أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ابراهيم ابراش - نعم لمحاربة الإرهاب ،ولكن ما هو الإرهاب ؟















المزيد.....

نعم لمحاربة الإرهاب ،ولكن ما هو الإرهاب ؟


ابراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 4999 - 2015 / 11 / 28 - 13:56
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


قلة من الناس تؤيد الإرهاب الذي يُسقط ضحايا من المدنيين المسالمين بغض النظر عن جنسيتهم ومعتقدهم ،وقلة من الناس تعارض محاربة الإرهاب، باستثناء ممارسوا هذا الفعل العنيف والمؤمنون بنهجهم، وهؤلاء أقلية محدودة حتى داخل المجتمعات الإسلامية. المشكلة ليس أن نكون أو لا نكون مع الإرهاب ، نؤيد أو لا نؤيد محاربة الإرهاب ؟ بل في تعريف الإرهاب ، ومن هي الجهة التي تُحدد أن هذه الجماعة أو الدولة أو هذا السلوك العنيف أو ذاك الخ إرهاب يجب محاربته ؟ .
مصطلح الإرهاب السياسي المتداول في اللغة العربية اليوم هو ترجمة لكلمة TERRORISM الانجليزية وهي مشتقة من اللغة اللاتينية حيث إن كلمة TERROR تعني الرعب والفزع أو الشخص الذي يبثهما في قلوب الآخرين. وقد ظهر هذا المصطلح بهذا المعنى ولأول مرة في فرنسا إبان الثورة الفرنسية (1789-1799) حيث تم إطلاقه على الأعمال التي يقوم بها الثوار ضد معارضي الثورة ،وتكرر استعماله لوصف الأعمال التي قامت بها الحركات الفوضوية والعدمية في الربع الأخير من القرن العشرين ، كما أطلق الثوار البلاشفة (الشيوعيون) في الثورة الروسية في أكتوبر 1917 صفة الإرهاب على الاعمال التي يقومون بها ضد المناشفة واعداء الثورة .
في جميع الحالات السابقة كانت كلمة إرهاب لا تحمل معنى سلبيا بل كانت وصفا لنسق من الحكم أو السلوك السياسي هدفه إرهاب أعداء الثورة ، أو إرهاب الشعب لأعدائه . إلا أنه في بداية السبعينيات من القرن العشرين ظهرت موجة جديدة من أعمال العنف السياسي في أوروبا أيضا من طرف قوى ماركسية وثورية أوروبية ترفض النظام الرأسمالي ، فكانت جماعة ،الألوية الحمراء ،الجيش الأحمر ،العمل المباشر ،وبادر ماينهوف الخ . في تلك المرحلة تم توصيف هذه الأعمال بالإرهابية كما تم تجريمها رسميا .
نلاحظ مما سبق أنه حتى السبعينيات من القرن الماضي كان الإرهاب ظاهرة أوروبية المنشأ، ولم ينتقل للشرق الأوسط إلى بعد ظهور الحركة الصهيونية في فلسطين وممارستها للإرهاب بحق الشعب الفلسطيني . كانت الحركات الصهيونية في فلسطين إبان الانتداب البريطاني أول من أدخل الإرهاب إلى المنطقة العربية وإلى فلسطين على وجه الخصوص، وقد اطلقت بريطانيا نفسها على هذه الجماعات اليهودية صفة الجماعات الإرهابية عندما فجرت جماعة الإرجون اليهودية فندق الملك داوود في القدس 22/7/1946 وكان مقرا لحكومة الانتداب ،وقُتل نتيجة هذا العمل 91 شخصاً، 41 منهم فلسطينيين، و28 من الإنجليز و17 من اليهود و5 من جنسيات أخرى وأصيب 45 بجروح مختلفة الخطورة. وقد وزعت بريطانيا آنذاك منشورات تتضمن صورة مناحم بيجن زعيم حركة الإرجون– رئيس وزراء إسرائيل فيما بعد –كإرهابي مطلوب للعدالة ووضعت جائزة لمن يساعد على إلقاء القبض عليه .
وقد اعتبرت دراسات أكاديمية وتقارير رسمية بريطانية أن تفجير فندق الملك داوود "أحد أكثر التفجيرات الإرهابية المميتة في القرن العشرين ". وعندما أقام اعضاء قدامى من منظمة الإرجون ويمينيون يهود وكان من بينهم بنيامين نتنياهو عام 2006 حفلا لإحياء ذكرى تفجير فندق الملك داوود علق السفير البريطاني في إسرائيل قائلاً: "لا نعتقد أنه من الصواب بأن يتم إحياء ذكرى عمل إرهابي أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا".وقد استمر الإرهاب الصهيوني في فلسطين والمنطقة العربية الشكل الوحيد للإرهاب في الشرق الأوسط ، يُضاف له إرهاب الدول الاستعمارية الأخرى .
مع ظهور الثورة الفلسطينية المعاصرة منتصف الستينيات ،وقيامها بحقها في مقاومة الاحتلال، حاولت إسرائيل والولايات المتحدة الامريكية إلصاق تهمة الإرهاب بالمقاومة الفلسطينية من خلال إصدار قرار دولي لوصم الثورة الفلسطينية بالإرهاب – كما جرى عام 1972 إثر عملية ميونيخ الفدائية التي قامت بها جماعة أيلول الأسود الفلسطينية - ، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل ،بل تعاملت غالبية دول العالم مع الثورة الفلسطينية كحركة تحرر وطني وتمت دعوة الزعيم أبو عمار لإلقاء كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 في أوج ممارسة الثورة الفلسطينية لأعمالها الفدائية المسلحة ضد إسرائيل .
منذ بداية الربع الأخير من القرن الماضي ارتبط مصطلح الإرهاب بظهور موجة المد الأصولي الإسلامي والتي كان أبرز عناوينها آنذاك الثورة الافغانية 1978 ضد الاحتلال السوفييتي ،والثورة الإيرانية 1979 ضد حكم الشاه ، وتجديد نشاط الوهابية والسلفية الجهادية، ثم توالدت الجماعات الدينية الجهادية ،بدءا من تنظيم القاعدة الذي تزعمه أسامة بن لادن ووجد في بداية تأسيسه دعم كبيرا من دول الخليج العربي ومن الغرب أيضا لأنه كان يحارب السوفييت في أفغانستان ،ومن تنظيم القاعدة تفرعت جماعات كثيرة بالإضافة إلى جماعات منفصلة عن القاعدة .
بالرغم من قِدم ظاهرة الإرهاب إلا أنه حتى الآن لم تتوافق كل دول العالم حول تعريف الإرهاب، وفي الحالات القليلة التي توصلت بها لجان تابعة للأمم المتحدة إلى تعريف الإرهاب كان التعريف مبهما وفضفاضا سرعان ما تفترق المواقف حوله عند محاولة إسقاطه على جماعة أو دولة ما .فكل دولة أو مجموعة دول تضع تعريفا إجرائيا ومؤقتا للإرهاب يخص جماعة أو دولة يتم اتهامها بالإرهاب انطلاقا من الخطر الذي يشكله سلوك هذه الجماعة أو الدولة (الإرهابية) على مصالح الدولة أو الدول التي تتعرض مصالحها للإرهاب ، وفي كثير من الحالات يتم تصنيف جماعة ما أو دولة ما كإرهابية أو داعمة للارهاب ثم يتم إسقاط هذه التهمة عنها لاحقا إذا أخذت العلاقة بين الطرفين منحى مختلف ،ولا يهم في هذه الحالة إذا استمرت الجهات الإرهابية بممارسة إرهابها ضد دول أو شعوب أخرى غير غربية .
لهذا السبب فشلت دول العالم في وضع استراتيجية مشتركة لمحاربة الإرهاب،فالدولة أو الدول المُستهدفة بهذا النوع من العنف تسميه إرهابا وتحشد قواها لمحاربة الجماعة التي قامت بهذا العنف متجاهلة الجماعات الإرهابية الاخرى . فمثلا في سوريا وبالرغم من التوافق الشكلي بين دول العالم على تصنيف تنظيم الدولة الإسلامية بأنه تنظيم إرهابي ، إلا أن طريقة التعامل معه تختلف من دولة إلى اخرى، بل نجد دولا تتهم أخرى بانها تقف وراء ظهور تنظيم الدولة وتموله وتمده بالسلاح – هناك اتهامات لقطر وتركيا ودول غربية بانها كانت وراء تاسيس تنظيم داعش ومعنية باستمراره بالرغم من حدوث تفجيرات بأراضيها منسوبة لداعش – أيضا لا تتفق الدول على تصنيف كثير من الجماعات الجهادية الاخرى في سوريا والعراق إن كانت جماعات إرهابية أم حركات معارضة معتدلة .
وعليه فإن كل شكل من أشكال العنف السياسي يمكن أن يتحول إلى عمل إرهابي أو يُصَنَف كإرهاب في حالة تجاوزه للقانون وللأعراف الدولية وللثقافة والقيم السائدة في المجتمع ، أو مس مصالح دولة أو مجموعة من الدول . كل عنف سياسي يتضمن درجة من الإرهاب ، ولكن المشكلة تكمن في تحميل بعض أشكال العنف المشروع صفة الإرهاب المُدان وبالتالي إسقاط الشرعية عن ممارسيه بغض النظر عن الأهداف والغايات التي يسعى إليها ممارسوا العنف ، وفي نفس الوقت تجاهل أعمال عنف دموي أكثر إرهابا تمارسه دول قوية ضد أخرى ضعيفة ، أو ضد شعوب خاضعة للاستعمار .
نظرا لأن العمليات (الإرهابية) تُسقط ضحايا قد يكونوا أبرياء وتثير مشاعر الخوف والرهبة عند الناس، فإن الاتجاه الغالب هو التهرب من المسؤولية عن هذه الأعمال، ومحاولة إلقاء التبعية على الآخرين، فالآخرون هم الإرهابيون والقتلة، وحتى في الحالات التي تلجأ فيها دولة أو جماعات إلى ممارسة هذا النوع من الإرهاب، فإنها تضفي عليه مسميات مثل الدفاع عن النفس أو الإرهاب ضد الإرهاب أو الإرهاب الأبيض أو محاربة الإرهاب ... الخ من المسميات .وهذا هو حال الإرهاب الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ، وتمارسه أنظمة استبدادية كانت وما زالت تحتضنها واشنطن والغرب ،وتمارسه الدول الاستعمارية والكبرى ضد الشعوب وضد الانظمة المتخالفة معها سياسيا أو تهدد مصالحها.
يمكننا استخراج العناصر المكونة للعمل الإرهابي السياسي بصورة عامة وهي أنه :
1- عمل عنيف يُعرض أو يهدد بتعريض أرواح وممتلكات الأفراد للخطر.
2- يبث الرعب والهلع عند الجمهور .
3- لا يميز ما بين المدنيين الأبرياء والخصوم السياسيين ، حيث يقع ضحيته المدنيين الأبرياء.
4- يهدف إلى تحقيق أهداف سياسية ،أو دفاعا عن معتقد ديني محل خلاف.
5- إذا استهدف أفراد أو مؤسسات ومصالح أو كليهما معا ،تابعين لدولة ما ،في هذه الحالة يسمى (إرهاب دولي) .
6- يقوم به أفراد أو جماعات أو دول خارج إطار القانون الوطني والدولي.
7- لا يعتمد هذا العنف أو ينطلق من أية شرعية إلا تلك التي يزعمها ممارسوه .
8- الاحتلال أشد حالات الإرهاب فتكا وهو جريمة ضد الإنسانية حيث يهدد الوجود الوطني لشعب بكامله .
وأخيرا نقول إن كان الطابع المستفِز والاستعراضي للعمليات الإرهابية التي يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية جعل من داعش اليوم عنوان الإرهاب في العالم ،إلا أن تنظيم داعش ليس الجهة الإرهابية الوحيدة في العالم ، بل إن إرهاب هذه الجماعة والجماعات الأخرى الشبيهة يتغذي ويستمد مبرره أحيانا من الإرهاب الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ،وتدنيسها للأماكن المقدسة في فلسطين ، ومن التأييد السافر لواشنطن والغرب لإسرائيل .
[email protected]



#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم يبدأ الإرهاب مع داعش ولن ينتهي بالقضاء عليه
- الانتفاضة بين حسابات الشعب وحسابات النخب
- الغرب:ضحية الإرهاب أم صانعه؟
- عظمة شعب وأزمة نخبة
- استلهموا تجربته ولا توظفوا ذكراه
- المغرب ومسيرته الخضراء التي لم تنتهي
- التدويل في إطار استراتيجية وطنية شمولية
- في خفايا التدخل الروسي في سوريا
- انتفاضة لاهداف وطنية واضحة ومحددة
- نحو تصويب البعد القومي للقضية الفلسطينية
- إشكالية الثقافة والمثقفين في فلسطين (3) : في غزة إبداع في ظل ...
- إشكالية الثقافة والمثقفين في فلسطين (2)
- إشكالية الثقافة والمثقفين في فلسطين
- المطلوب وحدة وطنية وليس مصالحة إدارة الانقسام
- ماذا بعد تأجيل دورة المجلس الوطني الفلسطيني ؟
- خروج آمن للشعب والقضية وليس للرئيس
- ما وراء الأزمة المالية المُفتعلة لوكالة الأنروا
- حركة فتح والعمل الوطني
- من يُعيق اصلاح النظام السياسي الفلسطيني ؟
- الحالة الثقافية ضحية فوضى (الربيع العربي)


المزيد.....




- برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع ...
- إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه ...
- ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
- مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
- العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال ...
- اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
- هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال ...
- ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
- مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد ...
- موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ابراهيم ابراش - نعم لمحاربة الإرهاب ،ولكن ما هو الإرهاب ؟