جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 4996 - 2015 / 11 / 25 - 13:38
المحور:
كتابات ساخرة
في الدول المتقدمة
الدول اللي فيها الناس بفهموا مش اكثير!! وإنما إكثير اكثير.
هنالك الحياة مختلفة بكل تفاصيلها.
النظرة من الأفق ليست كالنظر من الأسفل ولا تستوي فيها الظلمات ولا النور.
هنالك كل شيء مخطط له بعناية.
ومدروس بعناية تامة.
هنالك التخطيط كله من أجل إيجاد حياة أفضل للمواطن.
ومن أجل توفير حياة أجمل.
كل شيء هنالك يوضع بعناية من أجل خدمة الإنسان.
الحكومات تخدم الإنسان.
القطاعات العامة والخاصة تخدم الإنسان والأمن يسهر على رعاية الإنسان وتوفير حياة كريمة للإنسان, كل ذلك يجعل المواطن كل يوم يستقبل حياة أفضل من اليوم الذي يسبقه.
كل سنة تأتي تكون أجمل من السنة الماضية.
الصناعات هذه السنة أفضل من الصناعات في السنة الماضية.
موديلات الملابس أفضل.
موديلات السيارات أفضل.
التلفونات...الكمبيوترات..الطائرات..الأدوية..الألعاب...وسائل الترفيه..الشارع العام...تنضيم الطرق...شبكات الصرف الصحي..المياه....الكهرباء...كل ذلك يكون في كل يوم وفي كل سنة متطور عن السنة الماضية.
هذه دول تستحق الاحترام.
تستحق أن تخلع لها قبعتك احتراما,وليس كالدول والحكومات العربية التي تستحق أن تخلع لها حذاءك وعلى دماغ اللي خلفوها واللي انتخبوها واللي رشحوها واللي صرفولها رواتب ومياومات.
طبعا أقول في الدول المتقدمة وليس في دولنا العربية غير المحترمة.
مؤسساتنا تسعى على السهر ليل نهار من أجل إزعاج المواطن العربي.
المدارس زفت.
الوظائف زفت.
الحقوق زفت.
الثقافة زفت.
السياسة زفت الا الشوارع محفره وخربانه وما فيهاش زفت.
الأمن يسهر من أجل إقلاق وتوفير القلق للمواطن العربي.
تسهر على ازعاج المواطن وتوتير اعصابه وإحباطه وكل حكومه إبتيجي بتكون أسفل من الحكومة السابقة والحكومه اللي بتروح بتكون مثل الأيام إللي إبتيجي علينا وبتروح أي أنها أفضل من التي تأتي من بعدها.
المستقبل بالنسبة لينا مش مضبوط.
لا يعرف أحد أن ينام جيدا كونه قلق على مستقبله وحياته.
في المجتمعات المتطورة
في الدول التي توفر الحياة الكريمة لشعوبها
دعونا نقارن بيننا وبينهم رغم أنه لا يوجد أي وجه شبه بيننا وبين الدول المحترمة والحكومات المحترمة.
في تلك الدول الأوروبية المحترمة نسمع الناس ووسائل الإعلام وهي تقول: أجمل الأيام هي تلك التي لم تأت بعد.
وبأسلوب شاعري تتغنى وسائل الإعلام بالمستقبل.
التلفزيون يتغنى بالمستقبل. ويخطط له.
الإعلام يمجد بالإنسان. ويخطط من أجل إسعاده.
يحترمه
يخدمه.
الكل ينظر إلى المستقبل على أساس انه هو الأجمل.
هنالك الناس أعينهم شاخصة إلى الأجمل, إلى الغد الأفضل.
الكل يتطلع إلى الحياة الكريمة والحياة الكريمة تنتظر به إلا نحن نقول:( إترتح بملعونك حتى يجيك اللي ألعن منه).
بتروح على مسئول حكومي على شان تشكيله حالك وحالتك وأحوالك. بقول لك كلمة واحدة( إترتح بملعونك لبين ما يجيك ال العن منه), ويقصد بذلك أنه المستقبل اللي جاي...والحياه اللي جايه أصعب من هذه الحياه, يقصد أن الأيام القادمة أصعب من هذه الأيام.
هنالك عند الدول المتقدمة,التي تستحق أن تدخل جنة الفردوس,هنالك اليوم الذي يأتي-( كل يوم )-يكون أجمل من اليوم الذي مضى.
تتسابق الحكومات على توفير الحياة الكريمة لمواطنيها.
تتسابق مؤسسات المجتمع المدني على إسعاد الناس.
الكل يتطلع على الغد الأفضل.
الغد المشرق
ودائما الغد هو الأفضل.
الطالب الجامعي في تلك الدول التي تحترم نفسها وهو على مقاعد الدراسة يعلم علم اليقين أنه بعد التخرج سيجد مئات وعشرات المؤسسات التي تفتح له أحضانها.
أما الطالب عندنا بصيبه اليأس والاحباط من أول فصل بدرسه, بتلقى الناس في الشوارع والمجالس العاممه بسألوه شو تخصصك؟ فشو ما يقول عن التخصص بحكوله: ول ول هو أبوك أو معدلك ما جابلكاش غير هالتخصص؟ مين بده يشغلك عنده؟ هاظا التخصص تبعك زي الزفت...ما حداش بطلبه لا هون ولا في الخليج ولا حتى في دول الواق الواق ولو تروح على مالطه ما بتلاقي شغل, فبتعوف حالك وبصيبك اليأس وبتصير اتفكر بالانتحار.
في الدول النظيفة الموظف بعد التقاعد يعلم أن تقاعده سيكفيه ويوفر منه للسياحة وللسفر كل عام, بل كل فصل صيف وكل فصل شتاء.
هنالك السعادة تنتظر الناس في المستقبل.
شعار الناس هنالك: أجمل الأيام هي تلك التي لم تأت بعد.
أما عندنا: شعار الناس: أجمل الأيام هي تلك التي مضت.
ويقسمون جهد أيمانهم بأن اليوم الذي يمضي لن ولم يأتي مثله.
وأن الذي يذهب لن يعوض أبدا.
شعارنا: أجمل الأيام هي تلك التي خلت.
السنة الماضية كانت أجمل من هذه السنة.
والأسبوع الماضي كان أجمل من هذا الأسبوع.
والصيف أيام زمان كان أجمل من الصيف في هذه الأيام.
حتى الشتوية كانت زمان أفضل منها الآن.
وطعم البطيخ قبل عشرين سنه أطيب من البطيخ الحالي.
أجمل الأيام هي تلك التي تمضي.
ومن يوم ما وعيت على الدنيا وأنا اسمع أمي تقول: اليوم اللي بروح والله ما بيجي مثله.
وكانت جارتنا رحمها الله تهز لأمي برأسها وهي تقول: سقالله يا أم جهاد على هذيك الأيام!!! عاليوم ترجع هذيك الأيام.!!
كانت تقولها ومن ثم تطلق تنهيده طويلة بعد أن تحبس أنفاسها.
طبعا وأم أمي أي جدتي كانت أيضا تحكي مثل أمي.
كانت تقول: هذي السنه ألعن من السنه الماضيه, هذي السنه زي الزفت...شغل ما فيش...حركه ما فيش...وظائف ما فيش...
وكان أبي رحمه الله يمازحنا ويقول: بعدين مع هالعيشه؟ لا رفيق ولا حبيب ولا حتى شاي بالحليب!!.
صاحب السوبرماركت المجاور لمنزلي من عشرين سنه وهو يشكو ويقول: العام الماضي كانت الزبائن أفضل من زبائن هاظا العام, السنة الماضية كانت الأرباح أفضل, وكل سنه اسأله متعمدا نفس السؤال فيقول: والله يابو علي أيام زمان كان البيع والمشترى كله أحسن.
وعمي مدير المدرسة المتقاعد دائما في كل المناسبات يفتح موضوع التعليم والمدارس ويقول: مدرسين أيام زمان أفضل...مدارس أيام زمان أفضل..البلديه أيام زمان أفضل...الطلاب المتعلمين أيام زمان أفضل.
وجاري التمرجي(الممرض) دائما أيضا في كل المناسبات يفتح موضوع الأدوية والأمراض ويضيف قائلا: دكاترة أيام زمان أفضل..والمرضى أيام زمان أفضل...حتى المرض أيام زمان أفضل من المرض أو من الأمراض السارية هذه الأيام.
عيشتنا صعبه.
زمان أيضا كان في البلدية عندنا 5 عمال نظافة وكانت الشوارع زي الفل, هاظا الحكي على ما أذكر قبل 30 سنة, لما كنت أنا شاب يافع, اليوم البلدية فيها أكثر من 60 عامل وطن(عامل نظافة) ومع ذلك الشوارع كلها وسخ.
الكل يخاف من المستقبل.
الكل يسب ويشتم المستقبل.
الحاضر مكروه
الماضي محبوب.
أيام زماان كل الناس بتحبها أفضل من الأيام الحالية.
العيشة صعبة.
الحياة صعبة.
الطالب الجامعي بموت حتى يحصل على وظيفة.
والبنت بتدوخ السبع دوخات حتى تلقى عريس.
العريس أيام زمان كان أفضل, كان العريس هو اللي يبحث عن العروس.
هسع العروس هي اللي بتبحث عن العريس. ومش املاقيه واحد مجنون يرتبط ويبني آماله على مستقبل محفوف بمزيد من المخاطر والمتاعب.
عيشتنا صارت تصعب على الكافر.
امبارح بالضبط.
وبالضبط بعد منتصف الليل: سألني صديق قديم وقال: طمني أبو علي عن شغلك.
قلتله: العيشه تصعب على الكافر وابن الحرام.
قال: ليش يابو علي من خمس سنين بعدها حالتك ما تغيرت؟
قلتله: ههه كيف بدها تتغير؟ أصلا قبل خمس سنوات كانت حالتي أحسن من هسع, أفضل من الآن.
قال: يا رجل شو بتقول؟
قلتله: صدقني كانت أفضل, قبل خمس سنين كان عليّ دين تقريبا 200---$--- والعام الماضي صارن 5000---$--- والسنه هذي صارن7000 ---$---,والحبل على الجرار,والجاي ألعن من اللي رايح.ونسبة الفقر في حارتنا قبل 5 سنوات كانت 20% هسع نسبة الفقر والحمدلله 90%. ونسبة البطالة في ارتفاع مستمر ونسبة التضخم بارتفاع مستمر.
قال: انا العام الماضي اشتغلت ب100 ألف دولار والسنه هذي ب200 ألف.
قلتله ما هو معروف السنه الماضية عندكوا أفضل من السنة الحالية, ,أنا العام الماضي بالنسبة لي كان أفضل.
كل الناس عندنا عينها على الماضي.
الماضي هو الأجمل.
الماضي هو الأفضل.
أيام زمان كانت الليره أي الدينار أفضل من الدينار هذه الأيام,كان الراتب قبل 30 سنة74 دينار ويكفينا, هسع الراتب 600 دينار وما بكفيناش لنص الشهر.
وكان طعم كل شيء أفضل وألذ وأجمل وأحلى.
كل شي أيام زمان كان أطيب.
ابريق الشاي تحت الداليه أو الزيتونه أفضل وأزكى من إبريق الشاي اللي بنشربه اليوم على الكنبايات الإفرنجيه.
وقبل 40 سنة كانت دارنا كلها عبارة عن غرفة وحده وكانت تتسع لأربع عائلات, هسع دارنا 5 غرف ومش واسعه عيله وحده,كان البيت صغير والقلوب كبيره, هسع البيوت كبيره والقلوب صغيره.
شكل الصوبه أفضل.
منظر الخبز أشهى وأطيب من الخبز الآلي.
مش بس هيك وإنما نبالغ بعشقنا للماضي.
رجال السياسه الماضين أجمل من المعاصرين.
التلفزيون بالأبيض وبالأسود أجمل وأفضل من التلفزيون الملون, والشبكه وأيام الشبكه أفضل من الستلايت.
عندنا أجمل الأيام هي تلك التي مضت.
فعلا عمي الشيخ العشائري محمود السليمان ابو معن صادق لما يقلي: مشان الله يابو علي لا تقارن بينا وبينهم.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟