القاضي منير حداد
الحوار المتمدن-العدد: 5005 - 2015 / 12 / 5 - 00:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
160
"دماء لن تجف"
موسوعة شهداء العراق
الحلقة الستون بعد المائة
الشهيد جمال جواد البخاتي
{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة "دماء لن تجف" في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
القاضي منير حداد
تعالت أصوات الوجهاء، من عشيرتين، في مدينة "الثورة – الصدر حاليا" أثناء "فصل" لحل نزاع نشب بين شابين، بشكل أوجست منه أم الجاني خيفة، وبعد هدوء الأصوات، خرج أحدهم، فسألته: "ها خوية شكاعد يصير؟" رد عليها: "تخربط الكلام، وعدله شاب زغير".
كان يشير بالشاب الصغير، الى السيد جمال جواد البخاتي، الذي يؤمن بوجوب تحويل الإسلام الى تقليد إجتماعي، نابع من وسط البسطاء، مترجما إيمانه الى سلوك، ذي سحر رباني رفيع، في حل المشكلات العارضة بين أهالي "الثورة" وهو لم يزل صغيرا، يقتدي به الكبار والصغار.
والشهيد البخاتي، تولد مدينة الصدر، نهاية الخمسينيات، إنتسب الى حزب الدعوة، وإعتقل.. وهو طالب في كلية الهندسة، بجامعة الكوفة، وأعدم، مطلع الثمانينيات، مخلفا أثرا فائقا في نفوس من يعرفوه.
أبسط آثاره، توجيهه الأطفال واليافعين الى المطالعة الخارجية والتثقف، بالإضافة للمواظبة على الدراسة المنهجية، تضافرا مع قراءاته المفتوحة، في كتب دينية وغير دينية، إنفتاح، لو أتيح له أن يعيش فعليا؛ لتمكن من خلق حضارة إنموذجية، تعتمد الدين في تقويم بنائها، من دون تكلف إعتقادي، في نسق ذي خصوصية، يمتاز بها الشهيد جمال البخاتي.. نسيج وحده، من دون سواه.
علم شباب الثورة، حرية التطلع، وهو رجل دين لكنه لا يستفز من فن وفلسفة متطرفة وسواهما، بل إستثمر جمال صوته، في ترديد دعاء "كميل" بحنجرة تضيء غروب كل يوم، حيث ينتظم المصلون قبل الآذان للتبرك بالإصغاء له، وتفترش النساء أركانا، من جامع "الشيخ كاظم" في قطاع (44) من الجوادر.
مسابقات فكرية مطلقة، تصب في الدين، ينظمها مقدما الهدايا ليس للفائزوين فقط، إنما للمشاركين كافة.. من جيبه الخاص، وهو ما زال طالبا، في بيت يعاني شيئا من عوز.. حلقات درس متنوعة الطروحات، حسب ميول الشباب، أشرف عليها، بحيث أصبح الإسلام حاضنة للكاتب المسرحي والموسيقي والرياضي والأديب، كلهم حلقوا في فضاءات ميادينهم الإبداعية، تحت خيمة إيمان منفتح على حسن الإعتقاد، من دون أن يثقل على تطلعات الشباب، متفهما ضغوطات الواقع، وإشتراطات النجاح، موجدا التكييفات، التي لا تخترق تعاليم الإسلام، ولا تحد من إنطلاق الشاب، بحرية لا إنفلات فيها.
إعتقل مرة، في الأمن العامة، ثم أطلق سراحه، ماكثا في بيتهم أسابيع.. لم يهرب، من تحت عيون الرقباء، وأعيد إعتقاله، وبعد بضعة أيام سلمت جثته الطاهرة، لأبيه وشقيقه السيد حسين وإبن عمه كريم.. رئيس مكتب عشائر مدينة الصدر حاليا.
#القاضي_منير_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟