أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد البورقادي - الرأسمالية والإغتراب ..














المزيد.....


الرأسمالية والإغتراب ..


محمد البورقادي

الحوار المتمدن-العدد: 5000 - 2015 / 11 / 29 - 00:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن ظهور الرأسمالية وانتشارها كأساس اقتصادي في جل دول العالم خلف ظاهرة الإغتراب ..هذا الأخير الذي وصم حياة الطبقات الفقيرة وجعلها كئيبة مستقرة لا تحسن فيها ولا تطور ..
إن الرأسمالية المتوحشة التي تهدف إلى امتلاك وسائل الإنتاج بصفة فردية من طرف بعض الأشخاص أدت إلى تقسيم المجتمع وفق تراتبية غير عادلة وغير منصفة يتعالى فيها القوي على حساب الضعيف ..هذا القوي هو من يملك وسائل الإنتاج من مصنع وآلات ورساميل رمزية ومادية يتحكم في الضعيف الذي لا يملك إلا قوة عمله ..حيث يفرض عليه الإنصياع لأوامره التي تقتضيها شراكة الأجير مع المأجور ..إنها علاقة العبيد بالسيد إن صح القول ..علاقة تتأسس على الطاعة العمياء وعلى الخوف ولا تتأسس على الإحترام المتبادل ..تنبني على الإستغلال الأقصى من طرف المشغل للمشغل ..استغلال مفرط لليد العاملة في سبيل بلوغ أعلى نسبة إنتاج ممكنة ..
في سبيل تحقيق الربح ..الغاية تبرر الوسيلة ..وليس هناك اعتبار للإنسان الذي هو المنتج الحقيقي للمنتوج ..ليس هناك إنصاف في حقه ..لا يهم عدد ساعات العمل .. لا تهم الوضعية الصحية للعامل أو ظروفه الإجتماعية..لا يهم توفير شروط السلامة المهنية ..كل ما يهم هو قيمة العمل ..هو القيمة المضافة التي سيحققها هذا العامل مهما كلفه الأمر ..
إنها علاقة قهر وتبعية ..علاقة سيطرة يستعبد فيها ملاك وسائل الإنتاج القوى العاملة إلى أبعد حدود ..في وقت حلت فيه الآلة مكان الإنسان حتى أصبحت هي من تحدد وجوده وثقافته ..
لقد أصبح العامل في ظل هاته الظروف الإستغلالية يتأوه في سكات ..وتتعاضم سكرات آلامه الخفية ..إنه يتعذب باستمرار ويعاني باستمرار وكل طاقاته تصب في سبيل تراكم رأسمال الإنتاج الذي يستفيد منه صاحب الملك ..كل قيمة عمله تساهم في التراكم والتكديس لهذا الرأسمال الذي لا يفيد منه شيئا ..إنه ينتج لغيره ..إنه يبيع عمله للآخر بثمن بخس ولا يجد للإعتراض سبيلا ..لأنه مملوك عند سيده يفعل به ما شاء ..وإن احتج الأجير لضغط العمل أو لسوء الأجر كان مصيره الطرد ..كيف لا وآلاف الأيدي مشمرة في انتظار من يناديها ويطلبها للعمل لأنها لم تجد بديلا يغنيها عن الإستعباد للغير والإستغلال من الغير ..فالإستغلال من هنا هو سبب البقاء ..هو ثمن الحياة في ظل النظام المستوحش.. في ظل تعاظم الملكية الفردية واحتكار وسائل الإنتاج ..
يجد العامل نفسه مسلوبا من جل حقوقه الإنسانية والإجتماعية ..إنه لا ينعم بالراحة إلا ناذرا ..مهدور الكرامة ..مسلوب الحرية ..كاظم لغيضه على الدوام ..لا يجد عن الصمت والألم تحويلا ..
إنه يخدم سيده ليس لنبلٍ منه ..بل لأنه مقهور ..ليس لديه ملكية خاصة ..ليس لديه نصيبه من الثراء ..لم يبذل جهدا في ادخار المال قبلا ..ولم يمتلكك أرضا ولا عقارا يستثمر فيه ..ومن ليس له ذلك فهو محروم ..معبود لا يملك إلا بيع قوة عمله للآخر والعيش منها ..فمن ليس له وسيلة إنتاج فهو غاية للإنتاج ..وهذا منطق الصناعة في البلاد الصناعية ..
إن العامل يعيش في اغتراب متعدد الأبعاد وملازم له في كل مجالات حياته ..فتجده في المصنع ينتج منتوجا لا يفيد منه ولا يستطيع الظفر به ولا يمكنه اقتناءه لأنه ليس له..ليس مخصصا له ..
فقد تجده يصنع ملابس فاخرة لأشهر الماركات العالمية ولا يلبس منها شيء .أو يصنع محركا لسيارات فارهة ولا يملك حتى سيارة واحدة ..إنه يصنع للآخر وليس لنفسه ..إنه آلة يقودها جشع الرأسمال ..ومحرك لضخ المال في جيوب البورجوازية ..
لقد تحول العمال من منتجين للبضاعة إلى خدم للآلات التي تنتجها ..ومن أسياد ومالكين لأنفسهم إلى عبيد لجمع المال وتحقيق الربح ..
إنهم غرباء عن المنتوج الذي يصنعونه في المصنع ..وغرباء في وطنهم الذين ينتمون إليه ..
ينظرون الآخر وقد ملك منزلا فخما وهم لا يملكون سوى بيتا ..
ينظرون الآخر وقد ملك سيارة فارهة وهم ليس لديهم سوى دراجة هوائية ..
إنهم مهمشون ..مقصيّون ..لا يسمع لهم صوت ويقذفون من كل جانب ..يحاربون ضراوة العيش في ظل مجتمع تراتبي تحكمه قوى الرأسمال وتتصدره العلاقات أحادية الجانب ..وتترأسه المصلحة العليا للبورجوازية ..وتحكمه المصالح المادية التي تزيد من ثراء الثري و تفقير الفقير ..
في ظل النظام الرأسمالي العالمي الأمبيريالي ..أصبح الرأسمال المادي هو أساس العلاقات الإجتماعية وأضحى الرأسمال الرمزي مجرد سمة تقليدية تخلفية ليس لها شأن في عصر المال والأعمال ..
إن الرأسمالية بهذا المعنى هي نظام استعماري احتكاري يطرد القوى العاملة من حقل الإنتاج الفردي ويطبِّعهم بأفكار الرأسمالية التي أصبحت نمطا للإقتصاد وشكلا من الأشكال المتوافق عليها دوليا ومحليا رغم ما ترسخه من قهر وظلم في حق البروليتاريا والذي يحرمهم من الميزات الإجتماعية ومن كرامة العيش ومن الوجاهة الإجتماعية التي يحققها المال وتبنيها وسائل الإنتاج وتصوغها علاقات الإنتاج ..



#محمد_البورقادي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة في خلفيات صناعة الإرهاب..
- وسائل الإتصال وسلطة التأويل ..
- الإرادة العليا وجدل العقل و المنطق ..
- أطفال القمر
- الدعارة ..اختيار أم اضطرار
- متناقضات العالم المعاصر ..
- داعش وجاهلية القرن الواحد والعشرين ..
- دور التربية في صناعة النشء
- لماذا فشلت المنظومة التعليمية بالمغرب ؟
- داعش لم تُخْلَق من فراغ ..والعنف يولِّد العنف ..
- حقيقة الحياة الدنيا والإستعداد للرحيل..
- نظرة في الحياة الدنيا..
- لا إكراه في الإسلام وإنما عليك البلاغ فقط ..
- الإسلام ينسخ غيره من الأديان السماوية وغيره من الأديان كفر . ...
- في المراد من الزواج..
- المشهد الإنتخابي زمن الإنتخابات..
- داعش والفكر التطرفي ..
- الإسلام.. الدين الحق
- نظرة في دواعي انتشار الجريمة :.مدينة فاس نموذجا
- مطالب الحريات الفردية..


المزيد.....




- ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد ...
- إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت ...
- كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
- روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا ...
- فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين ...
- رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال ...
- سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف ...
- سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق ...
- السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا ...
- الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد البورقادي - الرأسمالية والإغتراب ..