أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أفنان القاسم - المشروعان مشروع التنوير ومشروع الدولة















المزيد.....



المشروعان مشروع التنوير ومشروع الدولة


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4992 - 2015 / 11 / 21 - 14:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أوجه ندائي الحار إلى الناشرين والممولين لنشر هذا الكتاب الأداة التثقيفية بعشرات آلاف النسخ، وتوزيعه في جميع بلدان العالم العربي...




الأعمال الكاملة
الدراسات (13)



د. أفنان القاسم


المشروعان
مشروع التنوير ومشروع الدولة




فصول






















































إلى شبابنا العربي أمل المستقبل


























مشروع التنوير










الفصل الأول

مما قاله التنويريون

التسلط لابتذال الرعية
سأحكي لك ما قاله مونتيسكيو عن ملك فرنسا (رسائل فارسية 1721)، أقوى ملوك أوروبا، لم تكن لديه مناجم ذهب كملك إسبانيا، جاره، لكنه كان أغنى منه بكثير، لأنه كان يسحب ثرواته من ابتذال رعاياه، ثروات أكثر من مناجم الذهب لا تنضب. رأيناه يشن حروبًا كبيرة أو يدعمها، وليس له من الأموال غير ألقاب شرف يبيعها، وبمعجزة الغطرسة الإنسانية كان يدفع لجنوده، يشتري أعتدته، يزود أساطيله. زد على ذلك، هذا الملك ساحر كبير، فهو يمارس تسلطه حتى على روح رعاياه نفسها، ويجعلهم يفكرون كما يريد. إن لم يكن في خزينته غير مليون ريال، وهو يحتاج إلى ريالين، فما عليه سوى إقناعهم أن الريال يساوي ريالين، وهم سيصدقونه. إن كانت عنده حرب من الصعب عليه دفع أجر من يخوضها، ولم يعد لديه نقود، فما عليه سوى أن يضع في رؤوسهم أن قطعة من الورق هي نقود، وهم سيقتنعون فورًا. حتى أنه يذهب إلى حد جعلهم يصدقون أنه يبرئهم من كل أنواع الآلام، فقط عند لمسهم، بمقدار ما كانت قوته عظيمة، وعظيمة كانت سطوته على نفوسهم.

حب الحكم
سأقول لك عن التربيات الثلاث المختلفة أو المتعارضة كما يرى مونتيسكيو كيف نتلقاها (من روح القوانين 1748): تربية آبائنا، تربية أسيادنا، تربية العالم. وما يقال لنا في التربية الأخيرة يقلب كل أفكار التربيتين الأوليين. وهذا يأتي، نوعًا ما، من التناقض الموجود وسطنا بين التزامات الدين والتزامات العالم، شيء لا يعرفه القدامى. إن حاجتنا في الحكم الجمهوري إلى كل قوة التعليم، وإن خوف الأحكام المستبدة يولد من نفسه في خضم التهديدات والعقوبات، وإن شرف الأنظمة الملكية تعليه العواطف، وهو بدوره يعليها: لكن الفضيلة السياسية هي التخلي عن النفس، هذا التخلي الذي دائمًا ما يكون شاقًا جدًا. ويمكن تحديد هذه الفضيلة بحب القوانين والوطن، هذا الحب، الذي يتطلب تفضيلاً متواصلاً للصالح العام على الصالح الخاص، يعطى كل الفضائل الخاصة التي ما هي سوى هذا التفضيل. وبالأخص هذا الحب خاص بالجمهوريات، فيها وحدها يوكل الحكم إلى كل مواطن، والحالة هذه الحكم ككل أشياء العالم: للحفاظ عليه من اللازم حبه. لم نقل أبدًا إن الملوك لا تحب النظام الملكي، وإن الاستبداديين يكرهون الاستبدادية. وبالتالي كل شيء يتوقف في الجمهورية على إقامة هذا الحب، وعلى الحث عليه يجب على التعليم أن يكون يقظًا. لكن، كي يستطيع الأطفال الحصول عليه، هناك وسيلة أكيدة: أن يكون هذا الحب للآباء أنفسهم. عادة ما نكون أسياد ما نعطي أبناءنا من معارفنا، وأكثر من هذا أن نعطيهم عواطفنا. إن لم يحصل، فهذا لأن ما جرى في البيت الأبوي قد دمرته انطباعات من الخارج. ليس الشعب الوليد هو الذي ينحلُّ ويفسُد أصله، وهو لا يضيع إلا عندما يكون الناس فاسدين.

الأغاني الكافرة
سأخبرك بما قاله فولتير عن الفارس دولابار (قاموس فلسفي 1764)، حفيد ضابط برتبة فريق في الجيش، شاب كثير النباهة وكبير الأماني، ولكن لِما له من طيشِ شبيبةٍ مطلقةِ العِنان، كان واثقًا من أنه غنى إحدى الأغاني الكافرة، وحتى أنه مر من أمام موكب للرهبان الكبوشيين دون أن يخلع قبعته، فأمر قضاة مدينة أبفيل، قضاة كأعيان الرومان، ليس فقط أن يقتلعوا لسانه، أن يقطعوا يده، وأن يحرقوا جسده على نار خفيفة، لكنهم ساموه أيضًا أشد عذاب ليعرفوا على التحديد كم من أغنية غنى، وكم من مواكب رآها تمضي، والقبعة على رأسه. لم تقع هذه المغامرة في القرن الثالث عشر أو في القرن الرابع عشر، وقعت في القرن الثامن عشر، والأمم الأجنبية تحكم على فرنسا بالمسرحيات، بالروايات، بالأشعار الجميلة، براقصات الأوبرا، اللواتي لهن أحلى الطباع، براقصي الأوبرا، الذين هم الأناقة بعينها، بالآنسة كليرون، التي تنشد الأشعار بروعة، ولا تعرف هذه الأمم أنه لا يوجد في أعماق أمة ما هو أكثر قسوة من الأمة الفرنسية.

أقوال لديدرو
والآن سآتيك ببعض ما قاله ديدرو (1713-1784):
1- ما يتصف به الفيلسوف ويميزه عن العامّي أنه لا يقبل شيئًا بلا برهان، أنه لا يوافق على مفاهيم خادعة، وأنه يضع بالضبط الحدود للأكيد، للمحتمل، وللمشكوك فيه.
2- لم يعد هناك وطن، ولا أرى من قطب إلى آخر سوى طغاة وأرقاء.
3- هؤلاء المخالِفون في الرأي المعّذَّبون سيغدون معَذِّبين عندما يصبحون الأقوى.
4- لا توجد سوى خطوة واحدة من التعصب الديني إلى البربرية.
5- كل رجل لم يستلم من الطبيعة الحق في التحكم بالآخرين.
6- اتفاق الناس الذين تجمعوا في مجتمع لهو أساس السلطة، ومن أقام بالقوة لا يمكن إبداله إلا بالقوة.
7- فلنسارع لنجعل من الفلسفة شعبية، وإن أردنا أن يمشي الفلاسفة إلى الأمام، فلنقترب بالشعب من النقطة التي فيها الفلاسفة.
8- الإنسان هو الحد الوحيد الذي من اللازم الذهاب إليه وله جلب كل شيء.





























الفصل الثاني

أركان التنوير

العلم والثقافة
اعلم أن كل حركة للتنوير لا بد أن تمضي بإعتاق العقل الإنساني من كل ما هو لاهوتي، واسترقاقه بكل ما هو عقلاني، والاسترقاق في هذا السياق يأخذ معنى المعرفة التي لا حدود لها، فهل هناك أنوارٌ للمعرفة في العالم العربي؟ في الواقع هناك أنوار للمعرفة في العالم العربي باهتة، طغت عليها أنوار للامعرفة، فأضاءت –نعم أنوار اللامعرفة تضيء بسوادها- هنا وهناك تحت أشكال في الدين والسياسية لا في العلم والثقافة، لهذا فكر الأنوار في عصرنا العربي سيقوم على العلم والثقافة، دونهما ستجد قوى الفساد بين ظهرانينا مرتعًا، وعلى العكس، بهما سيكون النمو الاقتصادي عمادًا، الاقتصاد في تنوعه، وفي تنافسه، ومع التنوع الاقتصادي والتباري تكون الشركات، وتكون الأشغال. وبكلمات جازمة أقول إن العلم والثقافة يبدأ الواحد والآخر خارج قاعات المدارس والجامعات، وذلك بنشر الفكر الإيجابي لا السلبي في النفوس: أينما ذهبت تقرأ ما هو مهين للنفس، نحو ما توجهت تُواجَه باليأس والإحباط. إذن على كل واحد منا أن يبدأ بنفسه لا بغيره، الكاتب كالقارئ، المعلم كالطالب، العامل كزارع القمح، البحار كصائد السمك، السائق كمتسلق الجبل، قبل أن تكون هناك إصلاحات في ميدان التربية والتعليم، وقبل أن تُكَرِّس العادة العلم والثقافة في حياتنا.

الرأي العام
أنت الرجل الجديد في رأسك قبل أن تكون في بيتك أو في مكتبك أو في دكانك أو في شركتك أو في معملك أو في مزرعتك أو... أو...، بهذه الطريقة البسيطة، البسيطة جدًا ينتشر التنوير من باب إلى باب، ومن حارة إلى حارة، ومن درب إلى درب. أمام الماكينة الهائلة لإسقاط الروح، لا بد من الروح النقدية، وإعلاء الروح. عندئذ يكون الرأي العام أكثر جذرية وأكثر تنويرية، لا يبلع كل ما يقال، وكل ما يقال يصبح في موضع شك وتساؤل. وحتى لا يقع الرجل الجديد في مطب كل ما هو محير لروحه، يكون من واجب الأقلام المتنورة أن تأخذ بيده، باللين حقًا، ولكن بالشدة لو احتاج الأمر، فلا تكفي الإدانة لتريح روحك، وإنما تفنيد الإدانة، ولا تكفي الورود بعد نزع الشوك عنها، وإنما قطع أعناقها لو احتاج الأمر. في حالتنا يجب التوقف عن ترديد أن العهر في كل مكان من حولنا، وإلا اعتاد الرأي العام عليه، العهر في كل مكان من حولنا، لكن هناك عهر نَيِّر –تحت كل مترادفات العهر وخاصة من هم من ورائه: سلطويون وبطريركيون ومازوخيون ومصاصو دم ومبتزون وجيفيون وهراطقة مال وأنذال بورصة ومخططون استراتيجيون ومُهِوِّلون يضحكون ومهرجون لا يضحكون و... و...- كما أن هناك عقلاً نَيِّرًا، فأنا مع العهر النَّيِّر كنظام في وضع كوضعنا، إن كان في هذا النظام تقليص من حجم العهر السياسي، وتمديد من حجم الفعل العقلاني في المجتمع، إن كان في نظام العهر النَّيِّر اقتصاد أقل توقفًا على سعر البندورة، وأكثر تطورًا مما هو عليه عند ابن عمنا الإسرائيلي.

الاقتصاد
أنت تعرف دون أن أقول لك أن كل اقتصاد قوي يريد أن يساير زمانه يقوم على العلم، وفي بلادنا اقتصادنا يديره صندوق النقد الدولي، والسماسرة في الغرب، وهذا الكلام لا يعني الصومال –لا تنس أن الصومال دولة عربية، ولا موريتانيا. كيف؟ موريتانيا دولة عربية!- هذا الكلام يعني قطر والإمارات والكويت والبحرين والسعودية التي هي من أغنى البلدان في العالم، ولا بد إذن من التحرر من هؤلاء السماسرة للقيام بإصلاحات في كل الميادين التي لها علاقة بالاقتصاد، النمو النَّيِّر يستوجب هذه الإصلاحات، فلماذا الإصلاحات؟ لتجد لك مكانًا تضع فيه قدمك في بلدك أولاً وفي العالم ثانيًا، لأنك إن لم تخلق في بلدك الشروط الجديدة لاقتصاد قوي منفتح على داخل بلدك قبل أن يكون منفتحًا على خارجه، فلن ينجح اقتصادك، ولن تكون العلاقة بين الداخل والخارج علاقة ديناميكية، لأن العلاقة في أساسها ديناميكية بين الداخل والخارج، الخارج هنا لا يصبح السماسرة في الغرب ولا صندوق النقد الدولي، الخارج هنا يصبح المعارف التي اكتسبها الغرب في الاقتصاد، استثمار الغرب لا سمسرته، والتبادلات الدولية على كافة أنواعها، لا التجارية فقط. هكذا تزداد الإنتاجية، هكذا يدوم النمو الاقتصادي.

الحرية
أنت حر بطبعك أم بتطبعك؟ سؤالي هذا يبحث عن النقاط المعتمة فيك، فأنا لا يهمني ما تأكله كل يوم –إن وجدت ما تأكله- ما يهمني ما يأكل روحك، ما يتأكلك من داخلك دون وعي منك، الحرية كما تمليه عليك رغباتك التي لا تعلم ما هي، رغبات شيطانية ربما، لكنها تنعم بكل حرية و... دومًا دون وعي منك. والآن بوعي العقل، وبإملاء من وعي التنوير، يكون الجواب على سؤالي عن الحرية بنظام يضيء النقاط المعتمة فيك، بإملاء وقسوة هذا صحيح، يقمعان فرديتك، ولكن لضرورة، تحت حجة صالح الحكم تارة والصالح العام تارة، إنه النظام الديمقراطي، وعلى أي حال إنه النظام الأفضل بين كافة الأنظمة، نظام بدأه الإنجليز في الأيام السالفة، ولم يزل جديدًا في الأيام الحالية، فأنحِ باللوائم عليهم إن لم يعجبك: الحرية تكون في مملكة معتدلة تنفصل فيها السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. في السعودية، هذا حلم من الأحلام، لكنه ليس حلمًا من المستحيل تحقيقه، وفي الحالة السعودية تتوقف الأمور على الظروف، والظروف لم تعد اليوم تتباطأ كما كانت عليه في الماضي: العمل من مكة "فاتيكان إسلامي" يجمع كل رجال الدين في المملكة بشتى أصنافهم يحافظون فيه على امتيازاتهم، حماية الملك للقانون، احترام ممثلي الأمة للملك. هل يكفي هذا الحرية بالطبع والحرية بالتطبع؟ هل يكفي هذا الحرية، الحرية بلا زيادة، فقط الحرية؟ هناك حقوق يعرفها المجتمع، وهناك حقوق لا يعرفها سوى صاحبها.


























الفصل الثالث

أركان التنوير كيف؟

العلم والثقافة
هل يكفي بناء المدارس والجامعات لندخل من الباب العريض للعلم والثقافة؟ هل نشعل أنوار المعرفة بالشهادات المزورة؟ هل نخرج من أنفاق الجهل والتخلف والخرافات بطلب رسمي من جلالة الملك أو سيادة الرئيس؟ هل نلهث راكضين من وراء أصحاب العلم والثقافة في الغرب راجين متوسلين أن يمنوا علينا بالقليل من تقدمهم؟ إن كنا أثرياء إلى حد التخمة، بإمكاننا أن نشتري حتى القمر، حتى زحل، حتى المريخ، فهل نشتري جامعات أكسفورد وهارفارد والسوربون، ونقول نحن ظفرنا بالعلم والثقافة، فنهنأ، وننام ملء جفنينا؟ الشرط الأول لكل علم وثقافة هو بناء المدارس والجامعات، ولكن للشرط شرط، ليس البرنامج، ليس المعلم، ليس الأداة، كل هذا شيء مفروغ منه، سيقول لي قائل –ويا ما أكثر ما يردده الكثيرون ترديد الببغاء لأبنائها- يجب أن يتم كل هذا في إطار النمو التدريجي للأمل العلمي الذي تعطش إليه مجتمعاتنا، للرجاء الثقافي الذي انعدم أو يكاد في صدورنا، فينقلنا إلى وضع من المستحيل تحقيقه في الحال، إلى مستقبل بعيد لا يضمنه أحد، وبدلاً من الدخول في "الموضوع" مباشرة، التشمير عن السواعد والبدء بالعمل، يتركنا في حالة انتظار أن يمن علينا النمو التدريجي، هذا إذا ما داوم النمو على النمو في بلداننا التي لم تعرف النمو أبدًا، بتحقيق ما نأمل في العلم، وما نرجو في الثقافة. لا يوجد نمو تدريجي في حالتنا، من العبث كل هذا، فالنمو المعرفي من النمو الاقتصادي، وعلى عكس كل ما قاله لنا أشاوسنا الاقتصاديون وكل ما دبجوه من ملايين المقالات، نمو اقتصادي في الواقع لا يوجد، نمو بمعنى النمو، يعني طفولة شباب شيخوخة فموت، وإلا ذهب بنا هذا النمو بعد طفولة فشباب فشيخوخة إلى المقبرة. هناك حالة ثبات من النمو، أدعوه بالنمو النيِّر، يمكن الدخول فيها مباشرة، اليوم قبل الغد، والتخلص من العنف السياسي والعنف الاقتصادي اللذين هما أقوى تدميرًا من العنف العسكري، أقوى هولاً من القنبلة النووية، التخلص إلى الأبد من هذين العنفين الممارسين علينا من قبل الشركات المتعددة الجنسيات. إذن حالة ثبات من النمو كيف؟ بكل بساطة سنقلب المقولة المعروفة "الغاية تبرر الوسيلة"، لتكون "الوسيلة تبرر الغاية". أولاً) العقلانية كغاية تؤدي بنا على الرغم منا إلى التنافس كوسيلة غير مشروطة، وبالتنافس نجد أنفسنا في قلب النمو النيِّر. ثانيًا) القوة المحولة للواقع كغاية، وبعد ذلك، كرد فعل طبيعي، قوة تحويل الواقع، تؤدي بنا على الرغم منا إلى التقدم التقني كوسيلة غير مستحيلة، وبالتقدم التقني نجد أنفسنا في قلب النمو النيِّر. ثالثًا) إشباع الرغبات كغاية، رغبات الفرد تحت كافة المعاني وليس فقط المعنى الاستهلاكي، يؤدي بنا على الرغم منا إلى المعرفة كوسيلة غير ضيقة وغير مغلقة على نفسها، وبالمعرفة نجد أنفسنا في قلب النمو النيِّر. رابعًا) القيم الإنسانية كغاية تؤدي بنا على الرغم منا إلى الماركتنج كوسيلة غير متوحشة، إلى قيمنا الحقيقية سواء أكانت دينية أم عرقية أم أخلاقية، وبالماركتنج نجد أنفسنا في قلب النمو النيِّر. خامسًا) مكاننا الشرعي كغاية في عالم مفتوح على الإنسانية لا مغلق، كما هو عالم العولمة، على كمشة من السوبر مليارديريين الناهبين لثروات العالم، المخضعين لنا بكل الوسائل التي تبرر غاياتهم الدينصورية في سحقنا، وخنقنا، فقط سحقنا، فقط خنقنا، يؤدي بنا على الرغم منا إلى القوة التقنية-العلمية كوسيلة غير مفروضة علينا وغير مستغِلَّة لنا، وبالقوة العلمية-التقنية نجد أنفسنا في قلب النمو النيِّر.

الرأي العام
يتراوح الرأي العام في درجة حرارته بين بارد وحام، وفي كلتا الحالتين هو يائس، قانط، محبط، موهن، خريان تحته، فالمجتمع العربي انحط من مقامه، ورياح الربيع العربي التي أنعشته، وأبدت عن وجهه الفتان، سرعان ما أُسكنت بل سُحقت تحت طواحين الدكتاتورية أو بساطير العسكرية، والأهم من هذا وذاك النهش الفتاك اليومي الذي لا يشبع ولا يكل لماكينة القمع الإيديولوجي: تحقير الذات دون هوادة، خلط الأوراق دون ذمة، التلاعب بالمشاعر بسبب أو بدون سبب، التعتيم، التيئيس، التضريب، مهاجمة الوعي تحت كافة أشكاله، وخاصة ترسيخ الشعور بالدونية في اللاوعي، بالهزيمة الأبدية، بالقطيعة مع تاريخنا، تلويث هذا التاريخ ببراز الكذب، بالتكذيب، بالتهديد، بالتلويح بكل ما ينزع من الإنسان إنسانيته، بنقلنا، خاصة بنقلنا، إلى زمن غير زمننا، زمن انتهى ولن يعود إلى الأبد، لكنه يعود بالسفاهة، بالقذارة، بالحقارة، وعلى أيدي السحرة من إرهابيي الكلمة، يعود بالبذاءة، ليعوّدونا على حقارة لم نعتدها، ويلهوا بنا عن مسائلنا الجوهرية، مسائلنا الحياتية اليوم، ملقين بنا في مسائل الماضي، مسائل عمرها آلاف السنين أحيانًا: إنه عالم العهر في البنية الفوقية على أكمل وجه. فكرة النمو النيِّر والحال هذه فكرة مستحيلة، تلاشت في الوعي، هذا صحيح، ولكن قبل ذلك في السِّلَّم الاجتماعي، وبالتالي أية فكرة تحت فكرة النمو النيِّر لم تعد مطروحة على مستوى التقدم الاجتماعي لا الآن ولا الغد، في الغروب الحضاري كما نحياه، وإن شئت بكلمة أخرى تصدمك، في الانحطاط. في وضع كهذا نحن مرضى بالفعل، ومع ذلك، الغريب في ذلك، لا تتسلط علينا فكرة الانتحار! ليس هذا لأننا انتحرنا منذ وقت بعيد، لا سمح الله، وليس هذا لأننا انتهينا ولا فائدة ترجى منا، وهذا ما يدفعني إلى الأمل فينا، أقوى أمل، لأن في العهر صفة لوضعنا، من قلب العهر يولد الشرفاء، من قلب العهر ينهض الرجل الجديد في كل واحد منا، من قلب العهر –لا بد من العهر مرحلة- نفتح أعيننا على أنفسنا وعلى العالم. لا وسيلة تبرر الغاية هنا، ولا غاية تبرر الوسيلة، وإنما الكيفية التي نبدل فيها رؤيتنا إلى الأشياء: أولاً) بناء وعي ثقافي يقوم على نقد فكرة التخلف، وليس فكرة التخلف فقط بل وفكرة التقدم، وذلك عن طريق تقاسم زوال الوهم ما بيننا. ثانيًا) لداعش ما هو إيجابي أعظم ما يكون، ما هو أكثر من إيجابي، ربما كان شيئًا خلاقًا علينا، ألا وهو أنها وجهت ضربة قاضية إلى كل ما هو متخلف في الدين أو باسم الدين، وأبتعد أكثر حينما أقول إلى كل ما يمكن دعوته بالتعصب كدين، بالبربرية كدين، بالسلطة كدين، بكل شيء مذل ومهين كدين، ومن هذه الناحية رؤيتنا إلى الأشياء تبدلت، ولكن ليس بما فيه الكفاية، إذ علينا نقد فكرتي التخلف والتقدم على أساس التفاؤل الذي بعثته في نفوسنا داعش رغمًا عنها. ثالثًا) تحررنا من البعبع الدماري التدميري المتمثل بداعش سيحررنا من البعبع اللي قبله واللي نسيناه، ألا وهو البعبع الدماري التدميري المتمثل بإسرائيل، إسرائيل نتنياهو، إسرائيل مفاعلها النووي، بعشرات القنابل النووية التي ترقد هناك تحت مخداتنا، إسرائيل القوة الاقتصادية والعلمية وبطلة النانوتكنولوجيا عما قريب، إسرائيل التي أفرغت شعبها من إنسانيته، إسرائيل التي لا تريد أن تكون معنا لتكون، سيحررنا من البعبع الثالث إيران التي وقّع معها الغرب اتفاق نووي سلمي باتجاههم وحربي قهري ابن ابن عهري باتجاهنا، لكن تحريرنا يبقى على المستوى الفكري للرأي العام، بانتظار أن يكون التحرير الفعلي للإنسان فينا وللوطن العربي وطننا الحبيب الذي نعيش فيه.

الاقتصاد
إنه اقتصاد السوق، ولكن تحت شرط اقتصاد سوق إنساني، ليبرالية إنسانية، تجارة إنسانية، نعم حتى في التجارة، معاملات إنسانية، تعاملات إنسانية، تبادلات إنسانية... إلى آخره إلى آخره، تحت شرط سيبدو لكم غريبًا لما عودونا عليه من قطع بنيوي حاسم بين الشرق والغرب، لا يا سادتي، الشرق غرب والغرب شرق كلاهما يلتقيان! لن أدخل في تفاصيل عقيمة استُهلكت عن اقتصاد سوق ونظام ليبرالي أو نظام اشتراكي أيهما نختار؟ أنا سأختار النظام الإنساني وبس، والذي أراه من خمس نواحٍ:
أولاً) على عكس ما يجري وسيجري في الغرب، لا يوجد أي مشكل فيما يتعلق بإحصاء الشعوب العربية (الناحية الديمغرافية)، فالنسبة الشابة بين السكان تبقى عالية، وبالتالي ستكون ضمانًا للاقتصاد لا ينضب حتى بعد خمسين عامًا أي بحدود 2060، بينما ستهبط النسبة الشابة في الغرب مقابل النسبة الشيخة إلى نسبة 26 بالمئة عن تقرير للمعهد الدولي، مما يجعله –أي الغرب- بحاجة إلى مهاجرين يتعوض بهم في الإنتاج لدعم اقتصاده، نحن لن نرى معيقًا اقتصاديًا كهذا، النسبة الشابة في الجزائر وحدها تعادل نصف السكان.
ثانيًا) النسبة الشابة وبالتالي النشطة وبتالي التالي الشغيلَة، بينها وبين كل السكان لن تكون مشكل المشاكل كما هي في الغرب، فهو –أي الغرب- سيجد انخفاضًا بمعدل 5 بالمئة بين سكانه ما فوق السن الخامسة عشرة، خلال الخمسين سنة القادمة، كما ينبه إليه الاقتصاديون في منظمة التعاون والتطور الاقتصاديين، نحن لا شيء عندنا من هذا.
ثالثًا) تكديس رأس المال الإنساني سيكون مفتاح النمو النيِّر، تحت شرط نوعية العمل لا كميته، وما قاله كارل ماركس صحيح: المستقبل للعقل. كمية العمل غير مهمة في النمو النيِّر وإنما نوعية العمل، لذلك الشغل في اليوم كم، كثير قليل، ليس شيئًا هامًا، ما هو هام نوعية النشاط الخلاق الذي نقوم به.
رابعًا) محرك النمو النيِّر ليس زيادة الأموال، عندي فلوس إذن أنا جدع (كما هو الحال في السعودية مثلاً) محرك النمو النيِّر هو الجهود التي نبذلها في الإنتاج: الصناعة الثقيلة خلاص فات وقتها، خلال الخمسين سنة القادمة لن تكون كوسيلة للنمو، والأرباح ستكون هي النابض الأساسي للنمو، وكل هذا يعتمد –حسب منظمة التعاون والتطور الاقتصاديين- على الانفتاح على التبادلات وقوة التنافس في داخل الأسواق العربية.
خامسًا) دعم البلدان العربية الغنية للبلدان العربية الفقيرة سيقوى، خلال نصف القرن القادم سيكون الاقتصاد العالمي العام في نموه بحدود 3 بالمئة كل سنة، بفضل تحسين الإنتاجية وتراكم رأس المال البشري، ومن هذه الناحية سنكون في مقدمة كل بلدان العالم، هذه البلدان التي ستكون في حاجة إلى عون الصين مثلاً أو الهند، بينما نحن، ونحن نقف تحت المظلة السعودية ودول الخليج، لن نحتاج إلى أي عون، وربما صرنا، خلال الخمسين سنة القادمة قوة عظمى نعين غيرنا.

الحرية
الحرية الفردية في التفكير وفي القرار هي شرط كل حرية، وبالتالي هي شرط كل ممارسة للديمقراطية. الإسلاميون أنكروها، لأنها تحد من حريتهم، ولأنها في رأيهم ذات حدود، والحدود في مفهومهم، عندما يتعلق الأمر بعقدة القضيب لديهم، حدود لحريتهم، فنظروا إلى المرأة بنصف عين، وإلى الرجل بعين واحدة، وإلى أنفسهم بعينين، وكل هذا تحت ذريعة المُقدر والمُنزل، فربطوها بالعوارض الجسدية (حجاب/المرأة نصف الرجل/إرضاع الكبير/معاشرة الوداع/جهاد النكاح/تنابل السلطان... إلى آخره إلى آخره) ولم يجعلوا من الحرية مشخصات إنسانية للدلالة على سمو الله على المخلوقات ومفارقته لها، كما هو دأب عظام القدريين. لكني أنا ما يهمني، أكثر ما يهمني، الشعور بالحرية، الناجم عن العقل السليم، الفردي، الذي ينحو نحو جمع ما لا نشعر به من تبعية في شخصيتنا أو في هوية كل واحد منا، وما أكبر اهتمامي بحرية الفعل.
بعض مقولات في الحرية والديمقراطية (ترجمة):
1) الديمقراطية وديمقراطية الحكم اللتان تُبنيان حسب مفهوم الشعب تجدان نفسيها مضطرتين إلى التوقف عند مفهوم الفرد والاعتراف له بقدرته على الاختيار الحر وإلا كان من المتعذر تحديدهما ومن المستحيل عملهما.
2) الحرية الديناميكية هي الحرية التي نكتسبها بنسبة ملائمة بين سلطتها وسلطة من يحكم غصبًا.
3) مبدأ الديمقراطية ليس له أي معنى إذا ما اتَّخذ الشعب تداولاته من طرف مواطنين مخضَعين أو مجبَرين في اختياراتهم.
4) تنتج الحرية من امتلاك أكثر ما أمكن من السلطات وليس فقط الحقوق.
5) الرؤية الديناميكية للحرية تَفرض منطقيًا أن يعطي المجتمع حق الأولوية للضعفاء والمحرومين والمهيمن عليهم أو المخدوعين كل السلطات التي تنقصهم.




















الفصل الرابع

الطائفية

في موضوع الطائفية، أنا لن أتفذلك لطمًا تنظيريًا واستهلاكًا فكريًا كما دأب عليه المفكرون العرب، برهان غليون في مقدمتهم، ولن أتكلم عن وعي شقي وما شقي –كما يتفضل الأستاذ غليون- لدى المجتمعات العربية، والعصبيات المتنافرة، والتحولات السياسية الديمقراطية –أية تحولات- والثقة المتبادلة بين أبناء الطوائف المختلفة، وإخفاء النوايا والرهانات الطائفية، وبناء مثل هذا الوطن الذي يفترض التضامن والتكافل والتعاون بين جميع أفراده، أنا ألهث، هل أكمل؟ بقدر ما يجمعهم تحت سقف واحد –حلوه هادي سقف- ويفرض عليهم مصيرًا مشتركًا –أكثر من حلوه المصير المشترك-... ولكن يا سادتي، كل هذا ينتمي إلى فن الزجل الغليوني، خاصية هذا الزجل أن كل شيء يتم في الخطاب، في رحاب الكلام، وهو كلام سمعناه منذ سقوط قرطبة، لا علاقة له بالواقع بل بما يسقطه الكاتب على الواقع، وفي اعتقاده أنه أمسك به من خناقه، تحت مفهوم التحليل الموضوعي، والاستنباط التأريخي، والرؤية الجوانية! بينما موضوع الطائفية رغم تعقداته من أبسط المواضيع، فيكون التجاهل لبساطته ليكون التحليل، أليسه يكتب بمعنى ينظّر؟ أليسه يهرب –كما هي عادته- من قول الحقائق، ليغطي الذين هم من ورائها؟ أليسه برتراند راسل زمانه كناقد اجتماعي ولكن بقليل من الجدية؟

الطائفية الوطنية
أنا لن أمارس الفلسفة ولا التنظير، وعلى العكس، سأقول كل شيء بكل بساطة، وحسب تجربتي الشخصية، لا تجربة التاريخ ولا حتى تجربة ابن أخيه العلم أو ابنة أخيه المادية. هناك طائفية وطائفية، كل طائفية حسب زمنها، وفي المكان الذي توجد فيه. في إسرائيل غداة النكبة، كانت الطائفية محركًا للوجود الفلسطيني، فالهوية كانت مرادفًا للوجود، مرادفًا للوطن، لهذا دعوتها بالطائفية الوطنية. في لبنان خلال الحرب الأهلية كانت الطائفية التعبير الحر عن المقاومة، عن الصمود، عن كل الأحلام في التحرير والردع الواجب للأعداء الهمجيين خانقي كل ما هو جميل في الإنسان، لهذا دعوتها بالطائفية الوطنية. في كردستان اليوم رغم كل بؤس الزعماء الهوية الكردية شيء أشبه بحجر الألماس، لكرم الطائفية على أصحابها، في زمانها ومكانها، ونظرتي إليها باتجاه الأكراد، بينما هي في الصحن العراقي شيء آخر، من شأن السياسة كما سنرى، لهذا دعوتها بالطائفية الوطنية.

الطائفية النفعية
في مرحلة تالية للطائفية في إسرائيل، في لبنان، وفي كافة المراحل في البلدان العربية، قبل تفجر الأوضاع الأخيرة، انسحبت الهوية أمام التعامل اليومي مع الآخر، في الشارع، في المدرسة، في ملعب كرة القدم، في السوق، في المقهى، في دكان الحلاق، في الحمام التركي، وعلى كل حال في الحمام كلنا عراة نشبه بعضنا نشبه وطنيتنا، في الباص، في القطار، في كل ناحية من نواحي الحياة، بدافع براغماتي نفعي، احتضنته الدولة، ومن هذا التعامل اليومي بين الهويات، سنت القوانين، التي حسبها عملت المؤسسات، دونما أدنى تفريق، رغم دوام هذا التفريق هنا وهناك على مستوى الأفراد، وهذا شيء طبيعي. حتى في بلدان أكثر تحضرًا مما نحن عليه، هذا التفريق المدعو بالعنصرية، يوجد، وسيوجد، فالهوية الثقافية والإثنية واللغوية شيء لا يمكن التحكم به، شيء من حرية الفرد الخاصة، حتى هو لا يمكنه التحكم بهذه الحرية، حرية تأتي من جواه، من لاوعيه، لا يمكنه تفسيرها، حتى ولا العلماء النفسانيين يمكنهم تفسيرها.

الطائفية الوحشية
هنا نخترق العالم السياسي للطائفية، الطائفية كقرار سياسي لا علاقة له بنظام ينهار كما عودنا عليه أشاوسة المحللين الاجتماعيين العرب، فالنظام العربي الذي ينهار منذ مئات السنين لم يزل ها هنا، وأنا أقول جازمًا إنه لا ينهار، والظروف الراهنة كاللاحقة كالسابقة لن ينهار، أنا أتعامل معه رغم بؤسه كنظام سرمدي، لن ينهار. في الماضي القريب لم يكن أي شيء من هذا، من الطائفية، في رَباع هذا النظام نفسه، فلماذا اليوم؟ بكل بساطة لأن الظرف الجيوسياسي الجيوعسكري يتطلب ذلك، وهذا الظرف أوجده الأمريكان مع غزوهم للعراق، تحت نظام لا ينهار، صنعوه جديدًا كل الجدة بعد سقوط النظام الصدامي، وهذا دليل آخر على أن أسباب الطائفية المتوحشة أسباب سياسية وعسكرية أولاً وقبل كل شيء، وهي تبعًا لذلك يمكنها أن تتنوع في البلد الواحد، الطائفية باتجاه الأكراد وطنية، وباتجاه العراق وحشية، تخدم هناك مصالح شعبها، وتعمل هنا ضد مصالح باقي العراقيين، تمامًا كما كان الحال أيام صدام، الطائفية باتجاه السنة شيء وباتجاه الأكراد والشيعة شيء آخر. وفي بلد متحضر كفرنسا، الشيء ذاته، منذ عدة سنين، عندما كان محرمًا على البريتانيين مثلاً أن يُسَمُّوا أبناءهم بأسمائهم. طبعًا تهيمن الدولة اليوم على كل هذا بالحريات وبالحقوق المتساوية بين كافة طوائفها بما فيها الطائفة العربية.

كيف تنتهي الطائفية؟
الطائفية لا تنتهي أبدًا، الطائفية تبدل أشكالها حسب زمنها والحاجات الجيوسياسية الجيوعسكرية التي تفرضها، عند انتهاء هذه الحاجات، الطائفية تحل نفسها بنفسها، الخوف الذي تثيره، العصبية التعصب وكل الآفات الأخرى هي آفات مرتهنة بزمن محدد ومكان محدد، إنها قارب عبور لا أكثر، تفاقمها يحقق المكاسب للسلطتين الداخلية والخارجية، وهي لا بد أن تكون، في وضع محدد، في كل مكان، حتى في وضع سلمي كما هو الحال في الولايات المتحدة، لهذا هي رهن الشرط السياسي الظرف السياسي، وفي كل مرة لا بد من أن تدفع طائفة من الطوائف الثمن على حساب ولحساب طائفة أخرى، ولا علاقة البتة بالتوعية، أو بالعدالة، ولا بالحقوق الواحدة، أو بالتعددية، كل هذا ما هو سوى رداء، هي عندنا اليوم ورقة من أوراق اللعبة الجارية في المنطقة، طالما دامت اللعبة دامت الطائفية، بانتظار أن يكسبها أحدهم.
























الفصل الخامس

أوهام الأديان

الدين والشعور الديني
أنا لا يهمني الدين، إسلام، مسيحية، يهودية، أنا يهمني الشعور الديني، شعور عماده العقل، المنطق، البرهان، الاستدلال، المحاكمة، الملاحظة، الحجة. الإسلام، كالمسيحية، كاليهودية، أديان تتعارض مع العقل، مع المنطق، مع البرهان، مع الاستدلال، مع المحاكمة، مع الملاحظة، مع الحجة، وكل ما هو غير مبنٍ على العقل، على المنطق، على البرهان، على الاستدلال، على المحاكمة، على الملاحظة، على الحجة، يذهب بنا في الحال إلى إبداء آراء مسبقة، وإلى إدلاء أحكام سابقة للتجربة –مثلي أنا لم أبدأ بعد مشروعي التنويري حتى انهالت عليّ الأحكام من كل حدب وصوب- وإلى الانحياز، وإلى التشيع، وإلى التعصب. لهذا، للسيطرة على المتدين، تعمل الأديان، بأمر الكهان ممن هب ودب، على السيطرة على الشعور الديني، فيحل الكهان محل الأديان، ويحولون دون أن يفرق المتدين بين الغث والسمين من المعتقدات، فيقع فريسة المعتقدات الخرافية والممارسات الغيبية لأجل رضاء الله. هل رضاء الله هو هذا كقوة إلهية سماوية أم رضاء قوة أخرى بشرية أرضية؟ والغريب في الأمر أن مثل هذه المعتقدات ومثل هذه الممارسات تدّعي التقرب من الله والاهتداء بهديه، بينما هي تُشَوِّه الشعور الديني وتَحْرِفه، فتسود الأفكار الغريبة، عن الله، عن الإنسان، عن الكون، دين كاهني كهذا لا يمكن قبوله. حتى أن هناك من المتدينين المتنورين من لا يجرؤ على الرفض وحتى على الاحتجاج خوفًا من اتهامهم في إيمانهم. أنا أرى في استسلام المتدين المتنور كغير المتدين المتنور استسلامًا لِما يفرضه أولئك البرابرة من الكهنة الخرافيين والغيبيين من سلوك، فينطوي المتدين المتنور كغير المتدين المتنور على نفسه صانعًا من نفسه وأمثاله معه طائفة المنخذلين اجتماعيًا مقابل طائفة المنحلين دينيًا، هذا على المستوى الأفقي لمفهوم الطائفية.

الحل الإنساني
على المستوى العمودي لمفهوم الطائفية: الإسلام، المسيحية، اليهودية، كأديان كل واحد منها الدين الحقيقي في أعين أصحابه، وبعلم من المتدين بهذا الدين أو ذاك، سيعمل منه هويته الروحية، هذا في البداية، وعندما يراد للدين أن يكون هوية وجودية للمتدين، يعني تشويهه وحرفه لغايات سياسية، يصبح دين المِلة، الطائفة، النِّحلة، فيتحول الدين إلى طقوس وطلاسم، وعن طريق هذه الطقوس وهذه الطلاسم يراد السعي إلى تحقيق الذات كجوهر زائف في حقيقته لكنه أكثر ما عليه صدقًا في أعين أصحابه، فينحرف الشعور الديني الذي هو شعور عقلاني في أساسه متحولاً إلى شعور بالتعصب والعداء والكراهية لكل فرد من خارج النِّحلة، الطائفة، المِلة، وبدلاً من أن يكون الشعور الديني الجامع الموحد لشتى الطوائف يصبح العامل المفرق، وعند ذاك، يتم النظر إلى الوطن من عين المِلة، الطائفة، النِّحلة، الوطن كأوطان، والأمة كأمم، وكل ذلك بفضل الممارسات الغيبية والمعتقدات الخرافية، الحامية للكون الطائفي بوصفه نظامًا متناغمًا –أقول متناغمًا- كالكون بنجومه وأقماره وكواكبه. الطائفية في دلالتها هي هذا، تَكَوُّنِيَّة (من تَكَوُّن في معناه الخاص الضيق) لا كونية (من كون في معناه العالمي الواسع)، وللتخلص منها، يجب البدء مما انتهت إليه، أي بعدم تناغم نظامها عن طريق: إشباع كل رغبات أفرادها الطائفية، في تعصبهم، في تشيعهم، في تحزبهم –أكثر- في تعاظمهم، في تنافخهم، في تخارجهم... خروجهم على القانون، بلا عنف، بلا أدلجة، بلا إهانة، بلا إغراء، أي إغراء كان، كي ينظر أفراد الطائفة إلى أنفسهم نظرة الفرد الكامل إلى نفسه، ويشعروا بأنهم يملكون ما لم يملكوه، ما يتمنون ملكه، فتنتهي أوهامهم، على المستوى العملي لا الفكري، فيما ظنوه حقائق من طلاسم وخزعبلات وخرافات: إنه الحل الإنساني الذي أراه لا المادي ولا المثالي. طبعًا تحقيق ذلك لا يتم بضربة عصا سحرية، ولا بجرة قلم، بل بتهيئة كل الشروط الضرورية.

المجتمع النيِّر كيف؟
إذن أنا ربطت مفهوم الطائفة بالأوهام الدينية تحت شكلها الخرافي الطلسمي، وطموحها المِلَلِي النِّحَلي، وقاربت في تحليلي عنصر اللامعقول في المعتقدات لغاية عقلنة هذا العنصر، وبالتالي التوصل إلى الحل الذي توصلت إليه. وضعت جانبًا الاعتقاد شرطًا، وتعاملت مع طقوس وعادات طائفية تعود أحيانًا إلى آلاف السنين، وربما ستدوم عند البعض آلاف أخرى من السنين، لكن في وضع تَحَوَّلَ فيه مفهوم الطائفة عمليًا إلى مفهوم المجتمع، يكفي المجتمع هذا، ما هو زائف في الواقع لم يعد زائفًا، ربما لم يعد حقيقيًا، لكنه على أي حال لم يعد زائفًا، ومن هذه الناحية يسترد الشعور الديني المشوَّه المنحرف بعضًا من عقلانيته، ينتهي الكذب على النفس، ولن نرى العالم بعين الكذب، لن نراه كذلك بعين كلها صدق، فالكثير سيظل يكذب لصالحه، والكثير سيتفنن كما هو الحال دومًا وأبدًا في تشويه الوقائع، لكن هذا من حال أنسنة الطائفة، وبرهان على دخول المجتمع من نوافذه الضيقة، بانتظار الدخول نهائيًا من أبوابه الواسعة. ليسه بعد المجتمع النيرِّ، والمجتمع النيِّر، هل هو موجود بالفعل؟ أنا لا أعتقد. ما هو موجود مجتمع وفقط بكل حسناته وسيئاته –أتكلم الآن عن مجتمع لا عن طائفة- وهو نيِّر لكونه أقل زيفًا كواقع وأقل وهمًا كدين. عند ذاك، سيكون للوهم كدين ظاهر حقيقي، وللزيف كواقع ظاهر حقيقي، وهذا أكبر مكسب نحققه، دون أدلجة ودون فخفخة ودون أي استعلاء أو فوقية.


الفصل السادس

حقوق الإنسان

1) لماذا يخشى النظام العربي عين المواطن، فيعمل كل ما في وسعه على ألا تكون هناك انتخابات نزيهة أو ألا تكون هناك انتخابات إطلاقًا، بينما يرجو النظام الغربي مواطنيه، ويتوسل إليهم بالتسجيل في قوائم الاقتراع، ويحثهم على المشاركة في الانتخابات؟ لأن في الغرب كل مواطن ملزم بممارسة هذا الحق الذي هو واجب في نفس الوقت، وتحسيس المواطن بخصوص حقوقه وواجباته فيه تفعيل للمواطنة التي ترفد النظام وتقويه. إذن مم أنت خائف أيها النظام العربي؟
2) لماذا يدفع النظام العربي المواطن إلى التخلي عن حقوقه، والنظر إليها بعين اليأس، بينما يزرع النظام الغربي في نفس مواطنه الأمل بحقوقه كما يزرع الأمل بالمستقبل؟ لأن في الغرب على المواطن أن يكون عمادًا لسياساته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي عمادًا لمؤسساته، وبتالي التالي عمادًا للنظام نفسه في حمايته والإبقاء عليه؟ إذن مم أنت خائف أيها النظام العربي؟
3) لماذا يعرقل النظام العربي جهودَ كلِّ ذي طُموح إلى السلطة، كحق جوهري لكل مواطن، بينما يشجع النظام الغربي مواطنيه على ممارسة هذا الحق؟ لأن في الغرب الذي يعشق سياسيوه السلطة كما نعشقها كما يعشقها الرومان واليونان أمس والهنود والإنجليز اليوم، أساطين الديمقراطية من قبلنا، هذا الغرب يدرك أن القوانين التي سنها لحمايته لن تحميه حتى ولو كانت أكثر القوانين عدالة إلا إذا جعل من نفسه نظامًا منفتحًا بمواقف تعبر عن هذا الانفتاح، كرفض للهيمنة –في حالتنا إلى ما لا نهاية- وكتأكيد للشراكة في السياسة كالشراكة في المواطنة، من صالح الواحد إلى صالح الكل؟ إذن مم أنت خائف أيها النظام العربي؟
4) لماذا يشعر النظام العربي بالاطمئنان، وهو يرى مواطنيه محرومين من كافة الحقوق، على الأقل الأساسية منها كالحق في التعليم والحق في التعبير والحق في العلاج والحق في اللباس –نعم حتى اللباس- والحق في التنفس والحق في الحياة والحق في الحق، بينما في الغرب كافة هذه الحقوق الاجتماعية كالسياسية شيء بديهي؟ لأن الغرب في نظامه عرف التكافل الاجتماعي هذا صحيح، لكن الأهم هو نظرة الغرب إلى مستقبله الذي هو من مستقبل مواطنيه، هو يقوى ويعلو على أكتاف لا بد أن تكون قوية تستطيع حمله، فأَحَلَّ التفاهم بين الناس محل النزاع، وذلك بإشباع الرغبات والحاجات، بالقدر الذي يستطيع عليه. إذن مم أنت خائف أيها النظام العربي؟
5) لماذا النظام العربي بوجهين وأحيانًا بثلاثة وأحيانًا بعشرة وأحيانًا بمائة وأحيانًا بألف، للمواطن في دساتيره كافة الحقوق، حتى في السعودية، وفي ممارساته تجاه مواطنيه يعمل كل ما في وسعه لإفراغ هذه الحقوق من جوهرها، حقوق الرجل قبل المرأة، فالمازوخية والقضيبية وجهان لعملة واحدة، بينما يوفر النظام الغربي لمواطنيه كل الوسائل ليمارسوا حقوقهم، لماذا في رأيكم؟ لأنها أسهل وسيلة سلمية لممارسة النفوذ عليهم. إذن مم أنت خائف أيها النظام العربي؟
6) لماذا النظام العربي السلطة لديه ملكه؟ كان الرجل الثاني في عهد بومدين يقول عن أراضيه التي بمئات الهكتارات "مال بابا"، اشتراكية بومدين هذه هي: الجزائر لهم مال بابا! ومن يرفع صوته احتجاجًا، تبعًا لقانون حرية الرأي الذي تتباهى به الجزائر الاشتراكية، يخنق صوته، والصحافة الحرة –يا سلام- ستطلع في اليوم التالي بالبنط العريض: الثورة الزراعية من الشعب وإلى الشعب! بينما السلطة في الغرب مهنة ككل المهن، تمارسها، وليس السلام عليكم، إذ تمارَس عليك كافة حقوق المُسَاءَلة، وعليك تقديم حسابًا عن أعمالك، لماذا؟ لأنها الطريقة الوحيدة للحيلولة دون المباركية والسيسية والأسدية و... و... و... إذن لهذا أنت خائف أيها النظام العربي!
7) لماذا يقمع النظام العربي كافة الحريات حرية التعبير حرية الرأي حرية التظاهر حرية الإضراب حرية الاحتجاج حرية التأييد أو عدمه حرية الحب حرية الكره حرية الحلم حرية... حرية... حرية... بينما الغرب يرى في كل هذا أساسًا للديمقراطية –ويالله يالله ولكن بالمقارنة معنا شتان بين الثرى والثريا-؟ هل تعرفون لماذا؟ لأن الديمقراطية كأداة بيد النظام هي من وراء تقدم الغرب وتطوره. إذن لهذا أنت متخلف أيها النظام العربي!
8) لماذا يواصل النظام العربي سياسة الاستبداد الجميل منذ قرون من القهر، بينما النظام الغربي بعد معاناة مثلنا وتخلف وسخام وغرام وهباب الطين في العصور الوسطى، فَهِمَ نفسية مواطنيه التي كانت في الحضيض كنفسيتنا اليوم، ونفسية كهذه وحالة كهذه لن تكون أبدًا محركًا للخروج من الظلام والظلامية ولا عاملاً للتماشي مع العصر بخطى عملاقة من التقدم والتطور؟ لأن كل هذا شرطه مواطنون ليسوا مرضى في نفوسهم، مواطنون يحتضنون مشاريع النهوض بملء أذرعهم. إذن هلا تفهم أيها النظام العربي؟



الفصل السابع

آفاق

أمريكا
إستراتيجية أمريكا الأمنية في شرقنا الكل يعرف ما وراءها: النفط وإسرائيل. لوضع يدها على النفط وضعت يدها على الأنظمة، ولحماية إسرائيل مارست سياسة فرّق تسد بالسلم ليس ببعيد وبالحرب منذ احتلالها للعراق حتى تعميمها في معظم بلدان المنطقة كما نشهد اليوم. إذن في السلم كالحرب كان منطق القوة هو الذي يغلب على منطق الحوار، لأنها باتجاه الأنظمة العربية لا تفعل سوى إملاء إرادتها عليها، وباتجاه لعبتها الجيوسياسية الجيوعسكرية يكفي أن تُصَدر العنف بعد أن عَدَلت عن ممارسته بجيوشها وأعتدتها عن طريق تنظيمات مستعدة لكل شيء، أحيانًا مقابل لا شيء، مثل داعش وغير داعش. لكن البيت الأبيض ومخططيه الإستراتيجيين ينسون أمرين بنيويين هامين: الأمر الأول القوة الديموغرافية للبلدان العربية، التي ستفلت إن عاجلاً أم آجلاً من قبضتهم، وهي على الرغم من تفتتها اليوم، علماء الاجتماع يرون في هذه القوة الديموغرافية عقبة كأداء في المستقبل أمام كل انتهاك لمشاعرها وأحاسيسها، وبالتالي للأوضاع التي تُفرض عليها فرضًا كما تفعل اليوم الولايات المتحدة. الأمر الثاني العالم في تطوره الاقتصادي لن يكون في صالح أمريكا مهما حاولت استيعابه أو التحايل عليه عن طريق هيمنتها الجغرافية على أكبر قدر ممكن من بقاع العالم أولها نحن، لأنها مع أفق 2050 ثقلها الاقتصادي العالمي الذي كان في 2010 يعادل 25 بالمائة، في 2050 سيعادل 9 بالمائة، مقابل الصين 33 بالمائة (حسب معهد سيبيي CEPII)، وإن كان الثقل الاقتصادي لمجموع دول العالم الثالث بما فيها نحن بمعدل 25 بالمائة عند العام 2050، فعلى أمريكا منذ الآن تبديل كل إستراتيجيتها، للتعامل مع هذه البلدان بما فيها نحن معاملة الشريك بالفعل، الحليف. نعم، التشارك والتحالف إن لم يكن الدمج والتوحيد الاقتصاديين. وبالطبع، لن يكون هذا لا بالعنف ولا بالإملاء كما دأبت على فعله، بل بالإصلاح لأجل تأسيس بنى جديدة لأنظمتنا تكون الديمقراطية عماد كل سياسة اقتصادية. الشيء ذاته بخصوص أوروبا 12 بالمائة مع أفق 2050، وإلا أمام الصين 33 بالمائة والهند 8 بالمائة بمجموع 41 بالمائة يعني راحت عليهم، وستروح عليهم أكثر إذا ما تركوا أمورنا على ما هي عليه، فنرتمي في أحضان الصين أو الهند بدلاً من أحضانهم، والعياذ بالله من أحضان الهند والصين، فلا مع هؤلاء نحن كاسبون (الهنود والصينيون)، ولا مع أولئك (الأمريكيون والأوروبيون)، لأن ما يهم الصين والهند أن ترثنا الواحدة والأخرى كتركة اقتصادية، بمعنى تحويلنا من استعمار أشقر إلى استعمار أصفر أو أسمر.


البلدان العربية
تظن الأنظمة العربية أنها ستبقى إلى الأبد طالما بقيت أمريكا تقف في ظهرها، لكني كما أوضحت، أمريكا –يالله يالله- تقف هي في ظهرها، ليس مع أفق 2050، مع الأفق القريب، يكفي أن تضربها هذه المرة أزمة من الأزمات، والأزمات في النظام الرأسمالي كل يوم متوقعة، لأن ما يجري لتفاديها ترقيع لا أكثر. إذن أزمات النظام الرأسمالي بنيوية، وهي من هذه الناحية كذلك ستجرف الأنظمة العربية في لُجَّتِهَا. لهذا إن لم تنقذ هذه الأنظمة نفسها منذ الآن، لن ينقذها أحد. هناك بنية جاهزة: مجلس التعاون الخليجي، إذن لماذا نتعب في تأسيس بنية جديدة ولدينا هذا الهيكل؟ من اللازم تطوير هذا المجلس من ناحيتين: الناحية الأولى ناحية البرنامج، فلا يقتصر على التبادلات التجارية وتحركات الأفراد، عليه أن يشمل الحريات الفردية والحريات الجماعية التي منها الثقافة المتماشية مع العصر لا تحفيظ الأطفال القرآن كما تريد أن تفعل السعودية بشكل عشوائي، فتلغي الشخصية في مهدها بينما هي تظن العكس، وتُدَنِّي من روحانيات الإسلام. والأنكى هو أن تُقطع يد السارق، والسارق اقطع له اليدين والقدمين، اقطع له راسه، سيظل يسرق! أما فتاوى الجلد، ففي أي عصر نعيش! أية إنسانية هي إنسانيتنا؟ الحيوانية أرحم! في الغرب ألغوا حكم الإعدام، يعني الأفظع، ونحن كساديين يتلذذ الإنسان في جَلد أخيه الإنسان! الناحية الثانية ناحية الأعضاء، على طريقة الاتحاد الأوروبي كل بلد عربي يدخل في مجلس التعاون الخليجي، ليكون التكافل الاقتصادي، لكن دون التكافل الاجتماعي على أساس ديمقراطي بلاش –شو بدنا بهالشغلِه؟- لا أساس حربجي داخل بلدانها وخارجها، أساس داعشي وطني تارة، وداعشي قومي تارة، والمليارات تنفق لشراء الأسلحة، ومن هو المستفيد؟ العراب الأمريكي، فيتجاوز بفلوسنا أزماته! هكذا تستطيع الدول العربية أن تقول عن نفسها دولاً لا شُرَّابات خُرج! خاصة لعرابها الأمريكي، وعند ذاك بدلاً من أن يضغط عليها تضغط عليه. هل تعرفون، يا أعضاء مجلس التعاون الخليجي، أي البلدان من العالم الثالث سوف تكون في مقدمة بلدان هذا العالم تطورًا ورخاء وعدالة اجتماعية؟ بلدان جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، ستكون هذه البلدان الأكثر ديناميكية، وسيكون معدل نموها الاقتصادي 5 بالمائة سنويًا حتى حدود 2050، لماذا هي فهمت ما يجب عليها فعله؟ رغم الضغوطات الفرنسية عليها، ورغم كل الضغوطات، اليوم هي التي تضغط.



باريس الأحد 2015.08,02




































الحريات
















الفصل الأول

العربية السعودية

أولاً
للدخول من أبواب العصر الواسعة، يجب تغيير كل شيء في السعودية من طقطق لسلام عليكم!
هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي أولى المنكرات، أعضاؤها باسم الأمر بالمعروف يأمرون بكل ما يحرم الإنسان من حقوقه، وليحافظوا على امتيازاتهم، لأنها كل شيء لهم –رئيسهم برتبة وزير- سنبعث بهم إلى فاتيكان مكة، البيت الحرام، فلينهوا عن المنكر هناك، وليأمروا بالمعروف هناك، ربما وجدوا هناك لأنفسهم تبريرًا لكل ترهاتهم، وليعيشوا هناك في زمن الجاهلية لو يشاؤون، لنحرر من المطاوعة، بوليسهم الديني والعياذ بالله، باقي التراب الوطني، ومن خرفناتهم.

ثانيًا
أما عن القضاة فحدث!
المشايخ القضاة الساديون الذين حلت النخالة محل العقل في رؤوسهم كلهم إلى فاتيكان مكة، فليحكموا بألف جلدة على أنفسهم لو يشاؤون، هم أحرار من هذه الناحية، ونحن سنتحرر منهم: شهودهم هناك سيكونون مسلمين متممين واجباتهم الدينية كما يوجبون، وسنترك لهم التأويل الذي يرونه للإسلام، وبالمقابل، ستكون لباقي التراب الوطني محاكمه المدنية ككل المحاكم في العالم، شِبهة المتهم، من حقه الإنساني، حتى تثبت التهمة عليه، والشاهد شاهد عِيان، أيًا كانت مِلته، أيًا كان عِرقه، أيًا كان لونه، مع محامين وهيئة محلفين، وقضاة عقولهم في رؤوسهم.

ثالثًا
وعن تعليم الدين في المدارس هل سمعت؟
الدين في القلب، كانت تقول أمي، وهؤلاء يريدون قمعنا بالدين، منذ الصف الأول الابتدائي، والدين منهم بريء! الدين جميل بعيدًا عن أَدَوِيَّتِهِ، بمعنى أن نجعل من الدين أداة، كالعصا التي نضرب بها الحيوان، فليذهبوا إذن برؤيتهم عن الدين إلى فاتيكان مكة، ليُكرهوا المؤمنين على حب الدين، وليتركوا الناس يحبون الدين على راحتهم، وبالطريفة التي يريدون فيها أن يحبوه، وليحبوه إن كان الإسلام، وإن كان المسيحية، وإن كان اليهودية، وإن كان الصابئية، وإن كان الإيزيدية، وإن كان... وإن كان... وإن كان... هم يقولون الإسلام يعترف بهاتين الديانتين على الخصوص، المسيحية واليهودية، ولأن في رؤوسهم النخالة لا العقل يطبقون العكس، يمنعون هاتين الديانتين وكل دين غير الإسلام، ويرتكبون ألف جنحة يستحقون عليها ألف جَلدة.

رابعًا
فاتيكان روما مفتوح لكل البشر المسلمون أولهم!
فاتيكان مكة (ومسجد المدينة التابع له) سيكون مفتوحًا لكل الموحدين ولكل الآخرين، حتى للملحدين، لماذا كل فرد يدخل كنائسهم ونحن لا؟ بالطبع هناك طقوس يجب احترامها، وكفى. الأكل، كل واحد وما يأكل. اللباس، كل واحد وما يلبس. رمضان، كل واحد وما يقدر. الصلاة كل واحد وما يريد، فلا إكراه في الدين، إذن كل صلوات السعودي بالإكراه غير مقبولة، وكل دعاءاته، وكل ادعاءاته، ولأذكّر بما كانت تقوله أمي: الدين في القلب!

خامسًا
هل تعرفون ما هو حلمي الأغلى على قلبي؟
تأسيس كازينو في الطائف. نعم، كما هي الحال في مدينة موناكو، كما هي الحال في مدينة لاس فيجاس، لماذا نبتعد كثيرًا؟ كما هي الحال في مدينة بيروت. وأن تعمل البنوك بفوائد، ككل البنوك في العالم، وإن كان هناك إصرار على رفضها أخذتها أنا، وأن ينتخب السعوديون مجلس نوابهم (وباي باي يا مجلس شورى بل وإلى الجحيم، هناك خير مكان لكم للتشاور، كما يلاحظ القارئ لم أقل فليذهبوا إلى فاتيكان مكة، فاتيكان مكة لن يتشرف بهؤلاء الدكتاتوريين)، وأن تسوق المرأة السعودية سيارتها، ودراجتها، وقاربها، وبدون نقاب، وأن يرى الرجل السعودي العالم بعين الفرنسي، بدون أحكام دينية، كمريض بَرِئَ، هم بَرِئوا مع عصر التنوير في القرن الثامن عشر، أي منذ عدة قرون، ولم يعودوا يتكلمون عن رِدة وتجديف وشيعي وسني وسِناني ورباني ووهابي وهبابي، ونحن آن لنا أن نترك مستشفى الجهل والتجهيل.






















الفصل الثاني

قطر

أولاً
قطر وما أدراك ما قطر!
مسألة الحرية في قطر من التعقيد بحيث أني على يقين من أنها تفوق الخيال، لكني ككاتب لعشرات الروايات سأحاول تقديم بعض الاقتراحات لإرضاء كل الأطراف، ولأقيم جسرًا بيني وبين الشيخ تميم، أمير قطر الجديد، دون ذلك لن يكون هناك تغيير، وعلى أي حال، التنديد لن يجدي نفعًا، ولا التشهير، ولا حمل السلم بالعرض، ولا التهزيء، كما دأبت عليه مئات آلاف الأقلام، ولا التهديد، وخاصة ولا التعيير، أنت، صفتك، نعتك، أبوك، أمك... فقطر حفروا لها حفرة أوقعوها فيها، القاعدة الأمريكية من ناحية، وكل الباقي الجزيرة الكنيسة إسرائيل الألعاب الأولمبية المعارضة السورية داعش الإخوان حماس... من ناحية. القاعدة الأمريكية يمكن إزالتها بعد حل كلي يشمل كافة بلدان المنطقة، كما اقترحت من خلال مجلس التعاون الخليجي، بعد توسيعه، ليشمل باقي الدول العربية، وتسميته حينذاك بمجلس التعاون المشرقي، ضمانات هذا المجلس العسكرية لبلدانه، ستضطر الأمريكيين إلى تصفية قاعدتهم. وعن الإعلام، وأعني هنا الجزيرة، ودومًا من خلال إعلام موحد لمجلس التعاون المشرقي، سنتخلص من كل فهلوته التطبيلية –على طريقة الجزيرة- فندخل عالم الإعلام الذي هو محايد بالفعل –على الأقل أكثر ما يكون- وديمقراطي بالفعل –على الأقل أكثر ما يكون. عندئذ مع دمقرطة الإعلام ستتم مشاركة الرأي العام في كل المسائل التي تهمه، والتي من بينها مسألة بناء الكنيسة، عن طريق الإقناع لا الإملاء، والمساواة بين المساجد أولاً فيما بينها، وبعد ذلك بين المساجد وباقي المعابد، بما أنها كلها لإله واحد.

ثانيًا
قاعدة أمريكية إذن سياسة أمريكية!
الأمر أجلى من الشمس، هناك سياسة قطرية لأمريكا تُلزم قطر بفعل كل ما تمليه عليها واشنطن، هذا من البديهيات بوجود القاعدة العسكرية الأمريكية، في السعودية الشيء نفسه، هناك سياسة سعودية لأمريكا تُلزم السعودية بفعل كل ما تمليه عليها واشنطن، وبخصوص تونس كذلك، فالقليل من يعلم أن أمريكا غداة ثورة الياسمين بنت في الجنوب التونسي قاعدة أمريكية أكبر بكثير مما هي عليه في قطر أو في السعودية، القاعدة التي رفضها لهم بن علي (!) يعني بموافقة "القادة" الذين جاءت بهم الثورة، ويا للعار! إذن سياسة قطر باتجاه إسرائيل، باتجاه المعارضة السورية، باتجاه داعش، باتجاه الإخوان، باتجاه حماس إلى آخره، مع صعود هذه السياسة وهبوطها وكل تقلباتها، جزء من الإستراتيجية الجيوسياسية والجيوعسكرية لأمريكا في المنطقة، الباقي ماكياج: الألعاب الأولمبية، الفنادق، ناطحات السحاب، السياح، البارات، السيارات... قشور للحضارة لا تخدع أحدًا.

ثالثًا
قمع الحريات شيء غير مقبول إطلاقًا!
لا توجد حرية رأي في قطر ولا حرية تعبير، سجناء هاتين الحريتين بعشرات الآلاف، والذين في مقدمتهم محمد ابن الذيب، شاعر الياسمين! بينما في جو ديمقراطي صحي، نقد السلطة تدعيم لركائزها، في الغرب كل ثقل النظام يقوم على هاتين الحريتين، إنهما رئتاه، وفي قطر لأن النظام ضعيف، يلقي بأصحاب الرأي المخالف في المعتقلات، وليس هذا فقط، يمارس الابتزاز بحرمان أفراد هذه العشيرة أو تلك من جنسيتهم، وإعطائها لغيرهم تحت أسماء عشائر أخرى لا يمتون إليها بصلة من عراقيين وسوريين وزحليين. هذا أيضًا برهان ساطع على ضعف النظام، بينما قوته تأتي في لف جميع مواطنيه من حوله، وذلك بتوزيع الثروات على الجميع توزيعًا عادلاً، وإجراء انتخابات نزيهة، تتجاوز هذه العائلة أو تلك، وتعمل على تأكيد المساواة بين القطري والقطرية بالفعل.

رابعًا
سياسة رثة مُقَرَّرة من فوق تعطي اقتصاد رث مُقَرَّر كذلك من فوق!
والعكس بالعكس. في الحالة القطرية كل شيء زئبقي، كل شيء استهلاكي، كمبرادوري، تقايضي، كم برميل غاز سائل تريد مقابل ساعة كارتييه؟ فبالله عليكم، كل هذه المليارات التي يقال إن قطر تستثمرها في الخارج أليسها الصك المفتوح لحكم الإعدام عليها، المؤجل، لكن الحتمي، لأن كل دولة حديثة، تكون استثماراتها، الصناعية خاصة، داخلها، واستثمارات الدول المتطورة –أهم الأهم- فيها، فقطر مع كل المليارات التي تُنفق في الخارج لا فائدة تجنى منها، الفائدة كل الفائدة أن يتم التأسيس لصناعة تكنولوجية ونانوتكنولوجية، فالصناعة الثقيلة في صدد الانتهاء، وصناعات المستقبل هي تكنولوجية. ماذا يهم القطري استثمار المليارات في أمريكا وفي أوروبا وفي فرقاء كرة القدم –فرقاء كرة القدم هدية فالصو ماكياج كما سبق وقلت- زيادة فلوس على فلوس، يلعن أبو الفلوس، عندنا من الفلوس ما يكفي لتبليط البحر (لاحظ أن الفقر والإدقاع على أشدهما في قطر)، فيكون قمع القطريين بأموالهم، بينما مع اقتصاد حر مستقل وديناميكي، تبادلاته ليست تجارية فقط، بل علمية وتقنية، اقتصاد حر كهذا يوجب الحرية الفردية، لا الدولاتية (من دولة، الواقع أن الدولة هي الوزراء والوزراء يتقاسمون الدولة كمؤسسات ومشاريع ما بينهم)، فيبعد الاقتصاد الحر كل البؤس الاجتماعي التاجم عن احتكار الوزراء، احتكار الدولة.

خامسًا
هل سمعت بدولة حداثية تمارس الجَلد؟
نعم، قطر، وتقتل بلا إنسانية عمالها الذين يبنون ملاعبها الأولمبية، رمز الإنسانية، تحت درجة حرارة تصل أحيانًا إلى خمسين ستين سبعين درجة فوق الصفر بلا أية وقاية، ورواتب تقترب مما لا يكفي قوت الكلاب. هذه هي عظمة الحداثة القطرية، وعليها تستحق ميدالية ذهبية! وإن كان هذا هو القمع الحداثي للأجانب من العمال، فالقمع الحدائي للقطريين من نوع آخر، مخابراتي، كل قطري "مفشش" (من فيش بطاقة)، فكل قطري إرهابي محتمل، وكل القطريين في حاسوبات القاعدة الأمريكية، يعني الحريات كل الحريات في قطر منعدمة. الدعارة ممنوعة في قطر، ولكن. المخدرات ممنوعة في قطر، ولكن. الكحول غير ممنوع في قطر، ولكن. التصوير ممنوع في قطر، ولكن. المثلية ممنوعة في قطر، ولكن. الجنسية ممنوعة في قطر، ولكن. الإعدام غير ممنوع في قطر، ولكن. وحب قطر؟ كلنا نحب قطر، ولكن، ولكن، ولكن...








الفصل الثالث

البحرين

أولاً
لو كنت ملك البحرين مع مليارات النفط لعبدت طريق الحرية بالنقود!
لكن مشكلة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أخرى، مشكلته كيف يكون ملكًا، وأن يكون ملكًا ألّا ينظر إلى مواطنيه بعين السنة وعين الشيعة، هذه هي كل مشكلته، أن ينظر إليهم بعينين بحرينيتين، وأن يعاملهم سَواء بسَواء. لكن الأمريكان علموه سياستهم، سياسة فرق تسد، وبرروا هذه السياسة الحمقاء، عندما نزل البحرينيون إلى الشوارع عام 2011، هل رأيت؟ قالوا له. توحد الشيعة والسنة ضدك، خاصة الشيعة، الأكثرية، ففرقهم بصولجانك، وإلا انتزعوا منك صولجانك. ومنذ ذلك الحين، وطريق الحرية يعبد بالدم.

ثانيًا
هل قلت حقوق إنسان في البحرين؟
النظام الضعيف هو الذي يقمع مواطنيه، النظام الكرتوني، النظام الذي يحول المظاهرات السلمية إلى ساحات قتال، وبدلاً من أن يعيد النظر في سياسته، سياسة فرق تسد، وكل عواقبها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، يعمل على تفاقمها، حتى أن بعض الإيجابيات الإصلاحية بخصوص الانفتاح على الأديان، الانفتاح على المرأة، الانفتاح على الجنس، الانفتاح على السياحة، الانفتاح على المالية، الانفتاح على الرياضة، الانفتاح على الصحافة إلى آخره، تصبح سلبيات في الأعين الكحلاء للبحرينيين، لما يقمعون في حرياتهم، وأقل هذه الحريات حقهم في التظاهر، والتعبير عن غضبهم.

ثالثًا
كيف أثبت ولائي للعراب الأمريكي؟
يا ما أسهل ذلك، لأنه ربطني به عرشًا ونظامًا، وأصبحت رهن إشارته، فما يهددني ليس كم واحد بحريني، وإنما أن يرفع الأمريكان حمايتهم عني، فأعمل كل ما بوسعي، وأتفنن، في قمع مواطنيّ، تطبيقًا لمقولة "أنا قوي إذن أنا موجود": توقيف تعسفي، تعذيب، محاكمات بالكيلو، تَعَدٍ على حرية التعبير، على حرية الرأي، على حرية التنفس، على حرية التأوه، على حرية البكاء، وخاصة العقوبات السياسية: نزع الجنسية، تدمير الهوية، سحق الشخصية.

رابعًا
الأمريكان أنت خاتم في إصبعهم طالما أنت قاطع لأصابع شعبك وإلا!
سياسة مَحَاكِمية كهذه ستؤدي حتمًا إلى ما لا يريده النظام البحريني: التطرف الإسلامي! ما لا يريده وما يريده في آن، هو لا يريد ظاهرة داعشية في بيته، وفي نفس الوقت ظاهرة كهذه ستتكلف عن النظام في إخراس صوت المعارضة، دينية وغير دينية. إنها لعبة كل نظام ضعيف، ليس عراب نفسه، وعلى المدى البعيد ليس له عرابه، عندما يخليه العراب الأمريكي، في الوقت الذي لا يخلي فيه ثروة البلد في نفطه.

خامسًا
هل أقول للشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ما قلته لأمير قطر وللملك السعودي؟
لم يضع كل شيء، ولم يفت الأوان بعد، كل الحلول متوفرة لكل المسائل في بنية موجودة بكل ثقلها السياسي والعسكري والثقافي والاقتصادي والاجتماعي: مجلس التعاون لبلدان الخليج. بعد توسيعه ليشمل كل البلدان العربية، تحت اسم مجلس التعاون المشرقي، ضماناته لنا ستكون ضمانات لأمريكا كشريك لا كعراب، به نطمئن أنفسنا، نطمئن كل العرب وكل الغرب، بخصوصنا كي ندخل من أبواب العصر بقوة وشجاعة وثقة لا بخجل وتردد وربع إصلاحات، كما هو الحال في البحرين، والنتيجة: ثورات واعتقالات وانتهاكات وحقد ودمع ودم! وبخصوصهم لن نبدل علاقاتنا بهم على كافة النواحي، خاصة ناحية الاستثمارات في بلادنا، دونما حروب طاحنة ستتوقف عاجلاً أم آجلاً، لأن إرادة الشعوب أقوى من كل الحروب.
























الفصل الرابع

مصر

أولاً
العساكر إلى ثكناتهم!
نحن لن نحاكم واحدًا منهم، ربما تركنا الناس تبصق على وجوههم، خاصة وجه السيسي، وهو يضع نظارته الشمسية، متشبهًا بعبد الناصر، ويا ما أبشعه! لكننا لن نحاكمه، ولن نحاكم زمرته، سنرجوهم بكل احترام العودة –كعساكر- إلى ثكناتهم، هناك مكانهم الطبيعي لا في قصر عابدين وفيلات جاردن سيتي. مغتصبو السلطة هؤلاء دشنوا عصرًا استبداديًا قديمًا جديدًا منذ انتهاء عهد الفراعنة –عهد الحرية الوحيد الذي عرفته مصر طوال تاريخها، على عكس ما تقوله أفلام هوليود، مع الفترة القصيرة التي أعقبت الإطاحة بمبارك- فالحبيبة مصر لم تذق طعم الحرية، ولم ترتو من ماء النيل، ولم تحلم كسائر البشر، لكنها ذاقت الأمرين من حكم العسكر، والسيسي وزمرته سيكونون آخرهم، وذلك للأسباب التالية: الشرط الأمريكي في عزل مصر عن محيطها العربي لحماية الجناح الشمالي لإسرائيل، مع ديناميكية مجلس التعاون المشرقي، لن يعود له أي مبرر. الشرط الإسرائيلي في عسكرة مصر لتظفر بحدود هادئة مع الجار الأكبر كما هي مع الجارين الأصغرين الأردني واللبناني، مع تنافسية مجلس التعاون المشرقي، لن يعود له أي مبرر. الشرط العربي في إسقاط الدور القومي-القومجي لمصر، مع تناغمية وتساوقية وتوافقية مجلس التعاون المشرقي، لن يعود له أي مبرر.

ثانيًا
مرسي رئيس شرعي كيف؟
لم أكن يومًا مع الإخوان المسلمين، لكني مع الشرعية سواء أكانت إخوان مسلمين أم إخوان شياطين. لم أكن يومًا مع حكم إسلامي، لكني مع التعاقبية سواء أكانت حكمًا إسلاميًا أم حكمًا شيوعيًا. أنا شخصيًا ضد الحكمين! لم أكن يومًا مع دستورية حسب العرض والطلب، لكني ضد كل دستورية مفبركة حسب شبق حزبي تحزبي عهري، كما أراد نواب الإخوان المسلمين، وكل دستورية عسكرتارية ضع فيها كل ما تشاء من أحلام الحرية والمساواة والعدالة، وأنا –يا سيسي- أفعل كل ما أشاء من كوابيسي، أولها ليس تكميم الصحافة وتكميم المعارضة وآخرها ليس إطلاق سراح المجرم محمد حسني مبارك، ومن قبله إطلاق سراح ابنيه المجرمين محمد جمال محمد حسني مبارك وعديم الذكر أخيه محمد بن محمد بن محمد، ومن قبل قبلهما أمهما المجرمة محمدة سوزان مبارك –يا للهول!- مرسي سيقضي باقي حكمه دون حساب لمدة اعتقاله، وسيكون هو رئيسًا لمصر في وسط مجلس التعاون المشرقي، لكن، دومًا هناك لكن، تحت شروط ثلاثة: أولاً تعليق الدين في خزانة من خزانات مسجد سيدي الحسين، وتعال نشتغل سياسة. ثانيًا الحكم ليس كرئيس حزب بل كرئيس لكل المصريين على كافة أهوائهم وانتماءاتهم، وخلينا من يا أهلي ويا عشيرتي، وخلينا من أيها الإخوة المواطنون، أيتها المصريات نعم، وأيها المصريون نعم. ثالثًا هناك ألف قانوني مصري أحسن مني، لكني مستعد بمساعدتهم لكتابة دستور مدني يستوحي بنوده من دستور الجمهورية الخامسة المعمول به في فرنسا، والذي وضع حدًا لكافة أزماتها، وهو كضامن بقوة الحديد لكل الحريات.

ثالثًا
كل الحريات بما فيها حرية الإنجاب؟
الديموغرافيا في مصر مشكلة المشاكل إذا استمر الإحصاء البشري في الارتفاع، في الصين مثلاً وضع حد للنسل سيؤدي إلى يد عاملة شيخة خلال عدة عقود، مما سيضطرها، كما فعلت فرنسا في السبعينات من القرن الماضي عند استقدامها للمغاربة، إلى البحث عن الأيدي العاملة من كل مكان حتى من أمريكا، وقد انقلبت الآية مع تبوئها عرش الدولة الأعظم، لكن مصر لن تعرف هذه الظاهرة عند تحديدها للنسل اليوم، وذلك لمدخرها الديموغرافي الشبابي الهائل، وعلى الأقل خلال الخمسين السنة القادمة، بعد ذلك سنرى. طبعًا هناك شرط أساسي، التوعية منه وفيه، إنه توفير العمل للمرأة قبل الرجل، وهو لن يكون لكل الناس، حتى بالاستثمارات، والحال الديموغرافي الكارثي، بينما المخرج السريع فتح الحدود بين كافة بلدان العالم العربي، حسب خطة استيعاب لليد العاملة العربية يقرها مجلس التعاون المشرقي، وعلى أي حال، إن لم يكن الحل هو هذا المجلس، الحل المنظم العقلاني، فستضطر الأوضاع الديموغرافية الكارثية، عاجلاً أم آجلاً، جموع المصريين وجحافلهم للزحف –كما يجري اليوم في آسيا- مخترقة الحدود بما فيها الحدود الإسرائيلية، دون أي رابط سياسي. ها أنا، يا إسرائيل، أحذرك! انت مش أحسن من غيرك! لهذا أن تداوم أمريكا على تجاهل أوضاع مصر والعالم العربي، وتبقى إستراتيجيتها الترقيع السياسي، أمريكا هي الخاسرة، وأن تداوم إسرائيل على تفاقم هذه الأوضاع، وعمل كل ما بوسعها للإبقاء على تخلف مصر والعالم العربي، إسرائيل ستدفع الثمن غاليًا.

رابعًا
ما يهم اليوم ما يحدث اليوم!
منذ انقلاب الفاشية العسكرية 2013، أينها ملايين ساحة التحرير؟ أينها صرخات الأمل؟ أينها ورشات العمل؟ أينها الوجوه الجميلة للشباب، للشابات، للورد؟ أينها الأماني؟ السياسية، الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية، وال... وال... وال...؟ العهر العسكري كلي: كم الأفواه، تكميم الإعلام، زج كل من يأتي برأي مخالف في السجن، مخالف أو غير مخالف، عشرات آلاف المعتقلين، وكل ذلك تحت شعار دميم: مصر تحارب الإرهاب! والإرهاب هم المفبركينه، كل الطرق الخسيسة لنظام مبارك ها هنا: البلطجية عادوا يسرحون ويمرحون، الاعتداءات المنظمة ضد الكنائس تارة وضد الجوامع تارة، الاتهامات المجانية، وبالأطنان، ويا ما أسهلها، المحاكمات التهريجية، تلفيقات وأحكام تتم في مكتب ملمع حذاء السيسي، الملوخية بالأرانب يقولون، بأمعاء شبان تظاهروا في الصعيد، وهذا قبطي، وهذا مسلم، ومحمد، والمسيح، والسيسي سيد الجميع، وتحيا مصر! ما هذه البهدلة؟ ما هذه الهرجلة؟ هل هذه مصر ثورة 21 يناير؟ هذه مصر العساكر، يعني لا مصر! والأنكى هو أن يبرر الغرب الرسمي لكل هذا أو يصمت دون حشمة.

خامسًا
المخجل هم المثقفون المصريون الذين أيدوه!
المثقفون الذين أيدوا انقلاب العساكر هم العار، ليس عار مصر، ولا عار الثقافة، العار، فقط العار، ويا لجسامة هذه الكلمة التي لا توجد كلمة أخرى غيرها تليق بهم: العار! ويقولون الشعب اللي صحح، والشعب اللي ثار، والشعب اللي تحرر! أين أعينكم، أيها العميان؟ أين شرفكم الكتابي؟ أين طه حسين ومحمد عبده ونجيب محفوظ الذين تدعون الانتماء إليهم؟ أين بهية أمكم التي أرضعتكم؟ أين النيل أبوكم الذي لفظكم كالتماسيح؟ الإخوان المسلمون كانوا كارثة لمصر، لكنكم أبدلتم كارثة بأخرى أعظم؟ أريد أن أعرف ما هي مكاسبكم الشخصية؟ حتى مكاسب شخصية لا توجد! إنهم مرتزقة الكلمة الطوعيون، أو لأنهم كقضيبيين الإناث منهم قبل الذكور، وجدوا في السيسي ما يرضي عقدتهم، وها هم صاموا كل عمرهم الكتابي، وأفطروا على بصلة! لأن الإخوان المسلمين لا يمكن تحييدهم بانقلاب، لأن الدين لا يمكن تحييده مع العسكر، والأزهر بعفن شيوخه مرجعهم، لأن التنوير حرية العقل هذا صحيح، ينفي الدين السياسي، لكنه لا يلغي الدين، الدين في شروط صحية لا عسكرتارية يجد حلوله بنفسه، لا يحل أبدًا نفسه، وإنما يغدو إنسانيًا.

الفصل الخامس

الأردن

أولاً
أعظم حرية للجراثيم والميكروبات النادرة في العالم!
أنا لا أجد كلماتي التي تعبر عن لعنة الشعب الأردني في حرياته، شعب ملعون مركول مذموم مغضوب عليه مهجور مرجوم كأنه الطاعون ليذل نفسه بنفسه، بعد أن استطاع جهاز المخابرات خلع ماضيه وحاضره ومستقبله، وجعل منه قطيعًا من البشر الضائع، الباحث عن لا شيء، عن عدم الفهم، عدم الإدراك، عدم السؤال، عدم الانتباه، عدم الالتفات... إلى نفسه، فأين نفسه، وأينه من نفسه؟ لا يجد نفسه، فكيف يجد حريته، والحرية ليست أن تعيش، فالكلاب تعيش، الحرية أن تعيش حرًا! الحرية ليست ماذا تأكل، ولكن كيف تأكل! الحرية ليست ماذا تعمل، ولكن كيف تعمل! الحرية ليست ماذا تشخ، ولكن كيف تشخ! نعم، كيف تبول في هذه المبولة الكبيرة التي صارها الأردن! أنا لن أقول السجن الكبير، فالسجن غدا موضة قديمة، لن أقول النير الوجودي، فالنِير لعبودية غابرة، لن أقول العناء اليومي، فالعناء كالعواء للذئاب، إنه البلد المختبر، أبناؤه، كل أبنائه، تحولوا إلى خنازير الهند (الحيوانات التي تستعمل في المختبرات)، هل رأيتم أجمل من هذا قمع؟ قمع علمي، ومدروس بدقة من طرف الجلادين لا وكمشاهير الأطباء في العالم: أكبر نسبة سرطان في العالم (كل الخضروات والفواكه المعدلة جيناتها تزرع أول ما تزرع في الأردن، وتؤكل أول ما تؤكل في الأردن، فهل رأيتم أطفالاً مصابين بالسرطان في بلد آخر غير الأردن؟)، أكبر نسبة فقر في العالم (يأكل أكثر من نصف السكان وجبة طعام واحدة في اليوم، وفي أغلب الأحيان ساندويش شاورما)، أكبر نسبة جهل في العالم (ليست المعرفة بالشهادات المباعة بالكيلو وبالبرامج التدريسية الملمومة من صناديق القمامة)، أكبر نسبة تلوث في العالم (ابنة أخي سارة ثلاث عشرة سنة ماتت صعقًا بميكروب نادر الوجود في العالم، واحد على مليون يصاب به، في أقل من أربع وعشرين ساعة).

ثانيًا
في كل جريدة من واحد صحفي مخابراتي إلى كلهم!
مختبر العقل أخطر بكثير من مختبر خنازير الهند، فالإعلام الأردني إعلام نموذجي، حر كما يدعي وزير الإعلام، فوزارة الإعلام –التي ألغتها كل الدول الديمقراطية في العالم- هي الوحيدة التي ليست كباقي الوزارات قفة بطاطا: عبد الله الثاني ألغى الراتب الثاني من مكتب المخابرات للصحفي المخابراتي، راتب بكمشة من الدنانير التي لا تكفي لشراء نصف كيلو فستق وقضامة، لإذلال الصحفي المخابراتي، خاصة بعد إجباره على توقيع استلامه لهذا الراتب للعار ثمنًا، وهي لفتة إنسانية عظيمة من جلالته تجاه أساطين حرية التعبير في المملكة. لكن التلفزيون شيء آخر، التلفزيون ملك للأسرة الملكية المالكة لكل شيء للإنسان والوطن والله، فهو منذ اللحظة التي يفتح فيها برامجه ولا يغلقها ليس هناك حديث آخر غير الحديث عن جلالتها وجلالته سموها وسموه، مع تذييل ألماسي "حفظه الله أو حفظها الله!" هكذا يفعل السمكرية بترصيص الزنك، الفرق بينهم وبين المشرفين على التلفزيون الأردني أن الزنك هو مخ الأردنيين!

ثالثًا
الإخوان المسلمون والنظام لعبتهم منفضحة وليست ابنة اليوم!
منذ أيامي في الستينات كان الحزب الوحيد المصرح به في الأردن الحزب الإخواني، وكان الكل يعلم أن ممولة هذا الحزب هي السي آي إيه، لهذا السبب! لكن النظام لم يكن يغمض عن الإخوان عينه، إذا صعدوا ضربهم ليقلل من حجمهم، وإذا هبطوا رفدهم ودعمهم ليصعدوا من جديد وهكذا. وقت المحن التي مر بها الأردن في الستينات، كانت كل الأحزاب –مع أنها ممنوعة- تنزل إلى الشوارع ويعرّض المتظاهرون صدورهم لمدافع الدبابات، بينما الإخوان لا أحد يراهم، يعني يقفون بشكل غير مباشر إلى جانب النظام، وفي الحال بعد أن هدأت الأحوال كنا نراهم ينشطون، نواديهم، مكتباتهم، مساجدهم، تجمعاتهم، ليوحوا إلى الناس بأن الحياة عادت إلى طبيعتها. خلال الربيعات العربية، تمت اللعبة نفسها بإشراف السي آي إيه دومًا، ولكن بشكل معاكس، الإخوان المسلمون هم الذين نزلوا إلى الشوارع، ليوحوا إلى الناس بأنهم أصحاب مطالب والربيع الأردني ربيعهم، وفي ذات الوقت ليبرروا للفوضى الخلاقة –أليسهم الأمريكان أولياء أمرهم؟- فيستفيد الأمريكان من ناحية، ويقول النظام عن نفسه نظام حرية وديمقراطية من ناحية. اليوم، ولم يعد لهم لزوم، ركلهم جهاز المخابرات في المكان الذي عليهم أن يكونوا فيه.

رابعًا
الأردن أكبر قاعدة أمريكية!
أنا لا أتكلم عن قاعدة الرويشدات ولا عن مارينز العقبة، أنا أتكلم عن الأردن من معان إلى السلط ومن البحر الأحمر إلى نهر الأردن، كل الأردن كبلد مفتوح للعم سام، يسرح فيه ويمرح على حساب حرية مواطنيه، ورغم إرادتهم، فخضوع النظام كلي، مقابل حماية الملكية وأفرادها، حماية مباشرة وهائلة، أعظمها حماية أبناء الملك من قبل عناصر من المخابرات الأمريكية، كل ما تقدمه المخابرات الأردنية للملك من خدمات وتضحيات إلا أنه لا يثق بها!

خامسًا
نأتي الآن إلى جد الجد!
أنا أتوجه بحديثي مباشرة إلى جلالة الملك عبد الله الثاني بكل احترام وكل ود، وكل همي خدمة الأردن وحل كافة مسائله التي أهمها مسألة الحريات:
بعد أن قطعت صلتي بياسر عرفات في بداية تسعينات القرن الماضي (كيف ولماذا الرجاء الرجوع إلى كتابي "أربعون يومًا بانتظار الرئيس")، أقمت جسرًا مع الملك حسين، فرحب بي رغم معاداتي التي لم أكن أخفيها لنظامه. كانت فكرتي أن يعيد الملك حسين ارتباطه بالضفة، ويشكل حكومة وحدة وطنية فلسطينية أردنية برئاستي لإنهاء الاحتلال وتشكيل كونفدرالية (كتبت في هذا مقالاً تحت عنوان "مهمة الملك حسين التاريخية" نشرته مجلة البيادر السياسي الصادرة في القدس آنذاك). تلفن لي جلالته، وطلب مني أن نلتقي في زيارتي المقبلة لعمان. لكن المفاجأة الكبرى جاءت من ياسر عرفات باتفاقه : "غزة وأريحا أولاً"، فعطل كل شيء. للخروج من المأزق الفلسطيني، وبالتالي الأردني، فكرتي بعد عشرين عامًا لم تزل صالحة وكأنها ابنة اليوم: أولاً إعادة الارتباط بالضفة، ثانيًا تحت راية المملكة الأردنية الهاشمية على رأسها الملك عبد الله الثاني والرئيس محمود عباس (لا مساعد ولا رجل ثانٍ ولا مستشار ولا غيره رجل أول+رجل أول) مع حكومة وحدة وطنية (على أي حال دومًا ما التزم الأردن بتشكيل حكوماته نصف وزرائها أردنيون ونصفهم فلسطينيون)، ثالثًا الاعتراف بفلسطين اعتراف ضمني، كجزء من المملكة الأردنية الهاشمية، رابعًا الاحتلال انتهى وللمستوطنين جنسية مزدوجة إسرائيلية وأردنية، خامسًا للاجئين تعويض أكثر من محترم وحق العمل والسكن في إسرائيل أسوة بالمستوطنين، سادسًا القدس الشرقية دومًا ما كانت أردنية، سابعًا غزة سنغافورة المملكة مشروع قديم، إلى آخره إلى آخره، كل المسألة الفلسطينية يمكن حلها بخمس دقائق! وبالطبع، الضامن لكل هذا مجلس التعاون المشرقي.

الفصل السادس

العراق

أولاً
أمريكا ذهبت رؤيتها للعالم بقيت!
الحريات، كل الحريات في العراق منعدمة، هل تعرفون لماذا؟ ليس للنفط، النفط شيء بديهي، كالموقع الإستراتيجي للعراق، كالثقل السياسي للعراق، والبديهيات ليست الأسباب الفعلية، لأنها بكل بساطة بديهيات. الحريات في العراق منعدمة لأن الحرب من طبيعة النظام الأمريكي، وبالتالي الشك والارتياب، وبتالي التالي شحذ أدوات القتال. إنه السلوك الحربجي بلغتنا، والحال هذه الاستعداد الدائم للقتال، وليس هذا في العراق فقط بل وفي سوريا وفي الأردن لو يسمح شرط الأردن بذلك، وفي قطاع غزة، فلنقل في قطاع غزة حرب أمريكا بالواسطة، وهذه هي كل أسلحتها، وفي كل بلدان العالم العربي، حتى في أبعد بقعة فيه، اليمن مثلاً، حربها الأخرى بالواسطة، وواسطتها هناك السعودية كما هي إسرائيل واسطتها هنا، فهي حيث هناك فوضى تكون، بالفوضى تكون، وبالدم، وبالدمع، وبالدمار –على ألا يحصل في بيتها إلا إذا اضطرها ذلك كما حدث في 11 سبتمبر- وحيث هناك فوضى من الطبيعي أن تنعدم الحريات –هكذا هي تبرر- من الطبيعي أن تنعدم الوحدة بين العرب، من الطبيعي أن تكون هذه الأنظمة الكرتونية هي الأنظمة، من الطبيعي أن يبدأ الدمار في فلسطين، ثم في العراق، ثم في سوريا، ثم في سائر البلدان العربية حتى اليمن، وألا يقف الأمر عند هذا، فتنقلب المعايير، نرى في العدل ظلمًا، وفي الظلم عدلاً، تغيب المعاني، ما العدل؟ ما الظلم؟ تختفي القوانين، أين العدل؟ أين الظلم؟ عندئذ لا تبقى سوى حرية واحدة، الحرية الأمريكية، حريتها المطلقة فيما يرفد مصالحها، وفقط مصالحها.

ثانيًا
لهذا السبب كل هذا الدمار!
دمار العراق ودمار العراقي هما ابنان لهذا المنطق، فعلى هذين الدمارين تبني أمريكا علاقاتها بالبلدان العربية وبلدان العالم، ليس بسبب النفط، ليس بسبب الموقع الإستراتيجي لهذا البلد أو ذاك، ليس بسبب البعد السياسي الذي يخطئ المحللون ويعتبرونه سببًا بارزًا، ولكن بسبب كون علاقاتها التي هي من طبيعة نظامها تتطلب ذلك. وهي بموجب ذلك لا تفعل لأنها تتعامل مع دول ضعيفة دول ذليلة دول خائنة، وإنما لتبرهن للدول الأخرى القوية في العالم أنها قادرة على مواجهتها، لا روسيا ولا الصين ولا الهند فقط بل حتى الدول التي تدعوها بحلفائها فرنسا إنجلترا ألمانيا إلى آخره، أنها قادرة على مواجهتها، أنها قادرة على هزيمتها، أنها قادرة على الأقل على إضعافها: هذه هي أمريكا التي تحل مشاكلها ومشاكل العالم بالحرب لا بالسلم. عندئذ كل ما هو سلمي يُنظر إليه من عين الحرب، من عين القوة، من عين العنف، وبكل الوسائل، ولا علاقة هنا بالأخلاق، لا علاقة هنا بالمثل العليا، لا علاقة هنا بجائزة نوبل، ما يهم، أول وآخر ما يهم، إثبات أني قوي في أعين حلفائي قبل خصومي.

ثالثًا
لهذا كان الثمن الباهظ الذي دفعه العراق!
الثمن الباهظ؟ بالنسبة لأمريكا تفاصيل كل هذا، الطائفية، تقسيم العراق، انعدام الحريات، انعدام القيم الإنسانية، انعدام الإنسانية، قشور الديمقراطية، عذابات الناس اليومية، أن لا يوجد ماء صالح للشرب، أن لا يوجد شارع مضاء في الليل، أن لا يوجد سمك في دجلة، أن لا يوجد دواء لمعالجة الأطفال، أن لا يوجد خبز بعد منتصف النهار، أن لا يوجد بنزين في بلاد البنزين، أن لا يوجد، أن لا يوجد، أن لا يوجد... في السياسة الأمريكية العنف لا شيء هام، الهام أن تبقى أمريكا على قوتها، وبالتالي على وجودها، بفضل هذا العنف، بالعنف، بالاعتداء، بالتدمير، بكل هذا تزيد من قوتها، وتزداد هيبتها: الصراع بين الشيعة والسنة، الصراع بين الكرد والشيعة والسنة، فالكرد يريدون دولة كردية للكرد (نفس الصراع في سوريا مع اختلاف بين أطراف الصراع ونفس الشيء بين فتح وحماس)، الصراع بين الدولة الكردية والدولة العراقية، الصراع بين الدولة السنية (داعش) والدولة الكردية (البرازاني)، الصراع بين الدولة السنية (داعش كذلك) والدولة الشيعية (المنطقة الخضراء)، الصراع بين الدولة العراقية (العراق) والدولة الإيرانية (إيران)، الصراع بين إيران وكل دولة من دول العالم العربي، الصراع بين إيران وكل دول العالم العربي، الصراع بين دول العالم العربي ودول العالم (بالأحرى ريع واستهلاك وكمبرادور وتسلح)، الصراع بين دول العالم العربي ودولة من دول العالم (الدول العربية وإسرائيل نظريًا)، الصراع بين كل دولة من دول العالم العربي ودول العالم (سوريا، السودان، العراق، اليمن، ليبيا...)، الصراع بين كل دولة من دول العالم العربي ودولة من هذا العالم (الكويت والعراق)، الصراع بين دولة من هذا العالم وكل دول العالم العربي (اليمن والتحالف السعودي)، الصراع بين دول العالم ودولة من العالم (التحالف الدولي والعراق أو الصومال أو ليبيا أو أفغانستان أمس والدولة الإسلامية اليوم وليس بالصدفة أن تكون هذه الدولة من العالم عربية أو إسلامية)، الصراع بين كل دولة –أيًا كانت- وكل دول العالم، الصراع، الصراع، الصراع... كل هذا يتجاوز حريات الأفراد إلى حريات الدول التي هي في الواقع من دون حرية أمام حرية أمريكا.

رابعًا
هناك تصوري المضاد!
أنا أنفي الحرب بمشروعي السلمي: مجلس التعاون المشرقي. بمعنى أنني أقيم قوانين جديدة بين البلدان العربية من جهة، وبين هذه البلدان وأمريكا (الغرب) من جهة، والتي أوجز فيها كل ما تسعى إليه أمريكا عن طريق العنف: مصالحها أسلحتها عضلاتها اعتباراتها ارتياباتها تخوفاتها إلى آخره، فأتسلل إلى طبيعتها باحثًا عن نقاط الضعف، نقاط الضعف هذه التي هي نقاط قوة في حالة السلم، مؤكدًا ما لهذه البلدان من إمكانيات كامنة فيها ستصل بأمريكا إلى تحقيق نفس الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها في الوضع النقيض، العدواني، العنفي، كما ذكرت سابقًا. وأنا بهذا أصيب مرمى هامًا يتعلق بطبيعتها، وآخر يتعلق بسلوكها. محل الحرب كوسيلة يحل السلم كوسيلة وغاية في آن. العدالات، الحريات، من بين هذه العدالات الحرب العادلة: داعش ليست حربًا عادلة إذن انتهت. من بين هذه الحريات التقسيم الديمقراطي على أساس المسئوليات والواجبات لا الملل والأصول: التقسيم الطائفي ليس تقسيمًا ديمقراطياً إذن انتهى. العدالات والحريات توجب التوزيع الديمقراطي والعادل للثروات: توزيع الثروات المنهوبة يمينًا يسارًا ليس توزيعًا ديمقراطيًا وعادلاً إذن انتهى. وهكذا إلى ما لا نهاية... إنها إجراءات الحق التي هي إجراءات مجلس التعاون المشرقي والإجراءات الأمريكية (الغربية) في آن، هنا تغدو الطبيعة الأمريكية طبيعة الحرية.

خامسًا
النضج في علاقتنا يبدأ من هنا!
علاقاتنا بأمريكا (الغرب) طبعًا، وعلاقاتنا بنا كبلدان عربية، وعلاقة كل بلد بتشكيلاته السياسية والاجتماعية والإثنية والجغرافية. عندئذ لا حاجة للأكراد إلى الانفصال عن العراق، سيرتوى ظمأهم القومي في بناء دولة خاصة بهم تشريعيًا من خلال الحريات الفعلية، وليس على الطريقة الصّدّامية، كالفلسطينيين كما اقترحت أمس تحت راية المملكة الأردنية الهاشمية، خاصة بما أننا سنزيل الحدود بين كل البلدان العربية في إطار مجلس التعاون المشرقي، فما حاجتنا إذن إلى حدود جديدة؟ البنية الحدودية لن تمنعنا من تشكيل مجتمع الدول (بالنسبة إلى الدول العربية كمجتمع واحد)، أو إذا أحببتم البنية الحدودية لن تمنعنا من تشكيل مجتمعات الدولة (بالنسبة إلى المجتمعات العربية كدولة واحدة)، لأننا عندئذ سنرى بعضنا من عين مصالحنا المشتركة كمجلس تعاون مُكَوَّن من مؤسسات وقوانين تجمعنا فيما بيننا من ناحية، وتجمع أمريكا (الغرب) معنا كشريك حضاري على كافة الأصعدة من ناحية. عندئذ الدمار في العراق لن يصبح حلاً، بل بناء العراق، عندئذ النفط، هذه الثروة العراقية المهولة، سيكون من الطبيعي استثماره، ولغايات تخدم وترضي كل العراقيين، غايات التقدم والرخاء وكل أصناف الحريات والقيم الإنسانية التي هم أهل بها.



























الفصل السابع

الجزائر

أولاً
سأبدأ الحديث من حيث انتهيت عن الحريات العراقية!
يقوم النظام السياسي في أمريكا على النظام الاقتصادي، يرفد أحدهما الآخر لدرجة أن إستراتيجيتهما تصبح واحدة، فالطبيعة الأمريكية التي وصفتها هي من الطبيعة الليبرالية الجديدة للإمبراطورية الرأسمالية، الإمبراطورية الإجمالية (Empire Global)وهذه الإمبراطورية الإجمالية هي التي تدير في الواقع شئون العالم، أو تدار شئون العالم بالطرق التي تخدم مصالحها، فقط مصالحها، ما يدر عليها من مكاسب، والنتائج، لا بأسَ، أيًا كانت النتائج، كما هي حال الجزائر خلال الحرب الأهلية المفبركة في التسعينات من القرن الماضي. إنه هذا الجانب المصلحي التي دمر الجزائر كما دمر الجانب الهيبوي العراق. في العراق، كانت هيبة أمريكا حجر المحك، وفي الجزائر ثروة بعض الشركات المتعددة الجنسيات وبعض كبار رؤوس الأموال، هذا لا يعني أن العراق لم يكن جزءًا من الإمبراطورية الإجمالية، فثروته النفطية هائلة، لكن التكتيك الأمريكي قَدَّمَ الهيبة على الثروة في العراق بتدخله العسكري المباشر، هذا ما توجبه الهيبة، بينما في الجزائر كان التعامل الأمريكي اقتصاديًا بغطاء عسكري جزائري: الجنرالات الذين دمروا الجزائر، بينما الغاز والبترول الجزائريان لم يتوقفا عن الإرسال إلى عنوانهما: الإمبراطورية الإجمالية.

ثانيًا
والحال هذه جعلت أمريكا (والغرب فرانسوا ميتيران بالذات الرئيس الفرنسي الاشتراكي بطل حقوق الإنسان) الجزائر لقمة سائغة للعساكر!
بعد أن ألغى الجنرالات الانتخابات في 11 يناير 1992 تحولت الجزائر إلى أكبر مجزرة في التاريخ، وهذا طوال عشر سنين، والعالم يتفرج، لأن العالم يتفرج من عيني الليبرالية الجديدة الباردتين. باسم الديمقراطية هدم الجنرالات صرح الديمقراطية، وذلك بتعميم العسكرة كمؤسسة أخذت مكان مؤسسات الدولة: إلغاء الانتخابات، حل المجالس المحلية، إعلان حالة الطوارئ، منع حزب جبهة الإنقاذ الوطني (إسلاميين)، إنشاء محاكم خاصة، تكميم الصحافة، تعميم المعتقلات، اعتقالات، اختطافات، تصفيات، اختفاءات، التنكيل بعشرات آلاف الإسلاميين والمتعاطفين معهم، التعذيب، التسليخ (من سلخَ يسلخُ)، كل هذا كمرحلة أولى، وكمرحلة ثانية كان القمع يتم فقط للترويع، وقلب حياة الناس إلى جحيم، فتفنن الجنرالات في كل شيء بعد أن زيفوا كل شيء: أطلق جنودهم لحاهم، وارتدوا ثياب الإسلاميين، فقتلوا باسمهم، ولتصل الفوضى إلى أقصاها (الفوضى الخلاقة على الطريقة الجزائرية)، أطلقوا عساكرهم في لباسهم المدنية ليقتلَ –كما أرادوا أن يوحوا- مدنيون مدنيين آخرين. هل قلتُ ليقتلوا؟ ليذبحوا كما تُذبح النعاج، ليبرروا للهمجية، وليقولوا للناس ها هم الإسلاميون الذين أردتم أن يحكموكم! ولم يقف الأمر عند هذا الحد، ادعى الجنرالات أن جماعات إسلامية تهاجم الجزائر من الخارج، بينما هي فرقهم الخاصة، وكل شيء يديره جهاز المخابرات والأمن.

ثالثًا
بوتفليقة غطاء للجنرالات الحكام الفعليين للجزائر!
الدليل على ذلك أنه هنا دومًا لفترة رابعة، وليسه هنا إلا بالاسم، ربما مات، ولا أحد يعرف، ومع ذلك البلد تدار من وزارة الدفاع، وها هم اليوم يقومون بتغيير البنية العسكرتارية للجيش، وتغيير امتداداتها المجتمعية، فقمع الحريات بقي على حاله لكن أساليب القمع تغيرت، وهي تدار بيد هادئة: أولاً) تزوير الانتخابات بنتائج 99 فاصل 99 بالمئة على الطريقة الستالينية. ثانيًا) تعميم الإشاعات الجزائر بطلة في تدجين وعي مواطنيها. ثالثًا) تعسيس شمولي على كل جزائري واحد مخابراتي فالنظام البوليسي يفوق وحده الشين بيت والإف بي آي والمخابرات الأردنية معًا. رابعًا) تجهيل الشباب وقمعهم في لقمة عيشهم نسبة البطالة أقوى نسبة في العالم بعد بنغلاديش. خامسًا) تنقيع الأُسَر في علب سردين عشرة أنفار في غرفة ونص مع أن أزمة السكن أخف بكثير من الماضي. سادسًا) توريط الناس فيما بينهم من السمكري الذي يقوم بنصف شغله ولا يكمله إلى المافيوي في جهاز الأمن الذي يوقع شريكه في فخ ليُحاكَم ويُلقى في السجن أسهل طريقة للتخلص منه. سابعًا) التكذيب والكذب الممنهجين إعلاميًا فما أسهل الكذب في الجزائر! ثامنًا) خلق طبقة أرثّ من رثة من لصوص صغار وبائعي مخدرات ومقامري الزوايا وخاصة مشتري الأحلام الذين يقضون كل عمرهم حالمين بالذهاب إلى فرنسا. تاسعًا) تديين العهر من تحت الحجاب تعمل المرأة السبعة وذمتها. عاشرًا) تصعيد الأسعار كل يوم عن يوم أكثر فأكثر فالغلاء الفاحش يفوق الغلاء في فرنسا لطبقات مدقعة أحيانًا لا تجد خبز يومها عندما نعلم أن اقتصاد الجزائر في يد كمشة من التجار الذين من بينهم أَخَوَا بوتفليقة.

رابعًا
والحال هذه يستفحل الفساد الإداري!
البيروقراطية في الجزائر لا مثيل لها في العالم، القوانين نفسها تعسفية، وإذا ما أضفت إليها طمع الموظف بمائة دينار (أحيانًا بآلاف الدنانير هذا يتوقف على المعاملة التي بين يديه)، أي جحيم إداري هي المؤسسات في الجزائر! لهذا، "البستون"، الوساطة، هو/هي رب كل شيء! وينعكس هذا الصراع المؤسساتي على الأرض: من التفريق بين القادر وغير القادر إلى التفريق بين القبائلي (البربري) والعربي، وأكثر من هذا، التفريق بين مناطق البربر ومناطق العرب: في ميزانيات البلديات، في التمثيل الانتخابي، في المشاريع الوطنية إلى آخره. لهذا، كانت "الحُقْرة" (احتقار الشعب من طرف الحكومة) كما يسميها الجزائريون، وهذه الحُقْرة تنزل على العربي والبربري نزول الصاعقة عندما يضطر النظام البوليسي إلى ذلك دون أي تفريق، لكن، هناك دومًا لكن، دون أن يشاء دكتاتوريو الجزائر الصغار والكبار، بالتآخى البربري والعربي تكون مواجهتها، يتعاضدون، ويتزوجون من بعضهم، ويتحابون، إلا أن هذا لا يعني أن العنصرية التي يغذيها النظام البوليسي هنا وهناك لا تفعل فعلها.

خامسًا
لا أعتقد أن الجزائر ستدخل مجلس التعاون المشرقي طوعًا!
ثروات البلد التي هي بالمليارات يتوزعها الجنرالات، هذا الأمر مؤسساتي بنيوي جزائري لا جدال فيه، وثروات الوعي الديني –الوعي الديني اللاثوري يجب عليّ أن أحدد وهو كثروات بالنسبة للطغمة العسكرية الحاكمة- التي هي بالمليارات كذلك، ثروات فاقت الوعي الديني في السعودية وفي بولونيا وفي كافة بلدان أمريكا اللاتينية معًا، لهذا من الطبيعي أن تنعدم كل الحريات في الجزائر، ولهذا لا أمل بالمستقبل، وبالتالي لا أمل بالتغيير الذي يؤسس مشروعي التنويري له إلا إذا، هناك إلا إذا صغيرة لكنها من حيث الأهمية كبيرة، إلا إذا تمكن الشعب الجزائري من خلق الشروط التي تؤهله ليمارس حرياته عبر مجلس التعاون المشرقي: يقول الشعب الجزائري إن العشرية التي عاناها في تسعينات القرن الماضي لن يتخلص منها بسهولة، وهذا صحيح: في خضم الربيعات العربية نزل البعض إلى الشوارع، لكن الناس فضلت البقاء في بيوتها.



الفصل الثامن

المغرب

أولاً
تقدم المغاربة في عهد محمد السادس وتطور المغرب مقابل تقهقر الحريات!
لماذا الملكة في إنجلترا قانعة بما كتبه الله لها، وما كتبه الله لها كثير، قصور وتيجان وحُلَل واحترام الشعب والدولة، الاحترام والحب والإجلال، وخاصة النوم الهادئ في الليل، والملك المغربي ليس بقانع بالمغرب مُلْكًا وبالمغاربة رعيةً، فأقر له الدستور الجديد/القديم الدفاع الدين الحكومة العدل الأمن، ماذا تبقى؟ كل السلطات. عندما كان طالبًا في كلية الحقوق أواسط ثمانينات القرن الماضي، وكنت أستاذًا في جامعة مراكش، قال لي زملائي الأساتذة المصريون إن لولي العهد شخصية منفتحة على الناس، على العالم، وهو من الذكاء الشيء الكثير، عندما يصبح ملكًا سيغير كل شيء في المغرب، والمغرب سيصبح غيره، سيتطور المغرب في كل شيء، وسيتقدم المغاربة. حقًا تطور المغرب في كل شيء، ولكن كيف تطور؟ وتقدم المغاربة، ولكن كيف تقدموا؟ التطور والتقدم معيارهما الحريات، مداهما يقاس بما يمارس الأفراد من حرية لا بما تُمَارَس عليهم حرية الملك.

ثانيًا
عن الفنادق والفيلات والبسطرما!
كل السلطات التي ذكرناها للملك تجعل من الملك شخصية إلهية لا يمكن اغتصابها –كما ينص الدستور الجديد/القديم- لكنها تغتصب المغاربة واحدًا بعد واحد، لهذا هم لا يتوقفون عن الصراخ الجنسي مجازًا، والواقع الاغتصاب الدولاتي (من دولة) للملك لا شيء، فالشعب المغربي اعتاد على ذلك، وحرية الملك المهولة هذه لا شيء أمام حريات أخرى تُمارَس عليهم كل يوم، لتقلب حياتهم إلى جحيم بالفعل: حرية الفَنُدقة (من فندق) بقيادة شركات السياحة الفرنسية، فالمغرب درة من درر البحر الأبيض المتوسط، والفرنسيون يحبون شمسه، شمس أغادير، ويعبدون طبخه، طبق "الطاجين". حرية الفَيْللة (من فيلا) بقيادة شركات البناء الفرنسية، فالمغرب لهم أرض الله الواسعة، الفيلا للفرنسي بنصف ثلث أو ربع ثمنها في باريس، ومشاريع كهذه تدر أرباحًا طائلة على المستثمرين. على فكرة، يتباهى المغرب بالاستثمار الغربي، فهل هو استثمار تكنولوجي لا سمح الله؟ عقاري، يعني يزيد من تثبيت أقدام المغاربة في وحل العيش. حرية الفَهْلوة (لا تحتاج إلى تفسير) وهي من كله، وكله استهلاكي، من الإبرة حتى الفيل مرورًا بكل ما تنتجه فرنسا من أغذية لا يقدر على شرائها لارتفاع أثمانها سوى النخبة الوطنية من أصحاب الدخل العالي، والباقون يشترونها بالدين، نعم حتى علبة الجبن، حتى قطعة البسطرما، حتى فنينة الزيت، وأنا كنت واحدًا منهم، الأستاذ الجامعي، بفضل بقال الحارة الذي يصبر عليك حتى آخر الشهر.

ثالثًا
عن الجامعة والجامع والمتجمعين!
رأينا الحريات الاقتصادية التي تُمارَس على المغاربة الذين لا حرية لهم، فلنر الحريات الإيديولوجية بنات أختها: في جامعة القاضي عياض المراكشية حيث كنت أعمل، كان النظام الجامعي نظام العميد لا المعلم وما يعلّم، ولا الطالب وما يطلب من علم، فأنت مراقب وملاحق من قِبَل حراس هم مخبرون في ثيابهم المدنية، متى تبدأ محاضرتك، ومتى تنتهي، ما هي محاضرتك، وما هي ردود الفعل، هل ذكرت الملك فيها ولو ذكرًا عابرًا، وإن لم تذكره، فهل ألمحت إليه، بكلمة، بإشارة، بنكتة يفهمها الطلبة، فينفجرون ضاحكين، هل قلت عن غير عمد –أقول عن غير عمد- شيئًا عن الجنس في باريس، ولم تكن تعني مثلية الملك الحسن الثاني، حتى أن الطلبة لم يخطر على بالهم ملكهم، ولم يربطوا كلامي إلا بكلامي، لكن المخبرين الذين لهم مخبرون في القاعة، فهموا كلامي على طريقتهم، وطريقتهم دومًا وأبدًا، أريد القول طريقهم القصر في الرباط. طيب، كل هذا مقبول! ما لم يكن مقبولاً البيئة الأساتذتية لطاقم التدريس، أقول البيئة ولا أقول العقلية أو الذهنية، فالأساتذة المغاربة كانوا رهن بيئة تربوية تربوا عليها، وربوا عليها الأجيال الصاعدة (الهابطة): ضعي (أو ضع) العلامة التي تريدينها (التي تريدها) بشرط...، يقول الأستاذ للطالبة (أو للطالب)، رجاء يا إخوان يقول أحد الأساتذة ونحن نتداول، المستوى العام للقسم ضعيف، فلنرفعه بقدر 25 بالمائة، فيمشي حال معظم أو كل الطلبة، ونعرف أن صاحبات هذا الأستاذ أو ذاك وأصحابه قد نجحوا في غير مادته، في الفلسفة، أو في الأدب الحديث مادتي، أو في الأدب القديم، أو، أو، أو... يعني إيه؟ لحرية التجهيل ثمن! هذا على المستوى الخاص لإيديولوجيا الحمرنة، أما على المستوى العام، فشيء آخر أفظع: عندما يغضب الملك على سكان مراكش، يحرمهم من إقامته السنوية في قصره كيلا يشرفهم بحضوره، فتقام له الصلوات في المساجد والأئمة يتوسلون إليه بالرجوع عن قراره، والناس من حولهم يدعون ويستجيرون، كيلا يدخل الشيطان في بيوتهم التي حرمها الملك من بركاته. وفي ساحة جامع الفنا، ساحة مراكش الشهيرة التي أسميها ساحة البعث والنشور، فهي في غليان دائم كيوم القيامة، ينتشر الدجالون من الرواة هنا وهناك، وهم في معظمهم رجال مخابرات، ليروجوا بين المتجمعين المتجمهرين حولهم خرافاتهم وشعوذاتهم.

رابعًا
عين الأمن لا تغفو أبدًا!
حرية رجال الأمن لهي الأكثر شراسة، الأفظع من باقي الحريات التي تُمَارس على الحرية في المغرب، خاصة الحرية الفكرية: كان لي من الطلاب الأروع ممن عرفت خلال كل مهنتي في التعليم، كانوا يريدون أن يلتهموا العلم والمعرفة كمن يلتهم طبقًا من الحلوى، لهذا لم تسعفهم رغبتهم "الشاذة" في عالم كل شيء فيه مبرمج في حاسوبات القمع: أحد طلابي كان شاعرًا، كان يكتب شعرًا جميلاً، ولأنه شعر غاضب كان جميلاً، لم يحضر كما هي عادته من بين أوائل طلابي الذين كانوا يريدون الجلوس في أول الصفوف، أقرب ما يكون مني. أذكر أنني كنت أحلل قصيدة "مديح الظل العالي" لمحمود درويش، وكانوا يأتون لمحمود كثيرًا ولي قليلاً، كانت القاعة لا تكفي، لأن طلابًا غير طلابي، طلابًا من كل الأقسام كانوا يحضرون، حتى أنني طلبت بعد ذلك، مسرح الجامعة مكانًا لمحاضراتي. لم يحضر طالبي الشاعر، ولعدة أيام لم يحضر، عندما سألت عنه، التفت طلابي من حولهم خائفين ممن كانوا يدعونهم "الأواكس" –نسبة إلى طائرة الاستخبارات الأمريكية- ثم همسوا في أذني أن رجال الشرطة اقتحموا عليه حجرته وكل مراكش تنام، واعتقلوه، هو وأشعاره.

خامسًا
هل هناك أمل بخروج المغرب من كل هذا؟
يجب أن يفهم الملك محمد السادس مشروعي التنويري بمؤسسته التنفيذية "مجلس التعاون المشرقي" كما يفهم مشروع الصحراء الغربية، الغالي على قلوب المغاربة (هل هو غالٍ حقًا؟)، بمعنى أن امتيازات المغرب، التي هي امتيازات الملك، لن تُمَس إلا من النواحي الجوهرية، نواحٍ ترفد حريات المغاربة بالفعل. عندئذ تصبح حريات المغاربة حريات للملك كملك عادل لا كملك عصيّ عن اللمس ذي سلطات مطلقة. حكام فرنسا، بعد زملائي المصريين أساتذته، يعتبرونه ذكيًا وعصريًا، ومن هو عصري وذكي ليس من الصعب عليه أن يفهم توزيع أوراق اللعبة الأخيرة بالنسبة له –أقول الأخيرة- رغم كل السلطات المركزة في صولجانه.








الفصل التاسع

الخطوط العريضة لسلطة التنوير

أولاً
تعلن الشعوب العربية تعلقها بحقوق الإنسان وبمبادئ سيادتها الوطنية، واسترشادًا بهذه المبادئ وهذه الحقوق، يقترح مجلس التعاون المشرقي على البلدان العربية الانضمام إلى مؤسساته الجديدة المُقَامة على المَثل الأعلى المشترك للحرية والمساواة والأُخُوّة، والمُشَادَة لأجل تطورها الديمقراطي. هذا ويضمن المجلس أمام القانون تساوي كل المواطنين العرب بلا أي تمييز في الأصل أو العرق أو الدين، محترمًا كل العقائد، وهو في تنظيمه غير مركزي. قانونه التساوي بين الرجل والمرأة في الترشيح والانتخاب والوظائف الانتخابية، وكذلك في المسئوليات المهنية والاجتماعية.

ثانيًا
يسهر مجلس التعاون المشرقي على احترام الدستور الموحد، ويترك لكل بلد عربي الإشراف على عمل الأجهزة العمومية، وكذلك استمرار الانتماء إلى المجلس الضامن للاستقلال الوطني، وللتراب الوطني، وللمعاهدات. هذا ويحدد المجلس ويدير السياسة الملزِمة لكل البلدان العربية، الإدارة تحت إمرة كل بلد، والدفاع كالاقتصاد تحت إمرته، لكل بلد سلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية لا سلطة الزعيم، والمجلس كضامن لهذه السلطات الثلاث مسئول أمام البرلمان الموحد لا أمام برلمان كل بلد. يصوّت البرلمان الموحد على القوانين، ويراقب عمل المجلس، وكذلك يقيّم السياسات العمومية لكل بلد. هذا ويقرر القوانين الخاصة بالحقوق المدنية والضمانات الجوهرية المعطاة للمواطنين لممارسة حرياتهم: حرية الحريات الحرية، الحرية العقائدية، التعددية، استقلال وسائل الإعلام، استقلال القضاء، استقلال المؤسسات المدنية عن المؤسسات العسكرية.

ثالثًا
يتفاوض مجلس التعاون المشرقي فيما يخص المعاهدات الدولية، ويوقع عليها، وعليه أن يعلم بكل مفاوضات يجريها أي بلد عربي لا يوقع عليها. بينما كل معاهدات السلام، المعاهدات التجارية، المعاهدات السياحية، المعاهدات العلمية، المعاهدات الصناعية، المعاهدات أو الاتفاقات المتعلقة بالتنظيم الدولي، المعاهدات الملزمة لمالية المجلس في كافة المجالات المجال الاقتصادي أولها، المعاهدات الخاصة بالغرب القائمة على الشراكة لا شيء غير الشراكة، المعاهدات المعدِّلة لقانون من القوانين التشريعية، المعاهدات المتعلقة بوضع الأشخاص، المعاهدات الخاصة بتنقلهم، المعاهدات المحتوية على انفصال بلد من البلدان العربية، تبادل الأراضي أو ضمها، لا يمكن التوقيع عليها أو قبولها إلا بموجب قانون، ولن تكون سارية المفعول إلا إذا وقع المجلس عليها. كما وأن لا انفصال ولا تبادل ولا ضم للأراضي دون رضاء سكان هذه الأراضي.

رابعًا
يتشكل مجلس التعاون المشرقي من أعضاء يرشحهم كل بلد من البلدان العربية لخمس سنوات لا تتجدد، يضاف إليهم الرؤساء السابقين –لكل رئيس فترتان انتخابيتان غير قابلتين للتجديد- وينتخب الأعضاء رئيسهم، كما ويسهر المجلس على الانتخاب النزيه لكل رئيس في بلده. ومن مهمة المجلس الإشراف على التخطيط في كافة المجالات التعليم أولها، واستغلال أفضل طرق التطوير الأبحاث أولها، كذلك فحص كل القوانين قبل إصدارها بعين الدستور الموحد. إنه الضامن لاستقلال السلطة القضائية، يُعِينُه مجلس العدالة، لا أحد يُعتقل بشكل تعسفي، فالسلطة القضائية حارسة للحرية الفردية، ولا أحد يدان بالموت. من ناحية أخرى، يحاكَم أعضاء المجلس عن أفعال تتجاوز مسئولياتهم أيًا كانت، وكل شخص يشعر بسوء المعاملة من لدن أي عضو بإمكانه أن يقاضيه، ويسهر المجلس على احترام الحقوق والحريات من طرف الإدارات والمؤسسات والتنظيمات في كل البلدان الأعضاء.

خامسًا
البلدان الأعضاء في مجلس التعاون المشرقي هي بطبيعة الحال مدنها ومناطقها وبلدياتها وأناسها المجردون من كل مرجعية طائفية أو عرقية أو إثنية أو طبقية أو عائلية أو ثقافية، باختصار مواطنوها، وعليهم أن يتخذوا قراراتهم عن طريق التمثيل الديمقراطي للجميع، فيديرون أنفسهم بأنفسهم، بكل حرية، وبالكفاءة التي تؤهلهم لذلك، لا وصاية لأحد على أحد، إلا في حالة التعاضد، وبالقدر الذي يسمح به القانون، وعلى كل عضو من أعضاء المجلس مهمة الحفاظ على المصالح الوطنية، وتحرير الإنسان العربي من أغلاله الروحية والمادية أولها سلاسل التخلف والغيبيات، ممهدًا له الدخول من الأبواب الواسعة للعصر الحديث، فيقوم بدور المراقبة، بلا أي نوع كان من التعالي الإجبار الاستبداد التهديد الترغيب أو الترهيب، ويعمل على احترام القوانين.


باريس الخميس 2015.08.13














المرأة العربية
















الفصل الأول

الوضع العام

أولاً
المرأة العربية غير راضية عن وضعها، المرأة السعودية كالمرأة المصرية كالمرأة المغربية ككل النساء العربيات. مشكلتها تتعدى مشكلة الخضوع أو التمرد، فالخضوع والتمرد شيء، وحقوقها شيء آخر. تخلفنا لا يعني السكون الدائم لمجتمعاتنا، قمعنا للمرأة لا يعني التفوق المطلق للرجل، ممارسات التمييز، الدونية، الاحتقار، العبودية، الإذلال، العهرية، الاستقواء، الرجولية، لأن الحياة القديمة تتراجع يومًا عن يوم لصالح الحياة الحديثة، فتتعدى الحجاب أو التنورة إلى مقاعد الجامعة، والزوج أو الأولاد إلى الوظائف العامة، تعمل إلى جانب الرجل، أفضل منه أحيانًا، فتعينه، وعندما لا تريده، تستطيع الاستقلال عنه. إذن لا توجد مشكلة للمرأة في العالم العربي، توجد مشكلة تعميم وضع طبيعي للمرأة في المجتمعات العربية، وهي مشكلة المشاكل.

ثانيًا
يبدأ هذا التعميم لوضع طبيعي للمرأة في مجتمعاتنا العربية بدولنا، فهل لدينا دول بالفعل؟ الدول كما أرتأيها في مشروعي التنويري هي الدول التي تعمل على تطوير الشرط النسائي، عن طريق سن القوانين، عن طريق تنفيذ المشروعات، عن طريق إقرار التكافؤ، عن طريق توفير كل ما تحتاج إليه المرأة لتعلمها، عن طريق فتح كافة المجالات أمامها، عن طريق فهم دور المرأة في المجتمع دور لا يقل أهمية عن دور أقوى جيش في العالم، أفكر هنا في المليارات التي تنفق على شراء الأسلحة، مقابل الفتات التي تتصدق بها هذه الدول على نمو النساء وازدهارهن: في السعودية لا حق للمرأة في أي شيء، في الانتخاب طيب فهمنا (وهل ينتخب الرجل؟ ولأي شيء ينتخب؟) وفي غير الانتخاب لماذا؟ أوجه السؤال إلى أصنام الحكم والدين الذين عندما يفكرون في المرأة يفكرون بفروجهم، وعندما يفكرون في الرجل يفكرون بسياطهم. في مصر يحق الانتخاب للمرأة لكنها بشكل عام لا تعرف من تنتخب، فتبصم وعيناها مغمضتان، وهذا ما يريده النظام –عسكري أم غيره- أن تبصم لا أن تفهم وتعرف، فالمعرفة والفهم سلاحان فتاكان في يد المرأة، وهذا يعني عدم انتخابها للزبانية، والحال هذه للزبانية التزوير أسهل الطرق إلى السلطة. حقًا هناك تغيرات اجتماعية في مجتمعاتنا، لكنها لا تتوافق سياسيًا مع أنظمتنا، وكأن هذه التغيرات لم تكن، لا المرأة استفادت منها ولا الرجل، المستفيد الوحيد هو النظام، الدولة تحت المفهوم الهزلي للدولة عندنا.

ثالثًا
لنبني أممًا حديثة علينا أن نبني مدارس حديثة، فلدينا من المعابد ما يكفي لألف عام، والمدارس ليست حديثة بحجرها أو بمقاعدها وألواحها، المدارس حديثة ببرامجها التعليمية، وبمن يتلقون العلم من البنات قبل الأولاد، فبنات اليوم نساء المستقبل، وكل مستقبل زاهر مستقبل النساء، المستقبل الذي ينتهي فيه بغض النساء. تحرير الأمة يبدأ بتحرير النساء، وهن لا يزلن صغيرات، ليس بحفظ القرآن غيبًا، كما يريد ذاك الوزير المأفون، ولكن بفهم العالم، الطبيعة، الإنسان، نعم، منذ تلك السن المبكرة، وبصقل المواهب، بالرسم، بالنحت، بالغناء، بالرقص، بالرياضة، بالقراءة، وخاصة بتهذيب الروح بالموسيقى. الأمة الحديثة هي الأمة التي تعمل فيها المرأة مع الرجل، كصحفية، كمعلمة، كباحثة، كطبيبة، كأديبة، كسائقة للسيارة والقطار والطائرة، كامرأة فضاء، كقابضة على البرق بيد، وعلى الرعد بيد. ليس هذا فقط، هذا كلام سبق لنا وسمعناه. ليمضي كل هذا بشكل طبيعي، في عالم طبيعي لا فرق فيه بين رجل وامرأة، يجب أن يضع الرجل حدًا لكل قصد سيء لديه: أنا لا أتكلم هنا عن العاطفة، فمن الطبيعي أن تكون هناك عاطفة سيئة أو طيبة بين أي رجل وأية امرأة، أنا أتكلم هنا عن النظرة المقولبة للمرأة، كنصف عقل مثلاً أو نصف دين، كشيء ناقص أو شيء قاصر، والتي على أساسها ننسخ تعاملنا مع المرأة.

رابعًا
كيف نحرر الرجل العربي من نظرته المقولبة للمرأة؟ أجيب على السؤال بسؤال: وهل الرجل العربي حر في الأساس؟ إذن نحن نحرر الرجل العربي من نظرته المقولبة للمرأة بتحريره، وأول شيء بتحريره من إرثه الوجودي (المصطلح شامل: ديني فكري ثقافي حُلمي اجتماعي اقتصادي سياسي بيئوي...)، يا ما أسهل ذلك كلامًا، كلام سبق لنا وسمعناه من ألف فم وفم إلى حد صار يضحكنا، بينما تحرير الرجل العربي يمضي بالمؤسسات التي وصفتها في مشروعي التنويري، كجزء فردي من كل جمعي، في مجتمع تحددت فيه السلطات الثلاث كنظام ديمقراطي انتخابي تعددي تعاقبي، قائم على مبدأ الحرية، الحرية الفردية حرية الحريات للرجل وللمرأة على حد سواء. التغيير السياسي هنا شرط للتغيير الوجودي، شرط التغيير العقلي للرجل العربي في نظرته إلى المرأة وإلى العالم.

خامسًا
لعدم وجود التغيير السياسي شرطًا لتغيير حياتنا كان واقع المرأة وواقع الرجل –واقعنا- من أسوأ ما يكون: كيف نفهم طموحات المرأة وهذه الطموحات تصطدم في كل لحظة بصعوبات العيش، سواء أكان ذلك في البيت أم في الشارع أم في العمل أم في السوبر ماركت أم في الرأس؟ أقول في الرأس لأن المرأة في عالم كعالمنا تفكر أنها شيء زائد –عكس ما يفكر الرجل أنها شيء ناقص- يمكن الاستغناء عنه، وهي لهذا تدين نفسها بنفسها، وتجعل من العالم عقدة ضخمة من المستحيل حلها. نعم، حتى تلك التي تقول عن نفسها متحضرة –متحضرة في الرأس لا في الثوب- في عالم لا تغيير فيه، يتغير سطحيًا لا جوهريًا، والتغيير إذا ما لامس الجوهر، يجري تجييره لصالح الحاكم بأمر الحاكم، بعد أن صار الرب، الإله. هنا المرأة العربية كالرجل العربي، كلاهما في الهم سواء، خيبتهما واحدة، لكنها خيبة المضحوك عليه، المتربص به، وبدلاً من تحويل هذه الخيبة إلى تمرد يدوم، يتم التقاط التمرد من طرف الإسلاميين –كما حصل في الربيعات العربية- أو قمعه من طرف العسكريين.























الفصل الثاني

الخمار ليس الحجاب

أولاً
في سورة النور نقرأ (31): "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ...". الخمار ما تغطي به المرأة رأسها والجيب هو صدرها وأن تضرب بخمارها على جيبها يعني أن ترميه على صدرها، وبكلام آخر على المرأة المؤمنة أن تخفي صدرها، هذا كل ما هنالك، لهذا السبب لم يقطع القرآن بعدم الزينة عندما نقرأ "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها"، وفي الوقت ذاته لم ينثن تحت وطأة مغرياتها عندما حدد بعضها: "...وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".

ثانيًا
لاستجلاء غوامضها، جعل الزينة تتوقف على ما يظهر منها، ولهذا السبب لم يُدِنْ الأخريات من النساء، فأنا لم أر امرأة في الشرق أو في الغرب لا تغضض من بصرها عندما تمضي برجل ولا تحفظ فرجها ما عدا المومسات ومن لف لفهن وهن شريحة من المجتمع قليلة لا شأن لها. هذا ما فهمه القرآن وما لم يفهمه المزايدون عليه من أتباع وأئمة، أو أنهم فهموه ولكنهم حرفوه من أجل الهيمنة ولصالح السياسة القائمة، فيكون الخطل في الكلام، وتتحول الآية إلى نظام من التحذير الغير المباشر من الرجل وعالمه الذكوري المهيمن بقضيبه تحت كل استعاراته، هذا العالم الذي يحيا بدافع المبالغة، وهكذا غطى الرجل الذكر كل جسد المرأة الأنثى بدلاً من صدرها، لأن بنية الإيمان لديه زئبقية، وروّع كل النساء بدلاً من بعضها، لأن بنية الحكم لديه هَيولية. لكن بدافع الارتكاس الواقي، يمكن تمثيل المنطق الصوري للآية بالرمز عندما تصبح التربية القويمة معيارًا وحرية المرأة المبتغاة من حرية الرجل المتمثلة ليس بقضيبه وإنما بالمعرفة وسمو الأخلاق. هكذا أفهم رموز الدين على الأقل في وقتنا المعاصر ورموز الشعب، عربيًا كان أم غير عربي، كي "أتفضى" من أجل مواجهات أخرى وجودية في الصراع العالمي العولمي الدائر الساعي إلى تقديم اللا أساسي (الحجاب) على الأساسي (العيش مجرد العيش بكل بساطة) المتمثل بمستقبل أمة منهوبة مثكولة منكوبة بأرضها وإنسانها.

ثالثًا
الضجة المفتعلة أمس حول تصريحات الرئيس الفرنسي السابق نيقولا ساركوزي تصب في هذا المصب، علمًا بأن نيقولا ساركوزي لم يقل بمنع الحجاب، وإنما بمنع "البرقع"، الحجاب الأفغاني المذل سيميائيًا، أي في رموزه وعلاماته، وكلنا يعلم أنه لا توجد في كل فرنسا أكثر من مائة امرأة ترتديه. الضجة المفتعلة أول أمس حول كتاب سلمان رشدي "آيات شيطانية" تصب أيضًا في هذا المصب دون أن يقرأ أحد كتابه، والقارئ لكتابه سيجد أن سلمان رشدي قال عن نساء النبي ما كان يجري بالفعل في تلك الأيام من معاملة القريشيين لهن وخاصة الأثرياء منهم وأولي الحكم على اعتبار أن محمدًا عدوهم السياسي، وفتوى خميني ما كانت من أجل هذا، كانت الفتوى في ظاهرها من أجل هذا، وفي باطنها لأن رشدي قد شبهه بالبالع كالضفادع لشعبه، فتغطى السياسي الذي كانه بالديني تغطي المرأة بالحجاب وبآلاف السنين من القهر.

رابعًا
لكن، هناك دومًا لكن، حسب تجربتي الجامعية، كانت المحجبات من بين طالباتي الأكثر اندماجًا في نقاشاتي، الأكثر جرأة، الأكثر إغراءً، بابتسامتهن الساحرة أو بصوتهن المثير للحلم الغير البريء، أقول هذا للرجل الذكوري على الخصوص، كي يفهم أن المرأة بارتدائها الحجاب أو بنزعه، تبقى امرأة، هذه هي طبيعتها الأنثوية حتى ولو ألبسناها الحديد، ولأذكّر أن في فرنسا القرون الوسطى، كان الزوج يقفل بالحديد على فرج امرأته عند غيابه، ومع ذلك كانت تتمكن –لو أرادت- من الوصول إلى غاياتها، لأن كل شيء يتوقف على إرادتها كامرأة كما يتوقف كل شيء على إرادة من تقع عليه رغبتها كرجل، وكل ادعاءات العفة والطهارة والنقاء عند المجرمين في حقها من شيوخ وآباء وإخوة، ادعاءات زائفة، لأن المرأة هي حريتها، بحجاب أو بغير حجاب، هذا ما كنت أشعر به وطالباتي المحجبات يتناقشن معي، كن حرات بدافع أنوثتهن، وذلك بوعي منهن أم بغير وعي، فما فائدة الحجاب إذن؟

خامسًا
بناء على ما سبق أقول إن الحجاب أمر المرأة قبل أن يكون أمر الرجل، فكثير من النساء العربيات النيرات وغير النيرات يدركن هذه الناحية الخاصة بأنوثتهن التي تتجاوز كونها بحجاب أو بتنورة، وإن رب الأرباب لو جاء بكل كتبه السماوية للتشريع في أمرها لما استطاع أن يقمع رغباتها، وعلى العكس بإرضاء هذه الرغبات يوثق العرى بينها وبين شريك حياتها، فإرضاء رغبات المرأة لا يعني تعهيرها كما يظن الكثير من عندنا بخصوص المرأة في الغرب، بينما في إرضاء هذه الرغبات نجعل من المرأة صرحًا من الأخلاق، لا يمكن لأحد اختراقه، ومن شخصيتها أقوى شخصية. والحال هذه، استحالة زواج الرجل من أربع لن يكون لعائق اقتصادي بل لقرار حر تتخذه المرأة كامرأة لا كمحجبة (أو غير محجبة)، اختيار الزوج للمرأة المحجبة (ولغير المحجبة) من طرف الوالدين لن يكون كصفقة تجارية يغلب فيها الربح على الخسارة بل كعقد حياتي توقعه المرأة كامرأة لا كمحجبة (أو غير محجبة)، وبشكل أعم ستتحرر المرأة المحجبة (وغير المحجبة) من شتى القوانين الدينية حتى ولو كانت هذه القوانين سائدة في مجتمعاتنا، وبالتالي ستضطر السلطات إلى القيام بإجراءات تأخذ بعين الاعتبار ما توجبه الحياة الحديثة.
























الفصل الثالث

المرأة والجنس

أولاً
الشبق طاقة حيوية تتمثل فيها غريزة الحياة، إنه الشهوة الجنسية، كل واحد منا، رجل أو امرأة، يعيش بها، معها، لها، وهي ابنة للغريزة الجنسية التي ترتبط بنا ونحن أطفال لم نبلغ بعد الخامسة من العمر، وبالتالي ما يثبت في ذاكرتنا من صورة للمرأة التي نختار أو للرجل الذي نقع في هواه. جنسيًا إذن كل شيء كائن فينا منذ مولدنا، فلماذا إذن تعمل مجتمعاتنا على قتلنا أحياء، بتقنين الجنس، وتحويلنا إلى أقنان محرومين من الحرية في جسدنا، بعد حرماننا من الحرية في وطننا؟ الهجوم على الجسد في مجتمعاتنا هو في نفس الوقت هجوم على النفس، على الفرد، على الحياة، للإخضاع، هذا ما يرمي إليه كل نظام قهري، الحرية فيه حرية للحاكم بأمر الحاكم، حرية الحريات، وبعد ذلك لرجل الدين، مسيحي أو مسلم، لرب البيت، لرب العمل، لرب الحزب، ومن قال الحزب عندنا يقل الماخور، لرب الماخور –نعم حتى في المكان الذي تتصرف فيه المرأة بأكثر ما يكون عليه من حرية- لرب السوبر ماركت، لرب الفضائيات، لرب سيارات المرسيدس، لرب بيوت الماء –نعم حتى لبيوت الماء هناك رب يعمل على قهرنا- لرب ساندويتشات الفلافل والشاورما والنقانق، لرب الفساتين القصيرة والطويلة وقمصان نصف الكم، لرب الحجاب والجُبَّة وشفرات جيليت، لرب... لرب... لرب... ولشتى أرباب الدول البطريركية دولنا. الغرب يريد من مجتمعاتنا أن تكون سوقًا حرة لِسِلَعِهِ وبالتالي كل المشاريع الاقتصادية مشاريعه لا مشاريع دولنا، ودولنا تريد من نسائنا أن يكن سوقًا حرة لذكورتها وبالتالي كل المشاريع الجنسية مشاريعها لا مشاريع رجالنا، وهكذا يُحْكِمون إقفال الباب علينا كأفراد وكمستهلكين إلى أبد الآبدين!

ثانيًا
لعنة المرأة في مجتمعاتنا أن تكون امرأة، وَأْدُهَا أفضل بكثير، فهي ليست الصورة التي ثبتت في ذاكرتنا ونحن أطفال، إنها الصورة التي يعملون على زرعها في ضلعنا ونحن رجال: المرأة البتول، المرأة العذراء، المرأة العصماء، المرأة الحصناء، المرأة العفيفة، باختصار امرأة منتزعة من جسدها، امرأة مفبركة في المصانع العربية للروبوهات. لهذا كانت جرائم الشرف حلالاً علينا، وظاهرات العوانس والانتحار والفرار والزواج من الكبار في السن والطلاق المبكر والبحث عن أمير الأحلام الذي لا يوجد –تحت شرط أن يكون غنيًا وإلا فلا والفلا هي التي تمشي- باختصار، ما أدعوه بظاهرات العهر الشريف، العهر الذي يسكن في جسد المرأة العربية كنظام مؤسساتي قامت عليه شتى المؤسسات.

ثالثًا
إذن يُوُجَز وجود المرأة ببكارتها، التي هي بالمفهوم العلمي بضع قطرات دم لغشاء المهبل، لكنها بثقل أطنان من حديد العادات والتقاليد تعود في جذورها إلى فجر الإسلام بالنسبة للمسلمين، إلى فجر المسيحية بالنسبة للمسيحيين، إلى فجر اليهودية بالنسبة لليهود، الإسلام مثلاً حررها من الوأد، وكبلها بالبكارة، فالمرأة في العصر الجاهلي كانت حرة بأتم معنى الكلمة، اعتمادًا منها على مجتمع تلعب فيه دور المالكة لجسدها على أكمل وجه، بدون تقنين ولا قنانة، فالقوانين كانت قوانينها في نظام مطريركي استمر إلى بداية الإسلام، أُعطي السيدة خديجة نموذجًا. أسوق دليلاً على ذلك بسرعة، لأصل إلى الحل الذي أرتأيه: يوضع حد لمسألة البكارة –هناك من يفضل العُذرة- عندما يكون الرجل غير مضطر للزواج من المرأة التي فقدت عُذرتها معه، وعندما لا يعود ذلك يمثل له كارثة الكوارث، ويَفهم أن من حقها الطبيعي أن تمارس الجنس كحقه الطبيعي (ما فيش حد أحسن من حد)، عندئذ لن يجد مانعًا من الزواج بفتاة ليست عذراء.

رابعًا
يمكننا كشباب أن نبدأ بأنفسنا، فلا ننتظر أن يقبلنا المجتمع حتى يحين يوم تغييره –بعد عمر طويل- أن نحرق المراحل، وندفع المجتمع إلى التغيير. المرأة الغربية لا تسلم نفسها لأي واحد، تسلم نفسها لمن تحب أو لمن تظن أنها تحب. في الغرب لا تقلقهم العُذرة، يقلقهم الحب، والحب يتطلب علاقات طبيعية في بيئة طبيعية، بيئة طبيعية تعني حقوق كاملة للمرأة وللرجل، حقوق كاملة تعني مستقبل يضمن تأسيس أسرة، لهذا كان الزواج على أساس الحب أهم من الزواج على أساس البكارة، ولهذا كان الزواج على أساس الإخلاص أهم من الزواج على أساس الرِّياء، الزواج على أساس الرياء نوع من الدعارة، من السقوط، من الحياة دون حياة، دون طعم، دون متعة، ومتعة الجنس أغلى متعة. لهذا لو كان عليّ أن أختار بين العاهرة الشريفة (وأقصد هنا الزوجة الغارقة في الكذب) وبين العاهرة اللاشريفة (المرأة التي تجعل من الدعارة مهنتها) لاخترت العاهرة اللاشريفة، لأني أراها كإنسانة تمارس مهنة كأي مهنة، ظروفها التي أدت بها إلى ما هي عليه لا تهمني، فأنا لست قاضيًا للأخلاق، بينما للعاهرة الشريفة أكون من أشد القضاة ضراوة.

خامسًا
يجب ألا نشعر بالعار، يجب ألا نرعى الخجل، يجب ألا نغذي الخضوع، حق امتلاكك لجسدك حق شرعي، حق فعلك بجسدك ما تشاء حق من حقوق الإنسان، هذا لا يعني أنني أدعو إلى الإباحية، أنا أدعو إلى التحرر من وضع للمرأة (وللرجل) مُسْتَلَب غير مقبول إطلاقًا، وإلى ألا نترك للأرباب الذين ذكرتهم فوق أن يتصرفوا بأقدارنا: أن نصنع أقدارنا، التقنيات التي يلجأ إليها الفتيان والفتيات عندما يمارسون الجنس ليست الحل، أحسن من لا شيء سيقول لي البعض وهذا صحيح، لكن الحل يبدأ بالرأس، الآباء لا رأس لهم، هكذا هم كانوا ولم يزالوا، وليس هذا ذنبهم، لكنكم أنتم يا فتياننا ويا فتياتنا، أنتم يا آباء ويا أمهات المستقبل، احرقوا المراحل كما سبق لي وقلت، وبدلوا نظرتكم إلى علاقاتكم، العُذرة هي رعبكم، رغم أننا يمكننا التلاعب بها بشتى الطرق، خياطة ولِواط وسُحاق، لكننا نبقى مطارَدين بكل الهول الجنسي كمعادل لهول الحياة.





















الفصل الرابع

المتعة

أولاً
لماذا كل هذا القمع للجنس في مجتمعاتنا ومتعة الجنس لا يضاهيها شيء؟ في البيت يهيمن الجنس على كل حركة من حركاتنا، لكن الحديث عنه من المحرمات، فهل يرضي الله ألا نكون أحرارًا في أجسادنا؟ ألا نكون أحرارًا في عقولنا؟ فحرية الجسد من حرية العقل، ومتعة الواحد من متعة الآخر، وأن نحكي عن الجنس فيما بيننا، وخاصة فيما بين المرأة والرجل، الطريقة الوحيدة للذهاب بالمتعة إلى أقصاها، لأن إذا كانت هناك متعة، فلتكن الأقصى، فلتكن ذروة النشوة الجنسية الأعلى، أعلى من كل الجبال، وبالتالي أقرب من كل عروش الآلهة، هناك حيث تكون هِزة الجِماع هِزة للكون، فمن هِزة الجِماع خلق الله الكون في ستة أيام، وارتاح في اليوم السابع ليستعيد القوة جنسيًا علينا في صنعه، وصنعه من صنعنا في الفراش، هذه هي الحياة على طبيعتها بقدسيتها وتلوثها بالمني، بذور الإنسانية. لهذا كانت المتعة لتكون المرأة وليكون البشر، فالبشر هم ها هنا بفضل المتعة، ونحن نقيد الجنس بالأصفاد في البيت وفي المدرسة وفي الجامعة، وخاصة في الفراش، لأن الدين بمحرماته ينام بين المرأة والرجل: لا تعض ثديها بل مسه بشفتيك مسًا خفيفًا، لا تقترب من فرجها بل ابتعد عنه ابتعادًا كثيرًا، لا تغرق في كَفَلِها بل اتركه للريح تعبث به عَبَثًا ثقيلاً! بينما يُجمع علماء النفس على اجتياح جسد المرأة من كل مكان مكانًا مكانًا في خيال الرجل، وقد انقسمت محاسنها، فكانت ثغرًا يلتهمه فيكون ثغرًا، وكانت ثديًا ينهبه فيكون ثديًا، وكانت بطناً يغور فيه فيكون بطنًا، وكانت فخذًا يغرق فيه فيكون فخذًا، بينما كان الرجل للمرأة كلاً تحويه.

ثانيًا
لهذا من المهم جدًا أن تعرف المرأة جسد رجلها لكن الأهم أن تعرف المناطق الشهوانية في جسدها هي، لتحصد اللَّذة على أكمل وجه، وليتجاوز زوجها في متعته الحد. دون ذلك، سيكون البؤس الجنسي بؤس الكثير الكثير من الأزواج في مجتمعاتنا القامعة للجنس، بما أن كل اتصال ممنوع، فكيف ستعرف المرأة جسدها؟ وخاصة كيف ستعرف ما تحب في جسدها، وهي تجهل أسباب متعتها؟ فتكون النتيجة المعاكسة، يكون المس الشبقي، هذا المرض الذي يجتاح الشبيبة عندنا جيلاً بعد جيل. عند غيرنا، في الغرب مثلاً، يصاب بعض الأفراد المحرومين جنسيًا بالمس الشبقي، فللجنس متنفسه بطريقة من الطرق رغم حدته للتباين الإمكاناتي (معرفي مادي دعائي أكثر منه حُلمي كما هو عندنا غير محسوسي كما هو عندنا وعندهم)، عندنا يصاب جيل بأكمله، ودون علاج جنون الغرام هذا لدى المرأة (كالرجل) يكون الاختيار بين العادة السرية أو البرودة الجنسية، وبدلاً من أن ترقى المرأة بالمتعة إلى عروش الآلهة، تنحط بقواها النفسية إلى أدنى درجة.

ثالثًا
لعدم المتعة لدى المرأة في مجتمعاتنا سبب ألا وهو المحرمات، لتصبح عدم المتعة للمتزوجات جزءًا من تربيتها، إذ لا يكفي أن يكون هناك اختراق فظيع كي ترقى المتعة بالمرأة إلى عروش الآلهة –أنا هنا أعكس الصورة السابقة- بينما كل المشكل قائم في عبقرية البظر، ذلك النتوء الموجود في حياء المرأة، إن لم يكن مُهَيَّجًا كما يجب، وهي لجهلها بذلك –تربيتها هي التجهيل الجنسي التجاهل الجنسي أي لا تربية- تقيم علاقات من خارج الزواج، لتجرب اختراقًا أفظع، دونما أقل تفريق بين امرأة سافرة وامرأة محجبة، فالجنس للمحجبة المنحصرة (من يستبد بها الجنس على نحو غير سويّ) يأخذ صورة الله، أي يعود الله إلى صورته الأولى المتمثلة بالقضيب (في بعض المعابد الهندية والصينية يعبدون القضيب وفي كل معابد حضارتنا القديمة تحت رمز العاهرات المقدسات)، فتتحول المرأة البتول في تربيتها إلى العاهرة البتول، وهذه الظاهرة منتشرة في كل مجتمعاتنا، وأهم ما هي عليه في الجزائر البلد الذي أعرفه كما أعرف جيبي.

رابعًا
بين المرأة في مجتمعاتنا والمرأة في الغرب هناك فارق صغير: الرجل! الرجل الغربي يعرف كيف يثير المناطق الشهوانية لدى المرأة، بينما الرجل العربي رجال وهرقل وبطل دعاية زائفة، فليس بالانتصاب تكون البطولة، ولكن بمعرفة جغرافيا المتعة. هو يريد أن يركب سيارة مرسيدس ويسوقها بأقصى سرعة، وليس هذا من طبيعته كرجل بل من طبيعته كوهم رسّخوه في ذهنه، ولأنه وهم قضيبه لا قضيبه يقذف على عجل، فلا تكون هناك متعة لا له ولا للمرأة، والمرأة المسكينة فوق هذا يفرمل كل أحاسيسها كل رغباتها ويجعل من فعل الحب بالنسبة لها كابوسًا من كوابيس الجحيم. المرأة في الغرب مع رجل قضيبي مجرمي كهذا لا تبقى يومًا واحدًا، وهي تتركه إلى آخر –أليسها حرة يعني ليست عذراء ومن هنا كل الفائدة لفقدانها لعُذرتها- وتركه إلى آخر –كما قلت في مقالتي السابقة- لا يعني أنها سهلة وخالعة العِذار إلى آخره إلى آخره، أنا أتحدى أكبر شنب من عندنا ومن عندهم أن يمسها، لأن تربيتها ليست كتربية بناتنا، بيئتها، ثقتها بنفسها، قوة شخصيتها. الرجل القضيبي المجرمي هو رجل على غير طبيعته، رجل أُفرغ من إنسانيته، رجل مريض من نوع آخر غير المس الشبقي، رجل مريض بإرثه الديني والتاريخي المشوه، رجل قبضاياتي في عقله وسلوكه، متعته أو متعة المرأة آخر ما يفكر فيه، فالانتعاظ أهم شيء عنده، الانتعاظ الرباني بكثير من المني وكثير من القمع الفرجي وكثير من الاسترجال، لأنه إرثه المشوه، خالد بن الوليد عند ولوجه وصلاح الدين الأيوبي عند خروجه، الفتوحات، تحرير القدس (لهذا ضمها الإسرائيليون دون أن يبالوا بأحد) الأمة العربية، القوميات (الطوائف على الموضة اليوم) الانتصارات الموهومة لصدام حسين وبشار أسد وزين العابدين بن علي، أبدًا جنرالات الجزائر المنتصرين بالفعل على شعبهم، أبدًا عبد الفتاح السيسي القاهر بالفعل للقاهرة، أبدًا البشير ما غيره أعظم حاكم منحط في تاريخ العرب، إنه السادي المتعصبي المدوّخي في فرج المرأة، لهذا لا متعة حيوانية للمرأة هناك –حتى المتعة الحيوانية- ولا أية متعة أخرى، إنه نظام الكَدَر والكرب والانزعاج، النظام الجنسي للمرأة الذي هو معادل للنظام السياسي.

خامسًا
هناك متعة ومتعة للمرأة، وهي حرة أينما تجدها: في السِّحاق في اللِّواط في الجِماع في العادة السرية في القصف إلى آخره إلى آخره، لسبب بسيط، ألا وهو العاطفة، فالعاطفة واحدة، بينما الوصول إليها عن طريق أكثر من واحدة. الإنسان هو متعته، وليس في هذا أي شيء من شذوذ، المثلي كغير المثلي إنسان عادي، الشهوة شيء لا يفسَّر في كلتا الحالتين، شيء بشري محض، لكن تقنين الجنس يفصل بين العواطف، ويفرق بين الانجذاب الذكوري والأنوثي، يقول عن هذا محرم وعن ذاك محلل بدافع نظام الوهم القضيبي، نظام وهم المتعة، وبالتالي وهم معرفة المرأة، احترامها، فهمها، ترك المكان الذي يناسبها لها، وهو لإرثه القمعي ينافس المَثَلي في صنعه، فيمارس الجنس على نفسه، إنه يقمع غيره ليشعر بقمعه لنفسه، وبالتالي بوجوده كمَسْخ، كمَسْخ قوي وعنيف ومتجبر، هكذا هو يتجاوز وضعه البائس بوضع أكثر بؤسًا، وضع أشبه بسن انقطاع الطمث عند المرأة، لا متعة حقيقية فيه، وليس هناك من متعة أخرى غير الغطس في مستنقعات الأخلاق المشوهة.











الفصل الخامس

حركة تحرير المرأة العربية

أولاً
نحن النساء العربيات من المحيط إلى الخليج، على شاكلة كل حركات تحرير المرأة في العالم، لا نريد للرجل أن يتدخل في حركتنا، لا نريد للنظام أن يكون وصيًا على حركتنا، لا نريد للقانون أن يتعارض مع حركتنا، لأننا نريد أن نكون نِدًا من أنداد الرجل، وركنًا من أركان النظام، وقوة من قوى القانون، وبالتالي لأننا كنساء نريد أن نكون مواطنات على أكمل وجه، لنا كافة الحقوق، وعلينا كافة الواجبات، ضامننا مجلس التعاون المشرقي كأعلى سلطة للسلطات الديمقراطية.

ثانيًا
كل اتحادات نساء العالم العربي نريد إلقاءها في صندوق القمامة، لأنها تنظيمات ذكورية تحت نعل النظام الذي يمولها، وبالتالي يسيطر عليها. على حريتنا إذن كحركة أن تكون مستقلة استقلالاً كاملاً في المال وفي الفعل، في المال بالتعاون مع رؤوس الأموال المستقلة، وفي الفعل بالعمل مع التنظيمات السياسية الديمقراطية، دون أن نتدخل بشؤونها ولا أن تتدخل بشؤوننا، يجمعنا الخط السياسي أو لا يجمعنا، لكن ما يقودنا القيم المشتركة، وكافة الحريات التي هي الأهداف الأساسية لمجلس التعاون المشرقي.

ثالثًا
نرفض دعوة الواحدة منا "امرأة" كمرادف للقمع، ونؤكد على "امرأة" كمرادف للحرية، أن أكون امرأة لا يعني العار، لا يعني نصف الرجل، لا يعني فردة الحذاء، أن أكون امرأة لا يعني الغبن، لا يعني نصف الراتب، لا يعني خادمة بالمجان، أن أكون امرأة لا يعني النكاح، لا يعني نصف الدين، لا يعني هن متاع لكم، أن أكون امرأة لا يعني الحجاب، لا يعني نصف العين، لا يعني واحدة من أربع، أن أكون امرأة لا يعني الضرب الإهانة البصاق، لا يعني كل الموبقات، لا يعني قومي يا كلبة اقعدي يا ثقب. على الرجل أن يشطف ويجلي ويطبخ، على الرجل أن يُرْضِع (بالرضاعة وإلا كان الحال أكثر من عال العال) ويُلْقِم ويُشَخِّخ، على الرجل أن يضاعف من خدمته للمرأة وقت العادة، على الرجل أن يحمل عنها كل الأعباء عندما يصيبها صداع نصف الرأس، على الرجل أن يذعن لأمر عدم رغبتها في المضاجعة، فعلاقاتنا كبشر ما بيننا وبين الوسط الذي نعيش فيه أهمها العلاقة العادلة بين الجنسين. لن تسعى المرأة إلى تدمير نظام الإنتاج البطريركي، لكنها ستعمل من خلاله ليكون أكثر نسائية، وبالتالي أكثر إنسانية، بفضل إصلاحات مجلس التعاون المشرقي.

رابعًا
مقابل اللامعرفة هناك اللاشعور، عن طريق العوامل النفسية والفيزيولوجية غير المحسوسة سنقاوم جهل المرأة العربية، فنقتدي بهذه العوامل لرفع وضع المرأة، وتحويلها من مفعول به (ومفعول فيه) في التاريخ إلى فاعل في التاريخ، هكذا يمكننا خلق طاقة حيوية شبقية جديدة للمرأة، على كل مستويات ذكائها، في الحقل وفي المصنع وفي الإدارة، كأم وكابنة وكحفيدة، كزوجة للملاك وللشيطان، كسيدة للمرأة وللرجل، كربة للبرق وللرعد، باختصار أن يمشي قول نجيب محفوظ عليها: عاهرة شريفة خير من شيخ دجال، تحت كل المعاني والدلالات التي أهمها ألا تكون خاضعة وألا تكون عاهرة. لهذا نلح على العمل بين ذراعي مجلس التعاون المشرقي في مؤسسات ثلاث: وزارة الذكاء، ووزارة التنوير، ووزارة المرأة.

خامسًا
حركتنا متأخرة، متأخرة جدًا، بالنسبة لباقي الحركات في العالم، هذا لا يمنعنا من الاستفادة من تجارب ومكاسب كل النساء في الكون، فالنساء في الكون كلهن شقيقات. في السبعينات من القرن الماضي، كانت المرأة الفرنسية لا تجرؤ على ارتداء الجينز، لا تجرؤ على تدخين سيجارة في الطريق، لا تجرؤ على التحدث في الشارع مع زميل، اليوم تجرؤ على التحدث في الشارع مع زميل، تجرؤ على تدخين سيجارة في الطريق، تجرؤ على ارتداء الجينز، بل وأكثر، ويمضي كل هذا بشكل عادي، عادي جدًا: المرأة السعودية أُوُلَى النساء العربيات الأَوْلَى بكل هذا، ما عليها سوى أن تبدأ. بدأت حركة تحرير المرأة الفرنسية بعشر نساء اجتمعن لا ليحكين عن مشاكلهن مع أزواجهن أو آبائهن أو إخوانهن، لا ليحكين عما هو أفضل الحجاب فوق فستان شانيل أم فستان شانيل فوق الحجاب، لا ليحكين عن الدجاج في الفرن أطيب من الدجاج في طنجرة البخار، اجتمعن ليحكين عما يجمعهن من آمالٍ وأمانٍ كنساء، كنساء أمانيهن وآمالهن التي هي أماني وآمال الكون، نعم آمال وأماني الكون هي آمال وأماني النساء، فكانت الانطلاقة التي أعطت للمرأة كل حقوقها، حق الانتخاب أول الحقوق السياسية، وحق الإجهاض ومنع الحبل أول الحقوق النسائية، اليوم كل هذا ذكرى من الذكريات، كل هذا جزء من الماضي، الماضي الذي أصبح بعيدًا، ونحن لم نبدأ بعد، يكفي أن تبدأ بعضنا، فالرجل ليس هذا البعبع الذي أوهمونا به. في الواقع، الرجل مِلك للمرأة، وليس العكس، قوتها عليه هائلة، تستطيع أن تفعل به ما تشاء، أن تستعبده، لكننا نحن كحركة لا نريد استعباد أحد، نريد تحريرنا من استرقاق الرجل لنا، وتحرير الرجل من استرقاق الرجل له، تحرير المجتمع، تحرير العقل، تحرير القيم، في بداية القرن الحادي والعشرين، على نسق مجلس التعاون المشرقي.


باريس الاثنين 2015.08.24







































مشروع دولة غزة ومعان














الفصل الأول

إني أحذّر!

أولاً
في عام 2002، قال مايكل لودين، عضو مجموعة المحافظين الجدد لجورج بوش: "علينا أولاً أن ننتهي من الأنظمة الإرهابية، بِدءًا من الثلاثة الكبرى: إيران والعراق وسوريا. ثم سننشغل بالعربية السعودية، نحن لا نريد استقرارًا لا في العراق ولا في سوريا ولا في لبنان ولا في إيران ولا في العربية السعودية. نريد أن تتبدل الأشياء، والمسألة ليست في معرفة ما يجب زعزعته، ولكن كيف فعله." نعم الكيفية، وفي الكيف تحقق منذ ثلاثة عشر عامًا احتلال أفغانستان جارة إيران، احتلال العراق، الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، تمزيق ليبيا، تقطيع السودان، تمزيق سوريا، تمزيق اليمن، سياسة التمزيق والتفريق هذه بالطبع، التمزيق الأرضي والتفريق الطائفي، لضمان مصالح أمريكا الجيوإستراتيجية والهيمنة على منابع النفط وسريانه تحت وصاية ما يدعى بالإمبراطورية الإسرائيلية-الأمريكية.

ثانيًا
إستراتيجية الأسلمة، كما يراها برزيزنسكي، لم تسقط على "الإمبراطورية" من السماء، وإنما جاءت استيحاءً من سقوط الاتحاد السوفياتي، في منطقة النفوذ الروسي من تركيا إلى الباكستان (والا يا عمي روسيا في سوريا عشان سواد عيون أسد؟ روسيا في سوريا عشان صراع جهنمي لم يبدأ اليوم)، وذلك بإنشاء دول مصغرة يسهل التحكم بها تحت معطف "الإمبراطورية"، وفلسطين كهوية مصغرة تحت معطف إسرائيل خير مثال على ذلك (لهذا كل من يحلم بدولة مستقلة ما فيش والمشروع الإسرائيلي الفلسطيني المصغر سيكون لكل الدويلات العربية في المشروع الإمبراطوري العربي المكبر)، وكذلك بإقامة أنظمة إسلامية أو شبه إرهابية في شمال أفريقيا (لماذا الثورة في تونس؟ لماذا الحرب الأهلية في الجزائر؟ لماذا الإسلاميون في المغرب؟) لقطع الطريق على أوروبا باتجاه أفريقيا، وهكذا من كابول إلى كازابلانكا تلقي الإمبراطورية بين فكي الكماشة منافسيها التقليديين: أوروبا، روسيا، الصين، الهند، وتوقف دوران دولاب هيمنتهم.

ثالثًا
يقول هانيبال جنسيريك، على أنقاض الدول العربية والإسلامية المفككة في دويلات، تمامًا كما حصل مع دويلات الطوائف في العصر الأندلسي، ستقام دويلات إسلامية للخلافة تحت الحماية الأمريكية، كما هو الحال اليوم مع دويلات الخليج، فكل رئيس إسلامي سيكون خليفة على الأرض التي ستمنحه إياها "الإمبراطورية"، تحت شرط أن يكون بحكمة وحنكة أمراء وملوك النفط الحاليين. وحسب خطة أوديد يِنون، المحلل في وزارة الخارجية الإسرائيلية، سيتم تفكيك تسع عشرة دولة عربية، استعادة سيناء، اقتطاع شرق مصر (والا ليه جابوا السيسي يا جدعان؟)، ومن شرق مصر خط يقطع الجزيرة العربية حتى البصرة، ليدور شمالاً قاطعًا العراق فسوريا حتى إنطاكية. إسرائيل الكبرى هذه ليست المعروفة المستهلكة من النيل إلى الفرات، إسرائيل الكبرى هذه تحت معطفها ليست السلطة الفلسطينية فقط كما هو اليوم بل والأردن كذلك وشمال السعودية ونصف العراق ونصف سوريا ولبنان.

رابعًا
الهدف من كل هذا كما يقول مايكل كولنز بيبر هو 1) تكريس الولايات المتحدة كعملاقة دولية 2) إعادة تشكيل العالم العربي لضمان عيشه، فالعالم العربي في صيغته الحالية في طريق الموت، وهذا صحيح، لهذا السبب يقال عن كل ما يجري من تدمير "التدمير الخلاق"، وهذا غير صحيح 3) توسيع قوة إسرائيل. وتقطيع العالم العربي كتقطيع الجزار للحم أكدته جريدة القوات المسلحة الأمريكية، وأكدت عزم البيت الأبيض على المضي بالمشروع الجهنمي إلى أقصاه، بالتوافق مع إسرائيل: ستُفَكك العربية السعودية في القريب العاجل، ستقوم هويتان دَوْليتان (من دولة) في الغرب وفي الحجاز لا تخضعان للرياض. إحداهما فاتيكان إسلامي يشمل مكة والمدينة (الفكرة نقلتها أمريكا عني شكرًا لأمريكا)، دولة إسلامية مقدسة تشمل كل مدارس الإسلام برئاسة الغنوشي كخليفة، اتجاهها إسلامو-أمريكي، يا حيا الله! يعني ستشع على أمم العرب والإسلام إشعاع العم سام والعياذ بالله! بركات إخضاعنا الاقتصادي لا بد أن تمضي ببركات إخضاعنا الفكري! اقتطاع منطقة الحسا (الأحساء) الشيعية وإدماجها في الدولة الشيعية في العراق، يعني موت العربية السعودية، وكل النفط في الحسا. أضف إلى ذلك، ستُقْتطع جازان ونجران وعسير لإعادتها إلى اليمن. أخيرًا، ستُقْتطع للأردن واجهة بحرية على البحر الأحمر.

خامسًا
الأحرار العرب، الأحرار السعوديون، ها أنا أحذّركم، الأوراق كلها لم تفلت بعد من أيديكم: الأنظمة العربية تعرف أن المدحلة ماشية، الحكام العرب يعرفون أن أيامهم معدودة، الأمريكي-الإسرائيلي يعمل على تشييد إمبراطوريته، إنها مسألة حياة أو موت بالنسبة له في عالم، الصراع فيه أقوى ما هو عليه في التاريخ، فكلما اشتد التنافس الجيوسياسي بين العمالقة كلما خضع الأقزام وسلموا بالأمر الواقع واستسلموا. الأمريكي-الإسرائيلي يخاطب الملوك والرؤساء من موقع القوي المتحكم بالمال والعباد بالأرض والثروات المتنفذ المتأله، يخاطب أكبر شنب حاكم بيا كلب البعيد، اقبل بالدويلة أو ارحل، ليس لديك من خيار. لهذا السيسي يعرف أن أيامه محسوبة بعدد أصابع يد سيده في إمبراطورية الغد، أمراء الخليج يعرفون المصير الذي ينتظرهم، فما أسهل وضع خليفة داعشي محل أكبر واحد منهم بلا دم وبلا نار بتوقيع صغير من السفير الأمريكي، الملك سلمان يعرف أن الأمريكيين والإسرائيليين لن تنفع معهم صحبة ولا مبدأ ولا شرف ولا دين، يعرف تمام المعرفة أنهم سيمزقون السعودية، وليست هناك أية قوة في العالم ستمنعهم عن تنفيذ ذلك، يعلم أن كل ما يفعله في اليمن في سوريا في أفغانستان في كل مكان مع حليفته قطر التي سيُقْتطع لها طرف هي الأخرى من أرض جزيرة العرب الغالية على قلوب كل العرب الكريمة، يعلم تمام العلم أن كل هذا لتمزيق العالم العربي السعودية الأولى، حتى هو الأوراق كلها لم تفلت بعد من يديه، وها أنا أحذره هو كذلك، بين أن يجمع أمواله ويرحل وبين أن يجمع شعبه ويبقى، القرار التاريخي الحاسم المنقذ يعود إليه.


















الفصل الثاني

يا أمريكا أريد أن أكون خليفة!

أولاً
بما أن الأمر كذلك، فليكن! سيتم تفكيك العالم العربي كما جاء في مقالتي "إني أحذّر!"، وسيكون تعميم دويلات الخلافة من المحيط إلى الخليج، سيختنق العرب تحت نعال أصحاب العمائم واللحى، أو أصحاب الجزرة والعصا، ولكن كما حصل مع ملوك الطوائف في الأندلس، لن يستتب السلم رغم كل شيء، فيُحْدِث الاختناق ثورة في المجتمعات، من فترة إلى أخرى، تؤدي إلى ضعضعة الأوضاع لا كما تصبو الإمبراطورية الأمريكية-الإسرائيلية إليه، غير أن للتنفيس الجمعي –وهذا ما غاب عن جرامشي- أثر السحر على المختنقين، وهو يفعل فعله في المجتمعات المتطورة وغير المتطورة، فيحول دون القلاقل والاضطرابات، وبقدرته يداوم رأس المال على جهوده في القمع المخملي لشعوبه، فما بالك لشعوبنا؟ سيكون التنفيس الجمعي عندنا بإقامة جزيرة ليست كغيرها في بحر الظلمات، خِلافة أكون خَليفة لها (الغنوشي مش أحسن)، الدين فيها حرية لا عبودية، والجيش فيها منعدم لا غير منضبط، الناس فيها من كل الأجناس، والأحلام فيها ممكنة لا ولا كأحلام الأطفال، دولة مصغرة على شاكلة موناكو وسويسرا وسنغافورة إضافة إلى فرع أساسي لهوليود الشرق الأوسط كضرورة من ضرورات البنية الفوقية "للإمبراطورية"، هذه الدويلة تقام في قطاع غزة مع اقتطاع قطعة كبيرة لها من سيناء (الأردن مش أحسن ولا قطر ولا كردستان)، لاستيعاب ما أتوقعه من هجرة كبيرة يجد الغرب في الدويلة حلاً لهذه الأزمة يكون هديتي له تعبيرًا عن شكري الأخوي لدعمه لي خَليفةً وخِلافة، ويجد الغزيون فيها حلاً لكافة أزماتهم.

ثانيًا
غزة موناكو الشرق الأوسط، هذا يعني أن كل أثرياء البترودولار (والعالم) سيأتون إلى كازينوهاتها، وهذا يعني كذلك أن القطاع سيكون أغنى خِلافة بلا بئر نفط واحدة، وسيكون المكان الذي يتنفس فيه بملء رئتيه كل العرب، لجمال القطاع، البحر كموناكو من جهة، والصحراء كلاس فيغاس من جهة، وقلما تجد منطقة في العالم تجمع بين جغرافيتين من أوروبا ومن أمريكا.

ثالثًا
غزة سويسرا الشرق الأوسط، هذا يعني أن كل أثرياء البترودولار (والعالم) سيأتون إلى بنوكها، وهذا يعني كذلك أن القطاع سيزداد غنى، وسيكون الناتج المحلي الإجمالي للفرد الأعلى بالمقارنة مع خلافة فاتيكان مكة والمدينة مثلاً أو خلافة كردستان، وكزيوريخ وجنيف ستُصَنف الحياة في غزة أعلى نوعية للحياة في العالم، وكسويسرا سيكون القطاع برؤوس الأموال المكدسة في بنوكه رأس الحربة للتجارة الحرة بينه وبين كل دويلات المنطقة وبينه وبين كل دول العالم.

رابعًا
غزة سنغافورة الشرق الأوسط، هذا يعني أنها ستكون أهم ميناء في المنطقة وأهم مركز مالي في العالم، المدينة الأكثر عولمة، فأهلاً وسهلاً بالاستثمار، وأهلاً وسهلاً بالصناعة، أقول أهلاً وسهلاً على مسمع الجميع بصفتي الخليفة لهذه الدويلة، هكذا سأنعش اقتصادها في غضون سنوات قليلة، وسأجعلها كسنغافورة الدويلة المرغوب فيها –على عكس اليوم- من أغلب دول العالم، بجواز سفر قوي لا يحتاج إلى فيزا وباقي الشروط المعقدة التي تخضع لها بلدان الإرهاب، وقد أبعدنا حماس إلى غير رجعة، وهذا ممكن بخمس دقائق لو يريد الذين أوجدوها، وأدنينا العلم والأدب، العقل والتمدن.

خامسًا
غزة مدينة نور الشرق الأوسط، كباريس، بعد أن أضع حدًا للظلامية في أمخاخها وللظلام في شوارعها، فتكون محط الأنظار، السينما من ناحية (وكل ما له علاقة بالثقافة)، والسياح من ناحية. لهذا ستنافس غزة هوليود تحت حكمي كخليفة، فتنتج رواياتي وكل روايات الكتاب العرب، لتوزعها على مستوى عالمي يضاهي أجمل الأفلام وأرقاها، وستكون بالتالي المكان المفضل لإقامة عباقرة هذا الفن في العالم، لإقامة العباقرة في كل ميادين الثقافة. لا بد إذن من مدينة للنور تحت كافة المعاني في محيط من الظلم والظلام، يا أخي الرئيس أوباما، وبهذه المدينة الفريدة سيتحقق "للإمبراطورية" ما تصبو إليه من تفكيك العالم العربي، وخاصة الإبقاء على هذا التفكيك، وإدامته، إنها جرعة المورفين التي لا فكاك منها... أنت ترسل لي إيميلاتك الرسمية بشكل دوري، فلنتراسل بشكل شخصي، ولنحقق سويًا ما عجز عنه كل الرؤساء الأمريكيين السابقين، قبل انتهاء مدتك.






الفصل الثالث

أريد اقتسام الأردن مع إسرائيل!

أولاً
بيعة العرب لي في العالم العربي والعالم خليفة على قطاع غزة مدعاة للفخر ومكسب للديمقراطية، ولتعطش الأردنيين إلى الحرية، اقترح عليّ بعضهم خلافة ثانية على جنوب الأردن، فشماله يحكمه الهاشميون، وهم على زوال، أيامهم في الروزنامة الإسرائيلية-الأمريكية معدودة، وإسرائيل الكبرى بالأردن، ستضمن إلى الأبد عدم قيام أية هوية وطنجية بطيخية في الأراضي المحتلة. لهذا يفضل الأردنيون الذين أنا كأردني واحد منهم، أن أقتسم الأردن مع إسرائيل كأمر واقع، وأن أكون البديل المرتجى لواقع لم يعد يحتمل، فالفقر المدقع من ناحية، والقمع المروِّع من ناحية، ديون البلد بالمليارات كثيرة على بلد صغير ذهبت إلى جيب ملك كبير بقدر قبعة الملكة إليزابيث، وأيادي المخابرات طويلة وصلت بطولها السحاب فكممته، نعم حتى السحاب، ولهذا أرض الأردن جرداء كسيقان ملكة الأردن، وكممت حتى الملائكة، حتى الشياطين، حتى أبناء الجان، حتى الأرباب.

ثانيًا
الجنوب الأردني كله ثروات ينهبها الهاشميون، فمليارات صندوق النقد الدولي التي لهطوها لا تكفيهم، والحق يقال إن الملك الأردني يستحق شكر وطنه على ذلك، فبدل أن يشحذ كأبيه ليكون باستطاعته سد احتياجات الملكة صاحبة الجلالة المعظمة (بلا حياء يا ملكة الإنجليز) من فساتين كريستيان ديور وحلى كارتييه ويخوت الريفييرا، والا كيف هو ملك؟ ها هو كأكبر لص يتدبر أمره، ويترك الأردنيين يتدبرون أمرهم (الديمقراطية على الطريقة الأردنية)، فلا يأكلون سوى وجبة واحدة في اليوم مكررة كل يوم لهذا هم مصابون دومًا بالإسهال، ويسرقون السياح (لصوص ألكسندر دوما لصوص صغار دمهم خفيف)، ويمارسون العنف بالسكاكين (الفلسطينيون هنا وهناك واحد ومش من هلأ)، ظاهرة تغمض المخابرات عينيها عنها، وتشجعها، لتضرب عصفورين بحجر: تغطية اللصوص الكبار (فلسطينيون كمان وملياردية "أولاد الأحبة" كما يقول جمال الغيطاني)، وتحويل حياة الناس إلى جحيم على جحيم هي نيرانه.

ثالثًا
كخليفة على جنوب الأردن، سأتفرغ لهذه القطعة الغالية على قلوب كل العرب تفرغًا كليًا، فأجعل منها واحة للتقدم، وجوهرة للحضارة، ونموذجًا للاقتصاد يحتذى به في جميع أنحاء العالم، سأحوّل رماله إلى ذهب أخضر، منجم يضاف إلى مناجم فوسفاته وبوتاسه، أهم منجم، وذلك بشق قناة البحرين (البحر الميت والبحر الأبيض المتوسط) لأجل تحلية المياه، وسأجعل من جنوب الأردن الفارغ من السكان أرضًا مفتوحة لكل المغامرين في العالم كما حصل في الفارويست، فأجيء من كل أنحاء العالم العربي والعالم بكل العقول والكوادر والأيادي البارعة في كل شيء وأهم الأشياء التكنولوجيا، سأنقل إلى خلافتي ملايين المهاجرين السوريين، بل وأكثر ملايين المهاجرين الغربيين، الذين بدأت هجرتهم في بلادهم، فهم يتركون عواصمهم ومدنهم الكبيرة إلى مدنهم الصغيرة لسهولة العيش فيها، وما أسهل العيش في خلافتي، وهي التي ستُبنى على أرض عذراء، حسب المعايير الإنسانية للقرن الحادي والعشرين، وكل ما توفره النانوتكنولوجيا من رخاء.

رابعًا
ستكون معان عاصمة للخلافة، لسبب بسيط أن أهلها الكرام الكرماء يستحقون كل خير، ولمعرفتي الجيدة، الجيدة جدًا لطموحات أهلها في الثقافة والعلم، في الحرية والأخوة، وكذلك لموقعها الجغرافي ولقيمتها التاريخية، قريبة من العقبة بعيدة عن عمان، وبعدها عن عمان يقربها من البتراء عاصمة الأنباط أجدادنا. أضف إلى ذلك أن أراضي عمان وباقي أراضي شمال الأردن اشتراها الإسرائيليون، على اعتبار أنها ستكون في الغد الجناح الشرقي لإسرائيل الكبرى، إذن عمان وشمال الأردن هما إسرائيليان، والهاشميون ما هم سوى ضيوف عندهم، وأنا كخليفة لن أستقبلهم حين طردهم كما استقبل المعانيون جدهم الأمير عبد الله، عندما جاء شحاذًا من أرض الحجاز، ونزع ملكية مستقبليه، واستولى على دارهم، فهل أتركهم يستولون على خلافتي؟ في معان سأكون مُخَيّرًا بين تشييد مفاعل نووي سلمي وبين اللجوء إلى الطاقة المتجددة، وكل شلالات الشمس وينابيع الذهب التي تتفجر الخلافة بها، والأمر كل الأمر بيد رعيتي.

خامسًا
لص ما لص يا جلالة الملك نحن لن نحاكمك، لن نطالبك، تعال إلى باريس لتتشرف بمقابلتي كخليفة ألف مرة أهم منك لعاصمتين غزة ومعان، ولننسق سويًا إجراءات رحيلك ورحيل أسرتك، لكني أحذّرك: إياك أن تركب الهيلوكبتر كما هي عادتك وتذهب لتقول كل شيء لنتنياهو، فأنا أحفظ سيرتك كالقرآن الكريم عن ظهر قلب كما أحفظ سيرة أبيك، أبوك كان يستحي، أما أنت فلا حياء في وجهك، زبونهم على المكشوف، والا نسيت ما كنت تروجه من أخبار كاذبة عما لديك من برهان ساطع على امتلاك صدام لسلاح الدمار الشامل، لتدمر أمريكا العراق، والا نسيت ما كنت تفعله من الأردن كل الأردن من الكرك إلى العقبة ولم تزل قاعدة عسكرية للأمريكان، والا نسيت ما كنته ولم تزل في أول الخط لضرب شعبك بالإخوان باتفاق مع الإخوان ولضرب سائر الشعوب العربية –ما إنت إنجليزي- كما تُضرب الخرفان.



























الفصل الرابع

تأسيس حزب الديمقراطيين

أولاً
نظريتي الفلسفية معروفة، فكم مرة قلت لا صراع طبقي هناك وإنما تفاعل طبقي، وأكثر تحديدًا هناك كائنات متعددة وكائنات فردية تتواجد فيما بينها. في القرن الحادي والعشرين، في عصر العولمة، هناك صراع عالمي على مستوى الشركات العابرة للقارات، هناك صراع عالمي على مستوى الصناعات التكنولوجية، هناك صراع عالمي على مستوى المؤسسات المالية البنوك وشركات التأمين ورؤوس الأموال، هناك صراع عالمي على مستوى الأسواق ومناطق النفوذ والثروات، هناك كل الصراعات ما عدا الصراع الطبقي كتصور باطل من تصورات عصر انتهى دون رجعة، كمفهوم قديم من مفاهيم القرن التاسع عشر، كقانون ملغى من قوانين التطور المجتمعي والحضاري، لهذا سيرتكز النظام السياسي في خلافتي على تعايش الجماعات المختلفة والمستقلة في الإدارة والتمثيل، نظام تعددي قائم على عدة أحزاب، تأخذ فيه السلطة التنفيذية، سلطة الخلافة، على عاتقها مهمة الدفاع عن المصلحة الوطنية باستقلال عن الأحزاب بينما تراقب هذه الأحزاب السياسة الوطنية بواسطة ممثليها في الحكومة (أغلبية) وفي البرلمان (أغلبية وأقلية)، وبهذه الطريقة تقر الأحزاب شرعية النظام الديمقراطي، وتعمل على استقراره.

ثانيًا
اعتمادًا مني على الدور الأساسي للأحزاب في الحياة السياسية، على كون هذه الأحزاب ممثلة للناس، وبالتالي حلقة الوصل بين الناس والحكومة، قررت تأسيس "حزب الديمقراطيين"، ألقي على كاهله مسؤولية إعداد برنامج فيه من الاقتراحات ما يمكنه تطبيقها في حال كسبه للانتخابات، مقابل اقتراحات أحزاب المعارضة، للتعبير عن سخط البعض وعدم رضاهم. حتى أنني أبتعد أكثر، وهذا ما لا يوجد في المجتمعات الغربية، عندما أقول بالتمثيل "الموسمي" لمن لا يجد نفسه في حزب من الأحزاب، ولا يجد في هذا الحزب أو ذاك ما يرضي طموحاته، فتنبثق مجموعات شعبية من تلقاء ذاتها ضد الأحزاب معبرة عن مطالبها الخاصة بها، وخير تعبير عن هذه المطالب يكون وقت الانتخابات كفرصة لا تتكرر مرتين كل خمس سنوات أو أربع –كما سنتفق عليه- إلا في الحالات الاستثنائية.

ثالثًا
للحزب الذي أرتأيه، ولكل الأحزاب الأخرى، وظيفة ترمي إلى الظفر بالسلطة، وذلك لتطبيق برنامج الحزب، وإدارة السياسة الوطنية، وعلى عكس هيمنة الحزب الواحد على الحياة السياسية، على الرأي العام، على الحياة بكل بساطة، من التحاور بين الأحزاب والتفاعل تُحيى الحياة، ويُبنى الرأي العام، ويزداد مناعة وثراء. أضف إلى ذلك، سيؤثر الرأي العام في الأحزاب، ويعمل على تطوير رؤاها، وليس هذا فقط سيلعب الرأي العام دورًا أساسيًا في توجيه الأحزاب عند اختيارها للمسئولين ممن سيحكمون الخلافة.

رابعًا
إذن الحزب السياسي تجمع لمواطنين اتفقوا ما بينهم حول فلسفة مشتركة (لا أحب كلمة إيديولوجيا) يرمون إلى تحقيقها ( الحلم في حالتنا عند هذه الدرجة من قيام الخلافة)، والهدف طبعًا الظفر بالسلطة وممارسة الحكم، فالحزب لخدمة فكرة، فكرة خلافتي على غزة، على معان، فكرة خلاقة، لكن ما أصعبها، ما أخطرها، ما أروعها! بالانتخاب العام تتطور الأحزاب الحديثة البعيدة عن التحزب والتعصب، وبدورها تطور الأحزاب الحياة السياسية، وتساهم في التعددية، أساس كل ديمقراطية. وحتى لا يساء الظن فيّ كخليفة، سأسجل في الدستور أهم دور للأحزاب برأيي: دخول المرأة كالرجل في كل تنافس انتخابي كمنتخَبة ومنتخِبة.

خامسًا
باب الانخراط في "حزب الديمقراطيين" مفتوح منذ الآن لكافة القراء/المواطنين في العالم العربي والعالم، بالضغط على "أعجبني" تصبح عضوًا، ما أسهل ذلك! والهدف مش كتير: عشرة آلاف! كبداية! هكذا نبدأ بقوة، ونفرض مشروعنا التنويري على أساطين الحكم في العالم العربي والعالم، خاصة على "الإمبراطورية"، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، الباب مفتوح لتشكيل الأحزاب، فكل من يرغب في ذلك يكفي أن يرسل لي كلمة في باب التعليقات أو الفيسبوك يذكر فيها اسم الحزب والجهة التي من ورائه وبجملة واحدة أهدافه.






















الفصل الخامس

تشكيل الحكومة الانتقالية

أولاً
الربيعات العربية فشلت، وكان من السهل احتواؤها، لأنها كانت بدون قيادة، أو بشبه قيادة، لم يكن لها ما نقترحه اليوم من مشاريع للحكم، أقصد هنا مشروعنا الهائل للتنوير، مشروع عماده مجلس التعاون العربي، لكن غياب ردود فعل رسمية عربيًا وغربيًا، اضطرنا إلى تغيير إستراتيجيتنا، فانخرطنا في إستراتيجية جديدة، إستراتيجية الخلافة، إستراتيجية استنبطناها من الأهداف الجيوسياسية الأمريكية-الإسرائيلية في المنطقة، أهداف ترمي إلى تقطيع أوصال الوطن العربي، وتحويله إلى دويلات، كل دويلة خلافة. من هذا السياق اغترفنا كمن لا يغترف الماء بالغرابيل كيلا يغمطونا حقنا، وكيلا يسقطونا من هذا الحق تركنا مؤقتًا معاقل الحداثة، لنعود إليها، وهجرنا كتب اللسانيات، لنتوق إليها، أردنا أن نرتدي قميص البداوة، لنستعيد بهاءنا العتيق، فنكون طرفًا أساسيًا من توزيعة أوراق اللعب، بكل العلم الذي لنا، مع كامل علمنا بمداخل القضية ومخارجها، خاصة مخارجها التي ستعيدنا إلى إستراتيجيتنا الأولى، بعد أن نجيء بما نفعل برهانًا ساطعًا على صحة رؤيتنا كما تم طرحها في مشروع التنوير، أقول هذا لخصومنا الذين يتناسون هذا المشروع الحداثي في كل ما يطرح، الحَدَسِي في كل ما يقول، فليس هناك من أية فائدة ترجى لجميع الأطراف، وأهم طرف أمريكا، إلا بالتوحيد لا بالتفريق، وأعظم مثال على هذا توحيد الخلافتين، وللحساد الخلافتان هنا دويلتان، خلافة غزة وخلافة معان، سنسميهما "دولة غزة ومعان"، وبطّلنا خلافة وخليفة، تحت بيرق حكومة واحدة، وبرنامج واحد سأعرضه بإيجاز، ليرى المغرضون أنني لا أقيم دولتي تحت خيمة بل فوق آخر مستجدات الحكم الديمقراطي في القرن الحادي والعشرين، الحكومة انتقالية، أداتها الحزب حزب الديمقراطيين في هذا المكان وهذا الزمان الراهنين، وليس أداتها المجلس مجلس التعاون العربي في ذاك المكان وذاك الزمان القريبين، فلكل أداة زمانها ومكانها، أداة تفرضها إستراتيجيتنا، وهذه الحكومة هي اليوم هنا لِتُسَلِّم في الغد هناك زمام الأمر إلى حكومة منتخبة حسب برنامج من أكثر البرامج تقدمًا في التاريخ الحديث، الالتحام والمسئولية والانفتاح فيهِ حَجَرُ الرَّحى.

ثانيًا
يتجسد طموح حكومة دولة غزة ومعان (انتقالية ومنتخبة) بالتجديد السياسي الذي يتطلع إليه مواطنونا، وذلك بتحديث بلدنا، على أساس مشروع مشترك يستجيب لحاجتنا إلى تغيير حقيقي وجَلي في كل الميادين. هذا المشروع هو مشروع التنوير الذي يتمحور حول إدارة الدولة والمالية العامة والديمومة السياسية والنمو الاقتصادي واستمرار التطور والالتحام الاجتماعي والكفاح ضد البطالة والتقدم المجتمعي. إنه مشروع الأمل بالمستقبل والدينامكية الجديدة لبلدنا ولكل سكانه، لتحديث بلدنا وضمان سعادة مواطنينا وهنائهم، وليكون جديرًا بقبول التحديات المتعددة.

ثالثًا
تلتزم الحكومة (انتقالية ومنتخبة) وروح الانفتاح روحها بتقوية الديمقراطية وبالتقدم نحو مزيد من الشفافية والحوار في مجتمعنا بثقافاته المختلفة، ستُصلح عمل الدولة ومؤسساتها، وعلى صورة بلدنا ستكون من سمات المجتمع المساهمة في الصيرورة السياسية التألق الفردي والالتحام الاجتماعي. ستركز الحكومة على سياسة إعلام شفاف وفعال، وستسعى إلى حوار بناء مع المعارضة البرلمانية، وكذلك ستحيي الحوار الاجتماعي. بآذان صاغية ستسمع للمواطنين الذين سيُدلون بآرائهم عن طريق الاستفتاء حول المسائل التي تمس خاصة تنظيم الحياة العامة، ستسهّل تحقيق مبادرات المواطنين، وستشدّد على تنفيذ الإصلاحات المجتمعية. هذا ويجب على دستورنا وتشريعاتنا أن تأتي بجواب عن تحديات عصرنا، مما يشكل الأساس الضروري لتطور مجتمعنا الغَزي المَعاني، وستتحمل الحكومة المسئولية أمام جيل اليوم والأجيال القادمة. ألا تراودها الرغبة في رغد العيش الجماعي وألا تعمل على مستوى المالية العامة والنمو الاقتصادي ليس خيارها، المبادئ التي تسيّرها هي الفَعَالية الديمومة الالتحام الاجتماعي تساوي الحظوظ تساوي وجبات العشاء، وهي ما يميز فعل الحكومة.

رابعًا
الحكومة (انتقالية ومنتخبة) كلها عزم وتصميم على حل المشاكل المالية بطرق شتى الريع آخر ما تفكر فيه، وذلك عن طريق المشاريع البنيوية: قناة البحرين، الطاقة التجديدية، الكازينوهات، البنوك، المركبات السياحية، مراكز التجارة العالمية، المصانع، التكنولوجيا والنانوتكنولوجيا، المختبرات العلمية، الصناعة السينمائية، المسارح، دور النشر، الجرائد المجلات المواقع... إلى آخره إلى آخره، وشعارها أن تعمل الأفضل بالوسائل الأقل. ستطلب الحكومة (انتقالية ومنتخبة) القيام بجهد جمعي عادل ومتعادل، وسيكون كل إنفاق إضافي للحكومة مرتبطًا بالوضع المالي العام للدولة، ودونما أية ثورجية، أية قومجية، أية دينجية، الحكومة جاهزة لبذل جهود إضافية إلى إعادة إعمار غزة بالسرعة القصوى، وإنجاز شق قناة البحرين، لإعادة الكرامة في القطاع إلى الناس والدفء إلى أجسادهم في الشتاء، ولتحويل ذهب معان من أصفر إلى أخضر. وللحيلولة دون اللصوصية كما يجري في الأردن الأب وفي فلسطين الأم، كل إنفاق من الميزانية يجب تبريره بالنسبة لهدفه الملموس وبالنسبة للاقتصاد العام للميزانية.

خامسًا
ستقوم الحكومة (انتقالية ومنتخبة) بتحديث نظام إعادة التوزيع المدني لبلدنا دولة غزة ومعان، ووضع حد للتحايل على القانون بالفساد والإفساد كما يجري اليوم في سائر دول العالم العربي. ولإعطاء جواب على تحديات مجتمعنا، على المستوى العائلي والاجتماعي والبيئي، ستقوم الحكومة بإصلاح ضريبي يجعل منا سويسرا الشرق الأوسط، إصلاح مشترك بينه وبين إصلاح مجموع العمليات المالية والاجتماعية والعائلية. كما تؤكد الحكومة عزمها وتصميمها على تنشيط النمو الاقتصادي نموًا يخلق الأعمال في وقت تتكبد فيه دولة غزة ومعان ما تتكبد من جراء التدمير (القطاع) والنهب (جنوب الأردن)، هذا النمو الاقتصادي الذي هو عنصر حاسم يسمح لهذه الحكومة الانتقالية كالحكومة المنتخبة بممارسة سياسة تنحو نحو المستقبل، فللتطور الاقتصادي أثر مباشر على العمل، على المال العام، وبالتالي على الضمان الاجتماعي الذي سيحظى به مواطنونا. وبفضل حكومة ترقى إلى مستوى كل هذه التحديات، ولمصلحة بلدنا، ستعمل الحكومة من خلال بيئتنا الخارجية بالقدر ذاته من خلال بيئتنا الداخلية، فتقيم علاقات صحية بالدول المجاورة كلها ودول العالم، وشعارها لا معتدٍ ولا معتدى عليه، وبكلام آخر إلغاء ظاهرة الدواعش، والاستقلال عن السياسيات السعودية القطرية المصرية الأردنية العراقية السودانية الإماراتية العُمانية ال ال ال... لأمريكا في المنطقة، دولتنا غزة ومعان لن تكون حجر شطرنج، بل الشريك المتضامن مع كل مُرَوِّج للسلام، مع كل مناوئ للإرهاب، مع كل مقاوم للفقر، للإقصاء، للتعصب، تحت كافة المعاني الدينية الطائفية الفكرية السلوكية كُرْهُ المرأة واسترقاقها أولها، ودأبُنَا عِلْمُ القيم الذي يشمل البحث في قيم الأخلاق والدين وعلم الجمال. هذا وستبدع الحكومة في طريقة حكمها، على مستوى الإدارة، فتشجع التعاون بين الوزارات، وهمّها الالتحام السياسي، وعلى مستوى الحكومة، فتستشير بشكل منتظم القوى السياسية في الحكم والمعارضة، وهمّها التفاعل الطبقي، لتحسين التعاون السياسي، ولهدف التوصل إلى قرارات فعالة. إنها ثقافة الحوار التي هي قوتنا، ودُرَّة مجتمعنا، والموديل الأساسي لدولتنا الغالية علينا كلنا غزة ومعان.

الحقائب الوزارية
كل الحقائب الوزارية قابلة للنقاش من طرف جميع أعضاء الحزب وغير الأعضاء، خاصة من طرف أصحابها الوزراء أنفسهم، فبعض الوزراء لم نأخذ رأيهم، لم نأخذ رأي أهمهم: رئيسة الوزراء سلوى النعيمي التي نريدها أن تكون معنا بكل قوانا، وكل عقدنا الفرويدية، مع معرفتنا التامة بكثرة انشغالاتها، وعلى أي حال سيدتنا الغالية تعيينك الآن وكل الوزراء يبقى رمزيًا... أرجو إعطاء الثقة بالحكومة بالضغط على "أعجبني" بالآلاف لو أمكن، فكلما كان العدد كبيرًا كلما كانت الحكومة قوية.

سلوى النعيمي رئيسة الوزراء
فاطمة الفلاحي وزيرة الثقافة
سامية شرف الدين وزيرة حقوق النساء
ليندا كبرييل وزيرة الشؤون الاجتماعية
خليفة عبد الله القصيمي وزير المالية
داغر العصيمي وزير العمل
عبد الله أبو شرخ وزير الإنشاء والتعمير
عمرو بن ظالم الطلحي وزير السياحة
رامي ماهر وزير الشبيبة والرياضة
ليث شبيلات وزير الحريات
عبد الله مطلق القحطاني وزير الداخلية
رائف بدوي وزير العدل
أبو وضحى وزير الذكاء
أفنان القاسم وزير التنوير
سما حسن وزيرة الأشغال العامة
إسماعيل طرباوي وزير الخارجية
برهان غليون وزير البيئة والطاقة
جهاد نصره وزير التربية والتعليم
بركات زلوم وزير التعليم العالي والبحث العلمي
بهاء همبكه وزير الاقتصاد
بندر عبد المنعم وزير الصحة
رأفت مدني وزير السلام (لا يوجد وزير دفاع عندنا إذ لا يوجد جيش)
فؤاد قلي وزير الزراعة
رشاد أبو شاور وزير السكن
جوزيف كامل وزير اللامركزية والوظائف العمومية
رامي العساف وزير المواصلات
مجدي ناصر السعيد وزير الشئون العربية
عادل بخه وزير قناة البحرين (البحر الميت والبحر الأبيض المتوسط)
لافي الرويلي وزير موناكو وسويسرا القطاع
عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس وزير الأوقاف والشئون الدينية
محمد زكريا توفيق وزير الإصلاحات
هيام بسيسو وزيرة النقل والموانئ
أروى العامري وزيرة العلاقات بين الحكومة والبرلمان
أبو نواس خليل الحلو وزير المدينة والثورة الجنسية
أزراج عمر وزير الصناعة


35 حقيبة






















الفصل السادس

قائمة السفراء الأولى
رسائل من حكومة غزة ومعان

أولاً
كل مشروع عظيم يبدأ بفكرة عظيمة!
دولة غزة ومعان من أعظم المشاريع التي ستغير وجه المنطقة، بها يتم حل القضية الفلسطينية على أساس أحقيتنا في غزة اليوم وغدًا في رام الله، فنضع حدًا للاحتلال الفتحوي بعد الاحتلال الحماسي، بها يتم حل القضية الأردنية على أساس حق التصرف بكل حرية في الجنوب اليوم وغدًا في الشمال، فنضع حدًا للأطماع الإسرائيلية بعد الأطماع الهاشمية. لكن التحرك الدبلوماسي في هذا الاتجاه يتطلب بنية سياسية قوية اعتمدنا فيها على دِعامات ثلاثة: مشروع التنوير، حزب الديمقراطيين، الحكومة، فكانت النتائج مذهلة: 13 ألف عضو في حزبنا، إضافة إلى 5 آلاف أعطوا الحكومة الثقة، أقول إضافة لأننا لا نعرف على إنترنت إذا كان المصوتون هم أنفسهم أم غيرهم، في العالم الافتراضي نضيف لا ننقص، المجموع 18 ألف، وهذه نسبة عالية لن يحصل عليها أهم حزب عربي، وكما تفعل مؤسسات الاستبار في تقديراتها، كل ألف في الشبكة العنكبوتية يقابل مليون في الواقع، إذن نحن لنا 18 مليون شخص كقاعدة شعبية أوسع من الأردن وفلسطين ولبنان معًا، أهم ميزة لها الديمقراطية في التعامل، والحرية في الاختيار، إنها ليست النتائج المعروفة تحت الحكم التوتاليتاري 99،99 بالمئة، ثلث الأعضاء صوتوا مع، والثلثان لم يصوتوا لا مع ولا ضد، إنه انتصار عظيم لحكومة انتقالية، يجب ألا ننسى هذا: انتقالية. زيادة على ذلك، هذا الكم الهائل من الأعضاء والقراء ذو دلالة من أعمق الدلالات التي تميز شبابنا المتعطش للحرية للعدل للجنس، نعم للجنس يلعن دين، الجنس أقوى الحاجات الماسة، فما أحوج إنسانيتنا إليه.

ثانيًا
قادة حماس نحن لن نمس مصالحكم!
غزة لم نعتبرها يومًا فلسطين، نقول غزة هناك، ونشير بإصبعنا إلى أبعد مكان مطوَّق بالأسلاك! مع دولة غزة ومعان نجذب غزة إلى المكان الأقرب من أفئدتنا، نجسمها، نرميها بين أذرعنا، نعطف عليها كأطفالنا. هذا ما لم ينجح فيه الملتحون، بفاشيتهم الدينية، بهلاك هولاكو اليومي! لهذا نقول لقادة حماس كفى، تجربتكم فشلت، ونحن لا نريد بالقوة إسقاطكم، نريدكم أن تسلموا إلينا غزة كما هي بخرابها، لنجعل منها أغنى بقعة في العالم. لن نمس مصالحكم، ولا امتيازاتكم، لن نحاكم أي واحد منكم، لن نمنع أي واحد منكم من وظيفته كإمام ولكن كجلاد، وسنجد الحل الوطني الذي يرضي الغزيين مع إسرائيل بخمس دقائق. لهذا نقول لإسرائيل ارفعي يدك عن حماس وشركائها، اتركيها تتخذ قرارها التاريخي، لا تدفعيها إلى ما لا تريده، لا ترغميها على ما لا تشاء، فنحن نعلم تمامًا قصتك معها، قصة "حب بريء"! كفى تدجيلاً يلعن دين، كفى حرمنةً، كفى هسترةً، ستسلمون حكومتنا نور أعيننا شئتم أم أبيتم، ونحن –نكرر- لن نحاكم أي واحد منكم، لن نمس امتيازاتكم، ولا مصالحكم.

ثالثًا
عبد الله الثاني الأردن ليس لك وحدك!
والله كرهنا، يا جلالة الملك، والله انفلقنا، والله انقتلنا، والله اندبحنا، والله انمحقنا، صورتك في كل مكان، في كل مكان، في كل مكان، انت وقلنا معلش، لكن صورة أبيك وصورتك وصورة ابنك، في الشماخ الأحمر، يا هلا بالنشامى، كابوس أسود للأردنيين! أنا لم أر صورة واحدة للملكة إليزابيث في لندن، ألم تزر لندن بلدك الأصل لترى أن ملكة الإنجليز ملكة لأنها قاعدة في الظل؟ لكن حمير مخابراتك ونِعال بلاطك (لماذا اسمهم رجال البلاط؟) يريدون أن يلعبوا معك لعبة قذرة قبلتها، ويريدون أن يخترقوا بسيكولوجية المواطنين ويخردقوها بجمالك وجمال أبيك وابنك، يريدون أن يقولوا للأردنيين نحن ها هنا قاعدون وإلى الأبد، عذاباتكم مش شغلنا، خراءاتكم مش شغلنا، ساندويتشات الشاورما تاعكم مش شغلنا، ديون البلد شغلكم، بالمليارات لبلد صغير كالأردن، فَيَخْت صاحبة الجلالة المعظمة من جهة –يلعن الله نَسِيَتْ لَمّا كانت تلعب في الحارة حافية بالكويت- وفساتينها كريستيان ديور من جهة، وهذا يكلف غاليًا! ويزينون لك أنك أبدي بالفعل، بينما مملكتك ستكون لقمة سائغة ليهوه في المخطط الإسرائيلي التوسعي اللي اسمه إن لم تكن تعرف أو إن كنت تتجاهل أن تعرف: إسرائيل الكبرى. لهذا أردنا بقيام دولة غزة ومعان أن ننقذ الجنوب الأردني، ونجعله مفخرة للأردنيين وللعالم. تعال إلى باريس، تعالَ متخفيًا كما تفعل عندما تذهب إلى تناكيات تحت السيل حدبًا على مواطنيك، وَرَ مع أفنان القاسم ما ينير لك الطريق، خلال ليلة واحدة معه حديث في بيته، ستتوصلان إلى حل يحفظ الأردن موحدًا، ويحفظ لك ماء الوجه.

رابعًا
هرتزل قسّم اليهود مِلكًا بين نخبة ورعاع!
طلب نتنياهو من أوباما ملياري دولار زيادة على الثلاثة مليارات أسلحة، هو يظن لحماية شعبه، وفي الواقع لاسترقاقه، فعقلية هرتزل منذ هرتزل هي السائدة: القومُ بين نخبة ورعاع، بين آمِرين ومؤتمِرين، بين ربطات عنق وصنادل. النظرة الدونية هذه تقابلها كل النظرية التوسعية التي تدغدغ كبرياء حكام إسرائيل أبًا عن جد، فهم كما ينظرون إلى شعبهم، ينظرون إلى الشعوب الأخرى، باحتقار، نقول يحتقرون أول من يحتقرون شعبهم، ثم الشعوب الأخرى، ولهذا السبب، لأنهم لا يترددون عن احتقار شعبهم، يحتقرون باقي الشعوب، شعوبنا في المقدمة، التحليل النفسي يقول في هذا الشيء الكثير. نظريتنا كلما صغرت الدولة كلما ازدادت قوة، انظروا إلى إسرائيل الكمشة سنة 67 هزمت كم دولة؟ آخر حرب لها على غزة، قطاع أصغر من صغير قطاع مشحّر دمرته بكل جبن من بعيد ولم تجرؤ على وضع قدمها فيه. التوسع كارثي، انعكاساته خاصة الاقتصادية مدمرة، لن ينقذ إسرائيل كل ما يقال عن خرينات تقدمها وتطورها وتحضرها، لن ينقذها كل ما يقاء من هذر عن ديمقراطيتها وعدالتها ومساواتها، والبرهان على ذلك دولتنا الصغيرة القوية بصغرها، فصغرها ثروتها، وبعد ذلك تأتي ثروة دولتنا بأبنائها عقولهم مشاريعهم أعمالهم جرأتهم حكمتهم حنكتهم. تفتيت الدول العربية ليس في صالح إسرائيل، أحد مفكريها يقول فيما معناه: "قوة إسرائيل ليست في سلاحها (إذن لماذا التباكي على المليارين أسلحة يلعن دين؟) بل في تفتيت الدول من حولها، وتحويلها إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية، ونجاحنا لا يعتمد على ذكائنا بقدر ما يعتمد على غباء الطرف الآخر." إنه غباء الطرف الإسرائيلي بالأحرى، لأن إسرائيل قوية بقوة صغرها، وقوية بقوة محيطها. بتوسعها ستنهار مع أول أزمة قادمة لأمريكا، إذن يجب استقلالها ماديًا وعسكريًا ومن كله عنها، والتفاتها إلى تحالفات مع الدول المحيطة بها أولها دولتنا. نتنياهو: دولتنا لن تنقذ غزة مما هي فيه، بل وإسرائيل كذلك، اسمع لنا قبل فوات الأوان، ولا تكن غبيًا، أم أنك تتغابى؟

خامسًا
أمريكا الآمر الناهي!
الرجاء من كل مواطني دولة غزة ومعان الانتباه جيدًا: هناك سياسات سعودية قطرية إماراتية عراقية أردنية مصرية إسرائيلية –خاصة إسرائيلية- إلى آخره إلى آخره لأمريكا، أمريكا تعطي التوجيهات، وتترك لهذه الدول حرية التصرف في التنفيذ، لتبدو هذه السياسات سياساتها. كل ما يقال عن داعش مثلاً بخصوص السعودية صحيح، عن سوريا، عن الإرهاب إلى آخره إلى آخره، لأن هناك ضوءًا أخضر من البيت الأبيض. أضف إلى ذلك ما تترك أمريكا من فظاعات تجري داخل البلد لا يد لها فيها هذا صحيح، لكن هذه الفظاعات في الداخل تغطي الفظاعات في الخارج، فتكون أمريكا دومًا الكاسبة. لهذا نقول إن ظاهرة الإرهاب –ولنكتف بظاهرة الإرهاب- عابرة، بأمر أمريكي يتوقف كل شيء، وعليه أن يتوقف، لأن قوة أمريكا، وبالتالي العولمة، تكمن في تلحيم دول المنطقة لا في تفتيتها، بقوة الحكم الديمقراطي لهذه الدول ومواءمتها (في كل شيء) العصر تكون قوة أمريكا، وإلا عند حدود 2050، كما قلنا في مشروعنا للتنوير، فستنهار أمريكا، وتتراجع كقوة عظمى، بينما تَقَدُّم دولنا، وأول الدول دولتنا غزة ومعان، نكرر في أذن أوباما دولتنا غزة ومعان همسًا ثم صياحًا يلعن دين! بينما تَقَدُّم دولنا، نعم تَقَدُّم دولنا، سيرفد تَقَدُّم دولنا أمريكا على المدى القريب والبعيد. على البيت الأبيض أن يصغي إلى بلدنا الصغير، عليه أن يتحاور معنا، وأن يعيد النظر في سياسته، سياسة البطاطا التي له: كم الكيلو؟ غالي، رخيص، بطاطا العرب أرخص من بطاطا اليهود، ومع ذلك بطاطا اليهود أحسن!




أسماء السفراء برتبة وزير

العالم العربي:

محمد فهد القحطاني مصر
عبد الله الحامد الجزائر
عبد الكريم يوسف الخضر السودان
عبد الرحمن حامد الحامد جيبوتي
فهد عبد العزيز العريني المغرب
محمد حمد المحيسن اليمن
محمد البجادي سوريا
عيسى حامد الحامد تونس
مهنا محمد خليف الفالح الصومال
سعود أحمد الدغيتر الإمارات العربية
فوزان محسن الحربي ليبيا
سليمان الرشودي لبنان
موسى القرني عُمان
منصور العودة الكويت
أحمد السناني موريتانيا
نادية محمود العراق
سناء بدري السعودية
هيفاء حيدر قطر
دينا سليم البحرين
ياسمين شملاوي جزر القمر
جهاد علاونة الأردن
هويدا صالح فلسطين
أحمد صبحي منصور الجامعة العربية
حسين بن علي العلي التميمي فاتيكان مكة والمدينة

24 سفيرًا


أوروبا وكندا وأمريكا الشمالية وإسرائيل:

عبد الحسين سلمان (جاسم الزبرجاوي) روسيا
ديفيد صعفق الشمري ألمانيا
نعيم إيليا تركيا
أيمن القاسم فرنسا
طلال الربيعي المملكة المتحدة
جان نصار إيطاليا
شتيوي بوخبله إسبانيا
فؤاد قلي أوكرانيا
محماس نجر الليبرالي بولندا
مولوع عبد الكريم رومانيا
سمر المقرن كازاخستان
بلقيس حميد حسن هولندا
طلال حماد بلجيكا
أبو دلامة المهايطي اليونان
مراد مراد التشيك
المصطفى أجماهيري البرتغال
سمر يزبك المجر
حميد كشكولي السويد
عفاف البطاينة أذربيجان
وردة عبد الملك (روائية سعودية) بيلاروس
دانيال عامر النمسا
خالد أبو تيله سويسرا
خيري حمدان بلغاريا
زينب حفني (روائية سعودية) صربيا
مكارم إبراهيم الدنمرك
عادل بخه فنلندا
حسام أبو نوال سلوفاكيا
أحمد أبو مطر النرويج
عتريس المدح إيرلندا
ميسون السويدان (شاعرة كويتية) كرواتيا
انشراح شخلع البوسنة والهرسك
تليلة المهدي (شاعرة قطرية) جورجيا
جمانة حداد (شاعرة لبنانية) مولدوفا
فاطمة قنديل (شاعرة مصرية) أرمينيا
رغدة جمال (شاعرة يمنية) ليتوانيا
مليكة العاصمي (شاعرة مغربية) ألبانيا
وفاء العمراني (شاعرة مغربية) مقدونيا
هيلدا إسماعيل (شاعرة سعودية) سلوفينيا
حنان الأغا (شاعرة فلسطينية) لاتفيا
عبد الحكيم عثمان كوسوفو
علياء ممدوح إستونيا
جواد بولس قبرص
إبراهيم الصوص الجبل الأسود
فاروق إسماعيل لوكسمبورغ
داوود تلحمي مالطا
ليلى العثمان أيسلندا
حنان الشيخ أندورا
سمير نصار موناكو
نوال السعداوي سان مارينو
نجد النعيمي الفاتيكان

قاسم حسن محاجنة إسرائيل

إنصاف حيدر الولايات المتحدة الأمريكية
محمد توفيق المنصوري كندا

ناصر المنصور الاتحاد الأوروبي
أنيسة بن صابر اليونسكو
نافز علوان هيئة الأمم المتحدة نيويورك
وهيب أبو واصل هيئة الأمم المتحدة جنيف


57 سفيرًا


يتبع قائمة السفراء الثانية













الفصل السابع

قائمة السفراء الثانية
تعليمات إلى كافة السفراء

أولاً
معيارا الكفاءة والخبرة كانا حافزنا على اختيار كل السفراء وكل السفيرات، من هنا جاءت كل هذه الفعالية التي تميز فريقنا الدبلوماسي، وعلى عكس ما يجري في كل البلدان العربية، لم تكن المحسوبية من وراء ذلك، ولا الامتيازية، ولا العلاقاتية، وهذا لأول مرة في تاريخ الدبلوماسية العربية، كانت الثقافة والعلم معيارين آخرين تميز بهما سائر سفرائنا وسفيراتنا. أما عن السفيرات فحدث، لأول مرة في تاريخ الدبلوماسية في العالم لدينا هذا الكم الهائل من صاحبات قلم الحمرة، فتلونت دبلوماسيتنا بأقواس قزح وبالذكاء. أضف إلى ذلك أن سفراءنا الرجال تنوعوا في تجارب الحياة، فبعضهم الشاعر وبعضهم العالِم، بعضهم لم يزل معتقلاً وبعضهم كان معتقلاً، بعضهم المؤمن وبعضهم الملحد إن لم نعتبر الإلحاد دينًا ككل الأديان. وعلى أي حال، يبقى الدين الذي يجمعنا "اللادين"، يعني الإنسان الحر، بلا أصفاد، الإنسان على طبيعته. والجِدَّة التي نسبق بها كل العالم، هذه الباقة من السفيرات والسفراء التي اقتطفناها من كل روض، من الأردن وفلسطين وإسرائيل وسائر الدول العربية، سفيرات وسفراء يعيشون في أوطانهم أو في الشتات.

ثانيًا
واجبات كل سفراء دولتنا الناشئة وكل سفيراتها لا تعد ولا تحصى، وفي هذا تختلف دبلوماسيتنا عن غيرها، إنها دبلوماسية مسئولة، دبلوماسية مبدعة، دبلوماسية مِقدامة، المبادرة "الكل الشيئية" في يدها: ثقافيًا واقتصاديًا وتجاريًا وصناعيًا وسياحيًا وزراعيًا واجتماعيًا وبنائيًا وبيئيًا وتربويًا وتعليميًا وحُلميًا ووو... إذن على كافة سفيراتنا وسفرائنا أن يوظفوا حصانتهم لأكثر ما فيه بناء دولتنا ونشر صيتها وطموحها الحضاريين أوسع ما يكون في العالم.

ثالثًا
تنتظر الحكومة من كل سفير وكل سفيرة إعداد ورقة عمل عما يريد عما تريد أن يفعل أن تفعل، خاصة ونحن لم نزل في أول الطريق، أن يقترح كل واحد وكل واحدة أفكارًا تساعدنا على طرح دولة غزة ومعان على المحافل الدولية لأجل اعتراف الدول بها، فنحن، على غير العادة المتبعة، فتحنا السفارة قبل أن نفتح الإمارة، يعني قبل أن يتم الاعتراف بنا. إذن على كل سفير أن يشحذ ذهنه في كيفية فرضنا على العالم، وبدعم الحكومة، أن يجري اتصالات على أعلى المستويات لتحقيق هذا الحلم الصغير الأكبر من كل الأحلام. كذلك تحت جناح وزير الخارجية على كل سفير كل سفيرة تطبيق السياسة الخارجية المتفتحة لدولتنا غزة ومعان، المنفتحة على كل السياسات الخارجية في العالم، وفي حالتنا يُمثل السفير تُمثل السفيرة الحكومة وكل وزير من أفرادها، يُعلم تُعلم الحكومة، يُفاوض تُفاوض باسم الدولة، يَسهر تَسهر على تطوير العلاقات بين دولة غزة ومعان والبلد المعتمد المعتمدة لديه، يَضمن تَضمن مصالح الدولة الغَزية المَعانية ومصالح رعاياها الغَزيين المَعانيين. مهمة خاصة لسفيرينا في إسرائيل والأردن: يجب إفهام السلطات الأردنية أننا مع إبقاء الشمال والجنوب موحدين والتوصل معها إلى صيغة ترضي الطرفين، كذلك يجب إفهام السلطات الإسرائيلية أننا مع تسلم الحكم من حماس فورًا والتوقيع معها على اعتراف متبادل يأخذ بعين الاعتبار السيادة المستقلة للطرفين.

رابعًا
تنظيم الهجرة الإقليمية والدولية مهمة لكافة السفيرات والسفراء، فدولة غزة ومعان واحة للحرية والرخاء، بلا حدود مغلقة، وبلا تنغيصات حياتية وإدارية، شرطنا الوحيد أن تعمل كل دول العالم على مساعدتنا في ذلك عن طريقين: المال والتقنية، فلشق قناة البحرين (البحر الميت والبحر الأبيض المتوسط) سنكون في حاجة إلى عشرات المليارات، وعشرات المليارات الأخرى لبناء مدن بأكملها. كل هذا ليس حُلمًا، كل هذا يمكن تحقيقه، بالإقناع، وبتقاسم الأرباح على المدى البعيد، نحن لا نريد صدقة من أحد، نحن نريد توظيف الرأسمالين العربي والعالمي في كل ما يعود على البشرية من خير.

خامسًا
طموحنا إذن خير البشرية وسلامة أبنائها، هذه الكلمات من أغلاها على أفئدتنا، وما يجري في باريس من فظائع ذهب ضحيتها المئات من الأبرياء الذين نبكيهم مع ذويهم ندينها، ونتساءل ماذا لو كانوا من رعايانا؟ ستكون الكارثة كارثة أمتنا من صغيرها إلى كبيرها، لكننا بالسلم نحمي كبيرنا وصغيرنا، فليكن هذا مبدأنا في الداخل والخارج، في سياستنا الداخلية كالخارجية. نعم بالسلم لا بالحرب، وأفظع الحروب هي التي يكون من ورائها أشخاص خسيسون مستعدون لكل شيء حتى لذبح أبنائهم، وإلقاء المسئولية على عاتق الغير، في سبيل البقاء في الحكم عن طريق ترويع الناس للتصويت مضطرين لهم، عن طريق تسلية الناس بدمهم وإبعادهم عن المشاكل الحقيقية التي تعصف بالمجتمع، عن طريق التلاعب بالعقول للتأثير على النفوس وإذلالها. لأن سياسة الخسة لا تعرف فرقًا بين الدول القمعية والديكتاتورية وبين الدول اللاقمعية واللاديكتاتورية إلا بالاسم، فسلاحُ عقوبة الإعدام العلني –كما يقول وزير داخليتنا عبد الله مطلق القحطاني- كالقتل المدبَّر في المسارح سلاحُها الرئيس في بث الذعر والخوف في نفوس الناس، وما هتف القتلة "الله أكبر" مفارقة كالكثير من المفارقات الدامغة التي تمت فبركتها في قصر الإليزيه، لتغطية معالم الجريمة. داعش لا تنشر أجندتها في أوروبا وتفرضها، بل النظام الغربي تحت غطاء داعش يحاول بالقوة فرض أجندته الخسيسة على شعوبه، وهذا ليس منذ اليوم. كل شيء عندئذ ممكن عبثي في شكله مريب في جوهره، هذا ما لن يكون عندنا في دولة غزة ومعان أبدًا، في فرنسا اليوم يكون، وفي العرق أو سوريا أو مصر وشتى البلدان العربية أمس كان وسيكون غدًا. هذا ما هو دائر اليوم في غزة الخراب، بشكل أفظع، بعد أن عملت حماس على مسخ البشر قيمة نهبية، وتحويل حياتهم إلى جحيم.



أسماء السفراء برتبة وزير

أمريكا الجنوبية:

فهمي جدعان الأرجنتين
إبراهيم القراعين الأوروغواي
سعاد العامري الإكوادور
بسمة قضماني البرازيل
جمال سنيورة باراغواي
المتوكل طه بوليفيا
محمد الجعيدي بيرو
سامي ميخائيل تشيلي
صبحي شحروري سورينام
عبد الناصر صالح غويانا
موسى بوخريص غويانا الفرنسية
عز الدين المناصرة فنزويلا
ليانا بدر كولومبيا
مازن دويكات تييرا دل فويغو
فيصل دراج كوستاريكا
محمود شقير كوبا
باسمة تكروري جمهورية الدومينيكان
جميل السلحوت السلفادور
حسن خضر غواتيمالا
حنان عواد السلفادور
جدعون ليفي المكسيك
صالح أبو لبن نيكاراغوا
عادل الأسطة بنما
إبراهيم جميل حامد بيرو
فاطمة دياب أنتيغوا وباربودا
رياض بيدس بهاماس
نجلاء شهوان باربادوس
أحمد القاسم بليز
وليد الشرفا دومينيكا
محمود أبو الهيجاء غرينادا
محمد حلمي الريشة جامايكا
ميرا عوض سانت لوسيا
أحمد دحبور سانت كيتس ونيفيس
يوسف العيلة ترينيداد وتوباغو
يحيى يخلف سانت فنسنت والغرينادين
هايتي أسعد الأسعد


36 سفيرًا



أفريقيا:

آسيا دولة عبد الهادي أنغولا
نبيه القاسم بنين
محمد درويش عواد بتسوانا
أديب ناصر بوركينا فاسو
عميرة هس بورندي
أسعد العزوني الكاميرون
محمد رفيع الرأس الأخضر
هشام القروي أفريقيا الوسطى
أمل منصور تشاد
نازك ضمرة كوت ديفوار
سلامة كيلة جمهورية الكونغو الديمقراطية
إبراهيم خليل غينيا الاستوائية
أسمهان خلايلة أرتيريا
تيسير عطا لله عدينات إثيوبيا
نزيه أبو نضال غابون
جمال ناجي غينيا
حسن عليّان غينيا بيساو
حيا الرواشدة كينيا
خالد محادين ليسوتو
وليد خالد مساعدة ليبريا
خلود جرادة مدغشقر
فتحي فوراني مالاوي
زياد أبو لبن مالي
سحر خليفة موريشيوس
سمير البرقاوي موزنبيق
سناء أبو شرار ناميبيا
حسين مهنا نيجر
صالح أبو إصبع نيجيريا
عائشة الخواجا الكونغو
عامر عريقات رواندا
عبد المجيد جرادات سانت هيلينا
يونس أبو الهيجاء ساو تومي وبرينسيب
هالة قضماني السنغال
على زيد الكيلاني سيشل
عماد مدانات سيراليون
نبيل درويش جنوب أفريقيا
أدهاد حيمو سوازيلند
فاطمة العبداللات تانزانيا
فخري قعوار توجو
قاسم المجالي أوغندا
ليلى عريقات زامبيا
محمود شاهين زيمبابوي
علي سلام جنوب السودان

43 سفيرًا



آسيا وأستراليا:

رياض هيجر الصين
محمد حافظ يعقوب الهند
مروان البرغوثي إندونيسيا
وليد الفاهوم باكستان
طلال أبو شاويش بنغلاديش
فاروق الناطور اليابان
فادي الشافعي الفلبين
سعيد حسام الطوباسي فيتنام
نادين البدير إيران
وسام عويضة تايلاند
مئير بار آشر (ماكس شليزنجر) بورما
هالة قضماني كوريا الجنوبية
فيصل حوراني ماليزيا
سماح الشيخ أوزبكستان
بشرى أبو شرار نيبال
باسم النبريص أفغانستان
عباس محمد مصطفى السيد كوريا الشمالية
إبراهيم نصر الله تايوان
حسين مهنا سريلانكا
نجوى شمعون كازاخستان
أنس غالب جرادات كمبوديا
فتحية صرصور أذربيجان
أمل مرقص طاجيكستان
جورج زيناتي هونغ كونغ
سيمون عيلوطي لاوس
يسرى الخطيب قيرغيزستان
نجلاء عطا الله تركمانستان
منى أبو شرخ جورجيا
جنان يعيش سنغافورة
جوزيف بشارة أرمينيا
مردخاي زاكين (موطي زاكين) منغوليا
رحاب كنعان تيمور الشرقية
حسين الأسمر بوتان
محمد نفاع ماكاو
جيهان أبو لاشين بروني
رياض مصاروة جزر المالديف

ماجدة منصور أستراليا


37 سفيرًا

الفصل الثامن

الاستفتاء على الدستور

أولاً
والله مللنا، والله كفرنا، والله انفلقنا، والله انفجرنا، نريد التغيير، لكن ليس بأي ثمن، لأن ما يجري اليوم ندفع ثمنه غاليًا، نريد تغيير البنى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بنى منهارة باقية في انهيارها، على انهيارها، تلك التي كنا ندعوها بنى التحرر العربي، وتلك التي كنا -ولم نزل- ندعوها بنى الأنظمة الرجعية، فالأولى كالثانية بنى للتبعية، مصطلح التبعية مذل ومهين، لأنه يلغي كل أحلامنا منذ أجيال وأجيال بالحرية والعدل والتقدم والرخاء والعزة نعم العزة والكرامة، وفجأة نفتح أعيننا على ما نفتقده منذ يوم ولادتنا إلى يوم الدين: إنه مشروع التنوير، مشروع لم يأت من فراغ، جاء به شبابنا الثائر على الأوضاع.

ثانيًا
الثورة الشبابية لم تزل ها هنا، ستفرض التغيير عاجلاً أم آجلاً، بأداة: مشروع التنوير، وبإطار: دولة غزة ومعان، اقتصاديًا على العالم العربي، سياسيًا على أمريكا، اجتماعيًا على الشعوب العربية، هذا ما عنيته بتغيير البنى، مع أخذنا بعين الاعتبار ناحيتين هامتين، الناحية الأولى: نحن لا نريد الانفصال عن الأردن، لا نريد تقسيم الأردن إلى أردنين، شمال وجنوب، لا نريد إسقاط النظام الأردني، إسرائيل تريد، نحن لا نريد، نريد التوصل إلى صيغة نهضوية لجنوب الأردن ينعم بها كل الأردنيين، في وحدة ترابية على شاكلة موناكو في فرنسا، وهونغ كونغ في الصين، وأبو ظبي دبي الشارقة إلى آخره في الإمارات العربية المتحدة. الناحية الثانية: نحن لا نريد الانفصال عن فلسطين، لا نريد غزة وحدها والضفة وحدها، لا نريد غزة في طرف والضفة في طرف، لا نريد الانفراد بالسلطة كما فعلت حماس أو فتح، نريد أن تسلمنا حماس اليوم السلطة في الحال، فالله يعطيها العافية، كفاها، فشلت بتفوق عشرين على عشرين، ونريد أن تسلمنا فتح السلطة غدًا، الله يعطيها العافية هي الأخرى، فشلت بتفوق عشرين على عشرين في كل شيء، ونجحت بشكل عبقري في التنسيق الأمني مع إسرائيل، نحن كذلك لدينا أفذاذ في القمع كسائر بلدان العالم العربي. إذن على فتح أن تسلمنا السلطة غدًا –إحنا مش مستعجلين كتير القمع ما عاد يؤثر في جلدنا- لكن حماس حالاً، لأن "شعوبنا الثلاثة" في غزة والضفة وإسرائيل أجمعت على التغيير كما نرتأي في إطار دولة غزة ومعان، بعد أن تجاوزت شروط المرحلة كلها حل الدولتين، ونحن بمشروع التنوير الذي لنا نرمي إلى تأسيس فكر جديد وفعل جديد، دونهما لن يكون هناك أي أفق كان لحل المسألة الفلسطينية، ولحل المسألة العربية.

ثالثًا
فكر جديد وفعل جديد يؤسسهما جيل جديد مُمَثلاً بكافة الأحزاب، فلا دولة يديرها حزب واحد أو شخص واحد، فالمعارضة أيضًا تديرها على طريقتها، وحسب برامجها، بحزب الورود أولها، بحزب الجاسِمِيِّين، ثم نتابع بحزب الديمقراطيين، ببرنامجه الذي صوتنا له بالآلاف، وتركنا بعيدًا من ورائنا كل الأحزاب المترهلة المتعفنة الفائحة بالرائحة العَطِنة لأصحابها وإيديولوجيا أصحابها، فالمرحلة جديدة، وهي مرحلتنا لا مرحلة المترهلين في رؤوسهم وفي وجوههم، طلائع ربيعنا، شبابية قفزتنا إلى الأمام، قفزة هائلة، لأنها قفزة عازمة مصممة، تقول للعالم الجديد ولكل جديد كن فيكون.

رابعًا
أريد أن يفهم الحكام الإسرائيليون ليس لغبائهم فقط بل ولأنهم غالبًا ما لا يريدون أن يفهموا كالبغل التركي: إسرائيل ليست بمعزل عن الأزمة الاقتصادية في الغرب والعالم، إسرائيل ابنة هذا الغرب، يعني اللي بصير له بصير لها، وبلاش عنتريات! الغرب غارق حتى قمة رأسه في خراه، لهذا نجده يتخبط، يتلعبط، داعش وما داعش، حتى أنه لا يتردد عن قتل أبنائه باسم داعش، كما حصل في باريس، باريس الظلام الدامس، الغرب يعيش أزمته على طريقته، هناك من يقول يدير أزمته، وإدارة أزمته تعني ما فيش مليارات أسلحة وتسليح لإسرائيل، ما فيش مليارات دعم وتدعيم لإسرائيل، فماذا سيجري؟ سينزل الإسرائيليون إلى الشارع، وإن لم ينجحوا، وهم لن ينجحوا، سيشقون طريق الهجرة كغيرهم من المشحرين، فتفرغ إسرائيل من إسرائيل، يعني ستفرغ إسرائيل من أهلها، ولن يعود هناك شيء اسمه إسرائيل. لهذا قلت في أكثر من مكان وأكثر من مرة، إسرائيل الغبية بحكامها لا مستقبل لها، مستقبلها مرتبط بمستقبل دولة صغيرة لكن قوية كدولة غزة ومعان، مستقبل إنسانها، فنحن على رجلنا إسرائيل، وما لا على رجلنا الإنسان أينما كان.

خامسًا
هنالك الكثير من القراء الذين بدأوا يبدلون موقفهم من مشروع دولة غزة ومعان، فكثيرون ظنوا، في البداية، أنني أمزح، أنني أسخر، أنني غير جاد فيما أطرح، للهزل والجد اللذين اتخذتهما أسلوبًا، وفجأة، وجدوا أنني أسعى إلى تأسيس سفارات بالفعل، وهي خطوة متقدمة جدًا على طريق تنفيذ المشروع الأساسي، مشروع الدولة. لا، لم أكن أمزح، لم أكن أسخر، والدليل على ذلك هذه الخطوة الحاسمة التي أريد أن نقطعها معًا، ألا وهي استفتاء الرأي العام بخصوص دستورنا، هذه القوة التأسيسية الهائلة، عماد دولة غزة ومعان، والمستقبل المشرق لحياتنا فيها. لهذا أطلب باسم كل أعضاء حكومتنا التصويت بنعم، وذلك بالضغط على "أعجبني" بالآلاف، بعشرات الآلاف لو أمكن، بهذا التصويت سنضغط على أمريكا والعالم، ونطرق أبواب المحافل الرسمية.




الدستور
يعلن مواطنو دولة غزة ومعان تعلقهم بحقوق الإنسان وبمبادئ سيادتهم الوطنية، واسترشادًا بهذه المبادئ وهذه الحقوق، يقترح مواطنو دولة غزة ومعان على كل عربي يرغب في ذلك، الانضمامَ إلى مؤسسات دولتهم الجديدة المُقَامة على المَثل الأعلى المشترك للحرية والمساواة والأُخُوّة، والمُشَادَة لأجل تطورها الديمقراطي. هذا وتضمن دولة غزة ومعان أمام القانون تساوي كل المواطنين بلا أي تمييز في الأصل أو العرق أو الدين، محترمة كل العقائد، وهي في تنظيمها غير مركزية. قانونها التساوي بين الرجل والمرأة في الترشيح والانتخاب والوظائف الانتخابية، وكذلك في المسئوليات المهنية والاجتماعية.

تسهر حكومة غزة ومعان على احترام الدستور، وتترك لكل فرد من أفرادها الإشراف على عمل الأجهزة العمومية، وكذلك على استمرار الانتماء إلى الوطن الأم الأردن وفلسطين الضامن للاستقلال الوطني، وللتراب الوطني، وللمعاهدات. هذا وتحدد الحكومة وتدير السياسة الملزِمة لكل مواطنيها، لكل وزارة سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية لا سلطة الوزير، والحكومة كضامن لهذه السلطات الثلاث مسئولة أمام البرلمان. يصوّت البرلمان على القوانين، ويراقب عمل الحكومة، وكذلك يقيّم السياسات العمومية لكل وزارة. هذا ويقرر البرلمان القوانين الخاصة بالحقوق المدنية والضمانات الجوهرية المعطاة للمواطنين لممارسة حرياتهم: حرية الحريات الحرية، الحرية العقائدية، التعددية، استقلال وسائل الإعلام، استقلال القضاء، استقلال المؤسسات المدنية عن المؤسسات الدينية، وبالتالي لا يحق إطلاقًا أي تمثيل ديني على كافة الأصعدة التي أولها أصعدة الحكم.

تتفاوض الحكومة مع الوطن الأم الأردن وفلسطين فيما يخص المعاهدات الدولية، وتوقع عليها، وعليها أن تَعلم بكل مفاوضات يجريها أي فرد من أفرادها وأي شريك من شركائها. بينما كل معاهدات السلام، المعاهدات التجارية، المعاهدات السياحية، المعاهدات العلمية، المعاهدات الصناعية، المعاهدات أو الاتفاقات المتعلقة بالتنظيم الدولي، المعاهدات الملزمة لمالية الحكومة في كافة المجالات المجال الاقتصادي أولها، المعاهدات الخاصة بالغرب القائمة على الشراكة لا شيء غير الشراكة، المعاهدات المعدِّلة لقانون من القوانين التشريعية، المعاهدات المتعلقة بوضع الأشخاص، المعاهدات الخاصة بتنقلهم، المعاهدات المحتوية على انفصال غزة عن معان أو العكس، تبادل الأراضي أو ضمها، لا يمكن التوقيع عليها أو قبولها إلا بموجب قانون، ولن تكون سارية المفعول إلا إذا وقّعت الحكومة عليها. كما وأن لا انفصال عن الوطن الأم، والحالة هذه الأردن وفلسطين، برضاء أو بلا رضاء سكان الدولة الفتية.

تتشكل حكومة دولة غزة ومعان من أعضاء يرشحهم حزب الأغلبية لخمس سنوات انتخابية، يضاف إليهم أعضاء من المعارضة إذا ما دعت الضرورة إلى ذلك، يَنتخب أفرادها رئيسًا للدولة منهم يكون رئيسًا ووزيرًا في نفس الوقت، وتكون لكل رئيس فترتان انتخابيتان غير قابلتين للتجديد، كما وتسهر الحكومة على الانتخابات النزيهة. ومن مهمة الحكومة الإشراف على التخطيط في كافة المجالات التعليم أولها، واستغلال أفضل طرق التطوير الأبحاث أولها، كذلك فحص كل القوانين قبل إصدارها بعين الدستور. إنها الضامن لاستقلال السلطة القضائية، يُعِينُها مجلس العدالة، لا أحد يُعتقل بشكل تعسفي، فالسلطة القضائية حارسة للحرية الفردية، ولا أحد يدان بالموت. من ناحية أخرى، يحاكَم أعضاء الحكومة عن أفعال تتجاوز مسئولياتهم أيةً كانت، وكل شخص يشعر بسوء المعاملة من لدن أي عضو بإمكانه أن يقاضيه. ترافق الحكومة كل ما يتعلق بالتغيير الاجتماعي والحقوقي كالطاقي والجغرافي، الطاقي ببناء مفاعل نووي سلمي، والجغرافي بشق قناة البحرين، البحر الميت والبحر الأبيض المتوسط، وتسهر على تنفيذ هذين المشروعين الوطنيين سهرها على احترام الحقوق والحريات من طرف الإدارات والمؤسسات والتنظيمات في كل الوزارات.

دولة غزة ومعان هي بطبيعة الحال مدنها ومناطقها وبلدياتها وأناسها المجردون من كل مرجعية طائفية أو عرقية أو إثنية أو طبقية أو عائلية أو ثقافية، باختصار مواطنوها، وعليهم أن يتخذوا قراراتهم عن طريق التمثيل الديمقراطي للجميع، فيديرون أنفسهم بأنفسهم، بكل حرية، وبالكفاءة التي تؤهلهم لذلك، لا وصاية لأحد على أحد، إلا في حالة التعاضد، وبالقدر الذي يسمح به القانون. وعلى كل عضو من أعضاء الحكومة مهمة الحفاظ على المصالح الوطنية، وتحرير الإنسان من أغلاله الروحية والمادية أولها سلاسل التخلف والغيبيات، ممهدًا له الدخول من الأبواب الواسعة للعصر الحديث، فيقوم بدور المراقبة، بلا أي نوع كان من التعالي الإجبار الاستبداد التهديد الترغيب أو الترهيب، ويعمل على احترام القوانين.

باريس الأحد 2015.11.15






























لكن أهم ما في فكرة الدولة هو إمكانية تحقيقها وممارستها في الحياة اليومية لكلٍ منا... الحلم بدولة الإنسان التي تحفظ كرامة الإنسان، هو حلم يراود الأذهان، وسوف يحققه المضطهدون والمقموعون ...

قاسم حسن محاجنة

ورغم أن أمر دولة غزة معان يبدو كما الحلم إلا أن تداوله يساعد على تعميق التفاعل والوعي حول هذه الأفكار التي تطمح الى الخروج من سيطرة قوى التخلف وعزلها وإلى تعزيز وإعلاء شأن الانسان كإنسان وليس كغول متوحش يسعى الى أنانيته على حساب الباقين.


عتريس المدح

يا سادتي... لِمَ نخاف الحلم!!! هل عقلياتنا ترفض الحلم؟؟ ألم نطير بالطائرة لأن أحدهم حلم حلمًا؟؟
ألم يغزو العلم الفضاء بفضل هؤلاء الحالمين؟؟ ألم يكتشف الحالمون الأدوية والعمليات الصعبة المعقدة لأنهم حلموا بأن يخففوا عذابات البشر؟؟؟
ألم...ألم؟ نشرح؟؟
احترامي سعادة سفيرنا المنتظر... دعنا نحلم فالإعجازات العلمية... ابتدأت بحلم... حالم.


ماجدة منصور

الآن لدينا كل شيء حكومة ووزراء وسفراء لكن تنقصنا الأرض...
الشعب الفلسطيني عبر عن دروس هامة...
اليوم هو قادر على جعل دولته من أرقى الدول، ليس العربية فحسب، بل ضمن أفضل دول العالم... وليس أقل من إسرائيل...
إذن دولتنا التي بنى فكرتها أفنان تحتاج أولا الى أرض...


نبيل عودة

في ختامها أعلن رفضي التام والقاطع لمنصب وزير الأوقاف لأن ذلك سيجعلني من الموالين والاتفاق كان آن أكون من المعارضة وأمارس معارضتي بشدة.


عبد الرضا حمد جاسم



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عساكر النص الكامل
- فندق شارون النص الكامل
- هذه هي حقائق أحداث باريس
- الاستفتاء على الدستور
- مدام ميرابيل النص الكامل
- قائمة السفراء الثانية + تعليمات إلى كافة السفراء
- قائمة السفراء الأولى + رسائل من حكومة غزة ومعان
- تشكيل الحكومة الانتقالية
- تأسيس حزب الديمقراطيين
- أريد اقتسام الأردن مع إسرائيل
- يا أمريكا أريد أن أكون خليفة!
- أبو بكر الآشي النص الكامل
- إني أحذّر!
- مقارنات عاجلة بين رائف بدوي وعبد الله مطلق القحطاني
- مليار دولار صدقة لله يا محسنين!
- العصافير لا تموت من الجليد النص الكامل
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الثالث الفصل السابع والأخير
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الثالث الفصل السادس
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الثالث الفصل الخامس
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الثالث الفصل الرابع


المزيد.....




- سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص ...
- السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
- النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا ...
- لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت ...
- فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
- -حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م ...
- -الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في ...
- -حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد ...
- اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا ...
- روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أفنان القاسم - المشروعان مشروع التنوير ومشروع الدولة