|
الورود السوداء
ليديا يؤانس
الحوار المتمدن-العدد: 4996 - 2015 / 11 / 25 - 08:49
المحور:
الادب والفن
في مُقتبل العُمر .. في قوة وعُنفوان الشباب .. في روعة الجمال والأنوثة .. في قمة الإبداع الإنساني .. في بهجة الورود وأهازيجها ..
فجأة
العُمر أصبح أياماً .. ربما شُهوراً .. ويمكن بالمعجزات سنوناً .. نضارة الشباب بدأت تخبو قبل الميعاد .. فرشاة الألم الجسدي بدأت تطمس معالم الجمال والأنوثة .. عدم الثقة في الحياة طغي فوق الرغبة في الإبداع .. فقدان الأمل في الحياة كسي بالسواد ورود الحياة ..
الحياة بالنسبة لها أصبحت مُحيط بيتها الصغير الزمن يسير ببطء السُلحفاة تنتظر النهاية، ربما اليوم أو الغد أو بعد الغد
فتحت باب البيت كعادتها لالتقاط المُراسلات الواردة لها وقع بصرها علي وردة قرنفل بيضاء مُعلقة بجانب صندوق البوسطة وردة القرنفل تعني الكبرياء والجمال بالإضافة إلي رائحتها القوية النفاذة التي تفرض وجودها علي المكان
تلفتت حولها لتعرف المصدر لكن بدون جدوى!
أخذت الوردة بأنآملها الرقيقة التي مازالت تبحث عن نصيبها في الحياة قبلتها بشفتيها التي مازالتا تشتهيان الحياة ضمتها إلي صدرها بين نهديها لتكون قريبة من قلبها تبعث فيه نبض الحياة
وضعت الوردة في فازه فاخرة وابتسمت .. هل ستبتسم لي الحياة!
استيقظت في الصباح الباكر علي غير العادة فتحت باب البيت وهي مازالت بملابس النوم خرجت من الباب ليس لالتقاط المراسلات لأنها تأتي ظهراً خرجت تبحث عن وردة جديدة مع صباح جديد!
وجدت وردة زنبق لونها زهري مُعلقة بجانب صندوق البوسطة وردة الزنبق تعني قمة الجمال وضعت الوردة في الفازة بجانب وردة الأمس وقالت: أشعر بأن الحياة بدأت تدب بقوة في كل كياني.
في اليوم التالي وجدت وردة عصفور الجنة مُعلقة بجانب صندوق البوسطة وردة عصفور الجنة تعني الفرح والابتهاج وتتميز بلونها المُبهج الخليط بين البنفسجي والبرتقالي والأزرق وضعت الوردة في الفازة بجانب الورود السابقة وقالت: أشعر بأن أكسير الحياة يجري مع قطرات دمي في عروقي.
في اليوم التالي ظهر صاحب الورود ليبُث الود والحب مع الورود وجدته يُقدم لها وردة حمراء قال .. هذه زهرة الأقحوان ومعناها الولاء والإخلاص قالت .. وماذا أنت تعني؟ قال .. بحثت عنك ووجدتك وهذه قمة سعادتي قالت .. ما لا تعرفه أن أيامي معدودة قال .. كُلنا أيامنا معدودة قالا .. في فم واحد: المُهم أن نسعد بهذه الأيام المعدودة! وضعت الوردة في الفازة بجانب الورود السابقة وقالت: أشعر بأنه أخيراً ضحكت لي الحياة.
في اليوم التالي وجدته يقدم لها وردة زنبق الياقوت بلونها الأزرق الجميل قال .. هذه الوردة معناها الوفاء قالت .. سوف لا يكون وفاء عندما يذبُل جمالي بسبب المرض أو السن قال .. أنا بحب شخصك وروحك ليس جمالك أو جسدك قالت .. أنا منتظرة وفاء! ووضعت الوردة في الفازة بجانب الورود السابقة وقالت .. كُنت قد فقدت الأمل في الناس وتلونهم ولكن يبدو أنني كنت مخطئة.
في اليوم التالي وجدته يُقدم لها وردة زنبق الجلاديلياس ذات الألوان الجميلة المتعددة قال .. هذه الوردة تعبر عنك لإن معناها قوة الشخصية قالت .. يبدو لي إنك استطعت أن تحتويني قال .. كيف؟ قالت .. كما قُلت أنني مثل زنبق الجلاديلياس قوية الشخصية ليس من السهل احتوائي ولكن قليلون يستطيعون في استطاعة الرجل احتواء الأنثى بأن يعطيها الحب والدفء والحنان بأن لا يحجر علي فكرها وإمكانياتها العلمية ولا يقلل من شأنها في المجتمع هذا سيجعلها تستسلم لأن يحتويها الرجل وهذا ليس إقلالاً من شأنها وكذلك للمرأة مُمكن أن تحتوي الرجل الاحتواء ليس شيئاً بغيضاً ولكن محبوباً إذا كان قائماً علي الحب
وضعت زنبق الجلاديلياس في الفازة بجانب الورود السابقة وقالت .. أشعر وكأنني كُنت أجري وألف في الحياة مثل الحُصان الذي يجري حلقة السباق بدون توقف أتمني الآن أن أضع رأسي علي صدره أسمع دقات قلبه تكشف لي عن حقيقة شعوره أريد أن أغمض عيوني عن ما حولي حتي لا أري سواه
توالت الورود مع كل صباح وامتلأت الفازة بالورود
تشددت وتشجعت وتجرأت لتتمسك بالحياة اعتقدت أنها بالورود يُمكنها أن تحيا وتسعد وتتحدي كُل ألم لابد من الانتصار علي المرض والإحباط وقسوة الأيام هذه الورود أصبحت مثل السحر الذي بدل حالها من حال لحال
فجأة
صاحب الورود انقطع عن تقديم وردة كل صباح صاحب الورود أصبح يكتفي بترك كارت شخصي عليه توقيعه مع تحية الصباح
نظرت إلي الورود التي جمعتها بالفازة وبدأت تنقبض الورود بدأت تذبل، بدأت تصطبغ باللون الأسود تدريجياً
هذه هي الحياة عبارة عن وردة هذه هي الحياة حبه فوق وحبه تحت هذه هي الحياة يوم تبتسم في وجهك ويوم تكشر عن أنيابها هذه هي الحياة يوم مثل الورود الطازه ويوم مثل الورود السودا
هذه هي الحياة مثل الوردة إن ذبلت أو اسودت مازالت ريحتها فيها وإحنا ماسكين فيها!
#ليديا_يؤانس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إيفان كريسماس
-
الحُصان الأحمر
-
وإِنتَّ بِتَحبْو !!!
-
نجمة الميدان الأحمر
-
إفرزوا الجُثث
-
دقت ساعة الصِفر
-
مين المجنون؟
-
وبعوده يا عايده
-
ليتوانيا و تل الصلبان
-
محبة بحبة تمر!!!
-
إلي كل غنوشي .. مصر خط أحمر!
-
أقوي رجُل ضعيف
-
حريصا الحريصة
-
هذا ما جناه أبي
-
هكذا أحببتُه !!!
-
الإنتظار !!!
-
كاتدرائية ولا تكيه !!!
-
الجريمة الكُبري
-
شِمُو
-
عيناك يا حبيبي
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|