قحطان محمد صالح الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4998 - 2015 / 11 / 27 - 11:13
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
حكايتي اليوم عن (المكينه)التي بدأت بمشروع أوصل الماء وقطع الوصل، وانتهت بخراب (المدينه).
في عام 1956 قررت الحكومة إنشاء محطة للكهرباء ومشروع لماء الشرب في هيت، وقد اتخذ من منطقة الباب الغربي مكانا للمشروع، وتم إنشاء الأبنية والأحواض اللازمة. كما تم نصب مكائن توليد الطاقة ومضخات الماء.ونصبت الأعمدة الكهربائية اللازمة لإيصال الطاقة الى المنازل والمحلات فضلا عن إنارة الشوارع ضمن الحدود البلدية للمدينة (مركز المدينة)، كما مدت شبكة المياه في شوارع المدينة كافة.
-
أتذكر جيدا ذلك المهندس الباكستاني ، واسمه ميرزا،القصير بقامته الطويل بهمته وغيرته، اتذكره حين كان يخطط مسار حفر الأنابيب التي تولى العمل فيها الكثير من طلبة المدارس في عطلتهم الصيفية وكل ضمن قاطع محلتهم من أجل توفير ما يسد بعضا من تكاليف أيام دراستهم.
ونصب الخزان الرئيس في أعلى مكان في المدينة، فوق قلعة هيت القديمة المعروفة في تاريخها المجيد، ومنه مدت الأنابيب الرئيسة المغذية للأنابيب الفرعية.لقد كانت ضربة أول معول لبناء قاعدة ذلك الخزان أول ضربة في هدم ذلك التاريخ.
-
لقد فرح الهيتيون بهذا المشروع أيما فرح، كونه سيوصل الماء الصالح للشرب الى بيوتهم دون عناء، ولكنهم لم يعرفوا في حينه أن المشروع الوليد سيدمر حضارة مدينة امتدت الآف السنين، وستكون هذه البداية نهاية لمئات قصص المودة والحب في دروب تلك المدينة، وأن دربها الأخضر سيصبح يابسا.
-
فرح الهيتيون رجالا ونساءً بما جعل الله منه كل شيء حيّ، وحزن البعض منهم، ممن كان يرى في السقاية وغسل الصحون والملابس، نزهة وترفيها، وفي بعض الأحيان سبيلا لتبادل النظرات، وبعض الهمسات العابرة. وكان ممن حزن الشاعر إسماعيل احمد عبد نصيف الحياني، الذي لم يرقْ له نصب (المكينه) التي حُرم بعد نصبها من رؤية (الخشوف) و (الحواري) اللائي كنَّ يحملنَّ جرار الماء (تملي) لسقاية أهلهن، فكتب وغنى لنا منولوجستا، تغنينا به معه في ذلك الزمن الجميل وما زلنا نطلب أن (يُغرد) به لنا المهاجر خليل:
-
منين جتـــنا هالمكينـــه
عذبتـــــــنا هالمكينــــيه
كانت خشوف وحواري
تـــملي ودحـــك عليــنا
-
هذه هي قصة (المكينه) التي كانت سببا في خراب (المدينه)، مع كل الحب والتقدير لكم ولإسماعيل أحمد.
#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟