صافي الياسري
الحوار المتمدن-العدد: 5008 - 2015 / 12 / 9 - 21:13
المحور:
الادب والفن
نافذة على الادب الفرنسي - الروايــــة الفرنسيـــة الحديثـــة لم تعد حديثــــة
صافي الياسري
منذ ان نشر روايته (
الماحون ) عام 1953 والان روب غرييه الروائي والمخرج السينمائي والسيناريست الفرنسي الذي رحل العام الماضي يعد ابا الرواية الفرنسية الحديثة وتعتبر( الماحون ) من أهم أعماله ومنعطفا جوهريا في تاريخ الرواية الفرنسية، وتحكي الرواية قصة جريمة ارتكبها التحري القادم للتحقيق فيها. وبعد إثارته للأوساط الأدبية بهذا العمل نشر اثني عشر كتابا خلال عشرين عاما. وهو صاحب القول الشهير ليس لدى الكاتب الحقيقي ما يقول لذا فليس له الا كيفية القول وفي الحقيقة فان قوله هذا هو الذي نسف الاسس التي بنىت عليها الرواية الفرنسية الحديثة بحسب التسمية النقدية للرواية الفرنسية منذ نشر رواية الماحون التي تخلى فيها عن البنية التقليدية للرواية كالتسلسل الزمني وسياق السرد والحبكة وركز عوضا عن ذلك على الموضوعية وما هو مرئي وملموس وتخلى عن الحدث في الرواية واستعاض عنه بالخيال والتامل وترك للقاريء جمع متناثرات السرد وبذلك يكون غرييه في الحقيقة هو المطلق الحقيقي للموجة التجريبية في الرواية الفرنسية ، فقد سار على نهجه كل الروائيين الفرنسيين تقريبا ، الى ما بعد التسعينات حيث انطلقت على وفق مقولته في ان للروائي فقط كيفية القول لا القول نفسه حيث اعتمد الروائيون اساليب جديدة في الكتابة وبرغم انها فوضى عارمة كما وصفها الناقد فرانسوا ميشيل الا انها فوضى مثمرة ايضا فقد سوقت مفاهيم جديدة ليس على صعيد الرواية والقصة القصيرة والشعر فحسب وانما في الفنون ، السينما ،المسرح ،اي انها تحولت الى موجة او ما يسمى نيو لاين وكان غرييه في الحقيقة حين نشر كتابه لأجل رواية حديثة عام 1963، وفيه تفحص وضع الرواية كفن و كيف يمكن لهذا الفن أن يتطور أو يموت من التكرار. كان قد وضع البذرة لجدل الانقلاب على على ما هو سائد وحين اصبحت( الرواية الفرنسية الحديثة ) بمعنى من المعاني امرا سائدا كان جدلها يدفن اخر موجوداتها عبر تطويرمفاهيمها وتفجيرها من الداخل فقدتناول في كتابه كيفية تجديد الرواية من خلال دراسة كتاب مبدعين في هذا الإطار مثل بيكيت وسارتر. وقاده تركيزه على العالم المرئي عام 1960، إلى كتابة السيناريوهات وإخراج الأفلام السينمائية. ودعيت بعض أفلامه بما يسمى (
الفيلم الروائي).وقد تحدى في هذه الأعمال حدود بنية السرد المتوقع ووحدة الواقعية حيث يؤكد بأن العالم العضوي هو الحقيقة الوحيدة، والطريقة الوحيدة للوصول إلى الذاكرة تكون عبر موضوعية الأشياء. وهو ما تستند اليه الموجة الجديدة في نفيها الرواية الحديثة التي على وفق هذه الرؤية لم تعد حديثة حيث ظهرت مفاهيم ما وراء الخيال والادهاش اللامحدود والبارا بوئيم او ما بعد الشعرية والذهان المقصود
#صافي_الياسري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟