سليمان جبران
الحوار المتمدن-العدد: 4991 - 2015 / 11 / 20 - 11:36
المحور:
الادب والفن
سليمان جبران: غسلا للعار ؟!!
في كلّ مرّة أسمع أو أقرأ عن جرائم ترتكب في مجتمعاتنا بحقّ المرأة، أمّا أو زوجة أو أختا، تعود بي الذاكرة إلى القصيدة الرائعة للشاعرة العراقيّة، نازك الملائكة. قصيدتها المسمّاة "غسلا للعار" !
في الماضي كنت عضوا في وضع منهاج الأدب العربي للمدرسة الثانويّة. اقترحت ضمّ القصيدة المذكورة إلى منهج الأدب، ولم تكن في اللجنة معارضة. لكنّي اليوم أسأل بعض التلاميذ حولي فلا يعرفون القصيدة المذكورة.
سألت فتبيّن لي أنّ القصيدة المذكورة ما زالت مدرجة في منهج الأدب، إلا أنّها قصيدة اختياريّة، يعلّمها معلّم العربيّة لتلاميذه أو يعلّم قصيدة أخرى بديلة. ما دامت "اختياريّة" فما الداعي إلى دخول حقل ألغام طوعا واختيارا؟
كانت نازك الملائكة ( 1923 – 2007)، في أوّل طلعتها ، بعد تخرّجها من "مدرسة المعلّمين العالية"مباشرة، شاعرة ثائرة اجتماعيّا وشعريّا ! وإذ نسمع ونقرأ عن الجرائم المتلاحقة في مجتمعنا ضدّ المرأة، نعود بالذاكرة دائما إلى قصيدتها الرائعة تلك. لا أرغب هنا في تناول هذه الجرائم بأبعادها الاجتماعيّة والفكريّة. أريد فقط التذكير بقصيدة الملائكة لمن قرأها ونسيها، أوتعريف من لم يقرأها بها. وذكّر إن نفعت الذكرى..
نازك الملائكة: غسلا للعار !
"أمّاهُ"، وحشرجة ودموع وسوادُ
وانبجس الدمُ واختلج الجسم المطعون
والشعر المتموّجُ عشّش فيه الطين
"أمّاهُ".. ولم يسمعها إلا الجلادُ
وغدا سيجيء الفجرُ وتصحو الأورادُ
والعشرون تنادي والأملُ المفتونْ
فتجيبُ المرجةُ والأزهارْ
رحلت عنّا غسلا للعار !
ويعود الجلادُ الوحشيّ ويلقى الناسْ
"العارُ"، ويمسحُ مديته، "مزّقنا العارْ
ورجعنا فضلاء بيض السمعة أحرارْ
يا ربّ الحانةِ أين الخمر وأين الكاسْ
نادِ الغانية الكسلى العاطرة الأنفاسْ
أفدي عينيها بالقرآن وبالأقدارْ"
املأ كاساتك يا جزّارْ
وعلى المقتولة غسلّ العارْ!
وسيأتي الفجرُ، وتسأل عنها الفتياتُ
"أين تراها؟" فيردّ الوحش "قتلناها
وصمة عار في جبهتنا وغسلناها"
وستحكي قصّتها السوداء الجاراتُ
وترويها في الحارة حتى النخلاتُ
حتى الأبوابُ الخشبيّة لن تنساها
وستهمسها حتى الأشجارْ
غسلا للعار.. غسلا للعار
يا جارات الحارة، يا فتيات القريه
الخبز سنعجنه بدموع مآقينا
سنقصّ جدائلنا، وسنسلخ أيدينا
لتظلّ ثيابهمُ بيض اللون نقيّه
لا بسمة، لا فرحة، لا لفتة، فالمديه
ترقبنا في قبضة والدنا وأخينا
وغدأ من يدري أيّ قفارْ
ستوارينا غسلا للعار ؟!
[email protected]
#سليمان_جبران (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟