|
مِن أجلِها لا تنم أيُّها الليلك
صبري هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 4987 - 2015 / 11 / 16 - 17:46
المحور:
الادب والفن
مِن أجلِها لا تنم أيُّها الليلك *** 1 ـ أنتِ والبحر ***
طَوِيْلاً لَا تَتأَمَلِي هُوَ البَحْرُ نَحْوكِ يَأْتِي لَاهِثاً وَتَحْت قَدَمَيْكِ يَظلُّ يَتضرّعُ مراراً قلتُ لك كُلّ العواصفِ سوف تَهْدَأُ حِيْن لقَدَمَيْكِ تُلامسُ فلا تَحْزني واغْمُري البَحْرَ شَيْئاً مِن نَدَاكِ يا أنتِ هو البحرُ فلا تَصْهلِي بِوَجههِ فَتَرتَعب في جوفِهِ الكائناتُ ونَحو التِّيهِ خُذِي زَوْرَقي المجنونَ وَابْتَعِدي ثمّ ارتحلي فجَسَدُكِ المَشبوبُ صَارَ مُرْشِداً للسَفَائنِ وتَوغّلي صوبَ الجنونِ وأنا طويلاً استهوتْني الأمواجُ طلبتُ مِن البحرِ يَأخذُني إليهِ بأسفٍ أَخَذَني فرأيتُ الحربَ تنضو خلفَ أستارِ الليلِ ثياباً ثم إلى نهرِ الضّياعِ تنزلُ به تغتسلُ وكان النهرُ يجري وراءَ الكُثبانِ بآثامِهِ كنتُ أسمعُ أنينَ النخلِ وصيحاتِ الجندِ فطُلبَ إليَّ أنْ أجمعَ الأنينَ بخوذِ الضحايا وأُودعها الرمالَ أصرخُ : أيها البحرُ بجَسَدي ابتعدْ بِروحِيَ ارتحلْ ولا تَخفْ قمراً برأسِ النخلِ يتنزّهُ ؟ *** 2 ـ أنتِ والجنون ***
لا تَلْعني الجِدَارَ حِيْن بكِ يَبْلُغُ الغَيْظُ مَبْلَغاً ولَاْ تَدْخُلي ضَبَابي فَيَأخِذكِ الضّياعُ وأشْرقِي وَلَو مِن وَرَاء غِيَابٍ ثمّ اعْلَمي أنَّ خُطْوَةً لكِ اخْضَرّتْ في الطَّريْقِ فلا تَترُكِي فِي صَدْرِ الأَرَائكِ حَسْرَةً كيفَ لا وقد ظَلَّ بكِ المكانُ مُشْرِقاً يا امرأة مِن وَرَاءِ الغَيْمِ أطْلقِي أُغْنيّةَ المَدِينةِ ولَا تَرْسُمي رُوحَكِ الخَضْراء فَوْق أَنِينِ المَوْجِ فمِن وَرَاء شقٍّ برُوحِ الخَيْزُرَان رأيتُ الجسدَ يلهثُ وتِلْك الخَزَائنُ كانَتْ بانْتِظَارِكِ فلا تَتْرُكي كنزاً لقطّاعِ الطّريقِ ولا تتركي الوَرْدَةَ عَارِيَةً ثمَّ على جَسَدِي اُكْتُبي آخرَ السُّطورِ كم مرّةٍ أوحيتُ إليكِ يا امرأة كم مرّةٍ توسّلتُ إليكِ : مِن أَجْلِ عُيونِ وَرْدَةٍ لا تَقْطُفي وَرْدَةً فتِلْك الأنغامُ النّاعِمَةُ مِن جَسَدِ تلكَ الوَرْدَةِ تَخرجُ أحْلُمِي مَا شِئتِ الآن يا صديقتي فَرُوحُكِ مَعِي تَنامُ عَارِيَةً وعليها تسهرُ تِلْكَ النَّوافذُ التي إِلَيْها يَأْتِي البحرُ بل كُلُّ البِحَارِ
*** 3 ـ أنتِ والندى ***
أَمَامَ بِرْكةِ النَّدى لَا تَسْجدِي وتَمَنّعي للمَرّةِ الأخِيْرةِ فكوكبُ النّقَاءِ دائماً فِي جِسْمِكِ يُشْرِقُ وذَلك الصَدْرُ تَحْت العَيوْنِ يَتَنَهّدُ وأَنْتِ مِثْل طَائرٍ غَرِيبٍ بِلا مَوْعِدٍ يَأْتِي فاحْرِثِي الليلَ إنْ شئتِ والبَحْرَ وَابْحَثِي في زرقةٍ مع موجِها تَماهى ثوبُكِ الشفّاف يا أنتِ اُتْرُكِي طَائِرَ الجَحِيْمِ وَاتْبَعِيْني كُونِي فِي الرُّؤيا وَحِيْدةً وَاسْكنِي جَسَدِي فَأَنا لِعَوْدتِكِ مازلتُ مُنْتَظِراً
*** 4 ـ أنتِ والظلام *** لَا وَقْتَ لدَيْنا للعُشْقِ و لا وَقْتَ لدَيْنا للهُيام فافْتَحِي الأَبْوَابَ جَمِيْعَها للرَجاءِ الذي سَوف يَأتي ولا تُغادِري الليلةَ فأنا لا أُحبُّ الظلامَ وأنتِ تَعْلمين يا صديقتي لَمْ يَبْقَ مِن جَبَلِ الحَنينِ الذي هَوَى مِن عَلى صَدْري وَتَحَطّمَ سِوى قِطْعةٍ مِن حجَرٍ بحَجْمِ الكفِّ ونحن بالليلِ نهتفُ : أيُّها الليلُ فاقبلْ : والليلُ يمتنعُ فيما الطاولاتُ تتصبّرُ فارغةً وبعدَ يأسٍ ، قلَبْنا المائدةَ ومضى كلٌّ مِنّا في طريق عندئذٍ فقط أدرَكَنا الليلُ ثم غَشَانا فصحْنا بصحبٍ كُنّا نتوهّمُهم : غادرونا جميعاً قبلَ أنْ نُغادرَكُم وبي صحتِ : الآن قفْ على قمةِ جبلٍ واحملْ على كفّيكَ حَجَرين انشرْ في المدى يديكَ ثم انتظرْ بُرهةً فعلى هامِها ستحطُّ بكلِ الحنانِ نسورُ وأنتِ تَعرفين نحن في الظلامِ وفي المَدى ثَمّة أفْعَى نَحْوَنا تَسعى ثَمّة جسدٌ فوقَ الرِّمالِ في الأحداقِ يسفُّ ثَمّة فحيحٌ مُجنّحٌ يملأُ البريّةَ صخباً ثَمّة أشباحٌ مِن وراءِ الفراغِ تطلُّ ثَمّة أشياءٌ وجنونٌ ثَمّة نهرٌ بلا حَياءِ يستقبلُ نسوةً عارياتٍ ويظلُّ النهرُ مُسْتَمتعاً بالأجسادِ والأجسادُ فوقَ الموجِ تَنهمرُ فما ألذَّ الأجسادَ حين بالزغبِ تُلْهي الماءَ ! *** ورغبةُ الجسدِ متاعٌ للنهرِ وفي هذا الليلِ جسدٌ يتشهّى النهرَ والماء يفرُّ حياءً جسدٌ يبتلعُ النهرَ وبه يتسلّى يا هذا الماءُ السابحُ فوق الأجسادِ احذرْ مِن غرقٍ *** يا أنتِ يا امرأةً في الظلامِ إليكِ جِئتُ أعتذرُ أيتها الوردةُ الأُنثى فأنا لستُ قادراً على الكتابةِ عن خَدّيكِ الجميلين وعنِ النَّدى المُتوسدِ وَجْنَتيكِ جئتُ اعتذرُ فالموتُ في بلادي تَسَيّدَ الأمكنةَ فكيف أُغلقُ البابَ والمرايا مازالتْ في صورتي تُحدِّقُ ؟ *** هبطَ الطيرُ مُثقَلاً بالغمامِ وبالهدايا هل رأيتِ مِن بين هَداياهُ في عيدِ ميلادِكِ الليلةَ هديّةً مِني ؟ فأنا إليكِ حملتُ الجسورَ جميعَها وقلتُ : هذي أواصرُ الصداقةِ فاعبرْي إنْ شئتِ ولا تَتَمَنّعي وإليكِ أدنيتُ السّفينةَ ثمَّ حملتُ إليها البحرَ وطالبتُها بالسّفر يا أنتِ بفستانِكِ الأبيض هُبّي عليَّ ريحاً تَقْتَلعني في هذا الليلِ تعصفُ بنا حين تَطْربُ الموجَ أردافُ السَفيْنة 26 ـ 12 ـ 2013 ـ برلين ***
#صبري_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرّبابنة
-
مشهدٌ للرحيلِ الأخير
-
الطارئون
-
حين استبدَّ بكَ الوهنُ
-
أنتِ مَن يقود البحرَ
-
كرستينا جميلة منذ الأزل
-
نصوص مُتنافرة
-
التشكيل الشعري
-
نصوص الشارتيه
-
غوايةُ المُضارع
-
البكاء على وطنٍ خذلناه
-
نصوص لم تقل شيئاً
-
الأُمنيّةُ الأخيرةُ للنورسِ وقصائد أخرى
-
الرحيل الأبدي / لستُ في ضلال
-
غادرتْني البراري
-
عدن ما بعد الضياع
-
القطار المُشاكِس
-
صَيْحَةُ المُتَشَرِّد
-
كوثرُ الحنينِ وصمتُ التواريخِ
-
كأسُ الأَرَق
المزيد.....
-
قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل
...
-
ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية
...
-
حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
-
عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار
...
-
قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح
...
-
الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه
...
-
تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
-
مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة
...
-
دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
-
وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|