|
أديب في الجنة (9)
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5012 - 2015 / 12 / 13 - 02:08
المحور:
الادب والفن
* الحب في كوكب المحبة والجنات ! وهو يتأمل بعض الأنصاب للخالدين في الألوهة وقد انتصبت تماثيلهم إلى جانب صخور أو جذوع أشجارعلى سفح جبل تنبع منه ينابيع متعددة وقد كتب اسم كل خالد على جزء من جسده ، خطر ببال الملك لقمان سؤال حين كان يتأمل أحد هذه الأنصاب لفتاة جميلة اختارت أن ترحل عن الدنيا وتتوحد مع الألوهة وهي جالسة على صخرة كبيرة . ألقى نظرة نحو الملكة وتساءل : - هل ينجح كل إنسان في الرحيل والإتحاد بالألوهة ؟ - لا ! ثمة من يفشلون لعمل سيء عملوه، أو لعدم صدق نية في الخلاص والتوحد مع الألوهة. فيبقون في الحياة الدنيا ويحاولون تحسين سلوكهم أو تلافي ما يظنون أنه خطأ ارتكبوه فيعودون إلى تكرار المحاولة إلى أن ينجحوا .. أي أن الجميع ينجحون في النهاية . - لدينا مذهب في كوكبنا يتبعه كثيرون من البشر يدعى مذهب وحدة الوجود يبدو لي أن مذهبكم هو المذهب نفسه لكن بمفاهيم وسلوكيات أعمق . فعندنا يوجد موت ودفن. والطاقة الحيوية تخرج من الجسد وتنضم إلى الطاقة الخالقة بينما تتحلل الطاقة المادية في التربة لتغذيها ، حسب هذا المذهب دون غيره من مئات المذاهب بل آلافها على كوكبنا. - هذا صحيح فالوجود واحد طاقوي مادي . الطاقة الخالقة وتجلياتها في المادة الحية . الوجودان خالدان . لكن الطاقة الخالقة يشمل وجودها الكل الكوني بينما المادة المتجلية في الكائن بذاته جزئية . فالكائن المادي وليكن الإنسان مستقل بذاته عن المواد المتجلية الأخرى مهما كانت من بشر أوغيرهم كما أنه مستقل بماديته عن الألوهة رغم سريان الألوهة بطاقتها في جسده ، لذلك يكون مسؤولا عما يفعله فقط ، أما بعد اتحاده بالطاقة الخالقة الكلية أي الذات الإلهية أو الألوهة فهو يفقد استقلاليته ويتحد بالألوهة ولا يغدو مستقلا عن كل كائن في الكون وعن كل ما يجري فيه . اقترب الحشد الملكي من شاب يجلس إلى جانب صخرة بدا وكأنه في اللحظات الأخيرة قبل فيض النور من جسده . وكان ثمة شباب وفتيات يقفون على مسافة أمتار منه. بدا الشاب وكأنه تخلص من عبء جسده والإحساس به وأشرق وجهه بصفاء أخاذ.ولم يبد عليه أنه يشعر بوجود أحد على مقربة منه . أشارت الملكة بيدها بالتوقف وعدم المرور من أمامه احتراما له وللألوهة التي ينشدها. ولم تمر سوى لحظات حتى انبعث من كافة أنحاء جسده شعاع شكل هالة بدت وكأنها غيمة صغيرة راحت تصعد إلى السماء . جلس الجميع خاشعين على ركبهم إلى أن تلاشت الهالة في الفضاء البعيد . فيما كان جسد الشاب يتحول إلى منحوتة حجرية في غاية الجمال . لاحظ الملك لقمان ومرافقوه أن الوحوش والطيور والحيوانات المختلفة لا تخافهم ولا تفزع أو تهرب حين تراهم فتساءل عن ذلك . قالت الملكة: - كوكبنا كوكب محبة والصيد ممنوع عندنا كما أنه ليس لدينا بنادق مهما كان نوعها للصيد أو غيره وكل شيء عندنا محبوب .. وبينما كان الحشد يقترب من أسد ولبؤة راحت الملكة تملس على رأسيهما وهما يقبلان يدها كل بدوره , وكي تزيد ضيوفها دهشة دنت من شجرة أينعت ثمارها وتفتحت زهورها وراحت تملس على أوراقها فأخذت الشجرة تهز أغصانها وتتراقص! بدا الملك ومرافقوه في غاية الدهشة . وخطر للملك أن يسأل الملكة عن الطاقة الحيوية في الحيوانات والنباتات : - جلالتك ! هل يحدث للطاقة الحيوية في الحيوانات والنباتات ما يحدث للطاقة الحيوية في الإنسان ، أي أنها تصعد إلى السماء وتنضم لطاقة الألوهة ! - أجل جلالتك حين ينتهي أجلها . أيقن الملك لقمان أن أفكار ومعتقدات هذا الكوكب منسجمة في كل شيء ومع كل شيء ولا يشذ عنها شيء . وبدا غير مصدق لهذه الإرادة لهؤلاء الناس التي استطاعت أن تحقق كل هذا الرقي والتحضر . فقال جازما بسؤال ينطوي على جواب : - أدرك الآن أن الغاية من وجودكم هي تحقيق قيم الخير والعدل والحق والجمال والمحبة ورفعة الحضارة الإنسانية. وأن عملية الخلق لديكم تكاملية بين الخالق والمخلوق وأن لا غنى لطرف لديكم عن الآخر . - بالتأكيد جلالتك . أنت الآن تعرفنا جيدا . فكلنا خالقون وكلنا مخلوقون . وكلنا واحد في الكل هو الخالق وكل في الواحد هو نحن والكون والكائنات . بدا الملك لقمان في غاية السعادة بلقائه بأناس يعتنقون مذهبه ويتعمقون فيه وراح يتمنى في سريرته أن يسود هذا المعتقد العالم ، فيما كانت الملكة تدعوه ومرافقيه إلى القصر الملكي للإستراحة وتناول طعام العشاء على مائدة القصر . أقبلت نسمة التي كانت قد أخذت بجمال شاب من كوكب الجنات وهي في غاية الفرح والسعادة وراحت تطوق عنق الملك لقمان وتقبله وهي تسر إليه بسر جميل : - عمو أنا حبيت ! فبدا الملك فرحا وهو يهمس لها : - مبروك يا حبيبتي أين الحبيب ؟ والتفتت وراءها حيث كان الشاب يدنو بخطى متئدة وقد اعتراه بعض الخجل . مد الملك يده مرحبا به . اقترب الشاب . ضمه الملك وقبله ثم ضم جسده إلى جسد نسمه وقبلهما معا ، ثم هتف : - مبروك .. سنحتفل بحبكما هنا إذا سمحت لنا الملكة ! - سنكون سعداء بالإحتفال بهما في قصرنا ! ( أجابت الملكة ) ***** يتبع
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أديب في الجنة.(8)
-
أديب في الجنة ! (7)
-
أديب في الجنة ! (6)
-
أديب في الجنة ! (5)
-
أديب في الجنة (4)
-
أديب في الجنة (3)
-
أديب في الجنة ! (2)
-
أديب في الجنة ! (1)
-
أديب في الجنة !!
-
رحيل إلى المطلق الأزلي على طيف ابتسامة !
-
نظرية الأوتار وتفسير الكون (3)
-
نظرية الأوتار وتفسير الكون (2)
-
نظرية الأوتار وتفسير الكون ! (1)
-
هل تدرك الطاقة وجودها وهل تعرف أنها خالقة ؟ (2)
-
هل الطاقة السارية في الكون تعرف أنها خالقة وأنها الله ،وهل ت
...
-
في المادة والطاقة وتجلياتهما !!
-
آه يا إلهي .. كم نحن حزناء ؟
-
أقوال ومقالات . في الخالق والخلق والجنة والناروالمرأة والجنس
...
-
آه يا أمي . آه يا حبيبتي . كم أنا حزين من أجلك !
-
إعلان هام إلى من يعنيهم تاريخ القدس ولديهم معلومات عنه !
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|