عبد الكريم بدرخان
الحوار المتمدن-العدد: 4996 - 2015 / 11 / 25 - 23:31
المحور:
الادب والفن
ولد الشاعر الرومانسي الإنكليزي جون كلير (John Clare) في قرية هيلبستون عام 1793، نشأ في بيئة ريفية فقيرة جداً، لدرجة أنه لم يكن يستطيع شراء الكتب، إلا أن ذاكرته المدهشة ساعدته على حفظ الأغاني الشعبية الريفية واستيعابها.
أصدر ديوانه الأول: قصائد عن حياة الريف ومناظره (Poems De-script-ive Rural Life and Scenery) عام 1820، فحقق له شهرة لفترة قصيرة، لكن إصداراته التالية: مفكرة الراعي (The Shepherd s Calendar) عام 1827، و ربة الإلهام الريفية (The Rural Muse) عام 1835، لم تحقق له مبيعات مقبولة.
عانى جون كلير من الفقر المدقع والمرض الشديد، فوقع ضحيةً للأوهام، مما أدى إلى وضعه في مصحّ للأمراض العقلية عام 1837، استطاع الهرب منه بعد أربع سنوات ولفترة وجيزة فقط. لكن وبعد صدور شهادة رسمية تثبت جنونه، تم وضعه في مصح الأمراض العقلية مرة أخرى ليعيش فيه آخر 23 عاماً في حياته، وفي هذا المصح كتبَ أشهر قصائده التي لا تدل سوى على موهبته.
توفي في مصحّ مدينة نورثامبتون عام 1864.
اخترتُ من شعر جون كلير قصيدتين رومانسيتين كتبهُما إلى حبيبته ماري، التي يذكُر اسمها في كثيرٍ من قصائده، وترجمتُهما إلى العربية.
1- إلى ماري:
---------------
الوقتُ.. مساءْ
كلُّ الأشياءِ استلقتْ في صمتٍ
والقمرُ الـ كنتُ أراهُ على وجهكِ
ينعكسُ الآن على ماءِ النهرِ
هنالك قربَ طريقٍ كانتْ تجمعنا
ومياه البحرةِ.. تهتزُّ.. وتلمعُ كالبلّورْ
أعشقُ فيكِ.. الروحَ
توشوشني.. حيث أسيرُ
تعيدُ الصورَ الحلوةَ من قاع الذكرى:
" قفْ.. ولنقطفْ بعضَ الأزهارِ
لنحملْها للبيتِ..
ولا تتركْ قطراتِ الطلِّ البرّاقةَ تسّـاقطُ منها"
ماري.. يا صاحبةَ الروحِ العذبةِ
حين ستشرقُ شمسُ الصبح غداً
سترى عيناكِ الأزهارَ الـ كنا نقطفها
وهي تطوّقني بنحيبٍ
في هذي الساعةِ حين غيابكِ شـرّدني
لأسير وحيداً..
آهٍ .. لو كنتِ معي.
* * *
2- إلى ماري 2 :
------------------
أغفو معكِ وأصحو معكِ
رغمَ أنكِ لستِ معي،
أملأُ ذراعيَّ بما أتخـيّـلهُ عنكِ
وأعصرُ الهواءَ الذي بيننا.
عيناكِ تحدّقانِ بعينيَّ
حين تكونين بعيدةً عني،
وشفتايَ تلامسانِ شفتيكِ
صبحاً.. ونهاراً.. وليلاً.
أفكّـرُ وأتكلّم عن أشياء أخرى
لأريحَ رأسي منكِ،
لكنّ ذاكرتي تتشبّثُ بكِ
مثلما يتشبّثُ العشقُ بنهدِ امرأة.
أُخفي حبّـكِ عن عيون العالم
وأهجسُ وأدّعي عكسَه،
لكنّ الريحَ العذبة تهبُّ من السماء
وتهمسُ لي بحكايا عنكِ.
نسيمُ الليل يهمسُ في أذني
والأقمارُ تتلألأ في وجهي؛
حِـمْـلٌ ثقيلٌ من الخوف المرتعش
ينتابُـني أينما ذهبتُ.
فالنسيمُ الذي يهمسُ بين الشجيرات
والندى الذي يتساقطُ عنها؛
كلُّ ذا .. تنهيداتٌ أبديةٌ
تروي حكاياتٍ ساحرةً عنكِ.
* * *
#عبد_الكريم_بدرخان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟