أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكايات















المزيد.....


حكايات


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5009 - 2015 / 12 / 10 - 14:12
المحور: الادب والفن
    


الصوفـي:
السلطان، اعتادَ مراسلة كبير صوفيي مملكته. لم يكن قد التقى أحدهما الآخرَ قط.
كان السلطان يرسل للشيخ في كل مرة سؤالاً طيّ رقعةٍ معطرة بالمسك أو غيره من الطيوب، فتعود محمّلة بالجواب. الأول، كان يرضى غالباً بالإجابة وعلى الرغم من لغة الصوفيّ، الغامضة. هذا الأخير، كان يقيم خلال النهار في زاويته غير بعيدٍ عن القصر الملكيّ. ومع أنه قدِمَ منذ أعوام قليلة إلى المدينة الشريفة، فإنّ شهرته ذاعت بين الخاص والعام.
في إحدى الليالي الخريفية، طرقَ أحدهم بابَ منزل الصوفيّ، الكائن في دربٍ ضيّق يتصلُ بالزاوية. عادَ الغلام ليخبر شيخه بأنّ رجلاً غريباً، يبدو من هيئته أنه ذميّ، يستأذن في مقابلته. فقال له الشيخ: " أبلغ الرجل، أنّ جوابَ سؤاله سيصله قريباً. ولكنه يستطيع الدخول لو رغبَ ". على الأثر، ظهرَ على عتبه الحجرة من عرفنا أنه سلطان البلاد. وكذلك يُمكننا حَدْسَ سؤاله الأول: " كيف علمتَ أنني ببابك، يا شيخي؟ ".
" لأنّ رجلاً غريباً، مكتسٍ بلباس أهل الذمة، من النادر أن يطرقَ بابَ أحد شيوخ الإسلام في ساعة متأخرة من الليل! "، أجابَ الرجلُ العجوزُ دونما أن يتحرك من مكانه. وكان على سحنته أن تتغضن أكثر، حينما أردفَ متبسّماً " مثلما أنني من النادر ألا أجيب على إحدى رقعك، المرسلة إليّ ". ابتسمَ السلطان بدَوره. ثم ما لبثَ أن اقتعدَ على ديوان خشبيّ، مفروشٍ بالخمل الأرجوانيّ ومطَعّم كلا مسندَيْهِ بالصّدف: " سألتكَ عن أصل كلمة الحُكْم، وهل أنّ مصدرها الحِكْمة كما يزعم بعضهم؟ "، عادَ الضيفُ إلى التساؤل. ثم استطردَ بنبرَة المعتذر " مع أنني أدركُ، ولا شك، أن الجوابَ غير حاضرٍ في ذهنك حالاً ". أطرقَ الصوفيّ مجدداً. بعد وهلة تفكير، رفعَ رأسه وخاطب مولاه بالقول: " بل إنّ حضورك، كما أتمنى، قد جلبَ إلى ذهني جواباً أرجو أن يكونَ هوَ المطلوبُ ".
صباحاً، صاحَ المنادي في دروب المدينة بأن الذميين أحرارٌ في انتقاء ملابسهم.

ولــي:
خلال ثلاث ليالٍ متعاقبة، تكررَ نفسُ الحلم.
عند ذلك، ارتأى بطلُ حكايتنا أن يلجأ إلى من يُعتبر ملاذ أهل المنطقة. هذا الأخير، كان يقيم متوحّداً في كوخٍ يقعُ بالجرد خارج القرية. ولم تكن هذه هيَ المرة الأولى، التي يزور فيها الفتى من يعدّه الجميعُ ولياً ذا كرامات. سارَ إليه إذاً في صباحٍ مُشرق، مخترقاً الأرضَ المعشوشبة تارةً والوعرة تارة أخرى. بطبيعة الحال، فإنه كان قد استعاد ذلك المنام أكثر من مرة خلال الطريق: والده، المتوفي مؤخراً، ظهرَ له في الليلة الأولى كي يهمسَ بحرفٍ واحدٍ حَسْب؛ الكاف. وفي الليلتين التاليتين، بثه على التوالي بحرفَيّ النون والزاي.
" لعلك تعرف، يا مولانا. أبي، رحمه الله وسامحه، كان رجلاً بخيلاً على الرغم من غناه "، ابتدأ الفتى يقول للشيخ العجوز. هذا الأخير، قطعَ كلامَ الآخر قائلاً: " لا أعرف شيئاً، سوى أنّ عليك أن تطلبَ مغفرة الله لنفسك أولاً! ". عندئذٍ، صدرَ عن الفتى تمتمة مبهمة. ثم لم يلبث أن تابع كلامه " لقد حرمني وأشقائي حتى من الإرث. كان لديه دائماً وسواسٌ، بأننا سنقوم بقتله والإستيلاء على خزين أمواله؛ هوَ من باعَ الأرضَ تاركاً إيانا دون مورد رزقٍ آخر ". غصّ الفتى بكلماته الأخيرة، إلا أنه استردّ نبرته الأولى حالاً: " ذات يوم، قبيل وفاته بقليل، استأجرَ الوالدُ أحدَ رجال القرية كي ينقل له على الحمار صندوقاً كبيراً كان يحتفظ به في مكان ما من المنزل. ولما مات، انتشرت أقاويلٌ في القرية بأنه وضع أمواله أمانة عند أحد أصدقائه في قرية مجاورة. ولكننا لا نعرفُ قط صديقاً للوالد، أو شريكاً في أعماله الزراعية ". وما عتمَ الفتى أن قصّ على الشيخ وقائعَ الحلم المتكرر، منهياً ذلك بالقول: " عليه كان، بعد كل شيء، أن يأتيني في الحلم كي يُنبئني عن كنز! ". لم ينبس الشيخ بكلمة، تعقيباً على الحكاية. غير أنه، في المقابل، كان مشغول الفكر بها: " عدد أحرف كلمة ( كنز )، هيَ سبعٌ وسبعون. فما عليّ، والحالة هذه، سوى البحث عن ذلك الرجل صاحب الحمار ومن ثمّ معرفة كم يبلغ من العُمْر ". .
بعد أسبوع، أخرجَ أشقاءُ الفتى جثته من بستان الكوخ، ثم ألقوا بمكانها جثة الشيخ.

حكاية حــب:
خارج أسوار إحدى مدن زمان، اجتمعَ اتفاقاً ثلاثة رجال أغراب.
الأكبر فيهم سناً، قدّم نفسه باعتباره حكيماً. أصغرهم، قال أنه شاعر. أما من بدا مبهم الملامح، فإنه تريّث قليلاً. أخيراً، أسقط هذا عصىً كان يتوكأ عليها، فما لبثت أن تحوّلت إلى حيّة تسعى في الأرض. كلّ من هؤلاء الأغراب، تعيّن عليه عندئذٍ أن يقصّ حكاية. وكما هوَ متوقّع، بدأ الحكيم في السرد: " في وقتٍ ما، كنتُ وزيراً لملك عظيم طارَ صيته في الآفاق. كنتُ محلّ ثقة مليكي، لدرجة أنه لم يكن يتخذ قراراً مهماً دونما أن تكون مشورتي هيَ القول الفصل. إلى أن جاء ذلك اليوم، المتوجّب فيه عليّ أن أغادر المملكة طريداً بعدما فقدتُ حظوتي ".
الشاعر، جاز له أن يكون التالي في قصّ حكايته طالما أن الساحر بقيَ محتفظاً بالصمت. كانت ملامح التعاسة بيّنة على سحنة الفتى، المتناسقة والمليحة: " عُرفت أشعاري بالمجون والخلاعة. إلى أن كان يوماً، سطع في ليله بدرُ الدجى. جاءتني جارية برقعة فيها أبيات من شعري، ورجتني أن أتبعها إلى منزل سيدتها. من بعد، أضحيتُ زاهداً في كلّ ما عدا معبودتي. ولكن، لم يطُل الأمر بسعادة العُمر. يبدو أن أهل الفتاة اكتشفوا علاقتنا بشكل ما، فأمسكوا بجاريتها وأجروا عليها العذابَ حتى أقرّتْ. عند ذلك، دبّرَ لي بعض خدم ذلك المنزل خدعةً كادت أن توقع بي. نجوت منهم، على كلّ حال. إلا أن روحي تموت في كل لحظة ".
ما أن أنهى الشاعرُ كلامه، إلا وعاصفة من الغبار تأتي من بعيد صُحبة عددٍ من الفرسان. قال مقدّم الجند، موجّهاً كلامه للحكيم: " مولانا أمرنا بالبحث عنك وإحضارك إليه ". فطلبَ الحكيم من ذلك الآمر أن يكون الرفيقان في معيته. قبل مسيرهم، كان الساحرُ قد استعاد عصاه. ثمة، في قاعة العرش، أُدخلَ لوحده من كان وزيراً. الملك، كان بدَوره متوحّداً في القاعة العملاقة. قال لوزيره السابق: " أيها الحكيم، إنني أحتاج لمشورتك ". من لهجة مولاه، أدرك الحكيم أن الأمر يتعلق بسلطان الدولة المجاورة. استأنف الملك كلامه: " لقد أرسل ذلك المأفون رسولاً للتو، وهو ينتظر جوابنا في قاعة السفراء. السلطان، يطلبُ يدَ ابنتي الوحيدة لنفسه. والأدهى، أن ابنتي الحبيبة مريضة منذ بعض الوقت بسبب تلك الحكاية، التي جعلت قلبي يتغيّر عليك ".
على الأثر، طلبَ الوزير إدخال رفيقيه. تقدّم الساحرُ أولاً، فانحنى نحوَ العرش. ولأول مرة أيضاً، عليه كان أن يتكلم: " لن أطلبَ شيئاً لنفسي. فإنني أملك ما لا يملكه أيّ ملك. ولكنني أطلبُ مقابل خدمتي أن تكون الأميرة من نصيب من امتلك قلبها ".
الحية، تسللت إلى مخدع السلطان وقتلته. في المملكة، استمرّ الفرحُ شهراً.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمستردام
- سيرَة أُخرى 4
- مراهق
- حكايتان
- ثلاث حكايات
- سيرَة أُخرى 3
- مجنون عبّاد الشمس
- قانون فرعوني
- مثير الغبار
- سيرَة أُخرى 2
- الطليعي
- البطة الطائشة
- أدباء وعملاء
- سيرَة أُخرى
- تحت شجرة بلوط
- الفلك
- الفخ
- الإختيار
- صداقة
- ابن حرام


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكايات