيا. مع أنه لم يكن ذنبه، في واقع الحال، ألا يكون في منطقة " الأطلس " كلها سوى مركزٍ طبيّ واحد. فيما بعد، أضيفت صفة أخرى للطفل اليتيم؛ " هْبيل ".
المرأة، التي كانت عند اقترانها برجلها جدّ صغيرة، لم تكن بأسوأ حالاتها في هذا اليوم الربيعيّ، الحار نوعاً. فأمنيتها، على الأرجح، هيَ أن تتخلّص من خدمة حماتها الصوريّة ولو لبضعة يوم. كانت هذه الأخيرة ( بحَسَب الكنّة دائماً ) امرأة حقود؛ سريعة الغضب وقاسية القلب: " أيتها العجوز اللعينة..! لو أنكِ كنت تغذّين هذا اليتيم جيداً في صغره، لما كان قد استحقّ لقبَهُ المشنوع "، رددت الصبيّة سرّاً فيما كانت تتمثّل سحنة غريمتها. وها هوَ بصَرُها يميّز الآن هيئة شابّ فارع الطول، كان يقفُ على رأس قطيعٍ من الأغنام. بدَوره، راحَ الراعي يُتابع الرّحْلَ المقتربَ رويداً من موقفه عند طرف الطريق. عند ذلك، شاءَ الزوجُ الملولُ سؤالَ الشاب عما إذا كان المركز الجهوي ما يفتأ بعيداً.
" أجل، بطبيعة الحال. ربما تصل إلى المكان المطلوب في مثل هذا الوقت غداً "، أجابَ الراعي فيما كان يرمقُ المرأة بنظرةٍ مواربة. بدت الخيبة على وجه الزوج. الشمس، كانت قد غربت آنئذٍ ولن تلبث العتمة أن تتسلل سريعاً. هنا، أجازت المرأة لنفسها أن تتدخل في الحديث: " ليتَ أنك، أيها الرجل الطيّب، تدلنا على مكان نبيت فيه إلى الغد؟ ". وكان ما تمنّته المرأة: الرجل الطيّب، عرض على المسافرين منزله.
صباحاً، كانت البغلة تخبّ على الطريق، عندما أنشدتْ المرأةُ أغنيةَ حُبٍّ شائعة.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟