|
فكري أباظة : حياته من حكاياته (2)
محمد رفعت الدومي
الحوار المتمدن-العدد: 4992 - 2015 / 11 / 21 - 20:40
المحور:
كتابات ساخرة
كانت حادثة الفتاة المعروفة إعلاميًا بـ "فتاة المول" هي الأحدث والأكثر حضورًا في أحاديث المصريين عندما تحمست للكتابة عن الأستاذ "فكري أباظة"، وكنت واقعًا تحت وطأة الضحك من تصريحه الشهير الذي صار في زماننا مثارًا للسخرية علي كل الخطوط الزمنية لمواقع التواصل الاجتماعي، وهو:
- إن الشباب الصفيق من هؤلاء يتعمد الوقوف علي رصيف محطة الترام بالقرب من المكان المخصص لركوب السيدات، وعندما يجد سيدة تقف بمفردها يقترب منها بمنتهي البجاحة ويقول لها دون سابق معرفة: بنسوار يا هانم!
تأمل، "بنسوار يا هانم" كانت في ذلك الزمان هي منتهي البجاحة، لم يتنبأ المسكين بأن زماناً يأتي ستصير فيه اللغة "اللمبية" لا الفرنسية هي لغة المصريين السائدة، ويصير من العادي جدًا ضربُ المرأة ولكمها وركلها أيضًا إن رفضت الانصياع لرغبة أحدهم في الزنا، بل هتك خصوصيتها والتشهير بها علي الشاشات أيضًا، وبمباركة السلطات!
ارقد يا عم "فكري" علي رجاء القيامة في سلام، فالذي اتسخ أكثر مما يجب، لقد تبولوا علي طهارة كل شئ..
في مقال سابق تركتُ "فكري أباظة" علي أبواب مدرسة "السعيدية"، عندما فعلت ذلك، كنت أعرف أن "السعيدية" ليست أول مدرسة مدنية يتلقي فيها أبجديات العلم، لكنها كانت الرحم الأبرز لميلاد الكثير من حكاياته الساخرة، إنما مدرسة "القربية" الابتدائية، وله فيها حكاية تؤكد أن تعبيرات مثل "الوجيه الأمثل" و "من أجود أطيان كذا" و "فاخر" ليست تعبيرات ابتكرها الخيال السينمائي كما ما زال البعض يعتقد، إنما كانوا يستخدمونها في أحاديثهم علي محمل الجد، يقول:
(كان لنا في المدارس الابتدائية "ألفة" علي كل سنة من سني الدراسة مسئول عن النظام في الطوابير عند الحضور وعند الانصراف..
وكان "الألفة" من تلاميذ المدرسة، إنما من سنة أعلي وسن أكبر، وكنت أنا وزميلي "عبد العظيم" في السنة الأولي يقف الواحد منا بجانب الآخر، وكان "ألفتنا" من السنة الثالثة واسمه "مصطفي الجندي"، ويبلغ من العمر حوالي 25 عامًا، وكانت المدارس تقبل كل سن، وفي ذات يوم من الأيام ضرب "الألفة مصطفي" زميلي "عبد العظيم" كفاً علي وجهه، وضربني كفاً علي وجهي، وسكت "عبد العظيم" ولكني لم أسكت، قلت له:
- ليه يا ألفة بتضربني؟ أنا عملت ايه؟
قال بحزم: إنتا ما عملتش حاجة، لكن بما إني ضربت "عبد العظيم" لازم أضربك!
قلت: ولمَ ضربت "عبد العظيم"
قال: وإنتَ مالك يا بارد؟ ده ابني وأنا بأربيه، وإنتَ زميله ضربتك جنبه!!
لم أدهش من أن يجتمع "ابنٌ وأب" في مدرسة "القرابية" الابتدائية، فقد كان هناك تلميذ آخر في السنة الثالثة اسمه "محمد سعيد" من مركز "ميت غمر" سنه فوق الثلاثين، وهو معين من "المجلس الحسبي" - رسميًا - وصيِّاً علي 3 أولاد، وهو وهم في نفس المدرسة، الوصي والقُصَّر، وكانوا من الأغنياء الوارثين لـ 250 فداناً من أجود أطيان مركز "ميت غمر"!
بعد عشرين عامًا من ذلك الحادث فتحت مكتبًا للمحاماة في "الزقازيق"، وذات يوم قال لي وكيل المكتب: فيه واحد عاوز يقابلك..
قلت له: يتفضل..
ودخل وجيه بعمة وقفطان فاخر، وقال لي: ما انتش فاكرني؟
قلت: لا
قال: أنا اللي ضربتك كف إنتَ وابني "عبد العظيم" من عشرين سنة في مدرسة "القرابية"، وأنا الآن عمدة بلدة "بني عويس"..
أنا "الألفة" : "مصطفي الجندي")
وأول حكايات "فكري أباظة" في مدرسة السعيدية "مظاهرة ملوخية"، يقول:
"كنا في مدرسة "السعيدية" من سنة 1910 إلي سنة 1914، نجلس كل ستة تلاميذ علي مائدة واحدة، ويقدَّم لنا طعام "الغداء" في "عامود" من ثلاث "طاسات"، واحدة لحم، والثانية خضار، والثالثة "رز" .. ثم "رغيف عيش" و "يوسف أفندية" أو برتقالة أو "صباع موز"!
ولكن، عندما تظهر "الملوخية الخضراء" الجديدة، كان "رغيف العيش" لا يكفي، لأن "التغميس" من لوازم "الملوخية"، فكان الرغيف ينتهي ويبقي في الطبق نصف "الملوخية"!!
قررنا، نحن التلاميذ، أن نرفع الأمر لناظر المدرسة "المستر شارمان" الإنجليزي، وكان حازمًا قاسيًا، ورغم ذلك، حملنا أطباقنا وفيها "الملوخية الخضراء" ووقفنا طابورًا أمام غرفة "المستر شارمان" وكل تلميذ من الربعمائة تلميذ يحمل طبقه فكان المنظر منظرًا مثيرًا!!!
وخرج "المستر شارمان" من غرفته فأدهشه المنظر، وسأل: ما الخبر؟؟
تقدمت عن حملة الأطباق الـ 400 وقلت:
- يا جناب الناظر، "الملوخية الخضراء" جديدة وشهية، ومن تقاليدنا في بلدنا أن نغمِّسها تغميسًا بالعيش، والرغيف لا يكفي، وأنت تري يا جناب الناظر أن الأرغفة انتهت وبقيت الملوخية في الأطباق!!
قال: وماذا تطلبون؟
قلت: "شقة عيش" - أي نصف رغيف - علاوة، فقط، يوم "الملوخية الخضراء"!!
قال: ليكن..
وأصدرأوامره بتوزيع "الشقة" العلاوة يوم "الملوخية"، وصفق الـ 400 تلميذ وهيَّصوا!!
محمد رفعت الدومي
#محمد_رفعت_الدومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عدالة داعش وعنصرية العالم
-
آية الله أبو الطين
-
مطلوب خياطة
-
عفريت (1)
-
بنات كلب
-
للَّه أمُّكِ جومانا
-
تليفزيون الواقع
-
عادوا
-
حتي يراقَ علي جوانبه الدمُ
-
ديوان الجنوب
-
موكب البابوات
-
معابر الخراب
-
مسمار كاسترو الأخير
-
الططر
-
اسهار بعد اسهار: الحضرة الشومانية
-
كليبتومانيا الضوء : سيمون بين السرايات حالة
-
أولي الناس باسم شاعر
-
اسهار بعد اسهار (8) : عصام أبو قنين
-
اسهار بعد اسهار (7) : بهجة غرابة
-
الوطن محله الحذاء
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|