علي الخليفي
الحوار المتمدن-العدد: 5010 - 2015 / 12 / 11 - 19:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليس ذنبنا أننا ولدنا على الخطيئة ، ولا ذنب لنا أن تعهدتنا بعد ولادتنا البائسة أيدي لم نختارها لتزرع في أعماقنا مكونات القُبح ، ولتُقدم لنا الرذائل على أنها فضائل .
لا ذنب لنا أننا ولدنا في بيئات صخرية مُتصحرة يستحيل على أشجار المعرفة أن تنبت فيها فضلاً على أن تُزهر أو تُتْمر .
لا ذنب لنا في كوننا تشكلنا داخل أرحام مُغتصبة ، ورضعنا القهر من صدور أمهات كان القهر والإذلال هو خبزهن اليومي في هذه الحياة .
لم يكن ذنبنا حين جُررنا من أذاننا إلى كتاتيب التحفيظ ليتم تلقيننا وصايا الشر ، ولتنافس على حفظها عن ظهر قلب ، ولنتفنن في ترتيل الشر وتجويده .
لم يكن ذنبنا حين قُيدنا إلى مقاعد الدراسة لندرس الجهل ونكافأ حين نتفوق في وعيه وفهمه ، ولتترسب مُخرجات ذاك الجهل في قرارة قلوبنا ظغائن وأحقاد على الآخر المُخالف لنا .
ليس ذنبنا أن كانت ساعة المُتعة في طفولتنا نقضيهابالتحلق أمام التلفاز لنستمتع بمبارزات السيوف وملاعبات الرماح والخناجر ولتلتهب أكثرفنا الصغيرة بالتصفيق لفرسان الله ورسوله ونحن نراهم يضربون بأمر ربهم فوق الأعناق لتتطاير الرؤس عن أجسادها ، ثم لِنكبر ونجد أن ذاكرة الدم قد إتسعت حتى تحولت إلى مُستنقع أحمر آسن تطفو عليه جثث كل القيم والفضائل الإنسانية.
نحن محظوظون جداً لأننا لم نكن إلا ما نحن عليه اليوم ، فتاريخنا منذ قذف بنا في أرحام الشقاء وما تعرضنا له كان يجب أن يُنتج سفاحين وقتلة ووقتلة ومصاصي دماء ، ولكن يبدو أن يداً أمتدت من غياهب الغيب لتمنعنا أن نكون كذلك ، ولتُبقي على عرق صغير من عروق إنسانيتنا المُهشمة ينبض .
الناجون منا يجوز وصفهم بالقديسين ، لأنهم إجترحوا المعجزة ، وإستطاعو تعهد ذاك العِرق الواهن ليعيد النبض إلى أنقاض ركام إنسانيتنا .
نعم الناجون منا ليسو فقط قديسين بل يجوز لهم أن يدعوا أنهم أبناء الله ، فهم أحق من المسيح بذلك ، فالمسيح قام من تحت ركام الموت بعد ثلاثة أيام ، أما نحن فقمنا من تحت ركام موت رزحنا تحته ألف وأربعمائة عام ويزيد.
نحن ضحايا جلاد سماوي غير مرئي إلا لبعران قريش ، جلاد سماوي بدد حياتنا لأجل العبث والعبث وحده.
#علي_الخليفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟