|
ما البرلمان العراقي من مجلس العموم البريطاني ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5006 - 2015 / 12 / 6 - 12:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما يناقش مجلس العموم البريطاني قضايا حساسة و مشاكل تمس حياة ابنائهم، تختفي كليا انتمائاتهم الحزبية الايديولوجية الضيقة كما حدث اخيرا ابان مناقشتهم لقرار مشاركتهم في محاربة داعش طوال مدة احد عشرة ساعة، لم يكلوا و لم يملوا من انصات و اتخاذ مواقف و تبادل اراء نابعة من مصلحة بلادهم فقط، دون اي انتماء اخر . اننا هنا لسنا بموقف ان نقيٌم برلمانا اسست بالامس بل هو نتيجة تقادم الزمن على اهم مؤسسة ديموقراطية عريقة و اصبح حتى تحركات البرلمانيين عرفا لا يمكنهم تجنبه، و مهامهم تعتمد على المؤسساتية بشكل لا يمكننا الا ان نعتبرها قمة الديموقراطية الداخلية لهم . بينما القضايا الانسانية الاخرى لا يمكن ان نعتبرها من اولوياتهم عندما لا تمسهم و لا يمكن ان نقول بانهم يهتمون بها بقدر مستقبلهم و حياة مواطنيهم، و هذا من حقهم . لم يقدم هذا البرلمان الراقي العريق على خطوة واحدة تجاه تحركات داعش منذ اجتياحه العراق، الا انه كما هي فرنسا تسارعت الى تحركات و ما اوصلت اليه من القرار بمشاركة توجيه ضربات الى داعش على الرغم من معارضة قسم من المعارضة في برلمانهم بينما التفت حتى اكثرية المعارضة حول البلد في قرارهم الحساس هذا، و انهم توحدوا اكثر من اي مرة اخرى في اتخاذ القرار الحاسم المصيري الضروري المطلوب منهم . المهم بيانه هنا و ليس مدى ديموقراطية هذا البرلمان هو تجاوزهم للعمل و الهدف الحزبي و الايديولوجي الضيق عند نقطة حاسمة تهم كل البلد . انهم تجاوزوا كثيرا ما يهمهم حزبيا من الحسابات حول نسبة التصويت الذي يعتمون عليها في توجهاتهم في اكثر الاحيان، عدا تمسكهم بالمباديء الاساسية لكل حزب و شعاراته و برامجه و اعتمادهم عليه في قراراتهم . و هنا لا يمكن ان نصف مجلس العموم انساني التوجه كما يدعون هم اكثر من ما يهتموا بمصالحهم كدولة، لان كل نائب يحصل على المعلومات السرية التي لا يمكنه ان يفشيها على العموم و ليس كما البرلمانات الاخرى التي لم تحصل على اية معلومات او اسرار من مؤسساتهم المخابراتية لعدم وجود الثقة الكافية بينهم . اما البرلمان العراقي المسكين، فانه محبوس افكاره و توجهاته و خلفيته الحزبية الدينية المذهبية العرقية الضيقة جدا، لا يعرف من المصالح العامة بشيء يمكن ذكره، من جهة اخرى فلا يمكن ان نعتقد انه يحصل حتى على المعلومات العامة التي تفيده في قراره حول اية قضية او قانون او قرار يُناقش في البرلمان، و انما ياتيه مشروع قرار او صيغة يمكن ان يدلي بصوته بعد قراءة متنه . فالجيمع على علم بكيفية التصويت و الاتفاقات الجانبية التي لا يمكن ان يتذكر اي منهم في لحظة ما ما يهم البلد الا بعد ان يؤمٌن موقف حزبه و اهدافه، و الخلافات المختلفة التي طفحت الى السطح حتى عند مناقشة اكثر القوانين المصيرية، او لم يتمكنوا حتى الان من امرارها، فانعكست رؤى و توجهات الاحزاب الى البرلمان دون اي مراعاة للاستراتيجية التي من الواجب ان يسير عليها البلد، لان المشاركين لهم استراتيجيات مختلفة عن ما يهم مستقبل البلد بذاته، انها استراتيجيات او استراتيجية مقسمة بين الموجودين التابعين للمكونات والاحزاب المنبثقة من افكار و ايديولوجيات الاديان والمذاهب و الاعراق . فكيف يمكن ان نحصل على ما يهم البلد قبل الحزب او المكون او المذهب . فانه امر مستحيل في ظل الثقافة التي يحملها كل نائب ارسله حزبه ال البرلمان لامر خاص به وليس للدولة العراقية و الديموقراطية المطلوبة اية صلة به . فان تكلمنا باعتدال كامل لا يمكن ان نصفه افضل من انه يموقراطية ناقصة تعرج رغم وجود دستور يحدد مسارهم . لا يمكن مقارنتهم باي برلمان اخر في العالم و حتى القريبين منا في المنطقة . تاريخ الديموقراطية و الارضية التي ولدت منها و من ثم البرلمان و المرحلة الاستثنائية التي اخرجت البرلمان و من ثم تلتها التغييرات،و من ثم وضع البلد والصراعات الشديدة و ما انعكست على افكار و عقليات المواطنين كافة و منهم البرلمانيين، فلا يمكن ان نعتقد بان نجد برلمانا للبلد في المستقبل القريب طالما كان لدينا تلك الاحزاب والقانون الانتخابي و الديمقورطاية هذه . اننا نتاكد كلامنا هذا عندما نلمس كيفية تعاملهم مع البعض بالشكل الذي لا يطاق، و وصل الى معاملة الشارع ليس جسديا فقط بل اخلاقيا ايضا . زد على ذلك التدخلات و تاثيرات دول المنطقة المصلحية على كل حزب الذي يامر بدوره النائب على كل موقف والذي لا يمكنه ان يخرج من دائرته، و لا يضرب مصلحته و هو يطيع ما ياتيه من المكتب السياسي مهما اضر بالبلد و بمصلحته العامة . لم نر في يوم من الايام انقطاع البرلماني العراقي عن قرارات حزبه في تصويته . و لم نجد من الكتلة التي لم تنفذ ما ياتيها من خلف البرلمان من المتنفذين من حزبه وليس الحزب بكامله ايضا . هل سمعنا يوما بان النائب عن حزب الدعوة صوت لما لا يهدفه حزبه او من قوى السنية او الكوردية . فاننا يمكن ان نقول انه برلمان الاحزاب وليس للشعب به اية صلة، كما نرى عكسه في العالم كله . انهم حتى لم يقتفوا خطوات الخيرين من الناصحين لهم من المثقفين المستقلين العراقيين بل يزدادون تعلقا بحزبهم و اهدافه في كل صغيرة و كبيرة . لله درهم مما يضرون به البلد و مستقبل الاجيال، فهل نستحق الدكتاتورية ام هكذا كان جميع الدول بعد تحرره من البطش و السلطة الجائرة .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العقلانية في التوجه يمنع التخبط
-
لماذا يتحمل الشعب مغامرات القادة ؟
-
ما الهدف من دخول القوة التركية الى الموصل ؟
-
مواجهة روسيا مع امريكا ام مع تركيا بالوكالة عنها ؟
-
الدكتاتورية صفة فطرية ام مكتسبة ؟ (المالكي و البرزاني مثالا
...
-
ما تريده السعودية للعراق و ما تفضله ايران
-
لماذا يتهربون من المسؤلية في بغداد ؟
-
هل حقا السعودية تحارب الارهاب ؟
-
السعودية تعدم حصانا مثلي الجنس !!
-
الازمة الاقتصادية و توجهات السلطة في اقليم كوردستان
-
ابو شيرزاد والازمة الاقتصادية التي لا تُطاق
-
هل البيشمركَة قوات بريطانية ؟
-
هل يمكن تجسيد الدولة العلمانية في العراق مستقبلا ؟
-
شهيد آرام خالد الذكر
-
تاثير الخلاف الروسي التركي على كوردستان
-
لماذا هذا الموقف من اليساريين العروبيين تجاه كوردستان ؟
-
امريكا اتفقت مع الجناح المعتدل في ايران فقط ؟
-
كيف ترد روسيا على ما اقدمت عليه تركيا ؟
-
لا تهديدات ارهابية حقيقية ضد امريكا !!
-
من اسقط الطائرة الروسية تركيا ام امريكا ؟
المزيد.....
-
كيف ردت الصين على ترامب بعد فرضه الرسوم الجمركية؟
-
نبيذ الكوبرا وخصيتي الثعبان.. إليك وجبات غريبة يأكلها الأشخا
...
-
واشنطن تضغط على كييف: لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بحلول
...
-
بعد صورة الشرع متوجها إلى الرياض.. إغلاق حساب للرئاسة السوري
...
-
البحرية الإسرائيلية تعتقل صيادا لبنانيا عند نقطة رأس الناقور
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن توسيع عملياته شمالي الضفة الغربية
-
سموتريش يطالب نتنياهو بتدمير -حماس- و-نصر كامل- في غزة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ 3 غارات جوية على شمالي الضفة الغ
...
-
علماء روس يبتكرون نظاما للتحكم بكثافة البلازما
-
Lenovo تعلن عن حاسبها الجديد لمحبي الألعاب الإلكترونية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|