أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - ترانس لهبال: الجديدة_ مراكش














المزيد.....

ترانس لهبال: الجديدة_ مراكش


مصطفى حنكر

الحوار المتمدن-العدد: 4989 - 2015 / 11 / 18 - 12:35
المحور: الادب والفن
    


هنا وسط غيتو من السكنيات الشعبية ذات الحوائط الملونة بغاز ثنائي أكسيد الكربون، توجد محطة الحافلات بالجديدة .إنها مسرح شعبي مفتوح على كل الرخويات البشرية لتمدد بقاءها هنا إلى حين .أول ما يصادف الزائرين هنا هو تلك المفاتيح المرتعشة في أيادي نساء ، نظنهن ، وقد يحسن هذا الظن ، وسيطات رذيلة ستقودنا في الأخير إلى برتوش به رفقة نسوية حزينة، و أخريات يعلن ذلك دون خجل لزبائن مترددين على الحفر .دخلت المحطة ، فصممت ، قبل ذلك ، أن أتجاهل أصوات الوسطاء المزعجة ...لكن :
- الدار البيضا اخويا ؟؟
-لا أخويا ..
-وفين غادي نشاعلاه ..؟
-غير هنا ..
-الرباط ؟
-إني أبحث عن عاهرة هنا إسمها ناريمان ،هل تعرفها ؟..
-ههههه هل تصدق تلك الأسماء ؟ ...
- أحيانا .. حين يعجبني الإسم ..ماذا لو كان اسمها الحقيقي هو الشعيبية ؟..هل ستضاجعها ؟هااا؟؟ أنا لن أفعل ذلك طبعا ..
نفر مني أخيرا ثم صرخ بصوت مزمجر ..الرباط الرباط الرباط دبا ...
الحافلات هنا من الموديل الرديئ و القديم. تلك التي تقفل أبوابها بمزلاج في الداخل .صعدت إلى إحداهن .أظنها تتجه إلى مراكش ، قال لي رجل يعض سجارته بشفتيه السوداوين .كانت روائح العرق تفوح في كل المقاعد تقريبا ، بما فيها تلك التي تنبعث من جسدي المبلل .لكني لا أشمها .يشمئز منها الآخرون، ربما لأنها موجهة لهم ، و أنا بدوري أشمئز من روائحهم المالحة نكاية فيهم .شعورات بالإشمئزاز متبادلة ، و الأعين غير البريئة تترصد امرءة نسيت مؤخرتها في وضع مثير، وتتلصص على الأفخاد الرطبة و الأرداف الممتلئة .فجأة، ألاحظتم أن هذه الفجأة تفسد عنا نظراتنا الحميمية دوما، يصعد إلى الحافلة شخص بجثة ضخمة ، ووجه ممتلئ ،و شارب خفيف قد حلق لتوه ، كما أن قلما يوجد فوق أذنه اليمنى .بهذا اعتقدت عجوزتجلس أمامي أنه "جريسون ديال الكار " .كان برفقته رجل رقيق الجسد ، أسمر البشرة ،و أبدى خجلا سطحيا أمام الركاب . لقد كان يرمش عيناه باستمرار .إنه يريد أن يثير الشفقة .كانت تقف معهما امرأة ترافق طفلا و طفلة ، تقول أنها أمهما .فلنرى :
المشهد الأول
"السلام عليكوم أخوتي المسلمين وسمحولونا ..هاد السيد راه مسكين حشم إدوي معاكم و جا طلبني باش نطلبكم تعاونوه الله إجازيكوم بيخير باش إمشي للراشيدية وماعندوش باش إقطع وراق الكار ..راه مسكين شلح ..سرقوليه فلوسو فالمحطة وداو ليه رزقو..عافاكوم جمعو لو شويا دلفلوس باش ما قسم الله إقطع راه بقا فيا مسكين ،هانتوما شوفو حالتو كي ولات ..غير إلا ما تعاونو معاه عافاكوم الله إرحم بيها الواليدين "
طوال هذا المدخل المسرحي من قبل الرجل غليظ الصوت و المسنطح ، كان البطل يظهر فقرا و عوزا مصطنعا بملامح وجهه .إنه يرخي جسده بوهن وكأنه انهار مما يقول أنه حدث له .هذا كان دوره ، وقد كان في انسجام تام،كما تمت الحبكة، مع خطاب مقدمه إلى الجمهور . أما المرأة فقد توارت خلفه عن أنظار المسافرين ولم تظهر إلا بعد بدأ تحسس الجيوب .لا بد أن المسرحية تم التحضير لها بشكل جيد ، وقد تم التمرن عليها لمرات عديدة في أماكن التبول بالمحطة . بدا العرض محبوكا بدقة ، ثم إن المخرج هو الممثل المقدم للأدوار الأخرى ذاته ، ولا يظهر عليهم أي ارتجال .هذا جيد بمعايير المحطة..حققت المسرحية نسب انتباه مهمة في صفوف المشاهدين، و تم التجاوب معها بمعاونات مع الممثلين . حققت الشفقة ، تلك العلاقة الفنية التراجيدية مع البطل كما يقول عنها أرسطو.أنا لم أعطهم فلسا واحدا .كنت قد فكرت أن أعطيهم بضع دراهم. ليس لأني تعرضت للخداع ، و لكن ربما تقييما مني لإخراج المسرحية .لابأس بها ..نزلو من الحافلة ثم تفرقو بعد ذلك وسط الحشود.."إلا تبعتيهوم دبا راهوم غادي يتلاقاو برا باش إقسمو داكشي لي جمعو ...". قال الشخص الذي يجلس بجانبي .عملية الخداع لا تتوقف على ذكاءالمخادع فقط، بقدر ما تتوقف بشكل أكبر على غباء الآخرين ..يبدو أنه لم يفهم شيئا
المشهد الثاني
"داك الإنسان لي ظهروكايحرقو ..غير كايحنا آي ظهري ..داك الإنسان لي كايحس بركابيه فاشلين (خطاب موجه للكفاتة )، كايحرقوه و مايقدرش يوقف بزاف ..داك الإنسان لي صدرو كايضرو وكايلوح تنخيمة صفرا ولا خضرا والرية عندو مقيوسة بالبرد و الحساسية ..اليوما جبنا ليكوم مساج مكون من الروح ديال لالويفيرا ،من الروح ديال الحبة السوداء ، و كما تعلومون إخواني المسلمين راه الرسول قال عن الحبة المباركة أن فيها شفاءا لكل داء ، مكونة أيضا إخواني من الروح ديال العشوب العربية المختارة (حتا هي تعربات و حسن إسلامها ) ..داك الإنسان لي كايعاني من الوجع ديال البواسير راه آخواني دهنة من هاد المساج في منطقة العجان فيها الشفاء إنشاء الله ..راها مجربة كثر من مرة والتقليد عليا إخواني ...هانا جاي عندك أخويا ....هانا جاي عند خويا "
كان الرجل البدين ذو اللحية الكثة يقول ذلك وهو يوزع سلعته على المسافرين . إذا قادنا فضول ما وقمنا بهذه العملية الحسابية: إذا طرحنا عدد القنينات التي عادت إليه من عدد القنينات التي وزعها سيكون الفرق صفرا .رغم ذلك كان ،كل مرة يتفوه : "آنا جاي عندك خويا " .المسألة كلها خدعة ، وحينما تتعلم هذا الفن قد تتفوق على غباء الآخرين ، ليس بذكائك ، ولكن بترسيخ ذلك الغباء وصقله.ألم يقل نيتشه أن الغبي مسؤول عن نفسه ؟ ..و اليساري الفوضوي يقول أنه ضحية النظام الحاكم !!
المشهد الثالث
حين وصلت إلى مراكش كانت الشقيقة قد بدأت تدق صدغي الأيمن ثم تصاعد ألمها بشدة بعد ذلك..حين نزلت ، سألتني حبيبتي : بكم ركبت هذه الحافلة المهترئة ؟..خمسين درهما مع صداع نصفي حاد ..تورخيصين آتونعيلين



#مصطفى_حنكر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القول الفلسفي في العلمانية ج2
- القول الفلسفي في العلمانية
- شبح الجنون _1
- دين ودنيا
- يوميات متشرد _3
- يوميات متشرد 2
- إنجذاب غير مرغوب
- حوار الفلاسفة __الجزء الأول
- خطبة كازانوفا في البار
- يوميات متشرد
- الإنسان بين فرويد و أدلر
- حينما نفكر على نحو مغاير


المزيد.....




- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - ترانس لهبال: الجديدة_ مراكش