|
أديب في الجنة.(8)
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5011 - 2015 / 12 / 12 - 03:05
المحور:
الادب والفن
* أسعد بشر في الكون خالدون في دنياهم وخالدون في الألوهة ! ( يحذر على ضعفاء العقول قراءة هذا الفصل ) تنبه الملك لقمان وهو يتجول مع ملكة الجنات في حديقة النور أو حديقة الأجداد إلى أن جمال الشباب يضاهي جمال الفتيات أو يفوقهن جمالا عند بعضهم فخطر له أن يسألها وصورة الولدان المخلدين في الفكر الإسلامي تمر في مخيلته : - من يتمتع بجمال هؤلاء الشباب جلالتك ؟ أدركت الملكة أن سؤال الملك ينطوي على أبعاد اجتماعية عميقة فقالت ببساطة: - بناتنا ! - كيف ؟ - كيفما يريدون إما حبا أو زواجا أو مجرد رغبة مشتركة في صدفة ما . كل أشكال الحب مسموحة عندنا . المهم هو عدم الإساءة إلى أحد واحترام الآخر ورغبته . ولا حظ الملك عدم وجود مسنين ومسنات فسأل : - لماذا لا يوجد مسنين ومسنات بين المتجولين في الحديقة ؟ ابتسمت الملكة وأبدت بعض الدهشة وكأن السؤال فاجأها : - لقد قضينا على الشيخوخة منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام . فوجئ الملك بدوره . - ولا تموتون ؟ - الموت عندنا اختياري وبمعنى أدق لا موت عندنا ! لم يعد الملك يستوعب شيئا ! - كيف اختياري ؟ هل يختار الإنسان عندكم أن يموت ؟ - بل يختار الإنتقال إلى الحياة الأبدية بالإنضمام بطاقة جسده الحيوية الباعثة على الحياة إلى طاقة الألوهة الخالدة ليساهم معها في عملية الخلق! ويتحول باقي جسده إلى نصب خالد بعد أن تذهب طاقته الثانية المادية لإغناء تربة الأرض . لم يعد الملك لقمان يفهم شيئا وتمنى لو أنه لم يضرب عرض الحائط بخالق شخصيته محمود شاهين فهو الوحيد القادر على أن يفهم ما تتحدث به الملكة . - أرجو جلالتك أن تأخذيني على قدر عقلي فأنا قادم من كوكب متخلف له مفاهيم مختلفة عن الخلق والخالق. - االألوهة الخالقة في مفهومنا طاقة عظيمة تسري في الكون كله يتم بواسطتها الخلق وكل شيء ولا يمكن أن يتم دونها كما سبق وأن أسلفت. وحين يمل الإنسان أو يشبع من الحياة الدنيوية ويرغب من أعماق نفسه بالتوحد مع الألوهة ، يقوم بالسعي إلى ذلك بأن يختار طريقة للرحيل في المطلق الأزلي ( أي الألوهة ) كأن يجلس مثل أحد هؤلاء القديسين إلى جذع شجرة أو في أي مكان يختاره حتى لو كان على قمة جبل أو داخل بيته ، ممتنعا عن الطعام والشراب غارقا في أعماق نفسه إلى أن يبدأ بالتوحد بالمطلق والتفاني فيه شيئا فشيئا فاقدا إحساسه بحسده إلى أن يصل إلى ذروة التوحد بصعود الطاقة من جسده إلى السماء في شكل هالة نورانية لتندمج بالطاقة المطلقة العظمى طاقة الألوهة الخالدة السارية في الكون والكائنات!. وليصبح بذلك شريكا في الألوهة متوحدا معها. يحس بما تحس ويشعر بما تشعر ويرى ما ترى ويسمع ما تسمع ويتمتع بما تتمتع ويخلق ما تخلق . بدا الملك لقمان في غاية الدهشة وهو يسمع ما لم يخطر بباله ولو بهذا التصور فقرر أن يسأل سؤالا رغم ادراكه أن السؤال لا يخلو من غباء : - هل هذا يعني أن الألوهة تحس وترى وتتمتع بكل ما تحس وترى وتسمع وتتمتع به الكائنات ؟! وأجابت الملكة بتأكيد مطلق : - نعم نعم نعم ! تساءل الملك : - كيف ؟ ترى بعيون كائناتها وتحس بإحساسها وتسمع بآذانها وتتكلم بألسنها وتفكر بعقلها وتتمتع بكل ما تتمتع به على الإطلاق بما في ذلك رعشة الجسد والقبلة ! فكل شيء يتم بطاقتها فكيف لا تعيشه ؟ وأسوأ ما تعيشه الألوهة هو الألم لأن كل نقطة دم تنزف من انسان وكل ألم يواجهه تشعر به الألوهة . لذلك نحن في كوكبنا ومن أسمائه كوكب المحبة ، نحاول أن نحيا دائما بمحبة كي لا نجرح شعور الألوهة لأننا ندرك أن الألوهة تسري في أجسادنا وتحس ما نحسه وتتمتع بما نتمتع به وتشمئز مما نشمئز منه . الفرق أنه لا يمكن مقارنة ما نراه ونحسه بما تراه وتحسه الألوهة . فأنا وأنت ومن معنا لا نتمتع الآن إلا بما نراه أمامنا أما الألوهة فهي تتمتع برؤية كل ما يجري في مليارات الأكوان . وأصر الملك لقمان على طرح سؤال آخر قد لا يخلو من غباء وحتى وقاحة : - لنأخذ الحب مثلا ، فهل رعشة الجسد أو بلوغ الذروة في ممارسة الحب لدى البشر والكائنات الأخرى تشعر الألوهة بها وتتمتع كذلك ؟ وأجابت الملكة بإصراركما في السابق : - نعم نعم نعم !! غير أنها أدركت قائلة : - هذا ما توصل إليه علماؤنا وفلاسفتنا استنادا إلى العلم والمنطق وهو ليس حقائق مطلقة ، لكننا لم نتوصل إلى ما ينقضه حتى الآن . وراح الملك يشكر الملكة ويتابع : - أشكر جلالتك وآمل ألا أزعجك بكثرة أسئلتي فما يزال لدي الكثير . - أبدا جلالتك فأنا سعيدة بزيارتكم خاصة وأننا لم نلتق ببشر من كواكب أخرى . الآن سأنتقل بك إلى أماكن أخرى أريك فيها أجسام بشر تحجرت كأجسام القديسين والعلماء وتحولت إلى أنصاب خالدة بعد أن خرجت طاقة الألوهة الحيوية منها وانضمت إلى الطاقة الكلية المطلقة السارية في الكون . بعضها في الحدائق العامة وبعضها على قمم الجبال وسفوحها وبعضها في الأودية وبعضها على ينابيع المياه أو إلى جانبها وبعضها في حدائق البيوت أو داخلها . وهنا سأل الملك : - هل هذا يعني أنه ليس لديكم قبور . - أجل ليس لدينا قبور . كل من يغادر الحياة الدنيوية يتحول إلى نصب خالد . - هذا يعني أن لديكم خلودان خلود دنيوي في نصب وخلود إلهي في الألوهة ! - أجل جلالتك . ونحن على الأغلب أسعد بشر في الكون كله ! هيا بنا . وضغطت الملكة على زر في جناحيها الصناعيين لتنبعث طاقة تحركهما وطارت مع مرافقيها ليطير الملك لقمان ومرافقوه على طريقتهم وينتقلوا إلى الأماكن الأخرى . ******* يتبع !
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أديب في الجنة ! (7)
-
أديب في الجنة ! (6)
-
أديب في الجنة ! (5)
-
أديب في الجنة (4)
-
أديب في الجنة (3)
-
أديب في الجنة ! (2)
-
أديب في الجنة ! (1)
-
أديب في الجنة !!
-
رحيل إلى المطلق الأزلي على طيف ابتسامة !
-
نظرية الأوتار وتفسير الكون (3)
-
نظرية الأوتار وتفسير الكون (2)
-
نظرية الأوتار وتفسير الكون ! (1)
-
هل تدرك الطاقة وجودها وهل تعرف أنها خالقة ؟ (2)
-
هل الطاقة السارية في الكون تعرف أنها خالقة وأنها الله ،وهل ت
...
-
في المادة والطاقة وتجلياتهما !!
-
آه يا إلهي .. كم نحن حزناء ؟
-
أقوال ومقالات . في الخالق والخلق والجنة والناروالمرأة والجنس
...
-
آه يا أمي . آه يا حبيبتي . كم أنا حزين من أجلك !
-
إعلان هام إلى من يعنيهم تاريخ القدس ولديهم معلومات عنه !
-
هل نحن كنعانيون حقا ؟ وهل القدس يبوسية أم كنعانية ؟
المزيد.....
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|