أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - خالد الحروب - رحل المرنيسي ويبقى سندبادها














المزيد.....

رحل المرنيسي ويبقى سندبادها


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 5013 - 2015 / 12 / 14 - 08:23
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


صاحبة «شهرزاد ترحل غرباً» ومؤلفات وإبداعات أخرى كثيرة، رحلت أوائل هذا الشهر. قليلون هم من يرحلون لكن لا يغيبون، وفاطمة من هؤلاء. في رحيلها تحضر تأملات تبادلتها وإياها منذ أكثر من اثنتي عشرة سنة هي عمر معرفتي بالراحلة.


إبداع المرنيسي، الروائية والكاتبة والسوسيولوجية المغربية، يأتي من التقاطها لحوادث وصيرورات عابرة نمر بها فلا نكاد نعطيها أهمية. في كتاب «شهرزاد ترحل غرباً» أبحرت المرنيسي في مفهوم «حريم الغرب» المسجون بأسوار الزمان (التمسك بفترة الشباب والنضارة) والذي بمعنى ما لا يختلف عن حريم الشرق الذي كان يُسجن بأسوار المكان.

في الجدل حول العولمة، تساءلت المرنيسي باكراً: من الفائز فيها؛ السندباد أم الكاوبوي؟ وهو تساؤل فيه تراكيب قد تبدو للوهلة الأولى غير متسقة، حيث يُقارن سندباد الحكايات الماضية في قرون الشرق بكاوبوي الغرب في الزمن الحاضر. وحيث تُقارن عولمة راهنة في قلبها رأسمال لا يهدأ من التجوال بحثاً عن الربح، بعولمة عصر السندباد التي لم تكن فيها الشركات متعددة الجنسيات ولا الضرائب ولا حقوق الملكية الفردية! لكن المرنيسي المهمومة بحوار الشرق والغرب على قاعدة ندية تكسر محددات الزمن وتلتقط فكرة الأدب والترحال باعتبارهما قلب تعولم الشرق القديم، وتطرحهما بديلاً تواصلياً عن عولمة اليوم التي تراها متوحشة ويحتل العنف موقع القلب منها.

السندباد عندها هو الرحالة الذي لا يعرف حدوداً للجغرافيا، بوصلته وصية أبي تمام «اغترب تتجدد»، وأنشودته ترانيم الشاعر الصوفي التنيسي: «وسافر ففي الأسفار خمس فوائد: تفرج نفس، والتماس معيشة، وعلم، وآداب، ورفقة ماجد». الكاوبوي عندها هو الرحالة المهجوس بتملك الجغرافيا واحتلالها واعتبارها ثروته الخاصة. همه نصب القواعد والأركان وحماية ما تم احتلاله من أراض. عند السندباد الأمر أبعد كثيراً مما قد توحي به الأشعار ورومانسية التعرف على جغرافيات جديدة. فمن أهم ما فيه وعنه هو ما نقلته عن الجاحظ، ناصحاً خلفاء بني العباس، قائلاً: «الأدب عقل غيرك تزيده في عقلك». وهي تتوقف هنا عند النظرة الاستكشافية المعرفية إلى «الغريب» واعتباره مصدراً للمعرفة يتم التواصل معه لزيادة المعرفة الذاتية. هذه النظرة الإيجابية للغريب تسم عولمة السندباد وتفترق عن عولمة الكاوبوي الذي برأي المرنيسي نظر للغريب نظرة استعداء مسبقة. ففي خضم دفاعه عن الجغرافيا التي احتلها وسيجها وحصن نفسه فيها وخلف أسيجتها، صار يتعامل مع الغريب بالرصاص والتحصينات.

ما نفهمه من طرح المرنيسي لمفهوم السندباد التواصلي أنها تريده بديلاً لمفهوم الكاوبوي المعولم. الأول فيه اندفاعة المعرفة والاستكشاف لذات المعرفة، والثاني فيه اندفاعة الإمبرطورية الباحثة عن المغانم.

في المقام الأول تأتي مسألة تحرير مفهوم السندباد والكاوبوي من أية إحداثيات جغرافية وزمانية وإعطائهما صفة الصيرورة التي قد تتواجد في أي جغرافيا وفي أي زمان. بهذا التحرير يتم تفادي التورط في مانوية تبسيطية تعتبر الشرق ملاذ البراءة والغرب مصدر التوحش بما يخدم في المقام الأول أطروحات تصفيف الحضارات والثقافات ضد بعضها بعضا.

في الذي يتوحش فيه الكاوبوي الغربي نجد أن أشد مقاوميه ضراوة هو السندباد الغربي نفسه. ولعل أفضل تجسيد لمفهوم السندباد الغربي هو الحركات الإنسانية المعادية للتوحش الرأسمالي المعولم، والمعادية لأسلحة الدمار الشامل، والمعادية للحروب الإمبريالية البوشية. وكذا الحركات الداعية لإنهاض أفريقيا والعالم الثالث وإلغاء ديونهما ومساعدة شعوبهما.

من دون أن نفرق بين سندباد الغرب وكاوبوي الغرب فإننا نقع في شباك نفس التعميمات العنصرية التي نظرت للشرق الماضوي بأنه «عاطفي» و«حريمي» وغير عقلاني مثلاً، أو للشرق المعاصر بأنه كله «بن لادني» ومتطرف ومعادي لكل ما هو غربي.

في سياق التلاقح الثقافي المطلوب ليس ثمة بديل عن تحالف سندبادات الشرق والغرب والشمال والجنوب ضد كل أصناف الكاوبوي أياً كان مصدرها. خصم كل سندباد في على عصر ومصر هو العنف والتوحش والاعتداء على الآخر، تلك هي قيم الكاوبوي. ومبتغى كل سندباد في كل عصر ومصر هو قيم المعرفة والعدل والمساواة. تلك هي القيم التي يشمئز منها الكاوبوي. إنها أرضية واسعة للالتقاء، ممتدة وضرورية.

لكن مثل هذا التحالف «السندبادي» لا يمكن أن يتحصل إلا باستثمار الجانب التواصلي من العولمة الراهنة.

---------------



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب يدمّرنا قبل تدمير الآخرين
- الإنتفاضات الفلسطينية تكسر الجدار الحديدي
- عناد شبان فلسطين يقلب الاجندة
- اللاجئون السوريون: ماذا عن روسيا وايران؟
- المسلمون والقدس.. الزيارة والاستثمار
- تأملات في -محور الممانعة-
- خير جليس ... محاصرا باللغة!
- الخصوصية الثقافية والخطاب الاعتذاري
- سيرورة التطرف والداعشية .. ودورنا جميعا
- الداعشية في مناهجنا الدراسية
- كيف سيُكتب تاريخنا؟
- خضوع الفقيه للسلطان ... وتسييس الدين!
- المنطقة بين «الداعشيات» السنّية والشيعية ... أو العلمانية
- «الطلياني»: صفحة تونسية من الهم العربي
- درس الفلسفة.. قبل كل الدروس!
- قضية الأرمن.. ومواقف العرب
- قرن على الهولوكوست الأرمني: حان وقت اعتذار تركيا
- ماركسية عدن وأصولية صنعاء!
- ثقافة الدم «الداعشية»
- «حي الأمريكان»: الحياة ضد الأصوليات


المزيد.....




- الحياة الواقعية تحت وطأة الصراعات.. المرأة اليمنية في أدب وج ...
- سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال ...
- المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال ...
- وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع ...
- المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
- #لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء ...
- المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف ...
- جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا ...
- في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن ...
- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - خالد الحروب - رحل المرنيسي ويبقى سندبادها