|
جمال مبارك: العبرة في الصلابة
هويدا طه
الحوار المتمدن-العدد: 1367 - 2005 / 11 / 3 - 11:33
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
تعيش مصر هذه الأيام مهرجان الانتخابات البرلمانية، وهي انتخابات معروفة النتائج سلفا.. وبالتالي لا تستحق كثيرا التأمل فيها من حيث كونها انتخابات يحلل نتائجها المراقبون، فقد حللت الأجيال السابقة علينا أخواتها السابقات، وخرجوا بنتيجة تصلح لكل انتخابات طالما استمرت مصر أسيرة لهذا النظام السرمدي.. الذي يتغير فيه فقط وجه الفرعون الإله وملائكته وشياطينه ورسله دون أن يكون له يومٌ آخر! تلك النتيجة تقول إن هذا برلمانا موضوعا وليس منتخبا، يضعه الرئيس لنفسه وليس للشعب المصري شأن فيه، فالانتخابات البرلمانية في عُرف الأمم التي ابتكرت هذه الطريقة لتمثيل مشاركة الأمة في السلطة تفرز (برلمان الشعب)، أما في مصر فإن (شعب البرلمان) لا يربطه بذاك البرلمان إلا ما يلحق به من كوارث خضوعه لمن وضعه، فيم تختلف إذن هذه الانتخابات عن سابقاتها؟ من خلال متابعة دءوب لقناة النيل للأخبار يمكن التأكيد بأن هذه الانتخابات البرلمانية ترسل إلينا رسالة مفادها: جمال مبارك في الطريق إليكم.. يا غجر! فعلى مدى السنوات الماضية ظلت لعبة القط والفأر حول توريث منصب رئاسة الجمهورية تدور بين الرئيس الأب ونخبة المثقفين المصريين، يشيرون إلى التوريث.. فينفي الرئيس الأب.. فلا يصدقونه ويعودون إلى صداع الشكوى والتحذير من تحويل مصر إلى جمهورية ملكية.. فيعود الرئيس الأب الذي لا يستفزه شيء أبدا- وبنفس الهدوء- لينفي مسألة التوريث.. وهكذا استمرت هذه اللعبة كل ٌ من خندقه! الرئيس الأب ينفي ونخبة المعارضة تؤكد وتلهث وراء دليل هنا ودليل هناك.. والعملية ماشية! فين المحروس الوريث نفسه؟! في بداية العملية الماشية كان مختفيا في حضن أمه ينتظر هدية الأب الحنون! ومن وقت لآخر يظهر في زاوية الصورة على التليفزيون، يظهر جمال.. وهو واحد فقط من إبني الرئيس، لم نر علاء مثلا.. الأخ الأكبر لجمال، حتى أن كثيرين من المصريين لا يعرفون شكل هذا العلاء.. فصورته لا تظهر لا في التليفزيون ولا في الجرائد إلا نادرا جدا، ولا يعرف المصريون عنه إلا مشاريعه وثرواته.. والنكات المتداولة عن مزاحمته رجال البيزنيس الآخرين في مملكة الأب الكبير! لكن جمال.. بدأ يظهر ضمن الجالسين المستمعين من رجال الدولة لخطاب الرئيس الأب الذي ينقله التليفزيون على الهواء أو مسجلا من مكان ما.. في الحزب أو في البرلمان أو في مدرسة أو ما شابه، وعلى فترات متباعدة.. حتى أن الناس كانوا يتهامسون: باين عليه الكلام صحيح.. انهارده شفناه في التليفزيون، وذلك لقلة ظهوره في تلك الفترة.. أيام الحضانة! وكنا نحاول التدقيق في ملامحه فهو لا يظهر كثيرا.. ما شاء الله هو ده؟ صحيح.. (الواد ابن أبوه)! لكن العملية استمرت ماشية.. أنشئت لجنة السياسات في حزب الرئيس الأب ليرأسها الابن الذي لم يحن بعد أوان تسلمه الهدية، لجنة السياسات هذه ظلت أخبارها وقراراتها ووجوه رجالها تتسلل إلى التليفزيون خلال الأشهر الأخيرة حتى أصبحت صورة مألوفة.. ولم يعد يلفت النظر ظهور جمال على التليفزيون صدفة.. لأنها بالطبع لم تعد وأصلا لم تكن صدفة، ولأن التليفزيون هو وسيلة عصرية سحرية تمكن من يملكها من (صب الأفكار) في رأس المتلقي بالتدريج.. فقد صار ظهور جمال كرجل من رجال الدولة أمرا ليس غريبا، وبهذه النتيجة انتهت المرحلة الأولى من العملية، لكن العملية ما زالت برضه ماشية! الرئيس الأب ينفي التوريث.. والابن الشاب الذي أصبح ظهوره مألوفا هو أيضا ينفي التوريث، والمعارضة تقسم بأغلظ الإيمان أن قلبها حاسس وشايف! والعملية ماشية، حتى بدأت مرحلة يمرر فيها على المصريين أن لجنة السياسات هي (فكر جديد شاب)، وأن مصر تحتاج إلى هذا الفكر الجديد.. أي هذا الشاب! وفي تلك المرحلة جاءت انتخابات الرئاسة، التي سبقتها تكهنات حول عدم ترشيح الأب لنفسه مجددا وتقدم الابن الشاب للترشح ضمن المرشحين.. وكانت تلك التكهنات أشبه بضجيج مدروس ضمن (العملية الماشية)! وخلال انتخابات (الرياسة النيو لوك) بدت لجنة السياسات وكأنها ترسم مستقبل مصر حتى الألفية الرابعة، لكن العملية استمرت ماشية لتمرر على المصريين مرحلة جديدة.. المرحلة الحالية.. هناك صراع في حزب الرئيس بين لجنة السياسات ورجال الرئيس الأب، الولد كبر وأبوه ورجالة أبوه مش عاجبينه! الأب الكهل يدافع عن الحرس القديم، والابن ومعه لجنته يدخل معهم في حرب إزاحة، وهكذا بدأت حرب تكسير العظام بين الابن وأبيه وفريق هذا وذاك.. عظمة تنكسر هنا وأخرى تتهشم هناك.. لكن العملية ماشية.. وحسب إعلان تجاري يروج لحبوب الفياغرا فإن.. (العبرة في الصلابة)! والمعارضة المسكينة.. ما زالت تحلف اليمين وتقسم على المصحف الشريف إنها مش عبيطة وفاهمة إللي بيحصل! وتخرج المانشيتات هنا وهناك (لن نورث بعد اليوم)! والعملية ماشية، على قناة النيل للأخبار خرج جمال مبارك هذا الأسبوع يتحدث بثقة وصدر مفرود عن مرحلة جديدة في مصر.. وراح يقدم (بصفته رئيس لجنة السياسات طبعا.. إلى حين) وعودا بتوفير فرص العمل للعاطلين ومساكن للشباب المشردين! إمتى؟ قريبا.. قريبا جدا! فالعملية صارت في مراحلها الأخيرة.. لتقسم المعارضة بأغلظ الإيمان كما تشاء صباحا ومساء! جمال مبارك الشاب الوسيم ذو العينين المتنمرتين.. خرج من جلباب أبيه الكهل أو كاد.. وهو في الطريق إليكم.. يا نوّر، مرحب جوجو.. البيت من زمان بيتك! خالص تحياتي وأهديك أغنية عمرو دياب مع بدايات الفصل الأخير: خلاص بقه بيتكلم.. يرحم زمن السكوت.. كبر أوام واتعلم.. وخلاص طلعله صوت..!
#هويدا_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدين مذبح الفقراء في دولة البوليس والفساد
-
الجريمة السياسية: استبداد الحاكم مقدمتها واغتياله نتيجتها
-
الجامعة المصرية: بيت ذل وغضب
-
متى يكون القتيل الفلسطيني شهيدا؟
-
للمرة الرابعة جائزة نوبل لمصري وليست لمصر
-
حكم مجحف بحق تيسير علوني: الصحافة كساحة صراع بين الشمال والج
...
-
زمن بث المؤتمرات الشعبية: كفاية تتحدى مبارك على الهواء
-
الموت بلا معنى.. لعنة أصابت بغداد
-
هيكل وبهية وتباشير الجيل الجديد
-
قمة العالم: لا مفر من مواجهة بين شمال متقدم وجنوب مثقل بماضي
...
-
إذاعتا الغد والإنقاذ أولى خطوات التمرد
-
فضائية مصرية من ميونيخ.. هل تنجح؟
-
الانتخابات المصرية: يخاف من الشهود من ينوي ارتكاب جريمة
-
أفراح الانتخابات المصرية تتواصل
-
يعني إيه واحد يعشق الكتابة؟
-
وكأن الحكاية جد: مرشحون.. لكن ظرفاء!
-
الانسحاب من غزة: بالطبع الفرحة ناقصة
-
لقطات من الفضائيات
-
وزير جميل في زمن قبيح
-
موريتانيا والظواهري والمستوطنين: حصاد الأسبوع الفضائي
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|