سعد محمد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 4995 - 2015 / 11 / 24 - 14:08
المحور:
الادب والفن
سعد محمد موسى
حوار السلحفاة مع الفراشة
في صباح ربيعي كان الشعور بالحسد يتمالك السلحفاة كثيرا وهي تراقب الفراشة التي تزهو بجمال الوانها ورقصاتها الانيقة وسط الطبيعة وبين ازهار التوليب وانعكاس كرنفال الشمس فوق اجنحتها كان يزيدها بهاءا وغنجا.
بينما كان غزل الشعراء والعشاق بالفراشة وهم يشبهون حبيباتهم بسحرها يثير غيرة اضافية للسلحفاة المنسية والعاطلة عن اثارة الجمال.
فتذكرت السلحفاة جميع الفراشات اللواتي حاورتهن في رحلاتها البطيئة مابين الحدائق والغابات والسواحل .. مثل حوارها مع فراشة أبوللو.. التي تتماوج في قداس الوميض من زهرة الى اخرى مابين الجبال والتلال الملونة .. او فراشة الاميرة الحمراء وهي تتعقب الفضاءات باجنحتها السريعة.. او الفراشة البيضاء والتي تبدو وكانها ترتدي فستان عرسها الابدي .. او الزقاء الاليفة والغافية في صباحات الحدائق او فوق ورود ارصفة المدينة .. أما سيدة الفراشات الارجوانية والتي وشم قوس قزح الوانه فوق اجنحتها وهي تتألق بومضاتها المضيئة اثناء تنقلها من روض الى اخر ومن شجرة الى اخرى.
سحبت السلحفاة رقبتها تحت درقتها الصلدة ثم رثت عزلتها مختبئة مثل جندي مهزوم من حرب وهو خائف داخل خندقه محتمياً بخوذته مترقباً الموت.
كانت السلحفاة تواسي عمرها الطويل الذي تجاوز المائة عام مقارنة بعمر الفراشة التي تعيش بضعة اسابيع فقط .. لكنها لم تشعر بالسعادة مثلما هي الفراشة الملونة ابنة معبد الشمس وحقول الورود المدللة والملائكية.
حينها أدركت السلحفاة وللمرة الاولى.. ان سعادة الكائن في هذا الوجود لايقترن بطول عمره .. بل بومضات الالق والثمالة بالعشق والانعتاق من شرنقة الظلام.
زحفت السلحفاة مرة اخرى في وحل الزمن ورتابة الايام التي تتوارت خلف ضفاف النسيان دون ان تخلف شيئاً يذكر
بينما ربيع الفراشة رسم وشم حضور الحديقة الاستثنائي.
#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟