|
آلة الاستبداد ولذة المواجهة (شهادة ذاتية)
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4989 - 2015 / 11 / 18 - 17:39
المحور:
الادب والفن
آلة الاستبداد ولذة المواجهة (شهادة ذاتية)
أهددكم بأعظم سلاح أمتلكه - إنه الكلمة (أحدهم)
"هل يستطيع أي كاتب أن يقدم - بلا حرج - شهادة عن معاناته تجاه أية سلطة استبدادية؟"، هكذا رحت أسأل نفسي، وأنا أهمّ الكتابة في هذا المجال، وذلك بعد أن ترددت طويلاً أمام هذه المهمة الحساسة*، لأن في مقدور الكاتب ذي الموقف المبدئي - أياً كان - تشريح آلة الاستبداد، بل وتوصيف مكابدات سواه في مواجهتها، بيد أنه قد لا يفلح في كتابة تفاصيل ما جرى ويجري له، لدواع عديدة، وإن كانت للشهادات الذاتية في مثل هذا المقام أهميتها الكبرى كوثائق حية من قبل شهود العيان الذين دفعوا ويدفعون ضريبتهم على نحو باهظ، وفق وتيرة وعيهم للحظة الزمنية، وترجمتهم لها، من دون الاكتراث بما سيترتب عليهم لقاء ذلك. وما دام أمر الشهادة، في هذا المقام، غير خاص، في نهاية الأمر، وله جوانب كثيرة، أبرزها ما هو توثيقي، لا بد منه، لا سيما عندما يتعلق الأمر بنظام دكتاتوري دموي، كما النظام السوري، وأن ما كان يسجله عليه بعض أصحاب الأصوات النظيفة، من مثقفين، وعامة، ومؤسسات، لم يكن تجديفاً أو تجنياً من لدنهم، ولا نتاج مؤامرة على هذا النظام، بل مجرد مقاربات نقدية، متفاوتة، بهذا القدر أو ذاك، فإنه لمن اللازم أن يبادر كل من اكتوى بألهبة نيران السلطة، إن عبر الأذى المعنوي، أو الفعلي، بتسجيل ما تعرض له، كخطوط عريضة، أو كتفاصيل، بحسب الفضاء المتاح، لأن هذه الكتابة، تحيل في التالي، إلى معاناة مدفوعة الثمن، من قبل صاحبها، على حساب حريته، وأمنه، وراحته، ناهيك عن أنها ترتبت عليه نتيجة رفضه، ضمن ما هو متاح، للواقع العام، على أيدي زبانية النظام. ومؤكد، أن حياة كل فرد سوري، لا ينتمي إلى بطانة النظام، أو الساكتين - تواطؤاً - على اضطهاده المبرمج لمواطنه، وشذوذه، ليست إلا مساحة من المعاناة تحت سطوة رحى آلة القمع السلطوي، فإن هذه المعاناة أشبه بشريط فيلم سينمائي، مليء بتفاصيل القهر الذي يتعرض له، ليس في الشارع، أو المدرسة، أو مكان الوظيفة، أو المؤسسة – فحسب - بل وحتى في بيته، وفي غرفة نومه، وفي يقظته وغفوته، لأن كابوس حالة الرعب يلاحقه أنى حل، وكيفما كان، فلا مناص منه، وهو كابوس ناجم عن أشكال العسف التي يشهدها، بأم عينيه، مع فنجان قهوته، أو جريدته الصباحية، أو جرعة نشرة الأخبار التي يتلقاها، عبر جهاز الترانزيستور أو التلفزيون، وحتى لحظة انهداده، الطبيعي، وخلوده إلى النوم المخترق بأشكال القلق والرعب. كل هذا الإرث من المكابدة تحت نير رحى النظام، يجعل أية محاولة لرصد كل فرد خارج لجة ما عاناه، عبر الشريط الزمني لحياته، منذ لحظة وعيه، وحتى اللحظة الحاضرة، أشبه بالمعجزة، لأن في ذهن كل منا آلاف المواقف التي يمكن تناولها، في هذا الجانب، بل أن من بينها آلاف المواقف المريرة التي يستحق كل منها أن يكتب في مجلدات كاملة، من دون أن تعطى حقها، لأن لا شيء أعظم من الألم البشري، لا سيما عندما يتم ذلك على يدي ممتلك للسلطة، قوي، همجي، قمعي، يعاني من فصام في خطابه، إذ يتخذ من الشعار القيميّ وسيلة لممارسة المزيد من القمع، من أجل ترسيخ شوكته، وديمومة مصالحه، وكرسيه. من هنا، فإن أياً منا، لا بد له، وهو يدلي بشهادته، بهذا الخصوص، من أن يعتمد على سمة الاصطفاء، عندما لا يسمح له طابع وعاء نشر الشهادة، بالاسترسال، عسى أن يتمكن من توثيق ما يتعلق به، بطريقة أشمل، في مدونة خاصة، وإن كانت كل مدونة شخصية - مهما كانت واسعة - ليست سوى مجرد حالة، من مدونة أكبر، هي مدونة بلد، وأربعة وعشرين مليون سوري، لم ينج أحد منهم من شرور النظام، حتى بالنسبة إلى هؤلاء الذين تطوعوا في الذود عنه، إذ أنهم يدفعون الآن، ثمن قربهم الافتراضي أو الواقعي من بؤرته، أو هؤلاء الذين لم يكونوا راضين في قراراتهم عنه، لهذا السبب أو ذاك، فوجدوا أنفسهم - على حين انزلاقةٍ - في أحضانه، أو تحديداً مجرد وقود مجاني للذود عنه. في حياتي الشخصية - كما ملايين السوريين - الكثير من صور القهر العظمى التي رأيتها بأم عيني، بل عانيتها، لا سيما أنني ولدت في بيئة كردية، مهمَّشة من قبل النظام، لا يرى في مناطقها إلا مجرد بقرة حلوب، يمضي مردود نفطها إلى جيوبه - الآمنة - ويحضرني هنا ما أجاب به حافظ الأسد ذات يوم على الراحل خالد بكداش، عندما سأله: أين يذهب ريع النفط السوري؟ قائلاً: إنه في أيد أمينة، وتبين لنا، عندما كبرنا أن ريع النفط السوري لم يكن يدرج في حسابات موازنة البلاد - وما دمت أتحدث هنا - ولو استرسالاً - عن النفط الذي اكتشف في سوريا، لأول مرة في منطقة "الرميلان"، فإن خوضي لأول مسابقة وظيفية على أمل العمل في هذه الحقول، في نهاية سبعينيات القرن الماضي، كان صاعقة بالنسبة إلي، حيث لم أقبل فيها، وكان أكثر الموظفين المقبولين، من أبناء المحافظات السورية الأخرى، بينما كانت آبار النفط تلوث منطقة الجزيرة، برمتها، ما أدى إلى انتشار الأوبئة والأمراض، في هذا المكان، وعلى رأس قائمتها: صنوف أمراض السرطان والكبد إلخ، بل أن أكثر من بئر نفطي يتغذى من أعماق قطعة أرض لنا، صارت في أيدي الغرباء، داخل سوريا - اليوم - وخارجها، أي في ما يسمى بـ"تركيا"، من دون أن يكون لأسرتي منها مجرد دونم ملكية واحد، أو حتى شبر واحد من الهكتارات الكثيرة التي نمتلك "سنداتها" "كمبيالاتها" العثمانية!
تجزيء المكابدات يخطر لي، وأنا أحاول تشكيل مداخل إلى معاناتي الشخصية على أيدي أجهزة أمن النظام السوري، وعيونهم من كتبة التقارير، من خلال تبويب بعض المحطات الشخصية البارزة، في هذه المعاناة، أن أي تفكيك لهذه المعاناة، أشبه بمحاولة تفريغ سماء كاملة على طاولة مجردة، وأنه تواطؤ ضد ألم مكثف، ومحاولة للتآمر عليه، باعتبار أن ألم المعاناة على أيدي السلطة، كأقوى أداة تعذيب نفسي، لا يمكن تفكيكه إلى عناصره الأولية، لأنه حالة لا يمكن مقاربتها - فعلياً - بغية التنطع لتوصيفها - كما يخيل إلي - إلا عبر عمل إبداعي، ورغم ذلك، فإنني لم أجد بداً من هذه المداخل التي كلما أوردت واحدة منها، انفتحت، في وجهي، غيرها، في دوامة تكاد لا تنتهي.
مدخل أول: حوارات 1987
- أثناء إبعادي عن التعليم الثانوي قلت لموجه اللغة العربية المباشر، وكان اسمه: رشيد الذيب: لم فعلتم بي ذلك؟ قال: "لقد قرأت في جريدة تشرين ما كتبته أنت وفلان عن النوروز! " وكنت كتبت في نص أدبي كلمة نوروز على نحو عابر فحسب - نائب مدير التربية وأتصور أن اسمه "مطانيوس خوري - أبو رامي" قلت له عندما راجعته بعد إبعادي عن التعليم الثانوي 1987: يبدو هناك تقرير كيدي ضدي، رد علي بعفوية: "يا رجل، ليس تقريراً واحداً بل هناك ثمانون تقريراً كتبت ضدك" - مدير التربية عبدالقادر خلف البرخو استكثر علي أن أقول له أثناء نزوله عبر "درج" دائرته: "يفترض أن تقفوا إلى جانبي" فرد: "كيف تقول - أنت – لنا "يفترض" عليكم..." فكان لي ردي المناسب عليه. - نقابة المعلمين طلبت مني أن أتقدم لها بكتاب، أشرح لها ما حدث معي، كي تقف إلى جانبي، ولا أزال بانتظار الرد. - اتحاد الصحفيين الذي كنت عضواً فيه لم يبال بالأمر. - عن طريق ممثل الحزب الشيوعي السوري في الإدارة المحلية - نوري فرحان - التقينا أمين فرع الحسكة، فتبين لي أنه على إطلاع بما جرى لي، وكان من جملة ردوده: "أنت تقول وجه حبيبتي خريطة. لم لا تقول وجه حبيبتي وردة؟ أنت تقصد كردستان"، قلت له وكان عدد من رجال الدين المسيحي جالسين في مكتبه: "إن صرتَ شاعراً، فاكتب ذلك، أما أنا فأكتب ما أريد" وانصرفنا من مكتبه... أنا ورفيقي الحزبي. نائب وزير التربية رد علي حين شرحت ما تعرضت له: اشك لي أبك لك.
مدخل ثان: حوارات 2006
بعد قرار نقلي إلى تربسبي راجعت اتحاد الكتاب العرب الذي كان يرأسه حسين جمعة، شرحت له ما حدث لي، فقال: "إن كان الأمر بسبب نقدك للنظام، فأنا أيضاً ضدك"!
لا لحافظ الأسد! لا تزال صورة أبي ماثلة في عيني، وهو يعد حقيبة ملابسه على جناح السرعة، ليحتل مقعداً في باص قريتنا "تل أفندي" متوجهاً إلى عامودا، ليذهب من هناك إلى بلدة "تل معروف" - بلدة المشايخ الخزنويين - وليغيب في اليوم التالي، عن القرية في فترة انتخابات حافظ الأسد، ويتملص من الإدلاء بصوته. وحدث أننا صحونا في صباح اليوم التالي، لنجد "باصاً" مزيناً بالأعلام، يرافقه بعض الذين سمعت عن طريقهم - الهتافات - لأول مرة، في قرية ظلت نظيفة من هذه المظاهر، قد أرسل من مخفر تل بيدر - المركز الانتخابي - لجلب أهل القرية للإدلاء بأصواتهم لانتخاب الرئيس. بعد أسبوعين، أو أكثر، عندما عاد أبي، سألته - وكنت في الصف الثالث أو الرابع الابتدائي - بروحي الطفلة، المشاغبة، الثرثارة: "بابا كيف أصبح حافظ الأسد رئيساً؟ حيث صار اسمه يردد على كل الشفاه" وواصلت أسئلتي: "هل لأنه كبير في السن، أم لأن عقله كبير؟" فرد علي: "أنا أكبر منه سناً، وهو رجل عادي كأي شخص". موقف أبي ذاك، أو حكايته تلك، وهاتان العبارتان وسواهما من المواقف المماثلة ظلت راسخة في مخيلتي، كلما رحت أفكر بكيفية "تشكل السلطة" بل صارت مفتاحاً أولياً من قبلي لفهم آلية الاستبداد الذي أكرس نفسي لمناوأته، وفق فهمي، ومقدراتي، وتبعاً لأدوات كل مرحلة.
في مشفى الأسد الجامعي: لحظة صدق عالية التوتر بعد أن تأكد الطبيب الذي توسط لي في صيف العام 1999 بتأمين موعد لإجراء عملية استئصال المرارة لي في مشفى الأسد الجامعي في دمشق أن لا أحد في الغرفة معي، سوى مرافقي، وهو ابن عمي المعيد الجامعي - حالياً - في إحدى الجامعات في تركيا، محمد إبراهيم توجه نحوي وأنا على السرير ليقول لي بصوت مهموس: "أريد أن أعلمك بشيء، من أين أتيت بكل الشتائم ضد..." ولم يجرؤ على ذكر الاسم، لأفهم - فوراً - أنني خلال عمليتي المحرجة التي استغرقت خمس ساعات، قد شتمت رأس النظام، وأنا تحت التخدير، ما جعلني أتوقع بأن تتم مساءلتي، فور مغادرتي المشفى، أو بعد ذلك. وما زلت أنتظر الفرصة، كي أسأله: ماذا كانت شتائمي، وأنا تحت تأثير المخدر؟ فلاش باك: الطبيب الأمي في الصف الثاني الثانوي 1978 كتبت مسرحية فكاهية بعنوان "استرنا الله يسترك" أخرجها الفنان فاضل بدرو، تناولت فيها شخصية من يتنطع لأداء مهمة وهو أمي، ثم كتبت مسرحية أخرى، منطلقاً من الفكرة ذاتها بعنوان "الطبيب الأمي" حضر رئيس المركز الثقافي في قامشلي محمد سليمان أحد تدريباتها، ما جعله يجن لما فيها من مقولات، واصطدم مع أعضاء الفرقة، بل اعتدى على بعضهم، بيديه، بشكل هستيري، وحولهم إلى مخفر الحي الغربي، وكان من بين الموقوفين الفنان كانيوار، والراحل جمال جمعة، وعبدالهادي إبراهيم وآخرون، وقد فقدنا نص المسرحية الذي بقي "في المخفر"، ولايزال، دون أن يعاد إلي...؟! .
المعهد العالي للفنون المسرحية: خارج السياق/داخل السياق بعد أن نلت الشهادة الثانوية، أرسلت رسالة إلى "المعهد العالي للفنون المسرحية" أبين فيه، أني نتيجة ظروفي الاقتصادية لم أتمكن من تقديم أوراقي للدراسة في المعهد، في موعدالمسابقة المحدد، فتمَّ الرد علي - من مدير المعهد رياض عصمت - يحدد لي فيه موعداً لفحص المقابلة، بيد أن عدم مقدرتي على تأمين أجرة الطريق إلى دمشق، لحضور الفحص المذكور، فوت علي الدراسة في هذا المعهد، وهو ما شكل غصة، في حلقي، إلى وقت طويل...!
القنبلة بعد حادثة مدرسة المدفعية، كنت وفرقتي المسرحية التابعة للمركز الثقافي في قامشلي قد انتهينا من عرض مسرحية "القنبلة" من تأليف رياض عصمت على خشبة مسرح المركز الثقافي، وبدأنا نعد العدة لعرضها على خشبة المركز الثقافي في الحسكة، وراح عدد من زملائي من أعضاء الفرقة، مع عدد من الممثلين في مدينة الحسكة يلصقون إعلانات عرض المسرحية على جدران الشوارع والساحات الرئيسة في الحسكة، وهي تحمل العبارات التالية: ترقبوا قريباً "القنبلة" في المركز الثقافي في الحسكة. إخراج إبراهيم اليوسف. فجراً، تفاجأت بـ "دورية" من أحد الفروع الأمنية تداهم بيتي الطيني البسيط، وتقودني إلى مقر الفرع، لأظل هناك حوالي أربع وعشرين ساعة، راح يجري خلالها المحققون اتصالاتهم، بهستيريا، ليتأكدوا أن هناك فعلاً مسرحية بهذا العنوان، وأن لا علاقة لي بإبراهيم اليوسف المطلوب في مجزرة مدرسة المدفعية في حلب (وهو الاسم الذي سبب لي أكثر من إشكال) لتتوزع فرقتي المسرحية في فرق أخرى، ولأبتعد عن المسرح، مكرهاً، بعد تذرع القائمين على المركزين الثقافيين بضرورة مرور بعض الوقت على ما تم، ويبدو أنه، وحتى الآن، لم يأت الوقت المناسب، حيث ابتعدت تدريجياً عن المسرح. في مكتب محافظ الحسكة أول استدعاء رسمي لي، تم، وأنا طالب في الثانوية في العام 1978، عندما دق باب بيتنا شرطي من مخفر الحي الغربي، وقال: أنت مدعو إلى الحسكة غداً في تمام الساعة التاسعة صباحاً لمقابلة سيادة المحافظ (حسين حسون). أمنت من أبي مبلغاً بسيطاً يزيد بقليل عن أجرة الطريق بين "قامشلي" التي أقيم فيها والحسكة، ذهاباً وإياباً، ميمماً وجهي في الصباح الباكر إلى كراجات المدينة، لأصل الحسكة بعد أقل من ساعتين، بوساطة أحد باصات "الميكرو"، وأتوجه بعدها إلى مقر المحافظة في الوقت المطلوب، وأفاجأ بنار الغضب تتطاير من عيني الرجل الذي صعقني بعدم سماحه لي بالجلوس، وعدم فسح المجال لمصافحته، إذ سألني باستخفاف، وهو يذرع مكتبه جيئة وذهاباً: أأنت إبراهيم اليوسف؟ قلت: نعم. ثم أخرج إحدى الصحف المحلية، كنت قد كتبت فيها شكوى خدمية، على ما أذكر، وقال: هل أنت من كتبت هذا الخبر؟ فقلت له: نعم. استشاط جنوناً، وهستيريا، وغضباً، وراح يتصرف كزعيم عصابة، وليس كمحافظ (سيصبح فيما بعد وزير "عدل"): لم تكن ثقافتي لتسعفني بأن أجادله، بأكثر من قولي: اقرأ أليس في أعلى الصفحة قول السيد الرئيس حافظ الأسد "لا أريد لأحد أن يسكت عن الخطأ ولا أن يتستر على العيوب والنواقص"، العبارة التي رُددت بعض الوقت، لمواجهة الفاسدين. وأردفت: كلما أجد خطأ سأكتب عنه، ليجيبني بصوت: "اخرج، إن شاء الله، أراك مرة أخرى، وقد أسأت إلى سمعة البلد، انظر: سأرميك من الشباك إن كتبت مرة أخرى في هكذا قضايا يدفعك إليها الأعداء"! طبعاً، واصلت كتابتي، منذئذ، وعلى نحو متواصل، في خدمة من حولي، وإن كان على حساب إنتاجي الإبداعي، وظل تهديد الرجل يتردد في أذني، حتى بعد أن وصلت إلى مطعم "الشاورما"، حيث هناك أحد معارف الأسرة "الملاكم أحمد ملايونس" لأشتري منه سندويتشي، آكلها، بشهية، وأعود أدراجي إلى ريِّ الحسكة، أسبح فيه بعض الوقت، وأنطلق بعدها إلى الكراج، متوجهاً إلى قامشلي، لأردِّد على مسامع كل من التقيتهم، حواري مع المحافظ، وأنا أشعر بالزهو لأني استطعت أن أغيظه.
فنجان قهوة كتبت في مقال لي ما معناه أرفض الاستجابة لأي استدعاء مبطن بعبارة "أنت مدعو لشرب فنجان قهوة عندنا" التي صارت تغطي على مصطلح "الاستدعاءات الأمنية" عشية الذكرى الأولى لاستشهاد الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي، وحدث أن تمت دعوتي ذات مرة إلى فرع الأمن العسكري، فرفضت الاستجابة، لأسابيع عدة، ويبدو أن صبر الجهات الداعية قد نفذ، ما جعلني أفاجأ صباح ذات يوم جمعة بدورية من الجهة المذكورة تقتحم باب بيتي لتقودني إلى مقر فرع المدينة، وليتم تسليمي كتاباً بمراجعة "فرع فلسطين" خلال ثمانية وأربعين ساعة (وهو ما كتبت عنه آنذاك المنظمة الكردية لحقوق الإنسان والحريات العامة – داد). سألت عدداً من المهتمين بالشأن العام، فقيل لي: أمامك خياران إما أن تلوذ بالفرار خارج البلد، أو أن تستجيب للاستدعاء.
رهاب الاستدعاءات ليس أسوأ من التحقيق الأمني، إلا وقع الاستدعاء الذي يسبقه وهو ما يذكرني بمقولة كانت ترددها أمي رحمها الله، وهي: ليس أسوأ من لدغة العقرب إلا مشيتها على جسد الملدوغ. لا سيما حين لا يعرف المرء عم سيستجوب، إذ تنتابه آلاف الوساوس، وقد يحضر المرء لنفسه إجابات حول أكثر ما يتوقع أنه سيكون سبب الاستدعاء الأمني بيد أنه قد يفاجأ بأن التحقيق عن أمر آخر، لم يتوقعه. في مثل هذه الحالات كنت أتصرف وكأنني لن أعود إلى البيت، أخبىء إرشيفي في مكان غير متوقع، وأرتدي ما يكفي من الملابس الدافئة، والألبسة الداخلية المناسبة، بالإضافة إلى تأمين ما يمكن من مال لإعانتي في حال الاعتقال. ولقد حدث ذات مرة، وأنا أعود من تحقيق أحد الفروع في دمشق، ليتم إعلامي، عبر الهاتف قبيل وصولي إلى مدينتي، باستدعاء من جهة أخرى في العاصمة!
الشيخ والشيوعي بعد استدعاء أمني للشيخ الشهيد د. محمد معشوق الخزنوي، من قبل مسؤول الأمن السياسي في قامشلي (لشرب فنجان قهوة) وكان اسمه محمد الحريري، جاءني إلى البيت، وقال: تصور، أثناء التحقيق معي، قال لي ذلك الضابط: نتفهم علاقتك مع القيادات السياسية الكردية، وهذا من حقك، ولكن، ما الذي يجمعك بالشيوعي الملحد إبراهيم اليوسف؟
رقابة قصوى كنت أضطر إلى أن أرسل رسائلي إلى خارج سوريا، من البريد المركزي في دمشق، عن طريق الأصدقاء الذين يسافرون للعاصمة، أو أكدسها فوق بعضها بعضاً إلى أن أسافر، بين حين وآخر، وذلك لأن تسعين بالمئة من رسائلي المرسلة من بريد مدينتي كان يحجر عليه، وهكذا بالنسبة إلى الرسائل الواردة، ناهيك عن تأخر الرسائل العادية جداً أشهر عدة أحياناً. ولعل أحد مهندسي البريد - واسمه المهندس إسكندر ملكي" وهومن سريان قامشلي - قدم استقالته من العمل، وحين سألته عن السبب، قال لي: "إنهم يريدونني أن أكون مخبراً على خط هاتفك وعلى خطوط بعض الأشخاص القياديين الكرد أو المعارضين الآخرين، ومنهم بعض قيادات المنظمة الآثورية" - نسيت الآن من كانوا جميعاً - ما دفعه إلى مغادرة البلاد وتقديم اللجوء في أحد البلاد الأوربية. ومن أغرب حوادث مراقبة الموبايل هو أن إحدى السفارات الأجنبية دعتني عبر الهاتف إلى عيد بلدها الوطني، وما إن أغلقت الهاتف، حتى وردتني مكالمة أخرى من المحقق الذي كان مجرد تذكر ملامح وجهه يستفزني، فقال لي: "ما دمت ستحضر حفلة السفارة الفلانية، في دمشق، مرّ، علينا لنستكمل التحقيق!" ما جعلني أعتذر عن حضور الحفلة، وأكلف أحدهم بحضورها نيابة عني، وأغلق هاتفي أكثر من شهر، تجنباً من استدعاء أمني، وقد مررت بمرحلة زمنية، كلما رن هاتف المنزل أو الموبايل، خفق قلبي، واضطربت، إلى أن أطمئن أن الاتصال عادي لا علاقة له بالاستدعاء الأمني.
أشهد أنني خفت كثيراً بعد أن تم إطلاق النار، من قبل أجهزة الأمن السوري على المحتفلين بعيد نوروز 2010 في الرقة، تمت اعتقالات واسعة في صفوف الشباب الكردي، وتم حجب الإنترنت لأيام عدة، فاتفق بعض طلبة الجامعة الكرد في الرقة من زملاء ابني - آراس - ودون علمي الشخصي، أن يرسلوا "شريحة الذاكرة" التي تتضمن مشاهد إطلاق النار على المحتفلين - في علبة دواء متوافرة أصلاً في كل الصيدليات، عبر إحدى شركات النقل، باسمي. لا أخفي أنه حين أعلمني ابني بالأمر، أحسست بمسٍّ من الكهرباء يصعقني، فأنا منعت من العودة إلى الإمارات، وضاعت علي فرصة عملي، إضافة إلى أن الكاتب حفيظ عبدالرحمن - وهو من أقربائي - ألقي القبض عليه قبل أيام، وهو مجهول المصير، وصودرت مخطوطاته، وأنا لما أزل مطلوباً للتحقيق من قبل أكثر من فرع أمني، ناهيك عن أن التدقيق الأمني على الطرود والرسائل على أشده، وما زاد من توتري، أن - الطرد البريدي - تأخر ثلاثة أيام، لم أدر كيف أمضيتها، حيث لم أعرف طعماً للنوم، وكنت أتواصل مع هؤلاء الشباب الذين يعمل أحدهم في جهة الشحن، مستفسراً عن ساعة وصول السيارة واقفا مقابل تلك الشركة لساعات، طوال اليوم، عسى أن يصل الطرد المطلوب، وأتخلص من أعلى حالة قلق وتوتر مر أمر بها. بعد مرور ثلاثة أيام، اصطحبني الشيخ عبد القادر الخزنوي بسيارته، ليراقبني عن بعد، حيث مضيت إلى مكتب الشحن وسلمني الموظف الأمانة، لأطير بها إلى البيت غير مصدق، ولنرسل مضمونها من كمبيوتر شقيقي مهندس الاتصالات أحمد، ويصل أحدها إلى بريد - المرصد السوري - عبر إيميل وهمي "saman"أعده بهذا الخصوص، ولتبث الفضائيات، ومواقع الإنترنت اللقطات المصورة، إلى وقت طويل.
البريد الإلكتروني المفتوح في اليوم التالي، اضطررت لحجز مقعد في باص عبر إحدى شركات النقل، لأصل إلى دمشق، وأتفاجأ بأنموذج جد غريب من التحقيقات، حيث تمت مساءلتي عن بعض كتاباتي، ومراسلاتي، لأرافع عن وجهات نظري المنشورة، وأرفض الاعتراف بتلك المراسلات. امتدت فترة التحقيقات أكثر من أسبوعين، وكنت كلما أغادر الفرع، أتوجه إلى أحد محال الإنترنت، أعلم بعض أصدقائي، في الخارج، بمجريات التحقيق، ومن بين هؤلاء: دانا جلال - محمد عفيف الحسيني - محمد سعيد آلوجي وآخرون، أقول لأحدهم "إن نجوت المرة من هؤلاء الـ"..." سوف أفعل كذا وكذا". بعد بضعة أيام من المراجعات اليومية، منذ بداية الدوام النهاري حتى نهايته، رحت صباحاً إلى الفرع فوجدت المحقق قد خرج عن طوره، وهو يقول: "بريدك كله بين أيدينا وأنت منذ أيام تحاول استغباءنا"، وصرت أقرأ بعض هذه الرسائل، وما كان علي إلا أن أواصل موقفي، رغم يقيني بأنهم لن يصدقوني، إذ أنني أيقنت أني معتقل لا محالة، سألني المحقق الشركسي ذو العينين الخضراوين، يعاونه أحدهم من آل الشوفي: - أليس هذا إيميلك؟ أجبت: بلى. - أليست هذه رسائلك؟ أجبت: لا. ارتفعت نبرة صوته، وبات يواصل وعيده، وتهديداته، وهو يسألني: - إذاً من كتب كل ذلك؟! أجبت: أنتم! جن جنون الرجل، وهو يسمع إجابتي المخادعة، المراوغة، وسألني: "قل لي ... كيف؟" أجبت وأنا أحاول جاهداً أن أوارب توتري وشفتي المتيبستين ظمأ: - بريدي الإلكتروني كلمة مروره معي، وما دمت أنت قد قرأت ما فيه من رسائل، إذاً هي رسائلكم أنتم كتبتموها باسمي، بعد أن اخترقتموه! وكان من بين تلك الرسائل إحداها للصديق دانا جلال يقول لي فيها: "لا تقلق يا إبراهيم، والله إن اعتقلوك، سنقيم الدنيا على رؤوسهم، من خلال استمرار المظاهرات أمام سفاراتهم إلخ...، إلى جانب الكثير من العبارات ذات العيار القوي التي لا يقبلها هؤلاء على أنفسهم، وكانت بيني ودانا وآخرين رسائل إلكترونية يومية حول مشروعنا "الاتحاد الإعلامي الكردستاني"، وغير ذلك. سألني المحقق: "هل في الشقة التي استأجرها أبناؤك في دمشق كمبيوتر وإنترنت؟" أجبته: لا. ولا أعرف، لم تراجع عن إعداد دورية لتفتيش الشقة التي استأجرها أولادي، مع آخرين، وكانت مليئة آنذاك، بما يعده النظام من الممنوعات، وكانت يدي على قلبي، إلى أن تم تجاوز هذه النقطة. مساء، عدت إلى شقة أولادي، طلبت منهم أن يبعدوا كل الكتب والمنشورات والصور الممنوعة، وأن ينظفوا بريدي الإلكتروني - الذي سرعان ما غيرته - لآتي في اليوم التالي، وأنا أحسُّ أن الأمور سارت تجاه اعتقالي، لا محالة. فور وصولي، في يوم 30 نيسان2006 إلى الفرع، قيل لي: سيادة العميد يريدك؟ ثم قادوني إلى مكتبه "علمت فيما بعد أن اسمه جلال الحايك"، فاستقبلني بأريحية كبيرة، بعد طوال حفلة التعذيب النفسي على امتداد حوالي ثمانية عشر يوماً وكأنه يقول لي إن هذا هو الأمن الحقيقي وما تم عابر، فقدم لي علبة السكاكر لأتناول منها قطعة ثم طلب لي كأساً كبيرة من الشاي، ثم سألني هل تعرف فلاناً: قلت: سمعت به. قال: إنه وطني كردي ولديه مشروع ممتاز. لم أعلق على كلامه البتة. أيضاً قال لي: هناك فلان وآخرون يجمعون في مقهى "الروضة" التواقيع رداً على بيان إعلان بيروت – دمشق. لا أعرف إن كانت التسمية دقيقة؟ إلى جانب إشارته إلى أنهم وجدوا في بريدي مقالات موجهة إلى أحد المواقع المشبوهة، وكان من الضروري التحقيق معي. في نهاية الجلسة، قال: في إمكانك أن تستعيد بطاقتك الشخصية، وتمضي لأهلك، ولكن: بلدنا مستهدف إلخ...، استعدت بعض الطمأنينة، وصرت أعد الثواني، والدقائق، لأتخلص من هذا الكابوس اللعين، بيد أن ذلك لم يتحقق لي، لأن المحقق الشركسي صار يستدعيني مرات عدة، يعيد في كل منها على مسمعي ما استجد من كتاباتي المنشورة، وهو يواصل تهديداته، إلى أن قلت له: أنا كاتب، ولن أتوقف عن نقد كل ما أراه خاطئاً، فإما أن تعتقلني - الآن - وإما فأنا مضطر لإعلامك بأني لن آتي في المرة المقبلة، إلا "موجوداً" بحسب مصطلحهم، لأني اضطررت في هذه المرة لأن أبيع "ثلاجة بيتي" كي أغطي بثمنها نفقات السفر إلى دمشق. قصص الاستدعاءات جد كثيرة، وكلها تصلح لتكون نواة أفلام رعب، بل يمكن الكتابة عنها باستفاضة، لاسيما تلك التي تمت في فرع "أمن الدولة" في دمشق في العام 2008 ، حيث مارس ضابط برتبة عقيد أو عميد اسمه الأول "عبد الناصر" على ما أذكر، كل صنوف الإساءة، والشتم، والتهديد بحقي، مستنداً في مواجهاته لي، على معلومة نقلت لهم من قبل أحدهم، وراح بدوره يستعرض بعض مقالاتي، ويواجهني ببعض أسفاري إلى خارج سوريا، و يتوقف عند الندوات التي شاركت بها في موسكو عام 2008، وهو يقول لمدير مكتبه - وكان من منطقة "وادي العيون" واسمه الأول إبراهيم - وقد زار قامشلي باعتباره ممن ألفوا كتابا من مجلدات عن سوريا بيئة ومواطنين وغير ذلك: "هيا أوقفه فوراً!". ويبدو أن رئيس مكتبه الذي مضى بي إلى مكتبه، كان يعرف أن ذلك من أساليب التخويف، حيث راح يشرح لي عن خطورة المرحلة، واستهداف البلد، والمؤامرات الدولية، وغيرها، ثم استدعاني بعدها مرة أخرى، لأسمع منه تهديدات بنبرة أعلى من ذي قبل، وهو يقول: في المرة المقبلة، إن رأيت "وجهك" هنا، فلا تلم إلا نفسك!
منع السفر بعد حادثة تربسبي/ قبورالبيض التي لم يكتف النظام بترجمتها "قبور البيض" فراح يعربها إلى "القحطانية" التي سأتحدث عنها بعد قليل تقدمت بأوراقي على التقاعد المبكر، وأمن لي صديقي الكاتب مروان كلش فرصة عمل في مدرسة "الوكرة" في قطر، براتب عال، بيد أنني اصطدمت بعقبة منعي من السفر، إذ أدرج اسمي، ضمن قائمة لمئات الكتاب والإعلاميين والناشطين السوريين، فأعلم سكرتير حزب كردي الشخصية الوطنية (إبراهيم باشا المللي) من سري كانيي / رأس العين بما أتعرض له، ليتعهد بأن يؤمن لي موافقة السماح بالسفر. ذات يوم في نهاية صيف 2007، اتصل بي الباشا المللي، ومعه أحد أبناء عمومته وهو إسماعيل المللي، وحدد مكاناً للالتقاء به في مدينة الحسكة ليصحبني إلى فرع الأمن السياسي في الحسكة للحصول على الموافقة. ما إن وصلنا إلى المكان، ودخلنا مكتب رئيس الفرع، حتى وجدت أكواماً من مقالاتي على طاولته، وراح يهمس في أذن الباشا، قائلاً له: اقرأ ما يقول! ثم رفع صوته قائلاً: العمى حتى عن سيادة الرئيس؟ وجدت نفسي في موقف محرج، عندما علمت أنه يستعرض مقالاً لي رددت فيه على بشار الأسد، مشيراً إليه باسمه، وقلت في نفسي: آن لي أن أدافع عن وجهة نظري، فرددت عليه: من قال الرئيس لا يخطئ؟ إنه بشر، القرآن الكريم نفسه يقرأ نقدياً، بعدها خرج رئيس الفرع والشيخ المللي إلى غرفة صغيرة ضمن مكتبه، وبدأا يتحدثان في أمر ما، عرفت أنه كان يحدثه عن الذكرى المئوية لجده الشيخ إبراهيم باشا المللي، كما أنه قدم له مبلغاً من المال، على الدرج، حدثني الشيخ إسماعيل قائلاً: أحيي شجاعتك! قلت له: مكرهاً كنت، لم أسكت خلال حياتي على توبيخ أحد لي. سافرت أنا لقطر، لأعمل فيها مدة خمسين يوماً، دون أن أتمكن من الاستمرار بسبب تفاهة طلابها، ولأعود في 2-11-2007، ولأعلم أن الشيخ الباشا في السجن، على خلفية حادث ثأر عشائري، وهكذا فقد مات مشروع إحياء ذكرى مئوية الباشا المللي.
أجل حتى عن "الرئيس" نفسه! أكثر من مرة، كتبت نقداً عن بشار الأسد، وكانت المرة الأولى عندما زار تركيا وقال: إقامة دولة كردية خط أحمر، فنشرت مقالاً لي في موقع "الحوار المتمدن" وغيره من المواقع الإلكترونية، كما أنني كتبت عن "استفتاء الولاء لولاية ثانية"، أكثر من مرة، من بينها بعض آرائي الاستفزازية في حوار أجراه معي أحد مراسلي موقع "سروة" آنذاك. وأتصور أن موقع "كسكسور" الذي كان بعض أفراد أسرتي يديرونه، فضح هذا الاستفتاء، وما رافقه من كرنفالات مزورة، كان أن أودى رصاصها بحياة بعض الأبرياء، منهم أحد أبناء حي الهلالية في مدينتي.
منع سفر من الأمن القومي! ما زلت لا أستطيع فك لغز ما حدث لي في آخر زيارة لي إلى سوريا عام 2010 بعد أن توسط لي فنان كردي كبير في الحصول على موافقة السفر إلى دولة الإمارات للعمل بعد توقيعي لعقد العمل في إحدى ثانويات الشارقة2009، حيث أنني وبعد انتهاء الفصل الدراسي الأول وجدتني منشداً للعودة إلى الأهل، وعلى أمل جلب بعض أرشيفي، ومخطوطاتي، وحسمت الأمر بعد طوال تردد، لا سيما عندما اتصلت بأحد العاملين في مطار حلب واسمه قاسم حنيني (اتصل فيما بعد طول انقطاع ليخبرني أنه انضم للجيش الحر) وكان قد ساعدني كثيراً في المرة الماضية، وأحسست انه معني بي، وطمأنني أن لا جديد في (الكمبيوتر)، حيث هناك منع من قبل الأمن السياسي في الحسكة، وهو ما وعدني صديقي الفنان بإيجاد حل له، توجهت إلى مكتب الطيران، وقطعت تذكرتي للسفر في اليوم الثاني، وكان معي في الطائرة مدرس لغة عربية من أسرة صديقة وهومحمد سعيد حاج عزيز، من إحدى قرى عامودا"قجله". قلت له: سأقف قبلك في الطابور تحسباً لأي طارئ، وما إن أعطيت موظف الجمارك جواز سفري، حتى راح يبدي أسفه وهو يحاور زميلاً له، متسائلاً: أنت إبراهيم اليوسف؟، قلت نعم فقال: لقد وصلنا كتاب بخصوصك قبل ساعات... فقط، بتاريخ اليوم صادر عن "الأمن القومي"، دون أن يشرح لي فحواه، وهرول بجواز سفري، إلى إحدى الغرف المجاورة. لا أعرف ما حدث لي، فقط رحت أقسم ما بين يدي من مبلغ مالي لأعطيه لزميلي، ليوصله لبيتنا مع حقيبتي، بعد أن أبلغت أسرتي أنه قد يتم توقيفي. بعد حوالي ربع ساعة عاد الرجل، وهو يسلمني جواز سفري قائلاً: "أنت ممنوع من السفر من قبل هذه الجهة"، تنفست الصعداء، رغم أني صرت أتصور أن فرصة عملي الإماراتي قد ضاعت مني، وهو ما حدث حقاً. لحقت بزميلي، متوجهين إلى كاراج الانطلاق، لأمضي أسوأ ثلاثة أشهر في حياتي، طارت بعدها فرصة عملي، وتعرضت لأسوأ أنواع التحقيق، وأسلمت أمري لله بأني لن أسافر، لا سيما أن الفصل الدراسي الثاني بات يوشك على الانتهاء. إذ فشلت وساطات كل الخيرين من أجل السماح بسفري لمرة واحدة، ومنهم الباشا نفسه، بل أن شيخاً عجوزاً من آل خلو".وهومحمدعبدي".. عندما سمع بأمري تطوع، وسافر إلى دمشق، لكنه عاد بخفي حنين، إلى أن اتصل بي الصديق الشاعر صقر عليشي الذي أعلمه صديق مشترك بمعاناتي، فتوجه إلى د. نجاح العطار التي تدخلت لتؤمن لي السفر، لمرة واحدة، أخيرة، لم أعد بعدها إلى وطني.
في ثانوية فايز منصور: رسائل تهديد كثيرة هي رسائل التهديد التي أتتني، وكنت حريصاً على ألا أعلن عنها، لاعتبارات تتعلق برؤيتي لمسألة الإعلان عن التهديدات. وللأسف، فإن بعضاً منها كان يترافق مع حملات من قبل أشخاص أعرفهم، بعد كل نشاط مواجهة للنظام، ومن بين هذه التهديدات أني عندما نقلت - للمرة الثانية - بقرار سياسي، تم تناوله عبر وسائل الإعلام، من معهد إعداد المدرسين الذين درست فيه في الفترة ما بين (2002 – 2004) قبل أن أنقل إلى "الثانوية الصناعية" ومن ثم مدرسة الكرامة، حيث صدر قرار سياسي بنقلي في صيف العام 2005 إلى مدرسة "فايز منصور" في مدينة "تربسبيي - قبور البيض". والغريب، أن أحد موجهي اللغة العربية، وهو زميل دراسة واسمه إبراهيم . ح – وكنت استضفته ذات مرة في منزلي - كان قد علق في اجتماع موجهي اللغة العربية بمدير التربية، أثناء إعلامهم بقرار إبعادي الوظيفي عن مدينتي "قامشلي" قائلاً: أنا ضد أن يكون في مدينة "تربسبي"، وأقترح تعيينه في مدرسة تابعة لي، في أقصى نقطة على حدود العراق. لقد تمت معاملتي بشكل سيء جداً من قبل "مجمع تربسبي التربوي" بل إن إدارة المدرسة - كما لاحظ المدرسون - صارت بمثابة مفرزة مراقبة على نشاطي، وقد استغل مديرها غيابي في فترة التحقيقات في دمشق (وكانت فترة عطلة امتحانات لم يداوم فيها أحد) أن أرسل قرار فصلي بسبب غيابي أكثر من ستة عشر يوماً إلى مديرية التربية، بيد أن أمين السر الشيوعي "إبراهيم الحامد" - وكان صديقاً لي - ما إن وصلت إلى المدرسة حتى توجه إلى (المجمع التربوي) ليسترجع الكتاب. في العام التالي، باتت الضغوطات تزداد علي، هناك، واضطررت أن أتقدم بأوراق الإحالة إلى التقاعد بعد قيام أحدهم بتحويل مسار سيارته، من يمين الشارع العام، في بلدة تربسبي، إلى الرصيف الأيسر الذي أسير عليه، وكاد يدخل قلب أحد المحال هناك، ليترجل من سيارته، بعد أن نجوت بأعجوبة، مدعياً أنه كان قد غفا! همس في أذني أحد الشهود من معارفي بعد ذلك، قائلاً: لقد نجاك الله، من حادث القتل، بأعجوبة. برأيي، ما عاد لك "خبز في البلاد"، وهو ما جعلني أقدم على أخطر خطوتين في حياتي: أي التقاعد المبكر، والسفر، حيث ما زلت أدفع ضريبتهما إلى الآن.
للعشق للقبرات والمسافة بعد طباعة مجموعتي الشعرية الأولى "للعشق والقبرات والمسافة" في العام 1986، وهي تتضمن مجموعة من قصائد النثر، إلى جانب بعض قصائد التفعيلة، والتي تمت طباعتها بـ"التعاون مع اتحاد الكتاب العرب" تعرضت لحملة تحقيقات أمنية، كان من نتائجها أن تم نقلي في نهاية العام الدراسي من ثانوية "عربستان" إلى إحدى المدارس الابتدائية (مدرسة الوئام) التي عملت فيها سنتين متواليتين، قبل أن أتركها ملتحقاً بما يسمى "الخدمة الإلزامية"، وقد ورد في قرار نقلي ما يلي: "بناء على مقتضيات المصلحة العامة: ينقل فلان الفلاني من ملاك التعليم الثانوي إلى التعليم الابتدائي" وكان ذلك أول أشكال الضغط علي لإسكات صوتي.
مكتب محو الأمية بعد تسريحي من الجيش في العام 1990، راجعت مديرية التربية بالحسكة، بيد أنني لم أتمكن من العودة إلى العمل الثانوي، حيث تم تعييني في إحدى المدارس الابتدائية (علي بن أبي طالب) التي ساعدني الموجه التربوي المشرف عليها المربي الراحل موسى سعدون أثناء تعييني المؤقت فيها، قبل أن يتم نقلي إلى مكتب محو الأمية، الذي كان مقره في المركز الثقافي في قامشلي، بيد ان رئيسه الكردي، ومن خلال علاقاته مع مدير المراكز الثقافية في الحسكة الذي طالما أساء إليّ دعا محمد مصطفى ميرو محافظ الحسكة" وكانت بينهما علاقة من طراز خاص.." ليصدر قرار نقلي إلى (المجمع التربوي) ليتم إعفائي من العمل في هذا المجال بعد تحرك كتبة التقارير ضدي، مدعين أن مكتبي وكر للقاءات السياسية المعادية، وكان ملتقى للكتاب والمثقفين، لأنقل إلى إحدى المدارس الإعدادية، لمدة عام واحد، و يتم نقلي إلى وزارة الزراعة حيث عملت في ثانويتها ما بين العامين 1994 - 2002، إلى أن نقلت والكاتبين: محمد حلاق وتوفيق عبدالمجيد إلى معهد اللغة العربية، وكان ما سمي بـ "ربيع دمشق" قد أجرى بعض التغييرات التي ظهر أنها ملفقة وخلبية.
إعدام كتاب رغم أن مجموعتي الشعرية "للعشق للقبرات والمسافة" كانت مطبوعة بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب، وبموافقة رسمية من وزارة الإعلام، إلا أن أحد أصحاب المكتبات الذين أودعت النسخ لديه، لبيعها، أعلمني أن دورية من الأمن كانت تبحث في مكتبات المدينة عن الكتاب، وصادرت النسخ الموجودة في الواجهة، وحين سألوه هل لديه غيرها، أجاب بالنفي، ليعيد إلي ما تبقى منها، بسرية تامة. في الفترة التي تلت نقلي التعسفي من قسم الثانوي إلى قسم الابتدائي، تفاجأت بأن أمسية لي في المركز الثقافي في قامشلي قد منعت، بل ولم يعد يسمح لي فيما بعد بالمشاركة في الأمسيات الأدبية، لسنوات طويلة. ومن سخريات القدر أنه كان لكل عضو في اتحاد الكتاب العرب الحق في إقامة نشاطين ثقافيين، فلم يسمح لي بإقامتها، إلا في حالات نادرة، في مدينتي: قامشلي - الحسكة - بل في مدينتي ديرك - عامودا، وحدث أن تم إلغاء مشاركتي في أمسية شعرية قامشلاوية، في ذكرى يوم الأرض، قبل بدء الأمسية بدقائق، وكان أن أهداني أحد الأصدقاء الشعراء قصيدة، قال فيها: "إلى فلان - اخلع قصائدك وراء الباب وادخل الأمسية".
جريدة تشرين القسم الثقافي في جريدة تشرين دأب على أن ينشر لي بعض متابعاتي الثقافية، وقد تم الاهتمام بما أكتبه بعد أن استلم أحد المعروفين من قبلي موقعاً مسؤولاً في الجريدة، وحدث ذات مرة أن هتف إلي قائلاً: أتمنى أن نلتقي في أقرب فرصة ممكنة، فقلت له: حسناً، وحدث أن سافرت إلى دمشق بعد أيام، وما إن دخلت مكتبه، وجلست، قال لي: منذ أيام، تعرضت للتحقيق من قبل ضابط في القصر الجمهوري حول كتاباتك، واضطررت أن أقول لهم: إن من يكتب في المواقع الممنوعة باسم إبراهيم اليوسف، هو ليس من يكتب بالاسم نفسه في جريدتنا. ثم قال: "أبواب الجريدة مفتوحة أمامك، إن كففت عن كتابة مقالاتك القاسية، طبعاً"، كان ذاك آخر لقاء بذلك الشخص، بل وانقطعت منذ ذلك الوقت عن الكتابة في الجريدة، وحدث أن اتصل الشخص نفسه معي - هاتفياً - بعيد أيام فقط من انتفاضة الثاني عشر من آذار 2004 قائلاً: أدعوك للكتابة في أحد الأعمدة المهمة في الجريدة - وأتصور أن اسمه كان آفاق - عن الوحدة الوطنية، وقال: سأفتح لك المجال أن تكتب بانتظام، غير أنني شكرته، واعتذرت، وقاطعت الصحافة السورية الرسمية، منذ ذلك التاريخ، وحتى الآن.
مسابقات انتقاء المدرسين: رقم قياسي بعد أن نلت الشهادة الجامعية، كان من الطبيعي أن أتقدم إلى ما كانت تسمى بـ"مسابقات انتقاء المدرسين"، وكانت تجرى في دمشق، مرتين في السنة، أثناء تلك الفترة، ومن ثم باتت تجرى في ما بعد، مرة واحدة كل سنة، ورغم أنني كنت معلماً أصيلاً في سلك التربية، بيد أنني خضت اثنتي عشرة مسابقة، كنت أنجح في الفحصين: التحريري والشفهي، بعلامات عالية، لكنني لم أقبل في تلك المسابقات، لأسباب أمنية كما كان يقال، رغم تدخلات كثيرين، ومنهم بعض المعنيين في الحزب الشيوعي السوري الذي كنت أحد قيادييه في منطقة الجزيرة حتى العام 2000 وقد كتبت ذات مرة رسالة إلى الأمين العام للحزب خالد بكداش، عما أتعرض له، فأوعز إلى جريدة "نضال الشعب" بنشر مقال مفصل عن وضعي، وهو ما تم. طبعاً، إن عدم قبولي في تلك المسابقات، كان ينعكس على الوضع المعيشي لأسرتي التي كانت تعيش في ظروف اقتصادية جد صعبة، وكان هناك فرق كبير بين راتبي الشهري ورواتب زملائي ممن تخرجنا معاً. وظل راتبي على هذا النحو إلى أن وصل بعد سنوات إلى مستوى راتب المدرس، وتم - بشكل أوتوماتيكي - تعديل وضعي، دون النجاح في المسابقات. حقيقة، رغم ألم المعاناة الكبير، ورغم تكلفة المسابقات، اقتصادياً، ووجود حاجة مستمرة إلى المدرس وكان يتم تداركها من خلال استقدام مدرسين ومدرسات من المحافظات الأخرى، إلا أن الأمر بقي كما هو، وكنت أحس في داخلي بالزهو قائلاً: "سعيد لأنني أزعج هؤلاء" وقد كتبت قصة قصيرة في مجموعتي القصصية "شجرة الكينا بخير" 2004 بعنوان "المسابقة" أصور فيها حالتي، وموقفي من آلة النظام. ولعل أجمل ما كان يعزيني، هو وهم غريب، إذ كنت أقول في نفسي: غداً، بعد سقوط آلة الاستبداد، سيتم تعويضي المعنوي، وهكذا بالنسبة للوضع الوظيفي.
سأكتب عنكم أيها الأوغاد! في جميع المواقف الصعبة التي كنت أمرُّ بها، وأتجرع خلالها مرارة الاستبداد، ثمة أمر واحد، كان يخفف عني وطأة الألم الرهيب، وهو أنني كنت أمني النفس، بأن أعمار هؤلاء الوحوش، المستبدين، قصيرة، وسيأتي يوم أكتب فيه عن كل ما تعرضت له، وها أنا أفعل ذلك، ولو متأخراً. أي أن فكرة الكتابة، بحد ذاتها، كانت بلسماً لآلامي، ومعادلاً روحياً، يجعلني أشعر بالطمأنينة، ويحفزني لديمومة رسالتي، ومواصلتها، في مواجهة آلة القمع، بكل ما أستطيع. فصل من كتاب بالعنوان نفسه
نشر في العدد السادس الخاص ب" المثقف والسلطة" من مجلة"أوراق" لرابطة الكتاب السوريين والتي يرأس تحريرها الفيلسوف صادق جلال العظم.
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جكرخوين في آخر مظاهرة له في قامشلي:
-
أكون ولا تكون....!
-
إلى متثاقف نطاط:
-
أحد مشوهي تفجير-قامشلي الإرهابي-:أحمد خوجة صورة فوتوغرافية..
...
-
عمرحمدي: ماوراء اللوحة1
-
بعد مئة عام على تأسيسه: أسئلة المشروع القومي وأخطار تقرع الب
...
-
عمرحمدي: ماوراء اللوحة
-
-على هامش أطروحة المنطقة العازلة-: التدخل التركي واقعاً وتحد
...
-
عبدالباقي حسين كان عليك أن تنتظر أكثر..!
-
بطولات جبان
-
بطولة الماضي والزمن المضارع...!.
-
نداء إنساني:انقذوا اللاجئين السوريين في معسكرات اللجوء البلغ
...
-
دمشق/تدمر/ قامشلي:
-
بيان رابطة الكتاب والصحفيين الكورد في سوريا في الانتفاضة الك
...
-
على عتبة عامها الرابع: رسالة بينوسا نو الحلم والتحديات
-
حوارمع الإعلامي والكاتب محمد سعيد آلوجي
-
لسان حالي أمام الانتهاكات: عرض حال شخصي
-
صلاح بدرالدين كاتباً :معين بسيسو كتب قصيدته عن الكرد وصلاح ا
...
-
في ألمنا الشنكالي...!
-
أداتية الوعاء الإلكتروني:
المزيد.....
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|