واثق الجلبي
الحوار المتمدن-العدد: 4988 - 2015 / 11 / 17 - 16:35
المحور:
الادب والفن
رائـــــي
مدّ ذراعه الى حيث الوحول الغريبة ليطيبها فهو يستأنس بالغرباء لأنه منهم . الماء أصل الحياة وهو بلا طعم ورائحة ولون وكذا هي الحياة باجمعها . أعماره التي اقتضت تجلياته اختفت بسرعة السؤال . الفقراء هم الصامتون في بلاد سومر مثل عراقي أجّج فيه مساحات التبلور نحو قافلة الضياع الأبدي في سرمدية الدنى . كراهيته معدومة وحبه باقٍ كما الأزل والاسم الذي حفرته الأيام في داخله يستعد للنهوض العظيم . ما من أحدٍ مضى وعرف الاشياء جميعها ولهذا اطمأن لغباوة أردية المسافات وقباحة سرور الألوان . العارف الراحل والرائي اللذيذ ماتا في فمه وروحه أراد لهما العيش فيه ليبعث من جديد لا ليأكل ويشرب بل ليفكر ويسأل . مأزقه أنه يعيش فالعيش هو المأزق الأكبر والحياة التي خبرها لا تساوي ربع قشةٍ في وادي الخراب . رآى وشاهد وأبصر ونظر وتمّعن ودققّ لكنه لم ير شيئا ولم يره أي شيء . الخيبة تحيط به وهو يحيط بالخيبة أضداده مجتمعة في حرف يبحث عنه وطالما عانى من استفزازاته فحطم حُجزتهُ وردم فوهات كهوفه وسكن في البراري حيث رائحة انكيدو قبل أن يستأنس . فيضه شرر الثلج يتوارى بخجل المستبد كالظلام يكتسح آوابده فيهزه كرايات الخذلان انكفأ ضاغطا معاصم القلائد وينشرها بوارق دموع لا تأبه بالحوادث والاحاديث . تمتم بكلمات وودّعها أدعية تفيض بذاته وأرسلها الى السماء السابعة بدموع لم ترد على سيولها أية عيون نافرة . أعصابه الجحيمية ترفده بالجنون المستمر فيلجأ الى ذلك العملاق يبحث عن حرفه الأخير مثل حبة تخفيف الوجع يسعى لإلغاء ما يشعر به من انتشارٍ مكثف القلق . ترآى له الاسم لكنه كان محاصراً بالضياء ولا طعم للضوء اذا أحاطه النور . ظل يستنقذ الحرف الأخير من الأنوار المحيطة به بجهد عظيم وجبهته يخترقها السؤال وهو يضرب بفأس السعادة اكواز الكنوز . كأن الله أنبت له ألف ذراع فقام بتوزيع البحث حول الحرف الأخير كمجارف السيول فمن طبقة من نور الى اكداس الضياء حتى مات التعب ورحل الجهد فبرز الحرف شادخاً قلبه ومالئاً توابيت صدره بالهناء جاءه الصوت وزحفت النخلة وتحرك كوكب الزمرد وهطل الغيث أخيرا وقفز الحرف وتعلق في قلبه ليكمل الاسم القابض على نواعيره الرائية والذي انتهى بحرف العين .
[email protected]
#واثق_الجلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟