|
اتهام صنصال بالسرقة الادبية .. رواية الأعرج الأكثر رواجا وتسويقا
محمد دامو
الحوار المتمدن-العدد: 4984 - 2015 / 11 / 13 - 22:51
المحور:
الادب والفن
حكايات الانتحال والاستنساخ وكل اشكال السرقات الادبية ،لا يخلو منها عصر من العصور منذ اكتشف الفينيقيون الحرف الابجدي وتولّوا نشره وتعميمه بين الناس في مختلف ارجاء العالم القديم ،على ان ما حدث ويحدث في الساحة الثقافية الجزائرية قد لا يجد له مثيلا في ما عداه من القصص والحكايا المعروفة حتى يومنا هذا. كمال داود ،يرسي هيكل واساسات روايته "ميرسو تحقيق مضاد" على شخصية عديمة الاسم واللقب ،لكنها محورية في رواية البير كامو "الغريب"، حيث ياتي ذكرها باعتبارها "العربي" ،هكذا ظهرت فجأة ،وهكذا اغتيلت ،ولا شيء عن كيفية دفنها. فمن هو هذا العربي المجهول؟..الجواب، في الـ"التحقيق المضاد" للكاتب كمال داود، الذي نال على عمله هذا رضا فرنسا ونخبتها المثقفة فكافأته بجائزة "الغونكور"، كما استحق غضب وحنق النخبة الاسلاموية في الجزائر ،فأطلقت عليه حرَاس معبدها الاصولي المتزمّت ،تريد نهش لحمه بعد تكفيره والمطالبة برأسه. الدكتور واسيني الاعرج ،اختار منهلا مختلفا لغاية مشابهة ،عبر مسعاه لمعرفة مصير ذلك "العربي" في روايته "2084..العربي الاخير"، وهي عبارة عن بناء دراميكي قائم يالكامل على فكرة واحداث الرواية الشهيرة "1984" للكاتب الانكليزي جورج اورويل ،الاكبر من ان يعرف ،والذي اصبح اسمه "الارويلي" صفة لكل ما ابتكرته الدكتاتورية المعاصرة من اساليب جهنمية لقهر وتدمير انسانية الانسان، ولا يكاد يخلو قاموس في اللغات الحية من اعتماد رسمي لكلمة "ارويلي"، وشرح لما تحمله من الفظائع الرهيبة. بوعلام صنصال من جهته ،حاول التحري عن مصير العالم في حال تمكَن ذلك "العربي" من فرض سيطرته على بؤر النور في حدائق التنوير ،ومحاولته هذه ،إنّما تقوم على ذات البناء الذي ابتكره جورج ارويل في العام 1949، وخلق منه رائعته "1984"، اي ان الاعرج وصنصال نهلا من ذات النبع ،بعد ان تشرّبا عمل ارويل ،حتى الثمالة. فهل يكون بعد هذا مجال لأحدهما كي يتهم الآخر بالسرقة الادبية؟..لنتابع الحكاية من اولها. دار غاليمار الباريسية ،اختارت يوم 20 اوت المنصرم موعد الموسم الادبي في فرنسا ، للافراج عن آخر اعمال الكاتب بوعلام صنصال ،رواية "2084: نهاية العالم"، فيما قررت دار الآداب البيروتية تقديم رواية واسيني الاعرج "2084: العربي الاخير"، يوم 5 ديسمبر المقبل ،بمناسبة معرض بيروت الدولي للكتاب، قبل ان يتدخل القدر ،وتقرر إحدى دور النشر الجزائرية ،طباعة الرواية في وقت قياسي لتكون حاضرة بمعرض الجزائر الدولي للكتاب الذي صادف يوم افتتاحه الاول من نوفمبر الجاري. الروايتان، الاولى "2084 نهاية العالم" والثانية "2084 العربي الاخير"، كلتاهما تقتبسان فكرة وأجواء رواية "1984" للكاتب الانكليزي جورج اورويل، وتستمدان من عالمها المثير، الركائز الاساسية لبناء رؤية المؤلفين لوقائع عام 2084. ،الامر الذي يقره ويعترف به الكاتبان الجزائريان بوعلام صنصال الذي يكتب المفرنس ،وهو لذلك يعدَ بين كبار الروائيين في العالم الفرانكوفوني ،وواسيني الاعرج الذي المعرَب ،والمعروف عند القراء العرب ،وقد نال اكثر من جائزة في هذه او تلك من إمارات الخليج العربي. في مطلع شهر جوان من العام الحالي ،اعلنت دار النشر الفرنسية (غاليمار)، عن جديدها لهذه السنة ،وكشفت عن غلاف الرواية ـ الحدث ،للكاتب صنصال ،والتي ستتصدَر قائمة صادراتها في الموسم الادبي الفرنسي. بعدها بوقت قصير ،نشر الدكتور واسيني الاعرج ،مقالة على صفحته بالفيسبوك ،يشكو فيها بوعلام صنصال ،ويتهمه بسرقة روايته التي دعاها "2084 العربي الاخير"، وكدليل قاطع على جدية اتهامه، أعاد الاعرج نشر مقابلة صحفية اجرتها معه جريدة اسمها "اليوم 24"، بتاريخ 7 سبتمبر 2014، فيها اول تصريح للاعرج عن مشروع روايته المسروق ،الذي يحذو حذو رواية اورويل (2084) جملة دون تفصيل، ويتناول حال ومآل العرب في ظل الظروف القاتمة ،وهو العمل الذي يتطلب من الكاتب سنتين او ثلاث لانجازه، كما ذكرالاعرج نفسه، في سياق المقابلة إيَاها. بعد تصريحه على صفحته بالفيسبوك ،انهالت على الدكتور الاعرج ،طلبات لاجراء مقابلات صحفية ،يكون اهم ما فيها، حكاية السرقة التي تعرض لها عمله الادبي والمتهم باقترافها الروائي بوعلام صنصال المفرنس ،وعلى هذا تكررت اشكال الاتهام الموجه لصلصال بسرقة رواية الاعرج وتنوعت ،بين التلميح حينا والتصريح احيانا اخرى، وكان آخرها ،تصريحات وتلميحات الدكتور واسيني الاعرج على هامش معرض الجزائر الدولي للكتاب 2015. إذا أخذنا بمقولة السرقة الادبية التي تعرض لها مشروعه الروائي ،فإن المتهم يكون قد اخذ القكرة من مضامين تصريح الاعرج في هذه المقابلة مع صحيفة "اليوم 24"، وعلى هذا يكون بوعلام صلصال قد انجز ،في ظرف شهور، عملا يتطلب انجازه سنتين او ثلاث ،دون احتساب السنوات التي قضاها صاحبه الاصلي في رصد وتتبع الواقع العربي ،ليستخلص مآلهم في الخمسين سنة القادمة، وهذا امر يشكك في مقولة الاعرج وحقيقة دوافعها بقدر ما يبرىء صلصال من التهمة وتداعياتها. أكثر من هذا ،مدة العشرة اشهر التي قضاها صلصال من لحظة "سرقة" مشروع الاعرج الى حين عرضه في السوق الباريسية ،لا تزيد كثيرا عن الفترة التي اختصر بها الاعرج السنتين او الثلاث ،لإنجاز ذات المشروع ،ولعلَ هذا ما دعا بعض الذين يهتمون بحكايات السرقات الادبية الى تدوير اصابع الاتهام لتوجه مباشرة صوب منبعها الاصلي، من هنا كان تساؤل صحافية شابة تستهويها عملية البحث عن الحقيقة الكامنة وراء اتهام الاعرج ، فكان رد صنصال المفرنس الذي يتمترس خلف اسوار بيته ببومرداس، تحاصره نظرات الحقد الاصولي المتربص والمتأهب دائما: "..أما إذا كان السؤال عن فرضية أن يكون واسيني الأعرج هو من سرقني، فأنا أجيب بالنفي. فكيف يُمكن لأحد أن يسرق كتاباً لم يُنشر بعد؟ يستحيل أن ترد مثل هذه الفكرة إلى ذهني لمجرّد أنّ ثمة تطابقاً بين عنواني الروايتين. ولا أظنّ أنّ الهدف من وراء هذا السجال الذي فتحه واسيني الأعرج هو إحداث ضجة إعلامية لأنّ كلينا لا تنقصه شهرة". لكن الفكرة وجدت لها مكانا في ذهن الاعرج ،الذي لم يتوان عن البوح بمكنونها. بعد هذه الضجة ،قررت إحدى دور النشر ،شراء حقوق طباعة رواية واسيني ،فكان لها ذلك ،وباشرت العملية فورا ،بحيث تمكنت خلال اربعة ايام من انجاز الطبعة الاولى وباعداد كافية لتسويقها في معرض الجزائر الدولي للكتاب ،بما اتاح للاعرج فرصة الحضور والمشاركة في فعاليات المعرض ،ثم العودة ثانية الى بيته في باريس ،تاركا وراءه تصريحه الذي ضمَنه نفيا ابلغ من التوكيد:"اكرر انني لا اتهم صنصال بسرقة روايتي..". يجب الاعتراف هنا ،ان العقاب الذي ناله الكاتب كمال داود على عمله "ميرسو: تحقيق مضاد"، أخف بكثير من عقوبة بوعلام صنصال على روايته "2084: نهاية العالم"، والفرق شاسع بين العقوبتين ،بقدر الفرق بين من تحاصره في ايامنا هذه لعنة التكفير والتخوين ،ومن تطارده في زمن النبي (أبي) تهمة السرقة الادبية وخيانة القضية العربية..الامر بات واضحا في الحالتين.
#محمد_دامو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التاريخ ..دراسة وتدريسا
-
آفة الحرف المسيئة و..ليلة القضاء على ماسح الاحذية
-
مزامير حروب الشرق و..الامر المحسوم سلفا
-
الملكية الفكرية او..أكسير الخلق والابداع
-
هيئة الامم ..سلبا وإيجابا
-
الهلال الخصيب في..زمن عقوق ونكران بني الانسان
-
-دياسبورا- الهلال الخصيب و..متطلبات الشرق الاوسط الجديد
-
العربية في..اسفار المأساة اللغوية الجزائرية
المزيد.....
-
والت ديزني... قصة مبدع أحبه أطفال العالم
-
دبي تحتضن مهرجان السينما الروسية
-
الفرقة الشعبية الكويتية.. تاريخ حافل يوثّق بكتاب جديد
-
فنانة من سويسرا تواجه تحديات التكنولوجيا في عالم الواقع الاف
...
-
تفرنوت.. قصة خبز أمازيغي مغربي يعد على حجارة الوادي
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|