|
بوخالفة نور الهدى ضد التقليد الأعمى في الكتابة التاريخية
طوبال فاطمة الزهراء
الحوار المتمدن-العدد: 4990 - 2015 / 11 / 19 - 00:31
المحور:
سيرة ذاتية
انتهجت بوخالفة منهج التجديد في الكتابة التاريخية، وتابعت الاعمال الإصلاحية التي انطلقت من مدارس تاريخية جديدة. فأحدثت قطيعة ابيستمولوجيَّة مع الاتِّجاهات السابقة في الكتابة التاريخية، فقد عملت على تَجاوز التاريخ الحدثي، ودعَت إلى تاريخ إشْكالي يقرُّ بأهمية العوامل التركيبيَّة في دراسة التاريخ. وكانت محاضراتها القيمة التي كنا نصغي إليها دائما تحمل طابع التجديد من الناحية المنهجية وتقنية كتابة البحث العلمي. وقد نوهت بوخالفة في محاضراتها التي كانت تلقيها أمامنا، بتمثلات المؤرخين المشارقة لنظام الحكم (شورى-وراثي-سلطة مطلقة) وببنية الخطاب التاريخي الذي اتخذ عدة أوجه ففككت هذا الخطاب إلى إسلامي وقومي وعقائدي و وطني و إصلاحي وكانت تقول بأن تفسير الاحداث التاريخية عن طريق تفكيك البنية والمكونات وكذا شروط إنتاج هذا الخطاب فتح للدارسين النهج الصحيح في التأليف التاريخي على مستوى العالم ككل. وهكذا، فبوخالفة نور الهدى كانت كالشعلة التي بثت في الجامعة الجزائرية ثورتها الثقافية، تلك الثورة التي مكنت العديد من الطلبة التخلص من قيود النقل والتناقل في إعداد البحث التاريخي كما مكنتهم من متابعة التَّفاصيل الدقيقة للموضوع الذي يتحدَّثون عنه. وكانت المهام الموكلة إليها بتدريس تاريخ العرب وكذا مقياس الإسطوغرافيا المشرقية بجامعة وهران من المهام الشاقة الكبرى. خاصة بعد توليها مسؤولية إدارة تسيير مشروع ماستر الإسطوغرافيا المغاربية والذي مفاده تقديم معارف وأدوات تمكن الطالب الجامعي من استجلاء (الإحاطة) بالمؤسسات والمشروعات السياسية والإيديولوجية التي تؤطر التأليف التاريخي بالجزائر وبلاد المغرب قديما وحديثا. وتقول بأن فكرة إنشاء هذا المشروع الذي لم يتأسس إلا بجامعة وهران منذ2012 أخذ في الحقيقة يبرز ليقدم مجموعة من المقاييس تدرس هذا العلم " التأليف التاريخي" دراسة نقدية موسعة لنشأة علم الإسطوغرافيا والمدارس والتيارات الفكرية المختلفة التي أسهمت في بلورة مفاهيمه ومنهجياته. وتركز أغلبية المحاضرات التي قدمتها الأستاذة بوخالفة نور الهدى على تطور مجموعة معينة من موضوعات الإسطوغرافيا عبر الزمن، إذ يشير مقياس " الإسطوغرافيا المشرقية " الذي كانت تشرف عليه إلى أن الدراسة في هذا المجال في غاية الأهمية، لا لفهم الجماعات والمجتمعات فحسب، بل لاستيعاب ما يدور حولنا وفهم علاقات القوى، ضمن جماعات ومجتمعات معينة، فالتأليف التاريخي هو في غاية الأهمية ويستحيل فهم الحياة الاجتماعية والإنسانية ما لم نفهم العوامل المختلفة كلها المحيطة بهذا المجال. وقد تحدد موقفها آنذاك، برفضها للأفكار التقليدية التي كان يدعو إليها غالبية المدرسين في التاريخ والذين أفقدتهم ذاتيتهم المغرورة الجانب الروحي في الإخلاص للتاريخ بتقليد الكتابات السابقة تقليدا أعمى فرفضت موقف الجامدين الذين يتجهون إلى قراءة النصوص التاريخية بعيون لاتبصر. إن هؤلاء الذين أتحدث عنهم مهما كان تقديري واحترامي لهم، فمن الخطورة بمكان أن يعتقدون بأن عجلة الكتابة التاريخية المبدعة توقفت عندهم وانتهت مع تخرجهم بدرجات عليا من الدكتورالية والأستاذية والتأهيل الجامعي. تلك هي الظروف التي جعلت الأستاذة بوخالفة تدعو إلى محاربة التقليد الأعمى في الكتابة التاريخية فاهتمت من خلال محاضراتها القيمة بفهم العلاقة بين العوامل "الاجتماعية"، "الثقافية"، عند دراسة التاريخ، موضحة مساهمات المؤرخين التي تركز على العوامل الاجتماعية والثقافية عند دراسة المسائل التاريخية. فهي مساهمات فريدة من نوعها، حيث إن بعض المناهج الأخرى التي تدرس التاريخ، مثل النقد الإعلامي والفلسفة و الإقتصاد ، لا تركز على هذه العوامل، وبذلك ساهمت أستاذتنا في التركيز على جانب تجاهلته أو قللت من شأنه التخصصات الأخرى.. حيث عالجت الطرق العلمية في فهم الحادثة التاريخية كعلم الاحياء، وعلم الأجناس البشرية، وعلم النفس، وعلم الاجتماع. كذلك والاقتصاد، والسياسة، والقانون والأخلاق، وما يتصل بذلك من منهجيات وتقنيات.. محاضرات الأستاذة بوخالفة صبت كلها في الحديث عن الخروج من دائرة التاريخ الضيق للتأسيس لعلم يدرس حقل التاريخ بوجهه الثقافي،والإجتماعي والإقتصادي والسياسي فلا يمكن فهم القضايا والنقاشات والخلافات المعاصرة عند دراسة الأحداث التاريخية ما لم تؤخذ بالاعتبار المساهمات التي قدمها المؤرخون، في القرون السابقة.. فمعظم الكتابات الحديثة، ما هي إلا امتداد أو تحسين، أو إعادة صياغة، أو نبذ لفرضيات وأفكار صاغها. الكلاسيكيون بغية صياغة منهج إسطوغرافي متميز. فاهتمت بتحديث المعالم الرئيسة للمقياس، ودراسة نقاط قوته وضعفه خصوصا، في ضوء المعايير الثلاثة، وهي العلاقة بين: "النظرية" و"البيانات" وعلاقة "البنية التاريخية"، و"الفعل التاريخي"، وعلاقة "الثقافة"، و"المجتمع".عن طريق تقويم أعمال المؤرخين والسوسيولوجيين "الكلاسكيين" .
#طوبال_فاطمة_الزهراء (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسار نشاطات الأستاذة بوخالفة نور الهدى العلمية
-
تجار المزاد
-
كيف أكسر جدار الصمت
-
أتوق لموت تزورني
-
هجرة هادينا مفخرة دروبنا
-
لقد خيبت ظني الشبهات
-
التصحيح النموذجي لإمتحان شهادة التعليم المتوسط الجزائرية في
...
-
بعدما تحملت النفوس الكبيرة الآلام الكبيرة.......فهل يتحمل ال
...
-
الإبتلاء العظيم
-
في قبو الاغتراب
-
بعدما تحملت النفوس الكبيرة الآلام الكبيرة ........فهل يتحمل
...
-
في المدينة البربرية
-
لماذا يظلم الإنسان؟
-
فلسفة الإغتراب
-
شكرا فريقنا الوطني
المزيد.....
-
مصدر سعودي: الرياض حذرت ألمانيا 3 مرات من المشتبه به في هجوم
...
-
تفاصيل جديدة عن هجوم الدهس في ألمانيا.. هذا ما رصدته كاميرا
...
-
طبيب ولاجئ وملحد.. من هو السعودي المشتبه به تنفيذ هجوم الدهس
...
-
ارتفاع حصيلة هجوم ماغديبورغ وشولتس يتعهد -بعدم الرضوخ للكراه
...
-
وزير الخارجية التركي لا يستبعد نشوب صراع بين إسرائيل وإيران
...
-
زاخاروفا: صمت الغرب عن الهجمات الأوكرانية على قازان مثير للغ
...
-
جائزة خالد الخطيب الدولية لعام 2024
-
سعودي ومعاد للإسلام... ما نعرفه عن منفذ الهجوم على سوق لعيد
...
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|