خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4991 - 2015 / 11 / 20 - 17:44
المحور:
الادب والفن
ليلة عيد الميلاد .....قصة
*******************
استسلم للنوم ، فقد أجهد اليوم نفسه كثيرا على غير العادة في عمله. فابنته الصغيرة التي يحبها كثيرا ستخلد غدا ذكرى ميلادها ، وهي جعلته كالآخرين عيدا . وهو يعلم ان الأعياد في حياته قليلة جدا . فما يسمونه بالأعياد الدينية ، أصبح كالكثيرين كلما اقتربت داخله انقباض رهيب وداهمته وساويس وأسئلة كبيرة . الى درجة يضطر معها الى الاستدانة من بعض أصحابه او من الشركة التي يشتغل بها ما يرهق كاهله . وهو الرجل الذي لايعول الا على مدخوله الشهري .
اما الأعياد الوطنية فهي ايام لا مذاق لها ولا لون ، هو يدرك بالبداهة أن هذه الأعياد تكريس لعبودية جديدة ، كان في عهد سابق يستفيد منها أعوان السلطة ورجال السلطة ، اما هو وأمثاله من الناس فقد كانوا يصطفون في حشود كمساجين يتابعون أسيادهم وهم يستلذون بشيئ لا يفهمه ، لكنه يعلم في قرارة نفسه ان هذا الشيئ لايخرج عن علاقة السيد بالعبد .
اليوم فقط استطاع أن يفجر في نفسه احساسا بمشاركة ابنته التي بلغت من العمر أحد عشر سنة ، وهي أصغر اولاده وبناته . احساس لم يذقه طول حياته الستين . كانت نعيمة منذ أسبوع تكاد تطير من الفرح ، فقد وعدها أبوها بعد رجاء طفولي لذيذ ، وبعدما اجتمع عليه كل أبنائه وزوجته يرجونه ويستعطفونه للاحتفال بعيد ميلاد نعيمة . فبقية الأبناء يريدون ان يسنوا عادة لم تكن تروج في عائلتهم ، وهم يطمعون ان يخلد أبوهم ذكرى ميلادهم واحدا واحدا .
لقد قرأ في اعينهم لهفتهم العادلة هاته ، لكن أحدا من ابنائه لم يقرأ تحسره واحساسه بالغبن والاستصغار ، وهو يطالع قيمة ما قد ينفقه في الاحتفال بذكرى عيد ميلاد كل فرد من ابنائه .
وحدها موي فاطنة التي أحست بقوة الضغط الذي تعرض له زوجها . لذلك حاولت بكل الوسائل استدراجه لليلة جنسية ، يعيد فيها شبابه ويفرغ غضبه، لكنه امتنع بعلة فقدانه للشهية الجنسية ، فمجرد التفكير في تخصيص يوم احتفالي بعيد مولد أبنائه ، كل على حدة كان كافيا ليعترف بانهزامه الكلي مع نفسه ويشل كل قدراته. فهو عليه ان يجهد نفسه في العمل ساعات اضافية لما يقرب من أسبوع لتوفير بعض الأموال التي تلزمه لتحقيق أمنية آخر العنقود ؛ جميلة التي يملأ قلبه حبها .
منذ أسبوع وهو يشتغل فوق طاقته لتوفير ما يمكن توفيره ، ساعات اضافية ، وتفكير في تلبية رغبات أبنائه التي كانت تتلألأ في أعينهم وهو يعد جميلة بتحقيق طلبها ، ويرضخ لاصرارهم .
مرت أكثر من ربع ساعة على آذان العشاء ، وهي شعيرة كان يؤديها في مسجد الحي . لكن زوجته تفطنت بحدسها أن زوجها لم يستفق بعد ، ولم يتوضأ . احست بشيئ يهجم على قلبها ، هرولت اليه من المطبخ .
"سي احمد " سي أحمد . لكن سي أحمد لم يجب ، حركته ، ثم حركته . جثته لم تستجب لها صرخت بأعلى صوتها ، مات سي أحمد .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟