أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نارين رياض - الجهة الاخرى














المزيد.....

الجهة الاخرى


نارين رياض

الحوار المتمدن-العدد: 5001 - 2015 / 11 / 30 - 22:49
المحور: الادب والفن
    


في انتظار الجرس كنت انظر الى تفاصيل غرفة الانتظار بما انني لا املك شيئاً افضل اقوم به. بدأت من السقف وكان لونه فاتحاً جداً لا يوحي بالمكان الذي يغطيه بعكس الارضية التي تم كساؤها بسجاد اسود. بقية الغرفة كانت تتراوح بين البني والاسود في الالوان, متساوية في الوساخة والاهمال. العامل الذي كان ينادي اسمائنا كان يسعل باستمرار ومن الواضح انه كان مريضاً جداً ومع هذا فأن مرضه وسوء مظهره لم يمنعه من ان يتأمل بوقاحة الفتيات الصغيرات اللاتي كان يجمعهن بنظراته في ركن واحد كان الابعد عنه في تلك الغرفة. كان احساسه بالسلطة يفوق اي احساس آخر يجب ان يشعر به كالمرارة و آلام السعال او القذارة التي تنطوي عليها مهمات وظيفته. كان يختار اسمائنا حسب مزاجه ولم نفهم خلال الساعات العشر التي قضيناها في تلك الغرفة انا ورفيقي ما هو النمط الذي يختار على أساسه الاسماء وتسلسلها. وفي نهاية اليوم لم نعلم ماذا كان يحل بمن لم ينطق بأسمائهم ولكن من الواضح انه لم يكن مصيراً لطيفاً. تم نطق اسمائنا انا ورفيقي أخيراً بعد طول انتظار دخلنا الى الغرفة الاخرى والتي اتضح بأنها ليست سوى جسر هزيل ينقلنا نحو غرفة اخرى واسعة انارتها افضل بقليل من الغرفة الاولى لننتقل بعدها نحو مكان اشبه بساحة مفتوحة وكانت تضم مجاميع مختلفة من الناس رأينا بعضاً منهم ممن كانوا معنا اليوم في غرفة الانتظار.
عادت بي الذاكرة في تلك اللحظة الى الغرفة الوسخة فتذكرت كيف أننا عندما كنا ندخل تتغير ملامحنا فوراً او هذا ما افترضته بناءاً على ما رأيته قد حدث لمن تبعوني في الدخول, فتصبح الواننا ملائمة اكثر للاجواء ونظراتنا تفقد البريق الذي يتناقض تماماً مع الغبار الذي يغطي كل شيء ما عدا السقف الابيض. دخلت في لعبة بسيطة مع رفيقي لنحزر عمر تلك الطبقة الترابية فوق الاثاث. كان رأيه انه لم يتجاوز المائة عام أما انا فقد كنت واثقة من انه قارب السبعة او الستة آلاف سنة ونصف على الاقل بناءاً على نمط وطراز الاثاث ونوع النسيج المستخدم لتغطيته. أخيراً انتهت اللعبة بنظرة مرعبة من ذلك العامل. وعندما تذكرت شكله تنبهت الى لون بشرته تلك الطبقة التي احاطت بهيكل ضخم. كان يرتدي ملابس مصنوعة من نفس النسيج القديم اذاً لا بد ان عمره ايضاً يقارب عمر الاثاث. اما السقف فيبدو انه قد تمت اضافته لاحقاً لأن تلك الطريقة لم تكن معروفة في ذلك الوقت ولا حتى قبل مائة عام كما اقترح رفيقي.
عدت الى ارض الواقع (على ما اعتقد) على اثر ضربة خفيفة من رفيقي على جانب جسدي لاستمع بانتباه لتعليمات الحراس:"ستذهبون الى حيث نأمركم بدون نقاش او جدال والا فسيتم رميكم من أعلى الجسر الذي مررتم به لتكونوا طعاماً للأمتات والسحالي."
تم نقلي لمجموعة تقف في الصفوف الوسطى وترتدي الاوشحة الخضراء الداكنة وقد قابلت هناك افراداً كثيرين من عائلتي اما رفيقي فقد تم نقله الى الصفوف الامامية حيث تاه عنه بصري قبل ان اعرف لون رداءه حتى وادركت بأنني لن اراه ثانية ولكن من انا لاحزن على شيء كهذا فبالتأكيد ما سيتم تقريره هنا هو أمر قدري لا يحق لنا ان نجادله, وحتى لو شعرنا بأن هذا من حقنا فسنكون طعاماً للوحوش والكيانات الغريبة قبل أن نحصد ثمار اعتراضنا.
سرنا لمدة طويلة جداً ولم نكن نشعر بالتعب بل الترقب والانتظار وكان الجهل بما سيحدث ينسينا اننا نسير اساساً. بعد عدة ساعات وعدة انتقالات لي ضمن مجاميع اصغر وتغيير الوان اوشحتي عدة مرات استقريت في مجموعة صغيرة جداً لم اكن اعرف احداً منهم وتقدم نحونا حارس طويل ضخم البنية يمتلك أربعة اذرع يحمل في كل منها رمحاً وبدون ان ينطق وجهنا نحو الوجهة الاخيرة حيث استقرينا فوق ذلك الجدار وابلغنا بعدها بأنه قد حكم علينا بالصمت الابدي.



#نارين_رياض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صعلوك
- وطن
- يوماً ما
- رسالة
- إنسحاب
- علبة الاقلام
- يوم مدرسي


المزيد.....




- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...
- الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نارين رياض - الجهة الاخرى