|
القرية المنسية 00000قصة قصيرة
سارة يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4997 - 2015 / 11 / 26 - 16:23
المحور:
الادب والفن
القرية المنسية قصة قصيرة 000 سارة يوسف
حاول ابي الذي يمتهن التعليم ان يقنع ابناء قريتنا المنسية والتي تقع في الجنوب الشرقي من البلد بكروية الارض دون جدوى 0 خصوصا ان الحاج عدنان عاد للتو من سفرة تلقى فيها علوم دينية تؤكد من الله ان الارض مسطحة 0 واخذ يشرح الشيخ الجليل كيف ان ابي الكاذب يخالف شرع الله 0 وافتى على ان التعامل معه اي مع والدي عملية عصيان لتعاليم السماء 0 واستطرد ارجو منكم ا ن تبتعدو عن هذا الكافر 0 بقى ابي وحيدا الى ان مات... دفناه بعيدا عن القرية خوفا من العبث بجثمانه 0 خلف ابي معي ثلاث صبيان ..اخوتي 0 ولم يرث لنا غير عداوة وكره الاخرين 0 رغم انه اورثنا كثيرا من المثل العليا والاخلاق الحميدة 0 كما انه ساعدنا ان نكون اكثر ابناء القرية علما وثقافة 0 وياليته تركنا نعيش جهلا .. انا اكبر اخوتي 0 اطلق ابي اسم جنان عليه بفتح الجيم ومعناه القلب وكان كثير التدليع لي 0 حتى ان امي توبخه بسب ذلك خوفا من افساد اخلاقي 000اخوتي سرجون وسومر واكد قريبي الشبه بابي كما انهم يتمتعون بذكاء كبير 0
لم تكن حياتنا بعد رحيل ابي سهلة الا اننا تكيفنا مع حالة الكراهيه من اغلبية اهل القرية0 تفوق اخي سرجون بدراسته كثيرا مما اهله لدراسة الطب00 اما اكد وسومر فقد درسا الهندسة 0 كنا نحصل على النقود من عمل اخوتي في المدينة الكبيرة 0يشتغلون في المطاعم ليلا وفي الصباح يذهبون الى جامعاتهم 0 كما انني واصلت قراءة الكتب التي جمعها ابي طوال حياته 0 كنت احس بتنفسه بين الكلمات واحرف هذه الكتب واوراقها الصفراء القديمة 00
في ذللك الشتاء القاتم المملوء بالسواد 00 عاد اخي سرجون وهو طبيب الى قريتنا اما اخوتي سومر واكد رفضا العودة 00 استطاعا من الحصول على عمل في تلك المدينة المضيئة والبعيدة عن قريتنا0تاركين والدتي في حالة حزنآ شديد عليهم 0 حتى انني لم ارها تبتسم منذ تاريخ رحيل ابي واخوتي الا مرات قليلة 00 ورغم ان سرجون كان يفكر في الانتقال الى المدينة المضيئة هو الاخر 0 الا ان والدتي رفضت بشدة ذلك 0 حجتها انها لا تستطيع ترك منزلنا في القرية 0 او تترك ابي وقبره0كانت تزوره وتتحدث معه باستمرار 0 حتى انني ظننت انها تراه امامها وهي تخبره كل شئ 00 تقول امي دائما ان سعادتها موجودة في ذكرياتها ببيتنا هذا وبين شوارع قريتنا الصغيرة 0 اما انا فكنت متحمسة جدا للذهاب مع اخوتي سومر واكد 00 وقبل ان يقنع اخي والدتي حدث لقريتنا امر غريب انتشر وباء معدي قاتل 00 حتى اصبحت القرية تفقد ابنائها واطفالها وشيوخها 0 حاول اخي الدكنور سرجون تقديم المساعدة خصوصا انه عرف الداء والدواء 0 لكن الحاج الشيخ عدنان رجل الدين في القرية 00 افتى بحرمة اخد الدواء الذي يصفه اخي للمرضى 0 مفسرا ذلك ان المرض هو القدر الذي فرضه الله على القرية اما الدواء فهو اعتراض لهذا القدر 0 كما انه يأتي من ابن الكافر الذي يدعي كروية الارض واضاف هل نسيتم ؟؟00 وفي اشد الايام حزنا وجد اخي طفل في الحادية عشر من العمر يعاني المرض نفسه 0 كان يسكن الطفل في البيت الذي يقابل بيتنا 0 حيث اجلست الام الطفل على عتبة الدار وهو يعاني 0 انتهز اخي دخول ام الطفل الى بيتها راكضا معطيا الدواء له 00 بقي اخي لمدة خمسة ايام ينتظر الطفل عند جلوسه على عتبة الدار واختفاء امه مكملا علاجه 0 وجد اخي ان حالة الطفل تحسنت كثيرا 0 حتى جاء اليوم النحس 00 وكالمعتاد انتهز اخي فرصة غياب الام ليمنح الدواء له الا ان الاب رجع على غير موعده من المزرعة حاملا فاسا كبيرا 0 شاهد الاب اخي العزيز وهو يضع الدواء بفم ابنه 0 طار عقله كيف لهذا الكافر ابن الكافر ان يقف في وجه ارادة الله ويسقي ابنه اداة الكفر والمعصية ...حاول اخي ان يكلمه غير ان االرجل قد جن جنونه حمية للدين 0 و قد جمع قوته وضرب بفأسة راس اخي 00 لم اشاهد الدماء تخرج من رأس اخي كانت هناك امال وطموح واخلاق وذكاء وحب لكل الناس يخرج ايضا 00 اخي مات من اول ضربة وهويحمل بيده عمر آخر لابن قاتله. 00 حزنت امي بعد رحيل سرجون وتمنت لو سافرنا الى المدينة البعيدة السابحة في نورها 00 دفناه قرب ابي 00 اليوم مر على وفاة اخي اكثر من عشر سنين ذهبت احمل الازهار التي زرعتها بنفسي لهم 00 التقيته كان شابا في العشرين من العمر بعد تحيته لي سلمني رسالة 0 قائلا : انها رسالة للدكتور سرجون اقرئيها 0 سلمني الرسالة ومضى 000 قالت الرسالة دكتور سرجون 0 في هذه الكرة الارضية والتي هي اشبه بحبة رمل واحدة في الصحراء الكبرى بالنسبة للكون الذي يغوص في فضاء متكون من مليارات الاكوان الشبيهه توجد هناك قرية منسية 0 فيها بيت صغير وفقير فيه انا 00 انا لم اؤمن يوم في الاله المجرم للشيخ عدنان 0
سارة يوسف
#سارة_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سارة يوسف
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|