أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهده محمد علي - طيور بلا أجنحة ( 1 )














المزيد.....

طيور بلا أجنحة ( 1 )


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 5001 - 2015 / 11 / 30 - 10:52
المحور: الادب والفن
    


إستيقضت الطفلة وحيدة ذات الست سنوات على صوت دوي هائل صباح أحد الأيام العاصفة بترابها الأحمر ، وجدت الطفلة أن بيتها الصغير قد تهدم وأن أخويها وأبويها قد دفنوا تحت الأنقاض ولم يظهر منهم سوى أكفهم الممدودة إلى الأعلى وكأنها تستنجد بالسماء . لم تكن وحيدة قد فهمت ما حصل بل أحست أن شيئاً مرعباً قد إجتاح بيتها ، وحاولت نفض التراب عن جسدها وهي تصرخ متألمة ثم خرجت إلى الشارع ، ولم يشعر بها أحد من الجيران أو المارة المزدحمين حول الأنقاض ، وهرولت الطفلة وكأنها تبحث عن والديها يميناً ويساراً ، تناديهما ولا تسمع شيئاً حتى وصلت إلى منعطف الشارع حيث وقف الكثير من المتسولات يستعطفن المارة ، لاحظت إحداهن الطفلة فأمسكت بها وكأنها تمسك بصيد ثمين وأسرعت بها إلى البيت . أطعمت المرأة الطفلة ثم قالت لها هنا ستنامين وأنا أمك الجديدة ، ففتحت وحيدة عينيها وهي لا تفهم شيئاً ، وعند المساء فُتح الباب ودخل منه رجل في منتصف العمر تلطخت ملابسه بالدماء وكان يعمل قصاباً في متجر للحوم يعود إلى أحد أقاربه ، دخل الرجل وإغتسل ثم إقتربت منه زوجته هامسة وقالت : إحذر لن تفعل ما فعلته من قبل فستجعلها تهرب كسابقتها ، قال : ما لي ولها ، كان البعض من أقارب وحيدة يبحثون عنها في الشوارع والمناطق المجاورة لكنهم لم يعثروا على أثر لها .
في اليوم التالي أخبرت المتسولة زوجها بأن وجود الطفلة معها لم يجلب لها الكثير من المال ، ولا يكاد المارة يلحظونها ، فهمس الرجل بأذن زوجته على أنه يجب أن يقوم بقطع يدها لكي تجلب المزيد من العطف والنقود من المارة ، فمانعت الزوجة وقالت : لم يحتمل الصغير الذي قبلها ومات من شدة النزف ولم تنفع كل الضمادات التي إستخدمناها ، وأخاف أن تنتهي هذه الطفلة بنفس الطريقة ، ونخسر نحن النقود التي يجلبها وجودها معنا ، ولم يعد الناس يتعاطفون معنا لكثرتنا على ناصية الشارع ، وإسترسلت المرأة فقالت : لقد قامت إحدى صاحباتي بحرق جلد أحد هؤلاء الأطفال فجلب لها هذا الكثير من المال من رقيقي القلوب المتعفنين ، فضحك الزوج وقال : ألا ترين الفتاة جلد على عظم وأخاف أن يحترق عظمها ، قالت : الأحسن يدها ، قال : حسناً غداً صباحاً إعطيها بعض الطعام وسأقوم أنا بالمهمة .
وعند الفجر كان هناك صراخ مدوي في بيت المرأة المتسولة وإستمر لدقائق ثم أعقبه سكون مطبق ، وخوف ورعب في وجه المرأة وزوجها ، وبقي الإثنان متسمرين في مكانهما ، ثم قالا لم نكن نعتقد أنها ضعيفة لهذه الدرجة ، ثم قالت المرأة ربما لآننا لم نستطع إيقاف النزيف أو لقلة دمها ، ثم تابعت في كل الأحوال لا يهمنا الأمر ولكن أين سنضعها ، قال الرجل : هناك حفريات في مجاري الشارع ، كلها مفتوحة ، سنغرقها في إحداها وينتهي الأمر .
بعد أيام طفحت مجاري الشارع وبان ما في داخلها ، ثم جاءت إحدى سيارات الشرطة لترفع جسد الطفلة ، وكتب أحدهم تقريراً بأن الطفلة مجهولة الهوية . ثم نشرت الصحافة اليومية تقريراً مختصراً عن موت الطفلة وكان من الغريب في الأمر أن يكون هذا التقرير إلى جانب مقال كُتب حول طفلة ألمانية نابغة في سن السادسة قامت بعزف مقطوعات ( بيتهوفن وموتزارت ) على البيانو ، وقد لُقبت هذه الطفلة المتميزة بذات الأنامل الذهبية .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر الذكوري في الفلم الأفغاني ( أُسامة ) .
- ماذا فعلتم بشباب العراق
- النرجسية والعرب
- البقاء للأقوى أم للأصلح لدى المسلمين
- الزهايمر المرضي - السياسي
- لماذا يصفق العراقيون بيد واحدة .
- كارثة الطفل العربي - العمالة -
- الأم طوعة العراقية
- هل يحتاج العالم العربي مجدداً إلى سفينة نوح
- حكم الجاهلية - إستعباد النساء
- الطفولة العراقية والحرمان
- هل أصبحنا قتلة محترفين
- العراق هو الأسوأ صحياً في منطقة الشرق الأوسط
- أغصان بلا جذور ... قصة واقعية قصيرة
- حرامية بغداد
- حينما يبيع الإرهابيون الفتيات العراقيات لِمَ لا يشتريهن العر ...
- حين إبتلع أطفالنا موسى أبائهم
- لماذا نلعن الناس في العراق .
- سيناريو درامي ... مقاتلون عند الفجر
- لماذا نلطخ وجه الإسلام بالدم


المزيد.....




- قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل ...
- ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية ...
- حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
- عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار ...
- قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح ...
- الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه ...
- تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
- مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة ...
- دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
- وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهده محمد علي - طيور بلا أجنحة ( 1 )