|
سعد الجميلي ذئب في صلاح الدين
سعدي الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 4998 - 2015 / 11 / 27 - 11:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يكن يوم الخميس يوما كبقية الايام ، فصوت تلك المرأة التي تنادي من خلف جبال مكحول تطلب من ينقذها من يد العصابات الارهابية قد بدأ يخفت ، ولكنه مسموع : يا سعد خلصني من يد هؤلاء الوحوش ، يا سعد لا تخيب ظني فيك ، يا سعد وكعو الشيلة ، يا سعد ... يا سعد ... . والنداء الثاني كان قادما من هناك من بيته الصغير ، فاليوم ليلة عرسه ، والكل ينتظر مجيئه للاحتفال به ، فمن عادة القروين في محافظة صلاح الدين ان يتجمعوا في البيت الذي يتزوج احد ابنائه ويغنون ويدبكون ويطبخون العشاء وياكلوه بشكل جماعي . وعلى هذا الاساس لم يكف هاتفه النقال عن الرنين منذ الصباح الباكر : يا سعد خطيبتك تنتظرك ، ياسعد اهالي القرية بانتظارك ، يا سعد امك تريد ان تحدثك على الهاتف امه : الو الو تعال يمة اريد احتفل بيك كبل ما موت ، يوليدي تعال ليش اتاخرت ، يوليدي ... . امر الوحدة العسكرية كان على دراية بالأمر وهو يعلم بالحيرة والافكار التي تضطرب في مخيلة الضابط سعد الجميلي ، فهو امام ندائين : الاول قادم من خلف جبال مكحول يستنجد به ، والثاني جاءه من بيت اهله يدعوه لحضور حفلة زفافه فأمه وخطيبته واهل القرية بالانتظار . ولكن امر الوحدة العسكرية لم ينتظر طويلا بل انه ربت على كتفه ونظر في عينه طويلا وقال : انت مجنون ، اتريد ان تسلم نفسك للإرهابيين ، هذا كمين ، هذه ليست مرأة ، هذا فخ قد نصب لك ... هذا ... . اخذ الضابط سعد الجميلي ورقة من يد امره العسكري ، فيها اجازة لمدة يومين جاءته كمكرمة لمناسبة زواجه . وكعادته ودع جنوده بالقبل والدعاء ، فهو ضابط محبوب ، لا تغادر الابتسامة شفتيه ، وهو يتعامل مع جنوده كإخوة واصدقاء ، هذا في حالة السلم ، اما في حالة الحرب والواجبات القتالية فهو شديد وكأنه انسان اخر . ودع اخر جندي وهو عبد الزهرة من كربلاء ، وكان هذا الجندي يحبه كثيرا ، ويرافقه في كل واجب وهو في الوقت نفسه سائقه الشخصي ، ولكن في هذه المرة قد تفاجئ بان ضابطه لا يريد مرافقته ، بل طلب منه ان يبقى في المعسكر . غادر سعد الجميلي الوحدة العسكرية بعد الظهر وكان من المفترض ان يصل الى بيت اهله بعد ساعة او اقل ، فهي ليلة عرسه ، ولكن ذلك لم يحدث ، فقد غير وجهته نحو جبال مكحول ، وحطم جهاز اللاسلكي واغلق هاتفه النقال لعله ان يحدد مكان تلك المرأة التي تناديه منذ عدة ايام : يا سعد .. يا سعد .. يا سعد .. . كانت جبال مكحول مرتفعة وفيها الكثير من الوديان والتعرجات ، والحيونات المفترسة ، وكان الليل هناك باردا للغاية الى الدرجة التي يعجز اي مخلوق عن الحركة فوقها . وفوق كل هذه المصاعب كان الارهابيون ينتشرون في كل مكان من الجبال و يوجهون فوهات قناصاتهم صوب اي شيء يتحرك . كان الامر سهلا بالنسبة للجميلي ، فأما النصر او الشهادة ، مع انه قد عشق الشهادة مثل الكثير من الشباب المتحمس للجنة . هناك .. هناك .. هناك .. شيء يقف فوق قمة الجبل ، اطلقوا عليه النار ، هكذا صاح احد الارهابين ، فانطلقت رصاصة نحوه ولكنها اخترقت شعره فقط ، وانطلقت رصاصة اخرى من ارهابي اخر ، مرت من تحت ابطيه ، وتوالت الاطلاقات دون جدوى ، فانتشر الهلع والصراخ في صفوف الارهابين : انه شبح ، يا الهي ، انه مخلوق عجيب ، انه ذئب اهربوا ، انه ذئب ، انه ذئب ، فهرب الارهابين جميعهم ، وبقيت المرأة لوحدها ، وفي الصباح : امتلأت تكريت وتفرعاتها بالزغاريد ، والاطلاقات النارية ، والاحتفالات في الشوارع ، فقد عادت ابنتهم ، وسعد الجميلي يسير امامها ، ولما اوصلها الى بيت ابيها سقط مغشيا عليه من التعب ، فقد مليء جسمه برصاص الارهابين ، وغطت الدماء جسده ، ولما قصت المرأة القصص ، وكيف هرب الارهابيون امام شجاعة الضابط سعد الجميلي وبطولته : قرر اهالي القرية ان ينادوه بالضابط الذئب .. ولا زال الذئب يصرف كل ساعاته دفاعا عن العراق وتكريت ...
#سعدي_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رجل يُترك ملطخًا بالدماء بعد اعتقاله بعنف.. شاهد ما اقترفه و
...
-
وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده و
...
-
مايوت: ارتفاع حصيلة ضحايا الإعصار شيدو إلى 39 شخصا وعمليات ا
...
-
2024.. عام دام على الصحافيين وعام التحديات الإعلامية
-
رصد ظاهرة غريبة في السحب والعلماء يشرحون سبب حدوثها
-
-القمر الأسود- يظهر في السماء قريبا!
-
لافروف: منفتحون على الحوار مع واشنطن ولا نعول كثيرا على الإ
...
-
زيلينسكي يدين ضربات روسية -لاإنسانية- يوم عيد الميلاد
-
بالأرقام.. في تركيا 7 ملايين طفل يعانون من الفقر وأجيال كامل
...
-
استطلاع: قلق ومخاوف يطغى على مزاج الألمان قبيل العام الجديد
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|