|
ما يحدث في سوريا بداية للتوجهات العالمية الجديدة ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5011 - 2015 / 12 / 12 - 12:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو ان نهاية الثورات العربية و اخرها ما يجري في سوريا خلال هذه المدة من المحاربة العسكرية قد تجلب معها وضع سياسي عالمي جديد، كما يعتقده البعض، و ليس العكس كما حدث من قبل . اي لم تفرض الصراعات السياسية الجارية عمليات عسكرية و حروب نتيجة التمحور و التحالفات كما نعلمه من التاريخ و انما الاحتراب وا لمقاومة و التدخلات الدولية السرية عسكريا، و من ثم بروز اطراف تلك التدخلات و نواياهم على الملا رويدا رويدا، قد دفع الى التصريح بعد التلميح الى وجود خلافات سياسية استراتيجية عالمية حول مصير سوريا، و لا تخص تلك الخلافات سوريا و مستقبلها لوحدها و مصيرها بقدر مصلحة و مستقبل الاطراف كما هو الحقيقة، و بقدر ما يهم موقع كل دولة قوية او قطب فيما بعد ما ينتجه الوضع من سوريا . اما لماذا سوريا، فانه يحتاج لتحليل و يمكن ان نقول باختصار؛ انها بلد ذات موقع استراتيجي اهم في المنطقة، بحيث من يسيطر ستكون له اليد العليا في الصراع المستقبلي من جهة، و انها اصبحت في نهاية الثورات العربية التي تحدد التوازن المنتظر في صراعات اقوى من القوى العالمية، و كيف يقع كل بلد في المحاور و الاقطاب الجديدة المستحدثة من جهة اخرى . دخول المحاور الثانوية في المنطقة في الصراع بالقوة العسكرية و بالاخص اصبح الصراع المذهبي الاقليمي اساس لبناء المحاور في المنطقة، و اصبح على راسهما كل من السعودية وايران كراسا الحربة في بيان المواقف تجاه الصراعات المتعددة . و جرى و انسحب الصراع الثنائي او المتعدد الى المنطقة من خلال سوريا و التدخلات المختلفة فيها، و ما تُصرف عليها من الاموال وا لجهود النابعة من المصالح الذاتية للمتدخلين و ما يفكرون به، لتعاملهم مع الاحتمالات التي تظهر في نهاية المطاف . الاختلاف الاخر في الصراع الجديد هو، ان الصراعات المناطقية الصغيرة بين القوى الثانوية من حيث مكانتهم و ثقلهم هي التي جرت قبل ان تتدخل القوى الكبرى وهي التي فرضت عليهم الصراعات التي اختفيت منذ انهيار الاتحاد السوفيتي و كيف برزت امريكا كقطب و بينت على حقيقتها و جشعها في التهام العالم و ما عملت عليه خلال القرن الماضي . اي، الصراعات الصغيرة سحبت الصراعات الكبيرة و ليس كما كان من قبل فالمحاور والقطبين الرئيسين الكبيرين اللذين شقا دول العالم على المحورين المتصارعين خلال الحرب الباردة و جلبا الصراعات الثانوية. ان ما نعتقده و من خلال الافرازات والتعاملات اليومية و ما تخفي و تضمر يبين لدينا، ان الارضية القوية قد ترسخت لانبثاق صراع عالمي بين القوى المؤثرة، و لكن كيف يكون و من هم الاطراف المنتمين اليها، هذا يمكن ان تبرزه المصالح و مسار التحركات اليومية من سياق الصراع الدائم في سوريا و ما تركزت عليه الدول الكثيرة في المنطقة والعالم و اصرارهم على توجهاتهم لما يجب ان تقع عليه نهاية الاحتراب و بداية الصراعات العالمية الاقوى التي تبرز منها . هناك خلط واضح و بيّن بين اعضاء القطبين السابقين في صراعات اليوم الخاصة بسوريا، و ما سوف تنتج عنها الاقطاب او القطبين على اقل تقدير . روسيا انتعشت الىحد كبير خلال هذين العقدين و نيف من بعد توريثها للاتحاد السوفيتي، و من خلال انبثاق قيادة متمكنة او مغامرة على الاقل في وضع حجر الاساس القوي ثانية لدولتها في القوة امام القطب الشرس الطامع لالتهام الجميع، و ما تعلّمت على ان نية الاخر هي اجبار الكل على الخضوع . بعد الازمة الاقتصادية العالمية و انعكاف او انكفاء اوباما عن الحركة في الشرق الاوسط مجبرا نتيجة الازمات الداخلية في بدله، انسحبت امريكا عسكريا سياسيا الى حد كبير مخلفة فوضى و احتدامات كبيرة لم تتمكن من السيطرة عليها، بل ارادت ان تتلاعب من بعيد بها او تلعب بلواعيب ثانويين احتياط لديها في فرض اهدافها هي، و لم تتمكن من النجاح بالدرجة التي ارادتها . و عليه اليوم تنوي ان تعود من النافذة الى المنطقة بعد انتعاش وضعها الاقتصادي ايضا بعد الازمة الاقتصادية التي مرت بها بلاده . اليوم ونجد من المؤتمرات و الاجتماعات العديدة التي لا تحصى و لا تعد حول سوريا، ليست الا مخاض لبروز محاور و اقطاب في النهاية . ان من يحضر اي اجتماع يبين انتماءه الى اي جهة، و كل جهة او جبهة مستقبليا تعمل على قدم و ساق في تنظيم دول و قوى كثيرة للتحضير في الصراع العالمي القادم، و اوربا تنظر بجدية الى الامر، و هي تتدخل في الوقت المناسب ان كانت تعلم انه من الضروري تدخلها كما يحصل الان بطريقة خفيفة بعدما وصلتها شرارة الارهاب و اثرت عليها، و سارعت من مجريات الاحداث و قربت ساعات الصفر . القطب الروسي الايراني قد ثبت نفسه و يلحقه الاخرون بناءا على العثور على مصالحهم فيه من القوى الكبرى الاخرى او المتوسطة اوالصغيرة التي تجد من مصلحتها الانتماء الى هذا القطب . و هناك القطب الامريكي السعودي بشيء من التردد بعد توقيع الاتفاقية الايرانية الامريكية و تعثرها بين حين واخر كما نشهد، فانه ايضا في جهد متواصل الى توسيع عدد منتميه من العالم و المنطقة ايضا . فان الصراع القاادم ربما يضمن ان يكون هناك قطب ثالث، ربما يكون محايدا وفق التوقعات، ان لم يجد ما يهمه من القطبين، و ربما ستكون اكثر دول اوربا من ضمنه بشكل و اخر . و هناك، الوضع يفرض تدخل القوى التي كانت مسالمة من قبل في بيان رايها و موقفها من الجديد الحاصل . اي التخبط الاني او الفوضى التي لا يمكن الا ان نعتقد بداية لتوجهات جديدة منتجة لاقطاب، و لا يمكن ان نعتقد بانها ستكون خلاقة بقدر التخبط الذي نراه من خلال المسارات المعقدة التي تعمل فيها، اننا بانتظار ما يجري و ما ينتج، الا ان القطب الواحد لم يعد باقيا الى الابد، و لكن لم نتيقن من عدد الاقطاب المستقبلية التي تبرز و تفرض نفسها على الاحداث العالمية و بداية تنظيم منتميها سوف تكون ناتجة من نهاية الحرب الواقعة في سوريا .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عدم احتراز اقليم كوردستان لاي احتمال مستقبلي
-
لماذا يخافون الاعلام اكثر من اي عدو؟
-
حادثة البعشيقة و ما وراءها
-
الهدف الغاء البعض لاكتساح المنطقة مستقبلا
-
البرزاني يقامر على حساب الشعب الكوردي
-
هل تنجح انقرة في فرض المنطقة العازلة في سوريا ؟
-
شهر سيفه و لم يعد بامكانه ان يعيده الى غمده !!
-
هل اردوغان ينقذ تركيا و نفسه من المطبات التي وقع فيها ؟
-
اصرار العراق على خروج القوات التركية لاول مرة !!
-
يزيدون الحطب الجزل لنيران تفرقهم و تشتتهم
-
ما البرلمان العراقي من مجلس العموم البريطاني ؟
-
العقلانية في التوجه يمنع التخبط
-
لماذا يتحمل الشعب مغامرات القادة ؟
-
ما الهدف من دخول القوة التركية الى الموصل ؟
-
مواجهة روسيا مع امريكا ام مع تركيا بالوكالة عنها ؟
-
الدكتاتورية صفة فطرية ام مكتسبة ؟ (المالكي و البرزاني مثالا
...
-
ما تريده السعودية للعراق و ما تفضله ايران
-
لماذا يتهربون من المسؤلية في بغداد ؟
-
هل حقا السعودية تحارب الارهاب ؟
-
السعودية تعدم حصانا مثلي الجنس !!
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|