|
-قواريرهم- ونساءنا؟
نادية محمود
الحوار المتمدن-العدد: 5001 - 2015 / 11 / 30 - 02:16
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
[email protected] قامت طالبات معهد الفنون الجميلة في بغداد في يوم 27 تشرين الثاني الجاري بتظاهرة احتجاجية ضد قرار منع تدريس الاساتذة من الرجال للطالبات الاناث. من المعلوم ان الكلية هي للبنات فقط، بعد ان جرى الفصل بين الجنسين فيها ابتداءا. الا ان الحكومة لم تحتمل ان يدرس رجلا طالبات تحت شعار الفصل بين الجنسين، فبدأت حملة لمنع تدريس الاساتذة من الذكور للطالبات. هذه السياسة شرعت في الوقت الذي تتظاهر فيه الناس منذ ما يقارب خمسة اشهر مطالبة بانهاء الفساد، والحصول على كهرباء وخدمات، فرص العمل وغيرها، الا ان الحكومة تشيح بوجهها عن هذه المطاليب لتصدر سياسات وقوانين وتتخذ اجراءات لم يطالب بها احد اساسا. وتلتفت وبشكل جدي الى مسالة الفصل بين الجنسين في الجامعات التي لم تخطر ببال احد سواهم هم الناطقين الرسميين باسم الاسلام السياسي. انها سياسة التخبيل واشغال اذهان الناس بمسائل لم تخطر على بالهم، ليجعلوا منها هموما للمجتمع. الفصل بين الجنسين شعار اسلامي صرف. لقد دشنت هذه السياسة في ايران حين اسس الاسلام السياسي الشيعي جمهوريته "الاسلامية" وفصلت الذكور عن الاناث في الجامعات والمدارس منذ عام 1979. انها نفس سياسة السعودية التي تعمل محاضرات مسجلة للاساتذة من الذكور على الفيديو لتلقى على الطالبات، منعا للاختلاط بين الجنسين. لم يشأ الاسلام السياسي الشيعي في العراق ان يتخلف عن السعودية وايران، فشرع بقوانين الفصل بين الجنسين في التعليم. انها تتمة لفرض الحجاب على النساء، وقتل النساء، واشاعة الدعارة باسم "زواج المنعة"، اصدار قوانين الشريعة الاسلامية، وتشييع الاخلاق الاسلامية، الى حد وصلت حتى مصافحة اليدين بين الرجال والنساء الى حد الاختفاء في العراق. هذه السياسة هي جزء من ايديولوجية دولة الاسلام السياسي الشيعي لما بعد حرب 2003. انه تطبيق لقوانين الشريعة الاسلامية. الايديولوجية التي بدئها صدام حسين في حملته الايمانية، والتي ادامها وكرسها بعمق الاسلام السياسي الشيعي. هذه السياسة هي حلقة من استراتيجية سياسية لاسلمة الدولة المجتمع. انه مسعى لحذف نمط الحياة المدنية، واحلاله بنمط ديني اسلامي. انهم يدعون انهم يعبرون عن "تقاليد المجتمع". ان هذا كذب. ليس فصل النساء عن الرجال في الجامعات جزء من تقاليد المجتمع. منذ الثلاثينات في العراق والتعليم مختلط في الجامعات، وفي عدد ليس بقليل من المدارس الابتدائية. ولم يعترض المجتمع، ولم ينبرى احد يوما من المجتمع ليطالب بالفصل بين الجنسين. ان التمييز بين البشر على اساس الجنس تشكل ركنا اساسيا ومحوريا من ايديولوجية الاسلام السياسي، انها هويته السياسية، الثقافة والتقاليد التي يريد ترسيخها في المجتمع. والتمييز في التعليم بين الذكور والاناث هي فكرة اسلامية بامتياز. ان الهدف من هذه السياسة واضحة، لتشييع وهم بان العراق "دولة اسلامية"، والمجتمع "اسلامي"، وانه يحق لهم، بناء على هذا، حكم المجتمع، كاحزاب اسلامية. ليتذرعوا لاحقا بان شيوع الحجاب والفصل الجنسي هو امر يريده المجتمع. انها سياسة لصرف الانظار عن المستنقع الاسن الذي تغط به هذا الحكومة من فساد ونهب وارهاب. لصرف الجهود والتركيز عن الصراع الدائر اليوم، صراع الجماهير الساعية للخلاص من سياسة الحكومة اللصوصية، لتحولها الى صراع حول "تدريس المدرسين الذكور للطالبات الاناث". لصرف الاذهان عن الصراع الطبقي، الصراع الحقيقي بين الملايين التي تعاني الحرمان الاقتصادي والعنف والارهاب وعدم الامان، ليحل محله صراع حول "الاخلاق" والدين.
بينما العالم يتجه نحو الوقوف ضد كل اشكال التمييز والعنصرية على اساس اللون، والجنس، والدين، والانتماء السياسي، والحالة الجنسانية، يقوم الاسلام السياسي في هذا القرن بتأسيس وترسيخ التمييز على اساس الجنس. والدماء لازالت تهدر كل يوم وكل ساعة بسبب سياسيتهم التمييزية على اساس الدين والمذهب، والطئفة والقومية. ان للحركات الاسلامية مصلحة قصوى في هذه القوانين، لفرض ايديولوجيتها الرجعية العنصرية والتمييزية على المجتمع، ولاجل ان تنفرد بفرض اخلاقها وتقاليدها وثقافتها، كاشكال مختلفة لجوهر سياستها تجاه المجتمع. ان الاخلاق والثقافة ترتبط بالف وشيجة بالسياسة. فتعاليمهم واخلاقهم تبيح للرجل ممارسة العنف وحتى اغتصاب "قواريرهم". وماذا ستفعل الحكومة بعدها، تفصل النساء عن الرجال في العمل؟ في المستشفيات، في الاسواق، في الشوارع، في المطاعم. منع النساء من التحدث في الشوارع وخارج المنازل لان اصوات النساء "غاوية للرجال" و"فتنة للامة". ان تعاليم الاسلام السياسي تجاه المرأة لا نهاية لها. فباب الاجتهاد مفتوحا لهم لابتداع كل يوم شيء جديد. الا انه، في الوقت الذي يرى المرء السياسة التمييزية على اساس الجنس الذي تقوم به احزاب الاسلام السياسي الشيعي، يرى على الجهة الاخرى، تظاهرة الطالبات وهن يحملن شعاراتهن ضد الاسلام السياسي. ان هذا يملأ الانسان بالامل، ويملأ القلب فرحا. ان هؤلاء هن نساءنا اللواتي يتصدين للاسلام السياسي. ان النفس لتمتلأ غبطة بان يرى الطالبات يتظاهرن في الشوارع، رافعات أصواتهن لينسجم مع الصوت العالمي الداعي للمساواة بين البشر والغاء التمييز على اساس الجنس. انهن جزء من هذا النضال المحلي، وتظاهراتهن هي جزء من نضال وسعي عالمي ضد الاسلام السياسي، الذي لم ير العالم باجمعه غير الويلات منه. عاشت طالبات كلية الفنون الجميلة في بغداد. وعاش نضال نساءنا ورجالنا ضد سياسات التمييز على اساس الجنس الاسلامية.
#نادية_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لمن تصغي الحكومة؟ للمتظاهرين ام لصندوق النقد الدولي؟
-
رواتبهم بايديكم!
-
الى كل الغاضبين على الذين وضعوا العلم الفرنسي على بروفايلاته
...
-
هل بالتوجه الى الخضراء، سيستجاب الى مطاليب الجماهير؟
-
قانون الاحزاب والشفافية المالية في العراق
-
رسالة الى د.فارس كمال نظمي حول لقاء وفد من المدنيين مقتدى ال
...
-
قانون الاحزاب والموقف من الميشليات!
-
قانون الاحزاب في العراق لمصلحة من؟ وضد من؟
-
مقترحان عمليان لممثل اليعقوبي حول التظاهرات الجارية في العرا
...
-
كلمة في بدء العام الدراسي الجديد
-
الكوليرا والماء النقي وحلول الحكومة الشيعية
-
لا شيعية ولا سنية.. دولة.. دولة مدنية
-
حول العفوية والتنظيم
-
دخول الميلشيات الشيعية الى ساحات الاحتجاجات ينقل التظاهرات ا
...
-
من الربيع العربي الى الصيف العراقي، وايصال الجماهير الى تحقي
...
-
وثيقة رمضان: واسطورة السلم المجتمعي
-
نادية محمود - عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العر
...
-
بمناسبة مرور عام على احتلال داعش: لنصعد النضال ضد كلا طرفي ا
...
-
العلمانية ام الحرب الطائفية؟
-
نضال عمال شركات الأسمنت في العراق ضد شركة لافارج
المزيد.....
-
الكويت.. مراسيم جديدة بسحب الجنسية من 1145 امرأة و13 رجلا
-
نجل ولي عهد النرويج متهم بارتكاب اغتصاب ثان بعد أيام من اتها
...
-
انحرفت واستقرت فوق منزل.. شاهد كيف أنقذت سيارة BMW امرأة من
...
-
وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه
...
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|