|
الرئيس الطالباني والفنان راسم الجميلي .. ماراثونات علي شيش
حسن حمود الفرطوسي
الحوار المتمدن-العدد: 1367 - 2005 / 11 / 3 - 11:11
المحور:
كتابات ساخرة
العراقيون شعب حكواتي، يحب الحكاية حد العبادة، بل ان عبادته لله مبنيّة اصلا على شغف الحكاية وهذا الشغف يأخذ شكل المكيدة احيانا حين يتحول هوس الحكاية الى نافذة وحيدة للحياة .. نحن شعب يكيد لنفسه ولا يتوب ، نكيد حين نحب ! ونكيد حين تكرهنا الاشياء وننفرط من بين يديها ! ونكيد حين تتلقفنا اذرع ما كنا لنعرف لها اثرا في الوجود !او انها بأختصار، مزاح موجع . في زمن ما، كان فناننا الطيب راسم الجميلي يفتش عن روحه بين مسابقات الاطفال التي كان يقدمها وبين محاولاته الحثيثة لتخطي عائق السمنة ليغدو كما الريشة على خشبة المسرح، هكذا كان يحلم راسم الجميلي .. وهذا قبل ان يقع تحت حبائل اول مكيدة اعدّها له العراقيون وهم يضحكون على حركته الثقيلة التي لم توح لهم سوى بشئ واحد فقط وهو ( التشريب ) حينها بدأ مفعول هوس الحكاية يأخذ مدياته الواسعة بين الناس عن علاقة راسم الجميلي بالتشريب وعن طرق مشاركاته الشعبية مع بعض اصدقائه لتناول قصاع التشريب في المطاعم الشعبية وكثرت الشائعات بانه يتناول ثلاث وجبات يوميا، من التشريب مع رأس بصل وبعض الطرشي .. وحقيقة المكيدة لا تكمن في الشائعات ذاتها، بل تكمن في تصديقها وتطبيقها من قبل الضحية نفسها ، حيث صدّق فناننا الطيب تلك الشائعات وراح يطبق تفاصيلها حرفيا ، بل زاد على ذلك بأن افتتح مطعما للتشريب !! في زمن لم يعد فيه لخشبة المسرح مكان بين تجار الاثار وتجار السلاح وتجار الاعضاء البشرية . اليوم وعلى ما يبدو ان هناك ضحية جديدة لمكائد الهوس الحكواتي، تلوح بالافق وهو رئيس الجمهورية المحترم ( ألأستاذ جلال الطالباني ) حيث بدأت حكايات ( علي شيش ) او ( الفسيفس ) باللهجة الدارجة، تتبرعم وتزهر بين شفاه اهلنا في العراق .. يقولون ان الطالباني يحب الفيسفس، يقصدون من ذلك طبعا انه يحب ان يتناول في وجباته الغذائية لحم الفسيفس .. هناك من يقول انه يحبه محشيا ومشويا على الطريقة الكردية وهناك مصادر تعتقد بلا دليل قاطع بانه يحبه اذا كان مطهيا مع مرق الفسنجون .. في مكالمة هاتفية للعراق مع اختي الكبرى وقد سألتها عن كيفية الاوضاع وعن مدى رضاها عن الحكومة الحالية ؟ وكانت قد اجابتني بالاتي ( والله يا خويه الحمد لله على الاقل هسه نكدر نحجي براحتنه بالتلفون مو مثل كبل، او هذا الطلباني زين والله او حتى وجهه سمح او محبوب، يا معوّد مو زين ريّسنا كردي ورئيس الوزراء شيعي ؟ الحمد لله الذي خلصنا من هذولاك الجلاب ـ تقصد البعثيين طبعا ـ ) لكنها ما ان انهت اجابتها حتى فاجأتني بسؤال جعلني انسى كل المواضيع التي اعددتها للحديث معها حول شؤون العائلة .. كان سؤالها لا يدعوا الى شئ سوى الضحك ، الضحك وبسخرية من كل شئ ( بس اكلّك خويه ؟ صحيح هو الطلباني يحب الفسيفس ؟ ) لم اكد اتمالك نفسي من الضحك وفي غمرة سكرات الضحك تذكرت ثمن المكالمة الباهض مما حدى بي الى ان انهي المكالمة بلا استئذان لكي اتمتع بهستيريا الضحك تلك بلا تكاليف .. ولكن دافعا من الفضول جعلني ان اتصل مرة اخرى لكي اعرف تفاصيل السؤال وكان في الجهة الاخرى هذه المرّة ( جميعة ) ابن خالتي وهو صبي شبه معتوه او نصف مجنون او ربما اعيته حكمته التي قادته للايمان بخرائط النهر دون مزق الخرائط التي تتقاذفها مكابرات الصوت .. كان قد بادرني بتعليق لا يقل ظرافة من تعليقاته المعتادة ( يابه هذا طلع يحب الفسيفس ؟! جا عبّالنه بس الموامنة بطننجيّة ؟ هاي طلعت كلها لكّامة، حتى الطالباني ؟! ايكلّك كل يوم يتغده نصف فسيفس ويتعشى بالنصف الثاني .. ايموت عالفسيفس )* حين سمعت ذلك عن لسان جميعة شخصيا، ادركت حقيقة الموقف الخطير الذي فيه سيادة رئيس الجمهورية وأقترابه من هاوية المكيدة التي اعدّها هوسنا الحكواتي المجنون وخوفي كل خوفي من ان يصدّق السيّد الطالباني بكل ما جاء من شائعات ويقوم بتطبيقها ؟! أو ربما يبتعد اكثر ـ مثلما فعل راسم الجميلي ـ ويقوم بأنشاء مزرعة خاصة لتربية ( الفسيفسات ) ولكني تراجعت من بعض مخاوفي استنادا الى التاريخ الثري بالخبرة والنضال من اجل قضايا الانسان العادلة الذي يحمله سيادة رئيس الجمهورية، سوف يكون بمثابة خطوط دفاعية قد تقيه تلك المكائد التي يتسلّى بحياكتها كل من( جميعة ) ابن خالتي و( محيسن الاعور) وهم يتهرّبون من عملهم اليومي في ( علوة ) بيع الخضار بحجّة ان جيش المهدي يعيق اعمالهم ويجعلهم يعملون في ظروف غير آمنة . اليوم .. ورغم اني محاصر بالفايروسات الكومبيوترية وهو حصار فرضه هوس الحكاية ذاته، الا اني تمكنت من قراءة خبر سريع في لحظة سهو من الفايروسات او في لحظة دهشة الفايروسات نفسها من ذلك الخبر ( الرئيس الطالباني يوجه رسالة الى رئيس الوزراء الدكتور الجعفري يدعوه فيها الى التعاطف مع حالة برزان التكريتي الصحية ويطالب بنقله الى مشفى آخر خارج الاماكن المخصصة للمعتقلين ، نظرا للتوجّه الانساني للحكومة الجديدة وكذلك نظرا للروابط العائلية التي تجمع سيادة الرئيس بالمدعو برزان التكريتي ) خبر من هذا النوع ، لا يدع امامي سوى ان اطلق العنان لمخيلتي التي تشترك مع مخيلة جميعة في بناء هيكل كامل من التعليقات ولكن هذه المرّة علينا ان ننتظر آخر اخبار انفلونزا الطيور وهل هو مرض يصيب الدجاج فقط وينتقل من خلاله ؟ ام انه يصيب الفسيفس ايضا ؟! كنّا نتأمل كثيرا وجود مثل هذه المراسلات التي تحمل مضامين انسانية بين اعضاء حكومتنا وبلا أدنى شكّ بالموضوع كان من الممكن ان تكون هذه الرسالة من دواعي سرور الجميع، لو كانت موجهة بخصوص ( القاص العراقي محسن الخفاجي ) القابع بأحد السجون الصحراوية دون ان تتضح لحد الان ملامح معينة للتهم الموجهة اليه ؟! أو .. لو كانت هذه الرسالة موجهة بطلب لرئيس الوزراء للأهتمام ببرامج عودة المهاجرين العراقيين من الخارج والعمل على تأسيس آليات الاستفادة منهم في اعادة الاعمار الذي اضحى علينا مثل السرّ الاعظم ، نسمع به ولا نعرفه او نراه، فلو كانت كذلك لكانت انسانيتها حقيقية بكل مدلولاتها .. لو كانت دعوة لبناء مدرسة في ناحية الكحلاء او في الكوفة او في المسيب ؟! او بناء متحف في قضاء الدجيل لآثار الجرائم التي ارتكبها برزان التكريتي في تلك المدينة ؟! لو كانت دعوة او نداء او مطالبة بخصوص ابننا غير الضال، رغم ضلال اطرافه عنه ( علي ) لكي يعود بما تبقى له من جسد، الى وطن ما زلنا نبحث عن بقاياه، علّه يجد شيئا من الصلح بينه وبين الدنيا، حين يدنو من موطن الوجع، خير من ان تستنزفه عدسات الكامرات التي حولت ابتسامته المريرة الى ملصق اعلاني للهاتف النقال ؟! ** فلو كانت كذلك ؟ لما اضطرني الحال الى ان استعير مخيلة ابن خالتي جميعة وأوجه ندائي ألأول الى وزارة الاوقاف والشؤون الدينية بأن تصدر بيان يعفى فيه رئيس الجمهورية من فريضة الصوم نظرا لما لوحظ عليه من فقدان التوازن في اتخاذ قراراته السياسية اثناء هذا الشهر الكريم بسبب حرمانه من نصف الفسيفس الذي اعتاد على تناوله بوجبة الغداء . اما النداء الثاني الذي اوجهه، فهو الى وزارة الزراعة بأن تأخذ الحيطة والحذر من اي تعليمات قد ترد من رئيس الجمهورية بخصوص تحويل طواقم خبراء الدواجن في الوزارة الى خبراء في تربية الفسيفسات . اما النداء الثالث فهو موجه الى سيادة رئيس الوزراء المحترم بأن لا يقبل هذا الطلب وان يهمل ألألتماس، حتى لو ثبت بالدليل المادي ان سيادة الرئيس يحب الفسيفس بالبفسنجون . هوامش : * الموامنة باللهجة الدارجة هي جمع مؤمن والمقصود منه، رجل الدين المعمم، اما البطننجية واللكّامة فهي صفات محترفوا الولائم ومتأملوا اللقمة ومنظروا مزايا الطعام والعارفون بدروب موائد اهل الكرم والماسكون على مواعيدها . ** يوم امس راودتني رغبة بالبكاء، حين رأيت ملصقا اعلانيا كبيرا عن احد نوعيات الهواتف النقالة في وسط مدينة ميلبورن الاسترالية، تظهر فيه صورة كبيرة لعلي وهو يمسك بيده الاصطناعية هاتف نقال وهو يبتسم بشرود بينما الناس محتفلون بايام كأس ميلبورن لسباق الخيول .. تلك الرغبة بالبكاء كانت تشبه نوعا ما، حقيقة مشاعري حين رأيت صورة المرجع السيستاني، اول مرّة، على دعايات الانتخابات .
#حسن_حمود_الفرطوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشعل ... و 14 تموز المجيدة ... وصندوق ابي
-
نصل السكّين
المزيد.....
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|