عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4985 - 2015 / 11 / 14 - 01:27
المحور:
الادب والفن
في ليلة شتاء
عندما حملوا تابوت الجد للوداع
كانت الحكيمة معتكفة
تقرأ آيات الرحمة
فرغت النسوة من البكاء
وتفرقن على البيوت
أمسكت جدتي نوبتها ....... في البكاء
تعجب الباقون عما يحصل
قالت هو حبيبي ........... لا
ولن ....
ولا يمكن ........... أن يشاركني أحد فيه
حتى بالدموع
كل دموعي نذر ..... له وحده
هي هكذا تنظر الأمور
من زاوية
الحب ...... لا من زاوية المعروف
جدتي عندما ماتت
بكيتها أيضا ......... لوحدي
خلف أسوار الليل
وتحت أغطية الخفاء
إنني أيضا أحبها
كما علمتني الحب من قبل .
الحرز الذي تحتفظ به جدتي
هو حرز كتب لي وأنا رضيع
أوصت أولادها ونحن الذين تسمينا "الجهال"
أن يدفن الحرز معها
وأشياء أخر
في صرة قرب رأسها
صوب اليمين
لا أعرف كيف تفهم جدتي
أن حرزا للصغار
سيمنحها الدفء
في صقيع القبر
ووحشة الظلام .... وغربة المكان
تقول جدتي
هذا الحرز من الإمام
لا بد أنه يمنحني عطر شفاعته ......والسلام ......
حين تدنو مراكب الرحيل
تنسل جدتي شعرها الأبيض الطويل
وكل شعرة فيه
حكاية
زمن
قضية ....
جدتي أمة لم تنقرض سلالاتها البشرية
تمتهن حكمة من عيار خاص
تعيش بين الجنة
وعينها على درب النار
توقظ النائمين
الغافلين
ومن بياض شعرها الفضي
ترسم علائم الطريق
لعلنا نفيق ......
من غفوة طويلة ...
شجرة التين التي في طرف بيتنا
يقال إنها " علوية "
جدتي تحرص أن لا يصيبها نجس
تطوف حولها النساء العواقر
وفي العام القادم
تجمع جدتي كل النذور ....
وتشتري
فيهن سكر ورز للفقراء
تطبخ
حلاوة صفراء
إنها للسيدة أم الحسن
صاحبة شجرة التين المباركة
جدتي
أنجبت أثنى عشر بطنا
كلهم .... أنجبوا
وأستنجبوا
وصاروا شجرة من طين وتين .
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟