أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - هل العقلاء جبناء حقاً ..؟!!














المزيد.....


هل العقلاء جبناء حقاً ..؟!!


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 5012 - 2015 / 12 / 13 - 08:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِ, هُوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَلُّ الثّاني.
فإذا همَا اجْتَمَعَا لنَفْسٍ حُرّةٍ, بَلَغَتْ مِنَ العَلْياءِ كلّ مكانِ.
- المتنبي -

هناك قول مأثور لدى العرب يخبرنا أن الجاهل يفعل بنفسه كما يفعل العدو بعدوه وأكثر ، هذا بالنسبة للجاهل، فماذا لو كان زاد على الجهل انفعالاً اهوجاً وعاطفة دينية ساذجة وتعاليم إيمانية سقيمة .. ثم أصبح بين ليلة وضحاها ثائرأً حماسياً ومتمرداً مغالياً يتغنى بشعارات عظيمة مثل الحرية والحق والخير ...؟ وبدأ ينظر إلى من لا يؤيده في مواقفه وأفعاله المتهورة أو يندفع معه في سبل العصيان على أنه جبان ولو كان عاقلاً.. فهل حقاً العقلاء جبناء ..ولماذا نراهم لا يجارون السوقة في كثير من الأحيان ..؟.
أعتقد أن التمرّد الأعمى والمدمّر، على قهر السائد وغشوميته ليس من سمات العقلاء ..
ليس لأن العقلاء جبناء كما يقال ، بل على العكس تماماً ، انا أعتقد أن العقلاء هم الشجعان الحقيقيون، و وأظن أن الشجاعة الحقة تكمن في الفهم الحقيقي للواقع المعيش ومايجري فيه.. فالشجاع من خاض بحار المعرفة وغاص في إكتناه نسق الحروف وحكمة المعاني ، وليس في البسالة في الوغى وشق الصفوف وحسب ..
وكثيراً ما نرى العقلاء لايؤيدون بسهولة، أية أفعال أو تصرفات تدعو للتغيير المفاجئ أو السعي إلى إنقلاب الاوضاع بحدة أو بشكل مفاجئ، لا يراعى فيه حالُ الناس وصالحهم النهائي، وهم – أي العقلاء - لا يندفعون بسهولة ولا تسرقهم حرارة العاطفة أو تحرفهم سطوة انفعال ..ليس لأنهم بلا مشاعر أو احاسيس بالتعاطف، بل لأنهم يرون بفضل بصيرتهم المعرفية ما وراء الأكمة، وأحياناً يكون هذا هذا أقصى ما يفعلونه ..في كل مسيرة حياتهم الفكرية ..
والعقلاء - كما أعتقد - ليسوا قساة أو غلاظ القلوب كما تظنهم العامة ، بل هم إنسانيون بحق، لكونهم لا يرضون أن يدفع ظلماً بظلم أكبر منه وأدهى ، ليس بسبب أن هذه من خصائل الحمقى والجهلاء فحسب ، بل لأنهم أخلاقيون ، ويؤمنون أن الفضيلة تؤتى بالمعرفة.. لذا تراهم لا يحبذون العنف في تحصيل حق ضائع، أو دفع أية مضرة أصغر بمصاب وضرر أكبر ، وكذلك تجدهم لا يحبذون الثورة – أية ثورة مهما رفعت شعارات نبيلة – لكونها فعل يعتمد في أصوله على الإعتماد على العوام والغوغاء والبسطاء من الناس ، بل ربما يرونها عنفاً غير مبرر أو ضرراً جسيماً، عادةً ما يتوارى وراء مطالب مُنصفة وخطابات مُحقة ..مثل مطلب الحرية..
ولا شك أن الحرية هي مطلباً أساسياً لا يمكن للشعوب التنازل عنه في أي حال من الأحوال ، ويرى كثيرون أن التخلف والجهل والفساد لا يجب أن تكون معوقات حقيقية ، في وجه قيام ثورة شعبية أو حراك سياسي عن طلب الحرية ،كما يدعي بعض العقلاء ، ويضيفون إنه لا مانع من اللجوء للعنف، إذا اقتضى الامر ، من أجل إزالة السلطة، والتي قد تكون مستبدة بشراسة ومتماهية بفضل إستبدادها مع الدولة في كل جوانبها ، و راعية للفساد والإفساد بإمتياز ..
بل ولا يرى أصحاب هذا الرأي أية غضاضة في أن يكون المحرر وحشاً كاسراً، كي يستطيع التصدي للوحشية التي كانت تمارسها السلطة في قمع الحريات .. كما ولا يرون مانعاً من التعامل مع الشيطان، تحت مسمى نيل الحرية من النظام المهيمن والجاثم على الصدور ..أي لا بأس أن يحررني وحش سيقتلني من سجن طاغية كان يقمعني ..
لكن في المقابل هناك من العقلاء من يعتقد أن العنف الثوري فعلٌ ضار، بل هو مصيبة ، وقد يصبح أم المصائب لو قام بها شعب تفوق نسبة الأمية الأبجدية فيه النصف ، وتتفشى فيه الأمية الثقافية إلى درجة مخيفة .. فلا حرية لجاهل ..
ويرى هؤلاء العقلاء أن العنف قد يستطيع لوحده أن يقتل أو يزيح السلطة، لكن الأكيد، لا يمكن للعنف لوحده أن يبني سلطة من جديد.. سلطة يمكنها أن تضبط كل هذا التوحش والجهل والتخلف . خاصة إذا ما اتضح أن الديكتاتور لم يكن غولاً أمنياً مستبداً و قامعاً للحريات فحسب بل كان قامعاً إيجابياً لوحشية ما يسمى بالجهل الشعبي، ومهيمناً على الإجرام المرعب والمكنون في جوهر الثقافة الدينية للمجتمع ، ومستبداً في منع التخلف من الشطط والتغوّل على كل مناحي الحياة الاجتماعية في الوطن . ..
ويبقى السؤال ما هي الحرية التي يبتغيها هؤلاء الثوريون وكيف يفهم العقلاء الحرية بمعناها الحقيقي ..؟ وهل الحرية تُؤتى بالتمرّد والعنف أم تحتاج لثورة عقل وضبط ومعرفة أم إلى ثورة ذبح وتكفير ومجرفة..؟؟ ... يتبع



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة مُقلقة حول الإسلام الكوردي
- خواطر في العبودية
- الإنفعال مقتلةٌ للعقل ..
- خرافة الإعتدال في الإسلام..
- داعش منا ونحن منها ..
- انتظروا القيامة ..
- من هو عدو المرأة ..؟ّ
- الإنهيار المدوّي للعقد الإجتماعي السوري
- فيينا (1) بداية النهاية
- أفكار في الحب
- أسافل القوم..
- أفواه مريضة .. تكشف عن أن للجهل أكثر من عنوان
- رسالة من رجل شرقي ..
- رجم الجهل أولى .. أفلا تفكرون..!
- البراغماتية فلسفة العصر (الفلسفة المنتصرة)
- (الفوقية) ومأزق النقد الحديث
- فن القصة عند العرب
- المسلمون والنداء الحداثي الأخير ..
- في العنف كتاب (حنّه آرندت) - فهم ومراجعة
- قناصو الوهم ..!


المزيد.....




- إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل ...
- ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
- حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
- عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا ...
- ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
- أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
- تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
- مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس ...
- العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
- ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - هل العقلاء جبناء حقاً ..؟!!