أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد صابر - رواية الحب الآتي من الشرق والثقافة المحلية














المزيد.....

رواية الحب الآتي من الشرق والثقافة المحلية


فؤاد صابر

الحوار المتمدن-العدد: 4985 - 2015 / 11 / 14 - 03:00
المحور: الادب والفن
    


إن الرواية جنس أدبي دائم التحول والتبدل مهما حاول البعض تقنينه والحد من حريته، كيف لا وهو يتمثل جملة من الأجناس الأدبية الأخرى تمثلا استأثر به عن غيره من الأنواع الأدبية، يضاف إلى ذلك قدرته الخارقة على الغوص في أعماق التاريخ والمجتمع ليمتح من مستنقعاته جل التفاصيل الدقيقة في قالب تخييلي يجعل المستحيل ممكنا، فاتحا أبواب المعرفة بكل تلاوينها حتى يختلط الفكري الفلسفي بالأنتروبولوجي والإبداعي من هنا راودتنا فكرة استكناه حضور الثقافة المحلية في رواية الحب الآتي من الشرق.
إن القراءة الفاحصة والمتأنية لهذا العمل الإبداعي تجعلك تتقمص دور الانتروبولوجي كيف لا والعلاقة بين الروائي والأنتروبولجي علاقة جدلية ترصد المجتمع بجزئياته الدقيقة كل حسب منظاره. فإذا كان الباحث الأنتروبولجي ينتمي إلى حقل العلوم الإنسانية الطبيعية تحكمها معايير محددة، فالروائي يجنح إلى التخييل ليجسد المشاعر الإنسانية. لقد حاول "أحمد بطاح" تلمس مجموعة من الوقائع الجارية في المجتمعات الصحراوية بالجنوب وما تزخر به من موروث شعبي اجتماعي يكاد يكون حكرا على هذه المناطق من وطننا العزيز ناقلا، وبصورة جلية تغوص في ثنايا هذه الرقعة الجغرافية وما عاشته من تصدعات وأزمات إنسانية وحياتية، وما تحكمها من عادات وتقاليد كثيرا ما وقفت في وجه أبنائها وجعلت أحلامهم تتبخر، خاصة في شقها العاطفي فهاجس القبيلة يخيم بظلاله على كل تحركات الإنسان الصحراوي، بل على نواياه حتى تماما كما حدث مع الشخصية المحور في هذا العمل الروائي وهي شخصية "مربيه" الذي عان الأمرين مما يخالجه من وجد. إن "أحمد بطاح" بهذا العمل يؤرخ لحقبة هامة من تاريخ المجتمع الصحراوي بعضها لا زال حاضرا إلى وقتنا الراهن حيت قدم جهدا كبيرا للتعريف بثقافة الإنسان الصحراوي، من حيث نمط تفكيره ومن حيث أيضا همومه وانشغالاته، فالحب الآتي من الشرق اضطلعت، في كثير من الأحيان، بدور المؤرخ وهذه تقنية لجأ إليها نخبة من الروائيين بهدف إماطة اللثام عن العديد من المحطات التاريخية مستغلين الملمح الإبداعي التخيلي للتخلص من الرقابة، وبالتالي الإفراج عن التوثيق المسكوت عنه. إن "أحمد بطاح" كما أسلفنا قدم خدمة ليست بالهينة للثقافة الصحراوية معرفا بها وكاشفا عن خباياها وذلك من خلال وضع هوامش للشرح والتفسير كلما صادف السرد اسما لآلة أو أنية متجذرة في البيئة الصحراوية، وهنا نستحضر الصفحتين (29-30) عندما قدم لوحة بانورامية عن العرس الصحراوي والطقوس المرافقة له " كدوران العريس ثلاث مرات على "خيمة الرك" ثم يصف الزي الصحراوي الأصيل "الدراعة " ويشير أيضا إلى ما يسمى ب"الشكوة" التي تشبه الكيس وظف فيها جلد الماعز من أجل مخض الحليب واستخراج زبدته.
أما في الفصل الثاني وبالضبط في الصفحتين (40-41) فقد تطرق إلى إشكالية لا زالت تؤرق بال الشاب الصحراوي على وجه التحديد ألا وهي أعراف القبيلة التي تمنع منعا كليا التفكير في الزواج بفتاة خارج القبيلة، وهذا له جملة من التأويلات أبعدها أن العلاقات بين القبائل لم تكن على ما يرام أما أقربها فهي حرص القبيلة على صفاء النسل وألا يصل الإرث الذي يخلفه الهالك يد عنصر خارج القبيلة، لكن الجديد هنا الذي تناوله الروائي هو رغبة الشباب اليافع، وهو مشحون بطاقات كامنة، التمرد على الأعراف والصراخ في وجها، وهنا نتوقف عند الكلام التي نطق به مربيه وهو يحاور ذاته " فلتذهب إلى الجحيم القبيلة فحبي أكبر من ذلك بل هولا يعترف بتلك الأشياء فحبي له قانونه الخاصّ (40) نفس الإحساس نجده عند "سيد أحمد" عندما قال " إن الحب يعبر كل الجسور ويجتاز كل الحدود هذا في اعتقادي على الأقل (43)، والغريب في الأمر أن هذا التمرد لم يكن ذكوريا فحسب بل تعالت أصوات الفتيات اللائي عانين، ربما أكثر من نظائرهن الذكور لقد كان مصيرهن محسوما وأمرهن بيد ابن عمهن، محرومات من الاختيار فجاء على لسان "صفية" قائلة: " تكون الأنثى مقصية من كل حقوقها الطبيعية في مجتمع يهيمن عليه الذكور.." ليصل الغضب أوجه فتنفجر صفية " أما أنا فالثورة تشتعل بداخلي".
وقد أشار بطاح في الحب الآتي من الشرق إلى كيفية تصفية الحسابات بين الناس فك النزاعات التي تطفو على السطح فقد كان الفيصل شيخ القبيلة الذي توكل إليه كل الأمور كبيرها وصغيرها.
وخلاصة القول إن "الحب الآتي من الشرق" محاولة جريئة من الكاتب الواعد أحمد بطاح كشفت عن خبايا عالم الصحراء، الذي لا زال عالما بكرا في حاجة إلى من يفتض أبوابه الواسعة بالدراسة والتحليل، وهي دعوة منا إلى الجميع ، كتابا كانوا أو دارسين أن يولوا وجوههم حيث الفضاء الخصب.

فؤاد صابر
أستاذ مادة اللغة العربية بثانوية النصر ببوجدور



#فؤاد_صابر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر ...
- بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan ...
- الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
- فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
- -رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي
- فيلم -رحلة 404- ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
- فنانون من روسيا والصين يفوزون في مهرجان -خارج الحدود- لفن ال ...
- اضبط الآنــ أحدث تردد قناة MBC 3 الجديد بجودة عالية لمتابعة ...
- كيف تمكنت -آبل- من تحويل -آيفون 16 برو- إلى آلة سينمائية متك ...
- الجزائر: ترشيح فيلم -196 متر/الجزائر- للمخرج شكيب طالب بن دي ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد صابر - رواية الحب الآتي من الشرق والثقافة المحلية